الإرهاب سرطان يهدد الشعوب والمجتمعات، ويعمل على تقويض كل تقدم وتلاحم فى المجتمع، ويستهدف بث بذور الفتنة والشقاق بين الفئات والطوائف التى يتكون منها هذا المجتمع، وهؤلاء الإرهابيون والمتطرفون لا دين لهم ولا ضمير، ولا يعترفون بقوانين المجتمعات، وقد ابتليت مصر بهذا السرطان فى مراحل كثيرة استطاعت أن تتجاوزها بقوة بفضل التماسك المجتمعى، حتى عاد هذا الإرهاب ليطل برأسه من جديد فى واحدة من أقذر العمليات الإرهابية بتفجير الكنيسة البطرسية بالعباسية فيسقط الشهداء والمصابون فى عملية أدانها المركز الوطنى للدفاع عن حرية الصحافة والإعلام ووصفها بالعمل الخسيس والجبان، كما أدانها المجتمع كله، وظهرت حالة الوحدة والتلاحم فأعطى لتلك الوحدة قوة فى مواجهة التطرف ودعاة الفتنة.
وإزاء ذلك فإننا نطرح السؤال الصعب "ماذا لو قتل أحد المصريين الشرفاء هذا الإرهابى المدعو محمود شفيق قبل أن ينفذ جريمته، وتؤدى فعلته الخسيسة إلى استشهاد إخواننا وأشقائنا؟ رغم أن الإجابة على السؤال السابق تأتى منبسطة من خلال القانون على نحو يدركه فقهاؤه فإن القاتل سيحاكم بتهمة القتل حتى لو كان القتل خطأ، ويصبح القتيل الإرهابى مجنيا عليه أمام القانون والقضاء، ويعاقب الجانى الذى أنقذنا من هذا الشيطان، وربما يقضى حياته كلها خلف القضبان أو أن "عشماوى" يكون فى انتظاره فى غرفة الإعدام.
هذا رغم أن القتيل فى هذه الحالة لا يعترف بالقانون الذى حاكم قاتله، ولا يعترف بالقضاء الذى سجن قاتله، ولا يعترف بالدولة كلها وينعتها بالمجتمع الكافر الذى يجب القضاء عليه، فهذا القتيل وأمثاله من الإرهابيين قد أعلنوا على الملأ أن سلاحهم إلى صدور الشعب سوف يوجهونه، وأنهم لابد أن يدمروا المجتمع، ويهدموا القانون.
وحال مقتله يتحول هذا الإرهابى إلى ضحية، ويطالب ذووه بكل حقوقه أمام قانون وقضاء ودولة هو كافر بهم أصلا، وربما يطالب ذووه بتكريمه أو الحصول على معاش من الدولة باعتباره شهيدا ومواطنا صالحا.
ثم نطرح السؤال ثانية بوجهه الآخر "ماذا لو بقى هذا الإرهابى حيا.. واستطاعت أجهزة الأمن أن تلقى القبض عليه؟
القانونيون يعرفون الطريق وهو أن يتم التحقيق معه فى قسم الشرطة التابعة له الكنيسة، ثم إحالته إلى النيابة التى تتولى التحقيق معه، ثم يتم التصرف فى القضية وإحالتها إلى محكمة الجنايات، وتظل الجلسات تتداول ثم تقضى عليه بعقوبة الإعدام جراء جريمته الخسيسة، فيلجأ إلى محكمة النقض التى قد تقضى بإعادة المحاكمة ربما لسبب يعود إلى الإجراءات، ثم تبدأ محاكمته من جديد أمام محكمة الجنايات التى تقضى عليه مرة أخرى، فيلجأ إلى محكمة النقض من جديد فتعيد محاكمته، فتبدأ محاكمته مرة أخرى من جديد أمام محكمة الجنايات وتستمر الجلسات وتتوالى حتى تقضى عليه مرة أخرى، فيلجأ إلى محكمة النقض مرة أخرى ويصبح حكمها نهائيا.
هذه الرحلة الطويلة من المحاكمة لشخص لا يعترف بالقانون ولا بالقضاء الذى يحاكمه، وفى كل جلسة يتطاول على القضاء فيقضى القضاء بحبسه بتهمة إهانة القضاء وهو لا يعير الأمر اهتماما لأنه كافر بهذا القضاء، لكننا نخسر بتطاول هؤلاء الأقزام على قضائنا الشامخ، وفى كل جلسة يضحك أمام عدسات المصورين والصحفيين ويلقى قصائده فى الانتقام من الدولة، وتتحمل الدولة نفقات إعاشته فى السجون وحراسته وحمايته.
ونطرح السؤال من جديد "ماذا لو أن أحد ضباط الشرطة قد غلى الدم عروقه ورد على تطاوله على مصر ورموزها؟
والإجابة تجدها حاضرة لدى بوتيكات حقوق الإنسان، فتخرج البيانات الحادة بفعل أنها ممولة أو أنهم غير مدركون للحرب التى تخوضها مصر ضد الإرهاب وتطالب بضرورة محاكمة هذا الضابط الذى يمكن أن يفقد عمله أو يجد نفسه بجواره فى السجن.. إنه الأمر الأكثر مرارة أن نطالب وزارة الداخلية وضباطها بضبط النفس وإعمال معايير حقوق الإنسان فيتحملون تطاوله عليهم، ومن قبلهم تطاوله على الوطن.
هذه الاسئلة التى نثيرها تحسم الفارق بين الخصومة مع الدولة والعداء لها ولشعبها، فهذا الإرهابى ليس خصما مع الدولة لينال شرف المحاكمة أمام القانون والقانون والقضاء الذى يثق الخصم أن القضاء ملاذه، وأن القانون يمثل له وجه الحماية، لكن هذا الإرهابى الذى أعلن كفره بالمجتمع ونظامه لا يحاكم إلا وفق قانون يليق به وهو قانون العداوة مع الدولة.
السؤال الأخير: هل لدينا فراغا تشريعيا؟
الإجابة تصبح واجبة عند أعضاء مجلس النواب، وتتمثل الإجابة فى إنتاج قانون خاص يحسم أمر الذين رفعوا العداوة مع الدولة شعارهم.