يظل باب الاستيراد ملاذ الحكومة الوحيد لتوفير احتياجات المستهلكين، فعند ارتفاع أسعار السلع الهامة لكل أسرة مصرية، تهرول الدولة إلى التغلب على موجة الغلاء بتوسع أسواق الاستيراد من هذه السلعة، وعلى الرغم من أنها تعد روشتة سريعة لعلاج الأزمة، إلا أنها على المدى الطويل تعد كارثة بكافة المستويات.
وتعتبر أزمة اللحوم البلدى التى اجتاحت الأسواق منذ عيد الأضحى الماضى، خير دليل على تعامل الحكومة مع هذه الأزمة، فلا يمكن إنكار دور الدولة ممثلة فى وزارة التموين فى توفير مختلف أنواعها المستوردة والمجمدة للمستهلك، من خلال التحرك بسيارات متنقلة، بتكلفة زهيدة، إلا أن يجب أن نتحدث عن حالة الركود التى أصابت سوق اللحم البلدى، وانشغال الدولة بتوفير المستورد دون الالتفات فى خط مواز لإطلاق خطة محددة لإعادة تنمية الثروة الحيوانية والعمل على زيادة الإنتاج المحلى.
ومن جانبه كشف محمد وهبة، رئيس شعبة القصابين بالغرفة التجارية بالقاهرة، أن اللحم البلدى فى مصر مهدد بالاختفاء خلال 10 سنوات مقبلة، فى حالة استمرار سير الحكومة على هذا النهج بالاتجاه إلى سد احتياجات السوق المحلى عن طريق استيراد كميات كبيرة من اللحوم المجمدة والمستوردة من الدول الإفريقية والأوروبية، وأبرزها البرازيل والسودان .
وأضاف رئيس شعبة القصابين، فى تصريح خاص لـ"انفراد"، أن الاعتماد على المستورد فى ظل عدم تنمية حقيقة للثروة الحيوانية يزيد من أعباء المنتج "الفلاح"، فى ظل تكدس طوابير المستهلكين لشراء المجمد، ويعد مؤشرا لانخفاض معدلات الإنتاج المحلى عن معدلاته بالوقت الراهن عند نسبة 40%، فى ظل استحواذ اللحم المستورد إلى 60% من السوق.
وتابع "وهبة"، نضع آمالا عريضة على مشروع المليون ونصف فدان التى تسعى الحكومة لإتمامه خلال الفترة المقبلة، نظرا لأنه يسهم فى توفير كميات كبيرة من الأعلاف التى يتم استيرادها من الخارج وتمثل عبئا على المنتج فى ظل عدم توافر العملة الصعبة.
ومن جانبه أكد محمد شرف، نائب رئيس شعبة القصابين بغرفة القاهرة التجارية، قائلا: "أهلا وسهلا بالاستيراد، لكن حالة الركود فى الإنتاج المحلى بلغت أكثر من 50%، ومن المتوقع أن ترتفع النسبة خلال الفترة المقبلة"، موضحا أن الحكومة نجحت وبجدارة فى ثبات أسعار البلدى والتى كان من المتوقع أن يصل إلى 100%، ولكن استمرار فتح أسواق الاستيراد على هذه الشاكلة تعد دمارًا يلحق منظومة اللحم البلدى فى مصر والتى لن تتمثل فقط فى "الجزارين" بل هى حلقات متعددة وتعمل تحت مظلتها عمالة كبيرة.
وفى إحصائيات تابعة للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أظهرت حجم واردات مصر من اللحوم خلال 8 أشهر بالعام الجارى، وصل عند 9 مليارات و441 مليون جنيه، بمعدل زيادة عن نفس الفترة بالعام الماضى بلغ أكثر من 2 مليار جنيه.