كلمة صغيرة مكونة من عدة أحرف يتفق الأبوان عليها، تهدم المنزل ويبدأ كل منهما فى العيش وحيدًا بدون الآخر، ويسقط خلالها حق الأطفال فى العيش بين أسرة متماسكة يحكمها الود والاحترام، لتحكمها نصوص وقوانين جامدة لا تنظر إلى الطفل الذى تتمزق مشاعره بين الأبوين، تحولا إلى خصمين يسعى كل منهما إلى الانتصار فى معركة الحضانة مستخدمين كل الوسائل بما فيها الاتهامات المتبادلة سواء من جانب الأب الذى يرى فى القانون انتصار واضح للأم التى أعطاها القانون حق حضانة الطفل حتى عُمْر 15 سنة مع اقتصار حق الأب على 3 ساعات رؤية فقط أسبوعيا لا يحصل عليها كاملة فى بعض الحالات، وبين الأمهات اللائى يؤكدن قناعتهن بالقانون ورفضهن لأى تعديلات باعتبارها الأجدر برعاية الأطفال فى تلك السن الصغيرة، ليظل معها الصغار رهن حالة الصراع الدائرة بين الأبوين ويضيع حقهما فى التمتع بحماية الأب ورعاية الأم.
تنفيذ حكم الرؤية
على مدار أكثر من 4 سنوات لم يتمكن محمد وَهْبة من تنفيذ حكم الرؤية الصادر لصالحه بمشاهدة أولاده 3 مرات أسبوعيًا سوى مرات معدودة بعد تنفيذ زوجته لتهديدها بأنه لن يرى أولاده مرة أخرى لتنقطع أخبارهم عنه بعد ذلك.
يقول الرجل الأربعينى والوالد لكل من زياد 10 سنوات وبسملة 6 سنوات، وإن زوجته استغلت سفره للعمل فى إحدى الدول العربية وتركت مسكن الزوجية بصحبة الطفلين والعودة إلى أسرتها فى المنصورة، طالبة الطلاق بسبب رغبتها فى إنهاء سفره، ونقل مقر إقامتهم من القاهرة إلى المنصورة مع أهلها، وكانت علة طلب الطلاق للضرر وهو ما يعبر عنه بقوله: "بعد ترك زوجتى لمنزل الزوجية وطلبها الطلاق منذ 4 أعوام اضطررت بعدها للعودة محاولاً إنهاء الخلاف حرصًا على مصلحة الأولاد الذين لم أستطع مشاهدتهما إلا بعد صدور حكم الرؤية لصالحى بمعدل 3 ساعات أسبوعيا فى أحد مراكز شباب المنصورة، والذى تم تنفيذ 3 مرات فقط منه، وفى إحدى الزيارات أكدت لى أنها ستكون الأخيرة، ومنذ تلك اللحظة انقطعت أخبار أولادى عنى ولا أستطيع حتى مشاهدتهما عند مدرستهما بسبب تحريرها محضر ضدى يتهمنى بالخطف!.. حصلت على تعويض وحبس ضد أم أولادى بسبب امتناعها عن تنفيذ حكم الرؤية، بس أنا رافض أنفذه دى أم أولادى وأنا كل اللى طالبة آشوف ولادى بس".
محاباة مواد القانون للأم
لم تكن الحالة السابقة هى المعاناة الوحيدة لعشرات من الآباء الذين أبدوا تضررهم من قوانين الأحوال الشخصية وتحديد الحضانة والرؤية التى تسلب الآباء حقهم فى التواصل مع أولادهم بعد الانفصال عن زوجاتهم بسبب محاباة مواد القانون للأم والتى تتخذها بعض الأمهات فرصة لتأديب أزاوجهن السابقين فى حرمانهم من مشاهدة أطفالهم، طالبين بتعديل تلك المواد بحسب ما أكدوا، والذين طالبوا بتعديل من خلال تدشين صفحة على مواقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" تحمل مسمى "بابا بيحبك".
محمود سليم أحد مؤسسى الصفحة والأب للطفل آدم 6 سنوات والذى لم يستطع مشاهدته سوى مرتين فقط منذ 4 سنوات بسبب رفض والدته تنفيذ حكم الرؤية الصادر لصالحه.
وقال "سليم": بعد الانفصال عن زوجتى فى 2012 اضطررت رفع دعوى رؤية بسبب رفضها تنفيذ الاتفاق الودى قبل إقرار الطلاق، والخاص بمشاهدة آدم ابنى وصدر فيها الحكم فى 2013 بمشاهدته 3 ساعات أسبوعيًا فى استاد دمياط وخلال 3 سنوات كاملة لم أتمكن من مشاهدة طفلى سوى مرتين فقط بسبب رفضها تنفيذ الحكم.
وأضاف الأب: "منذ بلوغ آدم عامين لم أشاهده حتى هذه اللحظة ومعى أكثر من 45 خطابًا صادرًا من هيئة استاد دمياط محل الرؤية، ولم يتم تنفيذها ولا أعلم ما هى الوسيلة التى تمكننى من مشاهدة ابنى الذى حُرِمْت منه بسبب قوانين تحابى الأم التى لا تلتفت إلى الآباء".
قوانين الحضانة والرؤية
وأبدى أحمد عز المتحدث باسم حملة "تمرد ضد قوانين الأسرة" اعتراضه على قوانين الحضانة والرؤية التى وصفها بالمتعنتة ضد الرجال قائلاً: "يجب التأكيد على حاجة هذه القوانين إلى التعديل لتكون أكثر إنصافًا وعدم سلب أى طرف حق فى صالح الآخر"، متسائلاً: "كيف يمكن التسليم بقوانين تمنح الآباء رؤية 3 ساعات أسبوعيًا حتى الوصول إلى سن الحضانة بإجمالى 90 يومًا فقط خلال 15 عامًا، وذلك مع افتراض التزام الأم بالحكم ولم يكتف القانون بذلك بل جعل للصغير حق الاختيار فى الانتقال إلى الأب أو البقاء مع الأم، بمعنى آخر أنه يحكم نهائيا على الآباء بعد العيش مع أولادهم.
وشدد "عز" على ضرورة تعديل قانون الرؤية وإقرار قانون الاستضافة بجانب التراجع عن قانون الحضانة الحالى، والأخذ بما كان ينص عليه فى السابق وهو إقرار سن الحضانة بـ7 سنوات للولد و9 للبنت.
لم يكن الهجوم على تلك قوانين الحضانة والرؤية من جانب الآباء فقط، وإنما امتد إلى إحدى السيدات التى لم تتمكن من مشاهدة حفيدتها منذ 3 سنوات بسبب رفض الأم تنفيذ حكم الرؤية الصادر لصالح ابنها.
وقالت السيدة التى رفضت ذكر اسمها: "القانون ينحاز قلبًا وقالبًا إلى الأمهات ولا يعترف بحق الآباء فى رؤية أبنائهم أو التواصل حتى، وكأن القانون الحالى يعاقب الرجال بسبب انفصالهم عن زوجاتهم".
وأضافت لـ"انفراد": بعد انفصال ابنى عن زوجته بناءً على دعوى قضائية رفعتها الزوجة فى 2012 ورفض دعوى الطاعة من جانبه مع تمكينه من مشاهدة ابنته 3 ساعات أسبوعيًا بناءً على حكم الرؤية الصادر فى 2013 فى الحديقة الدولية بمدينة نصر محل إقامة الزوجة، وبرغم مرور 3 سنوات لم نتمكن من تنفيذ ذلك الحكم متسائلة: "هل يتصور حرمان أب من رؤية ابنته منذ ثلاث سنوات برغم رؤية الصادر لصالحه؟".
وعلى الجانب الآخر كانت هناك العديد من قصص الأمهات التى تبرر الرفض التام لأى حديث عن تعديلات قوانين الأسرة سواء الرؤية أو خفض سن الحضانة.
مسكن الزوجية
سهير حسن لم تشفع لها 7 سنوات قضتها فى مشاركة زوجها فى تأثيث مسكن الزوجية ليتم الطلاق بينهما بسب رفض الزوج الإنفاق على المنزل أو تحمل نفقات الولاده لطفلته الأولى بعد 9 شهور فقط من الزواج.
وقالت الأم لطفلة 4 سنوات: بعد فترة خطوبة استمرت 7 سنوات وقفت خلالها بجوار زوجى مشاركة فى نفقات تأثيث مسكن الزوجية وفوجئت برفضه الإنفاق على المنزل أو تحمل نفقات ولادة طفلته الأولى ليتم التفاهم على الطلاق بإلزامه بنفقة شهرية للبنت تُقَدَّر بـ250 جنيهًا شهريًا للبنت و180 أجرة مسكن مقابل إعفائه من جميع النفقات الخاصة بى "إبرائه"، وأن ذلك الاتفاق سوف يُوَثَّق عند أحد المحامين بعد ذلك لأحصل فى النهاية على لقب مطلقة بعد 9 شهور فقط من الزواج.
وتابعت: رفعت قضية نفقة حصلت بموجبها على 100 جنيه نفقة للطفلة، و50 جنيهًا بدل مسكن بعد رفضه الإنفاق على طفلته تم زيادتها إلى 300 جنيها نفقة شهرية و150 بدل مسكن فى الاستئناف، وبرغم مرور عام كامل على الحكم إلا أنها لم تستطع تنفيذه للحصول على حقها لتضطر إلى العمل فى 3 مهن مختلفة تبدأ من 4.5 فجرًا كمشرفة أتوبيس مدرسة، وتنتقل بعدها للعمل كبائعة للعمل فى "سوبر ماركت" لينتهى عملها فى السادسة مساءً وهو ما تعبر عنه بقولها: "انتظرت عام كامل للحصول على حكم النفقة الأول الذى استغرق تنفيذه عامين، حصلت بعدها على متجمد نفقة قدره 1900 جنيه، وامتنع بعدها عن السداد، ونظرًا لضعف قيمة النفقة طلبت زيادتها فى الاستئناف لتحكم المحكمة بـ300 جنيه نفقة للبنت و150 أجرة مسكن "ولم يلتزم أيضًا بها، فأمنعه يوما عن مشاهدة ابنته التى امتنع عن رؤيتها بإرادته بسبب رفضها رؤيته فى منزل زوجته الثانية".
وقالت: "هل من المعقول أن تخرج بعض الأصوات مطالبة بخفض سن الحضانة أو تعديل قانون الرؤية ليتحول إلى استضافة بعد كل المعاناة التى تواجهها الأم من اضطرارها للعمل 12 ساعة متتالية من أجل الإنفاق على ابنتها فى الوقت الذى يرفض فيه الأب تحمل أى مسؤوليه تجاه ابنته".
عملها كطبيبة تجميل وليزر وانتمائها إلى إحدى الأسر المرموقة فى محافظة اسيوط لم يمنعها من الضرب على يد زوجها الذى استولى على إرثها من والدها البالغ مليون و250 ألف جنيها للمساومة على طلاقها الذى لم تنجح فى الحصول عليه إلا بعد رفع قضية خلع تتنازل فيها عن كل حقوقها.
وقالت "م. ا" الثلاثينية والأم لطفل لم يتعد عمره 6 سنوات "بعد الزواج اكتشفت رفض زوجى الإنفاق على المنزل واعتماده علىَّ فى تدبير أمور المنزل، وعند رفضى تعرضت للضرب والإهانات من جانبه أمام جميع أفراد أسرته التى كان يجبرنى على خدمتهم بالقوة، وخلال 4 سنوات عمر الزواج لجأت إلى أسرتى عدة مرات بسبب الضرب المتكرر، وبرغم تفكيرى فى الطلاق عدة مرات؛ إلا أننى كنت أتراجع عن ذلك بسبب رغبتى فى عدم التأثير على ابنى، وهو ما كان يعمل على استغلاله ولا يسمح لى بالعودة لمنزل الزوجية إلا بعد الحصول على جزء من أموالى".
وتابعت: "وبسبب الإهانات والضرب المستمر طلبت الطلاق الذى تم مساومتى بالحصول عليه مقابل حصوله عن جزء من أموالى التى نفدت جميعها ولم أنجح فى الحصول على الطلاق إلا بعد رفع قضية خلع وإبرائه من جميع مستحقاتى".
على الرغم من بلوغ الطفل 5 سنوات؛ لم يفكر خلالها والده فى طلب رؤيته إلا أنه رفع دعوى رؤية وحُكِمَ فيها له برؤيته فى أحد الأندية الاجتماعية بالمحافظة، وكان يقابله الطفل برفض شديد بسبب تعامل والده العنيف معه وضربه، ما أدى إلى تحرير مدير النادى مذكرتين ضد الأب الذى لم يكتف بذلك بل خطف الولد 3 مرات لإجبار زوجته على العودة لمنزل الزوجية، وهو ما تعبر عنه بقولها "5 سنوات لم يفكر خلالها فى مشاهدة ابنه وبعدها تم الحكم لصالحة بالرؤية، وكانت بمثابة عقاب للطفل حيث كان يعمد ضربه أمامى كوسيلة ضغط علىَّ بجانب خطفه 3 مرات لإجبارى على العودة له"، مؤكدة أن ابنها أصيب بحالة عصبية بسبب المعاملة السيئة من جانب والده.
وأضافت: "نعمل عدة ساعات للإنفاق على أولادنا، ونرفض الزواج من أجل البقاء معهم، وفى النهاية تقترح إحدى النائبات تعديلات تظلم الأمهات وتعرض الأطفال للخطف".
أنتِ طالق
"أنتِ طالق".. هذه هى الرسالة التى تلقتها الطبيبة هدى على هاتفها المحمول عقابا لها على رفض مرافقة زوجها إلى إحدى الدول العربية بعد إخبارها أن السفر سيكون بصفة مستمرة، ولن تكون هناك أى فرصة للعودة إلى مصر مرة أخرى، وترتب عليه حرمانها من جميع حقوقها هى وأولادها".
وقالت: رفض زوجى دفع النفقة بعد الطلاق، على الرغم من حصوله على مصوغاتى أثناء سفره، لذلك لجأت إلى أسرته التى كانت أشد تعنتًا منه وأخبرتنى بالنص "اصرفى انتى على ولادك وإحنا هناخدهم منك لما يكبروا" ما دفعنى إلى رفع دعوى فى يوليو من العام الماضى للحصول على الطلاق الرسمى، ونفقة تعيننى على مواجهة أعباء الحياة، ومازالت متداولة حتى هذه اللحظة بين أروقة المحاكم.
"م. م" أم لطفلين 13 سنة و9 سنوات، حصلت على الطلاق منذ 4 سنوات تحملت خلالها جميع النفقات المعيشية بجانب المصروفات الدراسية التى تبلغ 16 ألف جنيه للطفل الواحد مع حرصها على قضاء أولادها 3 أيام مع أولادهم دون أن يكون هناك حكم قضائى بذلك والتى تعرضت للحرمان من أولادها لمدة 4 شهور بسبب مطالبتها لوالدهما دفع المصروفات الدراسية بحسب قولها، مضيفة: "بعد الطلاق حرصت على تواصل الأبناء مع والدهم وذلك من خلال 3 أيام بصحبته فى مسكن والدته بصفة رضائية، وخلال مدة 4 سنوات لم ينفق عليهم على الرغم أنه ميسور الحال حيث يعمل فى مجال الإعلانات، وبسبب مطالبتى بدفع المصروفات الدراسية سحب أوراقهم من المدرسة وأرسلهم إلى الإسكندرية للعيش مع زوجته الجديدة التى تزوجها بعد 4 شهور فقط من الطلاق، وانقطعت أخبارهم عنى ولم أستطع استردادهم مره أخرى إلا بعد رفع دعوى بالحضانة".
أمهات مصر المعيلات
فيما قالت نرمين أبو سالم، مؤسسة وأدمن صفحة "أمهات مصر المعيلات"، إن التعديلات التى تُنَاقَش بخصوص قوانين الأسرة وتحديدًا قانون الرؤية أمر يخالف المادة 11 من الدستور التى نصت على ذلك من خلال النص على "تلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل".
كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجًا بجانب مخالفتها للفتوى الصادر من دار الافتاء برقم 454 لسنة 2012 والتى نصت على أن استضافة المحضون يكون برأى الحاضن وأخذ رأى المحضون.
وتابعت نرمين أبو سالم لـ"انفراد": كان بالأولى على المطالبين بتعديلات قانون الأسرة والمطالبين بتحويل الرؤية إلى استضافة بمعدل يومين فى الأسبوع وأسبوع فى إجازة منتصف العام وشهر فى نهاية العام الدراسى؛ النظر إلى كم الأزمات التى تواجه المرأة المعيلة ومنها قضايا النفقة، والمصروفات الدراسية، والمنع من السفر الذى يلجأ إليه البعض نكاية فى أم أولادهم، وخطف الأطفال، مؤكدة أن الغالبية العظمى من الأمهات لا يمانعن فى تنفيذ حكم الرؤية باستثناء حالات قليلة لا يمكن القياس عليها، ويضطرون إلى ذلك بسبب رفض الآباء الإنفاق على أولادهم، ومع ذلك فإن القانون عالج تلك الجزئية بسقوط حق
الأم فى حضانة أولادها فى حال عدم تنفيذ حكم الرؤية".
وشددت نرمين أبو سالم على أن القانون يحابى الرجل على حساب المرأة على عكس الشائع فيكفى أن قانون الرؤية لا يضع عقاب على الأب فى حال تخلفه عن الرؤية، كما ينص على سحب الحضانة حال أن تتزوج بعدما يلتزم الأب بتوفير من يقوم على رعاية أولاده سواء الابن أو زوجته أو أى أحد من العائلة، مما يعنى إمكانية وجود رجل أجنبى مثل زوج العمة مع ابنته فى الوقت الذى يمنع القانون على زوج الأم تربيتها وهو محرم عليها بنص القرآن، مشددة على أن الحل الأمثل هو التفاهم والتراضى بين الآباء حرصا على مصلحة أولادهم.