يوم تلو الآخر تدفع تركيا وشعبها ثمن سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان فى المنطقة غاليًا، فالإرهاب الذى ارتد إلى شوارع تركيا يحمل رسالة إلى صناع القرار مفادها العدول عن السياسات الخاطئة التى يروح ضحيتها كل يوم ويدفع ثمنها الأتراك أنفسهم، وهو ما أثر بالسلب على قطاع السياحة فى هذا البلد الذى تكبد أضراراً فادحة بسبب الهجمات الإرهابية المتزايدة، والاضطرابات السياسية والأمنية الداخلية.
القطاع السياحى فى تركيا الذى يعمل فيه 8% من القوى العاملة فى البلاد، تكبد خسائر فادحة بسبب تراجع عدد السائحين عقب الاضطرابات السياسية التى تعيشها تركيا منذ تحرك الجيش منتصف يوليو ضد أردوغان، فضلا عن الهجمات الإرهابية المتكررة خاصة حادث ضرب مطار أتاتورك مؤخرا، ووفقا لتقارير رسمية نشرتها مؤخرا وزارة السياحة التركية، بأن عدد السياح الأجانب الذين زاروا البلاد، تراجع منذ بداية عام 2016 بنسبة 31.96% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضى.
وفى العام الجارى 2016 تعرضت تركيا لسلسلة هجمات إرهابية دموية، راح ضحيتها المئات، أثارت غضب الشارع التركى على الجهات الأمنية وقدرتها على التنبؤ وإجهاض العمليات الإرهابية وحماية المدنيين، وهو ما انعكس بشكل سلبى على قطاع السياحة وأضر بالاقتصاد.
ووفقا لتقارير لوزارة السياحى التركية سجل قطاع السياحة التركية انخفاضا قدر بـ31% مقارنة بالعام الماضى، عقب سلسلة من الهجمات بالقنابل واشتعال أزمة دبلوماسية مع روسيا بالإضافة إلى محاولة الانقلاب العسكرى الفاشلة فى 15 يوليو الماضى.
وذكرت تقارير صحفية فى ديسمبر الجارى أن القطاع السياحى التركى كان يضيف فى الأحوال العادية نحو 30 مليار دولار سنوياً إلى الناتج المحلى الإجمالى لتركيا التى كانت تحتل المركز السادس من الدول المفضلة لدى السائحين سواء من أوروبا أو دول الخليج العربى، إلا أن الأحداث والاضطرابات أجبرت الفنادق على تخفيض العمالة نحو 40% فى حين أغلق بعضها خلال فصل الشتاء وتكافح أخرى لسداد الديون.
وتضررت إسطنبول بشدة بصفة خاصة هذا العام مع انخفاض معدلات الإشغال فى فنادق المدينة بما يزيد على الربع فى العشرة أشهر الأولى من العام، وهبط متوسط سعر الغرفة إلى 99.3 يورو (106 دولارات) بدلاً من 124.1 يورو قبل عام، ما يعرض القطاع لديون تصل إلى 17 مليار دولار أى نحو 15 مليار يورو.
وقالت وزارة السياحة التركية إن ألمانيا وجورجيا وبريطانيا هى أكبر الدول المصدرة للسياح الأجانب الوافدين، لكن الإحصاءات تشير إلى أن عدد السياح الأجانب الذين زاروا تركيا فى الأشهر التسعة الأولى من العام الجارى سجلوا 20.25 مليون أى أقل بنحو 10 ملايين مما كانت عليه فى 2015 (29.76 مليون).
ويهدد انحسار قطاع السياحة وضرب الاقتصاد، والسخط الشعبى فى تركيا من سياسات النظام، عرش الرئيس التركى الذى يرغب فى إجراء استفتاء قبل شهر مارس المقبل، للتحول إلى نظام رئاسى يوسع فيه الرئيس صلاحياته، وسط تنديد دولى بقمع تمارسه السلطات التركية واعتقالات تعسفية شبه يومية تشنها السلطات على الصحفيين والكتاب، وتعمد إهانة المؤسسة العسكرية.