كشف وزير الخارجية الليبية فى حكومة الوفاق الوطنى "محمد الطاهر سيالة" فى حواره مع بوابة أفريقيا الإخبارية والذى تنشره على جزأين، تناول فى الأول، الملاك الوظيفى وتقليص العاملين والتحدى الأصعب الذى تمر به الخارجية من إنفاق كبير أثقل كاهل الخزانة الليبية فى الأوقات الصعبة، وتحدث فى الجزء الثانى عن اللقاء ملف الهجرة غير الشرعية وكيف يسعى الأوروبيين لتوطين المهاجرين بليبيا وهو ما رفضه بشكل نهائي، وعملية صوفية قبالة السواحل الليبية والتى وصفها بالخاطئة والتى لن تعود على الأوروبيين بالفائدة.
الملاك الوظيفى فى وزارة الخارجية
وقال "سيالة" والذى يشغل منصب وزير الخارجية فى زيارته للقاهرة فى إطار المشاركة فى اجتماعات جامعة الدول العربية، أن الخارجية الليبية ومقرها العاصمة طرابلس وضعت استراتيجية العمل السياسى فى الخارج عكف عليها مجموعة من الخبراء الليبيين فى الوزارة، وتم مراجعتها وإرسالها للمجلس الرئاسى لاعتمادها، نظرا لعدم وجود استراتيجية جديدة بعد ثورة السابع عشر من فبراير، وبكل تأكيد فإن الكثير من الأمور تغيرت بشكل كبير عن ما كان قبلها، ونظرا للتأخير من قبل المجلس الرئاسى فى اعتمادها، قمنا باعتماد الملاك الوظيفى وفقا للإستراتيجية الجديدة للخارجية الليبية.
وأوضح فى ذات السياق أن مفصل العمل الخارجى أن تكون ليبيا صديقة للجميع، وألا تصنع عداء لها، خدمة للرعايا الليبيين بالخارج، الذين ازدادت أعدادهم بشكل كبير جدا من بعد "فبراير"، حيث لدينا نازحين، وآخرين يعتقدون أن لديهم مشاكل وعودتهم صعبة ما يتطلب رعاية مصالحهم وتقديم الخدمات لهم.
وكشف "سيالة" أن عام 2010 لم يتجاوز عدد العاملين بالخارجية الليبية 1500 بالداخل والخارج، فيما تجاوز حاليا 3000 موظف بين الخارج والداخل، وعدد كبير منهم لا يحمل المؤهل المنصوص عليه فى قانون السلك السياسى والعمل الدبلوماسي، والذى ينص على أن الخارجية تتغذى باختصاصات معينة من الخريجين الجدد، أبرزها العلوم السياسية والمالية والاقتصادية والدراسات القانونية، كما وتنص على أن يبقى سنة فى معهد الدراسات الدبلوماسية للإعداد، ولا يمكن للخارجية أن يكون كوادرها من النقل أو الندب إليها، ولهذا وضعنا الملاك الوظيفى للتعامل مع الكم الهائل من الموظفين، وصادفتنا معركة العاملين بالخارج، وكثيرهم لا يريد العودة لبلاده، وقد أمضوا المدة القانونية وهى أربعة سنوات، وأطلعنا على الشكاوى المقدمة من قبلهم حيال القرار، وكان من بين أسبابهم أن البلاد ليست آمنة وغير مستقرة، وهو ما لا يمكن الأخذ به من قبلنا، وكانت فكرتنا المطروحة من لا يستطيع العودة يمكن منحه إجازة من العمل، وجزء وأخرون تحجج بعضهم بأنه لم يتحصل على مرتبه منذ ستة أشهر أوسنة كاملة، لهذا عقدنا إجتماعات من رئيس ديوان المحاسبة ومحافظ مصرف ليبيا المركزى ونجحنا فى توفير مخصصاتهم ومرتباتهم المالية حتى 30 من شهر يونيو 2016.
التواجد الليبى فى الخارج أزمة أم ميزة
وأعلن وزير الخارجية فى حكومة الوفاق أن لدى ليبيا أكثر من 120 بعثة وسفارة وقنصلية فى الخارج، وعندما يكون الحديث التقليص، فعلينا النظر إلى زاوية أخرى وهى أن الدول تفتخر بإنتشار فى العواصم الأخري، وهى ميزة تسعى لها معظم الدول، بأن يكون لها بعثات فى الخارج، وطالما أخذنا هذا المفهوم كما جاء، حينها يكون التقليص فى عدد العاملين وليس السفارات، لأن قفل السفارة أو عودة البعثة، سيترتب عليه التعامل بالمثل، كما وأن القفل يجب أن يخضع للدراسة وربما يشمل الدول التى ليس لديها تمثيل لدينا أو دولة هامشية، ومن هذه النواحى قمنا فى الخارجية بعمل استثناء فى خمس سفارات ذات الطبيعة الخاصة، ليكون عدد الموظفين 25 كحد أقصي، وهى "ماليزيا وروما والقاهرة وتونس ولندن"، فيما تم تقسيم البقية على أربع فئات، يبدأ عدد موظفيها من 16 موظفا، ويصل فى آخرها إلى ستة موظفين فقط، وتم تعميم القرار على كافة السفارات الليبية بالخارج، وهو ما سيوفر للخزانة الليبية مبلغ يقدر بحوالى 220 مليون دينار ليبى سنويا.
ازدواجية السفارات الليبية بالخارج
وفى هذا الجانب أوضح "سيالة" أنه تم حل الإشكاليات خاصة فى دولتى مالطا وتونس، بينما الوضع يختلف فى العاصمة المصرية القاهرة، لأن الحكومة المصرية لم تساعدنا، حيث إن الازدواجية كان لها دور فيه، وفى هذا الشأن كان لنا حديث مع وزير الخارجية المصرى حول تمكين سفارة ليبية واحدة من العمل فى القاهرة، وفى سياق المشاورات مع الجانب المصرى كان لنا طلب تمكين الطيران الليبى من الهبوط فى مطار القاهرة الدولي، بدلا عن معاناة الليبيين فى مطار برج العرب فى الإسكندرية، وطلبنا بعودة الرقابة الجوية.
الأموال الليبية وغياب الميزانية
وأشار محمد سيالة فى حديثه مع بوابة أفريقيا الإخبارية فى الجزء الأول، أن الانسداد الحاصل سببه البرلمان، حيث يتطلب اعتماد الميزانية موافقة السلطة التشريعية والتى من خلالها تعبر الميزانية، فيما تخول السلطة التنفيذية بالإنفاق، وفى ظل غياب الميزانية بإمكان التشريعية تخويل التنفيذية بالاقتراض وهو ما يسمى بالدين العام، وهو ما نعكس على عدم توفر الخدمات للمواطن بسبب غياب ميزانية للإنفاق، بينما كان فى اجتماع لندن الحل لهذه المشكلة، وتم مناقشة الإشكاليات وتم تفصيل الإتفاق السياسى والعمل بالمادة التاسعة والتى تتحدث على أن يضع المجلس الرئاسى الترتيبات المالية المؤقتة، وتم الاتفاق على تفسيرها بما يشمل إعتماد ميزانية الطوارئ وسيتم اعتماد ميزانية 2017 وجزء لسنة 2016، ويأتى هذا الانفراج بعدما تيسر إنتاج ليبيا النفط وإعادة تصديره، كما أن الاقتراب من الاحتياطى النقدى للبلاد يعد خطرا، فهو يعانى حالة تآكل وقد أنخفض بشكل كبير، وبدأ ينقص بسبب بنود الصرف طيلة السنواب الماضية، ونحن فى الخارجية أصبحنا نتتبع أى تصرف غير رشيد فى سفاراتنا بالخارج وخصوصا بند العلاج واكتشفنا بعض التجاوزات.
وفى زاوية أخرى حول الحديث عن الأموال المهربة للخارج، تحتاج لمعرفة أسماء الأشخاص ومعلومات موثقة ومؤكدة وهو غير متوفر، ليكون من بعده رفع قضايا، إذا ماكانت هذه الأموال وصلت إليهم بطريقة غير شرعية، أما الأموال الليبية المودعة فى الخارج فهى محصورة، وكثير من الأرقام التى يجرى الحديث عنها بالخارج هى مبالغ فيها ويتم تهويلها وغير منطقية خاصة ما يشاع عن أموال مرصودة فى جنوب أفريقيا يعد كلاما غير دقيق وليس بمنطقى.
توطين المهاجرين فى ليبيا
وقال الوزير "محمد الطاهرة سيالة" أن حواره مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والأمن فى الاتحاد الأوروبى " فيديريكا موغيرينى " فى مواضيع مهمة من بينها مكافحة الهجرة الغير شرعية، ودائما يلام على ليبيا دون غيرها بأنها معبر للمهاجرين ويطالبون بأن تلعب دور فى مكافحتها، ومشكلتهم الأساسية أن نظرتهم فى الاتحاد الأوروبى غير نظرتنا نحن فى ليبيا للهجرة غير الشرعية، وجميعهم أعضاء فى معاهدة جنيف سنة 1951، ولذلك التزاماتهم فى هذه الاتفاقية تمنع الإعادة القسرية للمهاجرين لبلدانهم، وقد تفط النظام الملكى لهذه الإتفاقية ولم يوقع عليها، وحتى فترة النظام السابق حذرنا من الإنتماء لها أو التوقيع عليها، لأنها تعمل على تغير ديموغرافى لا يتقبله الليبيون، بمعنى أن المهاجر لو دخل أرضك لن تستطيع إعادته لبلده إلا فى حال موافقته أو طلبه للعودة.
وفى هذا الصدد أوضح " سيالة " بأن مشاورات 2009 / 2010 مع الإتحاد الأوروبى تركزت على طالب الجانب الليبى من الأوروبيين فى ذلك الوقت على تقديم المساعدة فى مراقبة الحدود، وكان لهم تقديراتهم المالية فى تلك الفترة والتى تشمل قرابة 4000 كيلو متر جنوب ليبيا فقط وليس البحر فى الشمال، وقدرت قيمة شبكة "المنظومة الإلكترونية" مراقبة الحدود فى ذلك الوقت 900 مليون يوريو، وكانت إيطاليا تطوعت بدفع هذا المبلغ لأنها المتضرر الأول والأساسى من تدفق المهاجرين إليها، بينما رفض مساعدتها دول الشمال فى الإتحاد الأوروبي، لأنه لم تصلهم نار الهجرة الغير شرعية، وكنا فى حوارات الجانبية مع الإيطاليين، نوجه لهم النصح بترك المهاجرين يعبرون للشمال الأوروبى، مثل السويد وغيرها، وبعد 2011 توقفت الاجتماعات من هذا النوع.
وعدنا من جديد، عقدنا اجتماعات بمشاركة وزراء خارجية النيجر وتشاد والاتحاد الأوروبى، وقررنا التوسعة ليشمل السودان، بحيث تكون هناك رقابة مع الدول التى تتشارك معنا والتى لديها حدود مشتركة، كما لازالنا نطالب بشبكة الرقابة الإلكتروية، وطائرات هيلكوبتر وسيارات لعمل مراقبة حقيقية على الحدود وهذا يحتاج إلى تمويل كبير، وليبيا لا تقف شرطى لحراسة أوروبا، وليس منطقيا أن تتحمل الخزينة الليبية هذه التكلفة.
وللأسف الأوروبيون لديهم منحى آخر للعلاج بإطلاق عملية صوفيا بتواجد قطع بحرية خارج المياه الإقليمية، لمراقبة قوارب المهاجرين فى خطة تعد هذه النقطة مرحلتها الأولي، فيما كانت الثانية مراقبة دخول الأسلحة، والمرحلة الثالثة كانت طلب الاتحاد الأوروبى بدخول المياه الإقليمية، وهذا رفض من قبلنا بشكل نهائى، إلى وصلنا معهم لفكرة تدريب عناصر خفر السواحل لمراقبة المياه الإقليمية من قبل أولادنا وأبناء ليبيا، وحاليا يجرى تدريبهم، وربما نقبل عمليات مشتركة مع الاتحاد الأوروبى، ولكننا لن نقبل دخول سفن أجنبية داخل المياه الإقليمية وهذه سيادتنا.
وتابع وزير الخارجية طلبنا من الجانب الأوروبى الضغط على الدول الأفريقية لقبول رعاياهم من المهاجرين، ورفضنا تصريحات المجر بخصوص توسعة معسكرات المهجرين بليبيا، وكان القصد من وراء تلك التصريحات إعادة من وصول لأوروبا لليبيا، وهذا مالا يعقل ولا يقبل نهائيا، وقلنا للأوروبيين أن من عيوب عملية صوفية هى تشجيع لتدفق مزيد من المهاجرين، لأنه نسبة الاطمئنان بسلامة وصولهم لجنوب أوروبا أصبحت كبيرة، لأن السفن التى تلقى القبض عليهم فى المياه الدولية تقوم بإيصالهم للجزر الإيطالية وفقا للقوانين المعمول بها، وهى مشجعة لهم، وفى ليبيا المهاجر غير الشرعى مجرم ويتم الحكم عليه وفق القانون الليبي، والأوروبيين يسعون لإلغاء التجريم فى ليبيا، كما يسعون لدخول ليبيا فى اتفاقية 1951، ونحن فى الخارجية ضد هذا الطرح ولا نشجع عليها بالمطلق.