كانت كاميليا أو ليليان كوهين، تحلم بالثراء والشهرة والمجوهرات، تريد أن تكون مشهورة، وتحقق الحلم فى عهد المخرج أحمد سالم بها إلى الفنان محمد توفيق، أن يتولاها ويعطيها دروسًا فى الإلقاء والأداء والحركة واللغة العربية.
لكن محمد توفيق بعد أول درس فر هاربًا من الوقوع فى حبها، فتولى أحمد سالم بنفسه مسئولية تدريبها، كذلك اشترى أفخر الثياب والمجوهرات، وإظهارها إعلاميًّا فى الصحف والمجلات والحفلات الخاصة والعامة.
وخلال ستة أشهر تحولت ليليان إلى كاميليا إلا أنه لم يحقق وعده لها بأن تقوم ببطولة أفلام سينمائية وكانت قد ذاعت شهرتها بالفعل، فانتهز الفنان يوسف وهبى انشغال أحمد سالم، وطلب منها العمل معه، فوافقت.
واضطر سالم إلى التنازل عنها، سينمائيا وعاطفيا، مقابل ثلاثة آلاف جنيه، التى أنفقها على تعليمها وتهيئتها، ليقدم يوسف وهبى فيلم «القناع الأحمر» لتفتح لها السينما ذراعيها، لتصبح «كاميليا» خلال سنوات قليلة حديث المجتمع بأسره، وعلى رأسه ملك البلاد فاروق، عندما رآها للمرة الأولى فى كازينو «حليمة بالاس» كانت كاميليا تشعر بجمالها، فألقى بشباكه حولها، وبدأت مطارداته لها حتى توطدت العلاقة بينهما لدرجة أنها كانت السبب المباشر فى قراره بتطليق الملكة فريدة.
كانت كاميليا مهيأة لانتشار الشائعات حولها، من خلال ترددها على جلسات الملك الخاصة، فضلا عن حرصها على حضور حفلات صفوة المجتمع، وإقامة علاقات اجتماعية وسياسية مع جهات عدة فى مصر، حتى اتهموها بأنها استغلت علاقتها بالملك فاروق، وتجسست على أخبار الجيش المصرى لصالح إسرائيل، ما أدى إلى فشله فى حرب 1948، وهى الشائعة التى أطلقها اليهود بالتعاون مع الإنجليز، بعدما تأكد عدم وفائها لهم أو تقديمها خدمات طلبوها منها.
وزاد الأمر تعقيدًا عندما كشفت أمام الجميع، أن ديانتها وديانة والديها «المسيحية» وليست «اليهودية»، وحاولت إثبات ذلك عبر أوراق رسمية.
هذه المعلومات كافة وأكثر، عرفها رشدى أباظة عن كاميليا، بعد أسبوع فقط من العمل معاً فى فيلم «امرأة من نار»، غير أن هذا الأسبوع لم يمر، ولم يفارقها فيه رشدى لحظة، إلا وكانت كاميليا عاشقة نفسها، قد وقعت فى عشق الفتى الأباظى، ذلك العشق الذى بدأ بإعجاب من رشدى، ثم حب متبادل بينهما، وسرعان ما تحول إلى تحد، لخطفها من جلالة الملك، انتقاما منه، بعد أن فرق بينه وبين «آنى بريه»، غير أن الملك لم يكن يستسلم بسهولة لضياع «صيد ثمين» مثل كاميليا.
تمتعت النجمة كاميليا بجمال فائق وجاذبية خاصة وأنوثة طاغية، معروفة بحبها للمال والشهرة، ولكن نجوميتها لم تدم طويلا، لتنتهى سريعا بعد حياة مليئة بالغموض والأسرار.
فى فجر يوم الخميس 31 أغسطس 1950 وقع حادث لإحدى طائرات الخطوط الجوية العالمية TWA، إذ سقطت الطائرة ذات المحركات الأربعة والمسماة "ستار أوف ماريلاند"، وهوت على رمال الصحراء بالقرب من قرية دست فى محافظة البحيرة، بعد أن غادرت مطار فاروق بـ22 دقيقة تحت جنح الظلام قبل الفجر فى طريقها إلى روما، مكملة الرحلة رقم 903 التى تقوم بها الشركة بين مومباى حاليا ونيويورك.
كان هذا عنوان الأهرام فى الساعات الأولى من صباح اليوم التالى "مصر تشهد مأساة مروعة فى عالم الطيران، فاجعة أليمة تودى بحياة 55 راكبا فى حادث احتراق الطائرة، والملك يتلقى الحادث الأليم فى حزن عميق".
وكان من بين ركاب الطائرة الممثلة كاميليا كوكب السينما اللامع كما وصفتها الأهرام، وقد كانت فى طريقها إلى سويسرا، ومن المعروف أن كاميليا لم تكن ستسافر فى تلك الرحلة لعدم وجود أماكن شاغرة وأنها سافرت فى آخر لحظة بعد توفر تذكرة للسفر، وهى تذكرة الأديب أنيس منصور الذى اعتذر عن عدم السفر فى الساعات الأخيرة قبل إقلاع الطائرة.
وكتب أنيس منصور مقالا بعنوان "ماتت هى لأحيا أنا" عن قصة تذكرة الطائرة التى تخلى عنها واشترتها كاميليا منه لتصعد على الطائرة فى رحلتها الأخيرة حيث لقت مصرعها.
كان عمر كاميليا وقت وفاتها 30 عاما، ورغم عمرها القصير إلا أنها تركت بصمة فى السينما المصرية ما بين 1946 وهو عام بدايتها الفنية وعام 1950 وهو عام وفاتها الذى كان عاما ثريا جدا للنجمة كاميليا فقد قامت بتمثيل عدة أفلام منها فيلم آخر كدبة، المليونير، قمر 14، بابا عريس، العقل زينة، الطريق إلى القاهرة.