دخلت الحرب الداخلية التى تشهدها أروقة جماعة الإخوان الإرهابية منعطفًا جديدًا، وبدأ تشهد شكلاً مختلفًا من التصعيد، عبر لجان تحقيق داخلية بدأت قيادات الجماعة المحسوبة على جبهة محمود عزت، القائم بأعمال المرشد العام، تشكيلها خلال الفترة الأخيرة، تمهيدًا لتجميد عضوية عدد كبير من أعضاء الجماعة وقياداتها، ممن رحبوا بالانتخابات الداخلية التى شهدتها الجماعة خلال الأيام الماضية، وأدت لتشكيل ما أسموه "مكتب عام الإخوان"، بديلاً لمكتب الإرشاد الذى يقبع كثيرون من أعضائه فى السجون على خلفية تورطهم فى جرائم عنف وإرهاب.
وكشفت مصادر مقربة من الجماعة، عن أن أعداد الأعضاء والقيادات المقرر تحويلهم للتحقيق تمهيدًا لتجميد عضوياتهم بالجماعة، تتخطى 100 عضو، ممن دعموا قرارات عقد اجتماع لمجلس الشورى، واتخاذ قرارات باختيار مكتب إرشاد جديد، مشيرة إلى أن من سيجرى تلك التحقيقات سيكون مكتب إخوان لندن، الذى يتبع جبهة محمود عزت القائم بأعمال المرشد.
وتوقعت المصادر أيضًا، أن تشهد الجماعة حالات تجميد عضوية على غرار ما حدث فى منتصف العام الجارى من تجميد عضوية 8 قيادات بالجماعة، كان أبرزهم عمرو دراج، ويحيى حامد، وأحمد عبد الرحمن، القيادات الإخوانية المتواجدة فى تركيا، كما توقعت المصادر رفض قيادات الجماعة المثول للتحقيق.
تطور الأزمة الداخلية للإخوان.. حرب جبهة "عزت" ورجال "كمال"
سياق الأزمة الداخلية بالجماعة الإرهابية بدأ فى التطور والتصاعد بعدما تداول نشطاء إخوان محسوبين على جبهة محمود عزت، بيانًا صادرًا عن مكتب الإخوان فى الفيوم، التابع لجبهة محمد كمال، القيادى الإخوانى الذى أعلنت وزارة الداخلية مقتله خلال تبادل إطلاق نار فى منطقة البساتين قبل شهور، طالب فيه أعضاء الجماعة فى الخارج بتشكيل كيانات موازية لجبهة محمود عزت، القائم بأعمال المرشد، لمنع إجراء "جبهة عزت" أى انتخابات داخلية لإقصاء جبهة محمد كمال.
قيادى بجبهة محمود عزت: مكتب الفيوم يحرض على عمل هياكل موازية للجماعة
فى إطار مقابل، رد الدفراوى ناصف، قيادى إخوانى محسوب على جبهة محمود عزت، على بيان جناح محمد كمال بالفيوم، قائلا: "مكتب إخواننا بالفيوم يحرض الصف الإخوانى فى الخارج على عمل هياكل موازية للجماعة، وعمل جيوب داخل الصف الإخوانى، ويدعون شبابهم فى الخارج لأن يكونوا هياكل تنضوى وتتبع مكتب إرشاد الجماعة الجديد ومجلس شوراها".
ولم تتوقف الجبهة الأخرى للإخوان، المحسوبة على "محمد كمال"، عند حد إصدار البيان السابق ذكره، بل أصدر ما يسمى بـ"المكتب العام للإخوان"، الذى يعد مكتب إرشاد مؤقت للجماعة، بيانا أعلن فيه رفضه لكل الإجراءات التى تتخذها جبهة محمود عزت، بل ودعا فيه لعقد جمعية عمومية للدوائر الإخوانية بالخارج، تمهيدًا لعقد انتخابات داخلية لإقصاء الشخصيات التابعة للقائم بأعمال المرشد.
وقال المكتب العام للجماعة الإرهابية فى بيانه: "يطلب المكتب العام من كل الإخوان الأعضاء بالجمعية العمومية للإخوان المصريين بالخارج، الترتيب لعقد الجمعية العمومية لانتخاب مكتب إدارى جديد بشكل عاجل، وفقًا للائحة الأساسية القائمة، التى لم يتم اعتماد أى تغيير أو تعديلات فيها حتى الآن".
قيادى إخوانى: الوعى الجمعى للكل مختل.. وربما تزيد الانشقاقات
وفى السياق نفسه، قال ياسر فتحى، القيادى الإخوانى، إن جماعة الإخوان تعرضت لصاعقة مدوية لأعضائها، وسط الضغوط الشديدة، ولأول مرة تخرج جبهة من داخل الجماعة معلنة أن هناك متحدثًا غير المتحدث، بعد الإعلان عن إعفاء محمد منتصر من منصبه بشكل مفاجئ ودون اتفاق، واختيار طلعت فهمى، وموقع رسمى غير الموقع الرسمى، ورغم تاريخ الإخوان الحافل بالسجالات والانشقاقات والتحقيقات الداخلية والفصل أحيانًا، تعدّ هذه هى المرة الأولى التى يستيقظ فيها أعضاء الجماعة على وجود متحدثين رسميين، لا يعترف كل منهما بالآخر، وموقعين رسميين يعبر كل منهما عن جبهة ما".
وأضاف "فتحى" فى مقال له عبر أحد المواقع التابعة لجماعة الإخوان: "من الغريب أنه بعد عام من السخونة الإعلامية أحيانًا، أو الهدوء والصمت، أو الغمز واللمز أحيانًا أخرى، وصل الحال إلى أنه لا جديد فى هذا الخلاف، وأن كل شىء له علاقة بجسر هوّة الخلاف، والتفاهم الداخلى، كان جريًا فى المحل، وأن ما بُدئ فى 2015 هو ما استمر فى 2016، إذ يستخدم كل طرف مفرداته الخاصة وخطاباته ونوافذه التى يسميها رسمية".
وحذر القيادى الإخوانى فى مقاله، من أن استمرار هذه الممارسات سيقود لانقسام الجماعة إلى عدة جماعات، متابعًا: "تطبيق كل طرف إجراءاته ومواقفه المعلنة مع شريحة ما من داخل الإخوان، يقود إلى الانقسام، فالذى يدعو للثبات وعدم وجود ظروف مناسبة لانتخابات قاعدية شاملة، ظل يثّبت القائم بالأعمال والنائب والأمين العام دون أى اقتراب شكلى أو إجرائى أو موضوعى من هذه المهام، والطرف الذى دعا للتغيير والتطوير خطا خطوات نحو الانتخابات القاعدية وتغيير وتجديد المجالس الإدارية والشورية، ويتحدث عن تطوير آخر سيتعلق بالرؤية والاستراتيجيات والأدوات والتحالفات واللوائح، وسيؤدى ذلك إلى أن تظل جماعة الإخون أمام جبهتين، وربما أكثر، أيًّا كانت الأسماء التى تعبر عن هذه الجبهات والشخصيات التى تمثلها، ورغم أن ما تحاجه الجماعة هو واجب على الجميع فلنجرب أن نتحدث مع كل جبهة على حدة".
واعترف القيادى الإخوانى، بأن هناك عدم نضج من بعض النخب والقيادات، متابعًا: "بمجرد رفض أو تعنت مجموعة من النخب والقادة، يختل الوعى الجمعى للكل، ويزيد الاستقطاب وتصعب السيطرة عليه، وبعد كل إجراء يُحسب على أى جهة، نجد من ينتقده ويواجهه بكل قوة".