بعد أشهر قليلة من استحواذ شركة "أدبتيو" - التى يقودها رجل الأعمال الإماراتى محمد العبار- على أسهم آل الخرافى فى الشركة الكويتية للأغذية و"أمريكانا"، وفى خطتها لإعادة الهيكلة، أنهت شركة أمريكانا، التعاقد مع 60 موظفاً بإداراتها فى مصر "الصيانة - والموارد البشرية - الكول سنتر - الجودة - التشغيل - الموارد البشرية"، فى خطوة لم تكن الأولى وربما لن تكون الأخيرة، فقد يعقبها قرارات قاسية قد تطيح بآخرين خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وكشفت مصادر بالشركة عن اتجاه "أمريكانا" لإقامة "مذبحة بين العاملين" كما وصفها البعض، بإنهاء خدمة 350 عاملاً خلال الفترة المقبلة معظمهم بـ"الصيانة - السكرتيرات والسعاه – المهندسين – الإدارات"، بالإضافة 150 آخرين بـ"الصيانة"، فى خطة تستهدف بيع كل سلسلة على حده.
وأكدت أن اتجاه الإدارة الإماراتية الجديدة لهيكلة الموظفين بدأ بتغيير المسمى الوظيفى لمديرى الإدارات تمهيداً للاستغناء عنهم، وتخفيضاً لنفقات الشركة، لافتة إلى أن القائمة الجديدة ستشمل مديرى توزيع وفروع وصولاً إلى السعاة خاصة من اقتربوا على سن المعاش، بهدف حرمانهم من مستحقاتهم المالية وتخفيضها.
وتعد مصر درة الأسواق التى تمتلكها مجموعه "أمريكانا" حيث يوجد بها 400 فرع تنتشر فى ربوع مصر وتحقق منها الجانب الأكبر من إيراداتها، بعد تأسيسها عام 1964، حيث حققت انتشارا واسعا فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من خلال امتيازات لسلسلة مطاعم ومقاه شهيرة، وتوظف الشركة أكثر من 63 ألف شخص، ولديها 17 مصنعا فى المنطقة وخارجها مخصصة للعديد من المنتجات الغذائية، اقتنصها "العبار" من شركة الخير الوطنية للأسهم والعقارات التى تدير حصة آل الخرافى، فى صفقة تقدر قيمتها بنحو 2.4 مليار دولار، مثلت 66.8% من مجموع 391 مليون سهم فى الشركة.
وتضم محفظة الغذاء المستهلك لمجموعة أمريكانا 9 من العلامات التجارية الغذائية الاستهلاكية التى أصبحت من الأسماء المميزة فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "اللحوم والدواجن - الأغذية المعلبة - منتجات الألبان والبطاطس والخضروات المجمدة - الوجبات الخفيفة المالحة"، كما تضم عدد من شركات الامتياز الأكثر نجاحا فى العالم، وتشمل 12 علامة تجارية، مثل كنتاكى فرايد تشيكن ، بيتزا هت ، هارديز ، حديقة الزيتون ، لونج هورن ، سينيور ساسى ، كوستا كافيه ، كرسبى كريم.
من جانبهم أعرب عدد من المتضررين عن استيائهم من "المصير السيء" الذى وضعته الشركة أمامهم، مطالبين الحكومة بالتدخل لإنقاذهم، متسائلين عن مصير القضايا التى ستقف على أبواب المحاكم لسنوات، فى ظل تجاوز الكثير منهم الـ 50 من العمر، مشيرين إلى أن القادم أسوأ وربما يتم اتخاذ قرارات مشابهة فى شهر أبريل المقبل.
وقال "محمد أ"، يعمل بـ"أمريكانا" منذ 12 عاماً، إن الشركة هددتهم بالتوقيع على الاستقالة مقابل الحصول على مبلغ مالى، بمعدل "شهرين على كل سنة" من بدء خدمتهم، وإلا سيتم إعادة راتبهم إلى الرقم الأساسى الذى لا يتجاوز ألف جنيه حال رفضهم توقيع الاستقالة.
كما أشار إلى أن الشركة شكلت لجنة من المحاميين لإقناع العمال على التوقيع على الاستقالة وقالوا لهم :" اللى هيخرج من الباب من غير ما يوقع على الاستقالة ميسألش على فلوس بعد كدا..ولو رفعتوا قضية محدش يلوم إلا نفسه ..راتبكم سيعود للرقم الأساسى الموقع بالعقد ولن تحصوا على أى مميزات.. من الأفضل لكم التوقيع على الاستقالة".
العمال اللذين وقعوا على الاستقالة أعمارهم ما بين الـ 30 عاماً و56 عاماً، بينهم 6 عمال لديهم إصابات عمل، وأجبروا على توقيع قرارات الاستقالة خشية المصير الأسوأ بحد قولهم، كما أشار آخرين إلى أن المالك الجديد للشركة اتخذ قرارات إقصائية بحق العمال، قائلين:" المستثمر جاى يمشينا..إنه مجرد سمسار وليس مستثمر .. إنه سمسار اشترى عمارة وأعطى كل ساكن مبلغ مالى معين ليبيع كل شقة على حدة..هذا ما فعله المالك الجديد ".
كما كشف أحد المتضررين " م س" أن نسبة كبيرة من اللذين تقدموا باستقالاتهم بالإكراه، لم تتجاوز مدة خدمتهم الـ 20 عاماًن بما يعنى أنهم لن يحصلوا على معاش شهرى بناء على قانون العمل، وقال :" إننى أبلغ من العمر 45 عاماً ومدة خدمتى بالعمل 19 عاماً ونصف، ووقعت على قرار الاستقالة لأننى أخشى تقليص راتبى كما أننى لا أعلم مصير القضايا الذى قد ارفعها على الشركة بسبب بطء الإجراءات".
وأشار إلى أنه كمتضرر، رضخ هو وزملائه للتوقيع على إنهاء خدمتهم مقابل مبلغ مالى، قائلاً: "لو اعترضنا سيتم استخدام وسائل النقل التعسفى ضدنا وحرماننا من البدلات ولن نحصل على مستحقاتنا المالية فى آخر المطاف".
وطالب العمال، الحكومة بضرورة سرعة تعديل قانون المعاشات الذى تجاوز الربع قرن ، مؤكدين : إنه "قانون عقيم ..الأسعار بتغلى كل يوم عن اليوم اللى قبله وقوانين العمل ثابتة ولم يتم تعديلها".
حالة الاحباط لم تتوقف عند العمال المتضررين، بل أصابت زملائهم المستثمرين بالشركة أيضاً، حيث أعربوا عن قلقلهم من ملاقاة نفس المصير، وأكد أحد المديرين أن العمال الذين تم الاستغناء عنهم لم يكن أمامهم سوى التوقيع على استمارة "6" أو اللجوء للقضاء فى حالة الرفض، وهو ما يعنى الانتظار لسنوات أمام المحاكم، ولن يحصل أى منهم على مستحقاته المالية.