امتلاك جسد رياضى متناسق ورفع اللياقة البدنية هذا هو الهدف من ارتياد صالات الألعاب الرياضية، التى يتهافت عليها المواطنون، وهو ما أدى إلى ظهور العديد من صالات الجيم التى اتسع نشاطها بحيث لم تعد مقتصرة على الاماكن والأحياء الراقيه فقط، بل امتدت لتغزو المناطق العشوائية بشكل مكثف مستغلين غياب الرقابة الحكومية، وهو ما ساعد هذه الصالات على تجاهل الالتزام بالاشتراطات الصحية، والتى قد تؤدى إلى الوفاة فى حالة عدم توفير الاسعافات الأولية لأى من مرتاديها ولعل حادث وفاة الفنان الراحل ممدوح عبد العليم داخل إحدى صالات الجيم بأحد الأندية الكبرى خير دليل على ذلك خاصة بعد تصريح طبيبه بأنه كان من الممكن إنقاذه لو أن الصالة مجهزة طبيا.
وعلى الرغم من وجود قرار سابق بشأن الاشتراطات الصحية أصدره وزير الصحة السابق الدكتور عادل عدوى بالتنسيق مع خالد عبد العزيز وزير الشباب والرياضة، يحمل رقم 463 لسنة 2014، الذى ينص على ضرورة وجود طبيب داخل صالات الألعاب و الأندية الرياضية ( الجيم) مع ضرورة إصدار بطاقة صحية لكل شخص تتضمن تفاصيل حالته الصحية وحالة القلب والصدر وضغط الدم، إلا أن جولة ميدانية أجرتها "انفراد" داخل خمس صالات جيم فى مناطق مختلفة وهى "الدقى، المهندسين، شبرا، روض الفرج، بولاق الدكرور، كشفت عن عدم تطبيق القرار والاشتراطات الصحية اللازمة، مما ينبأ باحتمالية وقوع ضحايا جدد فى أى لحظة.
عدم وجود أطباء داخل الصالات
كانت البداية مع صالة "ج،ج" أحد أهم الصالات التى يلجأ لها عدد كبير من المهتمين بممارسة الرياضة، التى تنتشر فروعها فى إحياء متعددة داخل محافظة القاهرة وبحسب موظفى الاستقبال العاملين فى فرع الدقى فقيمة لاشتراك مرتفعة تصل إلى 4200 جنيه فى حالة الاشتراك السنوى.
داخل ذلك الفرع لا يمكن تجاهل الإمكانات الضخمة الذى يتمتع بها والتى لا تتواجد إلا فى عدد قليل من الصالات سواء من حيث المساحة أو من حيث تنوع الأجهزة بداخله، التى تعمل على تدريب الجسم بكامله، وعلى الرغم من ذلك لا يوجد طبيب بشرى بداخله، وهو ما فسرته موظفة الاستقبال بقولها إن طبيعة الجيم وصالات الألعاب الرياضيه لا تتناسب مع عمل الأطباء البشريين، لذلك فإن الجيم متعاقد مع طبيب للعلاج الطبيعى يتولى الإشراف على متابعة التدريب وفحص أى شكوى تصدر من اللاعبين، وهو ما يعد مخالفة للقرار الوزارى السابق ذكره، والذى يشترط عند تسجيل وترخيص أى من صالات الألعاب الرياضية، يجب توافر عدد من الضوابط ومنها وجود طبيب بشكل دائم داخل غرفة كشف طبى مجهزة بداخلها.
شهادات وهمية
فى أحد الشوارع الجانبية بمنطقة الدقى توجد صالة "أ،و"، التى تقترب فى أسعارها من الصالة السابقة على الرغم من وجود فارق كبير من حيث المساحة أو الأجهزة، و مع ذلك لم تقم الصالة بتفعيل قرار وزير الصحة ووزير الشباب والرياضة السابق ذكره، وهو أيضا نفس الأمر الذى يتكرر فى ثلاثة من صالات الجيم الموجودة فى الأحياء الشعبية، التى لا يمكن فيها الحديث الاشتراطات القانونية سواء فيما يتعلق بالمساحات أو العاملون من غير المتخصصين الذين لا تتعدى أعمارهم 20 عاما على أقصى تقدير إلى جانب بيع المكملات الغذائية بالداخل، وبالتالى لم يكن للأطباء وجودا بداخلها، ففى حى روض الفرج وخلف مبنى الحى مباشره تقع إحدى الصالات التى تزدحم باللاعبين من مختلف الأعمار نظرا لتدنى قيمة الاشتراك حيث لا يتعدى مبلغ 50 جنيهاً شهريا، الصالة السابقة، كانت فى الأصل محل تجارى مغلق لعدة سنوات وبدأ نشاطها كصالة حديد بعد قيام أحد المستأجرين من الشباب بتحويله إلى ذلك النشاط عبر شراء عدة آلات مستعملة إلى جانب بعض البارات "والدنابل" المصنوعة يدويا.
داخل الصالة وعلى كرسى خشبى متهالك جلس "م" طفل لا يتعدى عمره 15 عاما المكلف من قبل صاحب الصالة بتحصيل قيمة الاشتراك الشهرى، متابعا "ع" أحد الشباب الذى يقوم برفع ثقل حديدى ضخم بمساعدة أصدقائه بهدف تضخيم العضلة الذى سرعان ما توقف عن التدريب بعد إحساسه بألم فى كامل يده قبل أن يعاود التدريب مجددا بثقل أكبر بعد قراءة عدد من الآيات القرآنية لمنع الحسد الذى كان سيتسبب فى إصابته حسب اعتقاده.
"ت،ج" هى صالة أخرى فى منطقة شبرا تتميز بوجود عدد من الالات الحديثه مثل "المشايات، والعجل "وإن كان بعضها لا يعمل ويتم وضعه فى الصالة كنوع من الوجاهة، يعتبر الاشتراك الشهرى بها مرتفع مقارنة بغيرها من الصالات فى شبرا الذى يتراوح من 250 إلى 300 جنيه"، بحسب أحد المشرفين هناك، الذى لا يتعدى عمره العشرين عاما، فانه سيتولى متابعة عملية التدريب بنفسه والتعريف بأهم الكورسات، التى يتم تقديمها الصالة لبناء جسد رياضى، من خلال ناصحا بالاعتماد على بعض المنتجات التى يتم بيعها داخل الصالة من مقويات وفيتامينات، التى لا توضح بلد المنشأ أو تاريخ الصلاحية وعدم شرائها من الخارج خوفا من شراء انواع مقلدة تصيب بالضرر.
بداخل صالة الكابتن "س،س" فى شارع الأنصار التابع لحى بولاق الدكرور، لم يختلف الأمر كثيرا فليس للطبيب البشرى مكان ويعتبر بيع الفيتامينات مجهولة المصدر هى الأساس الذى يعتمد عليه القائمون على الصالة فى بناء عضلات للمتدربين لديهم.
تضارب الجهات المسئولة
تعدد الجهات التى لها الحق الإشراف على صالات الجيم والتحقق من تحقيقها للاشتراطات الصحية قد يكون هو السبب فى وجود عشرات من الصالات المخالفة، ففى الوقت الذى أكد فيه فتحى ندا نقيب المهن الرياضية أن النقابة هى الجهة الوحيدة فى منح الترخيص لصالات الألعاب الرياضية "الجيم"، نجد أن صابر غنيم رئيس الإدارة المركزية للمؤسسات العلاجية، يؤكد على حق وزارة الصحة على منح هذه التراخيص، كاشفا أن إدارة العلاج الحر كانت على وشك إصدار قرارات بالغلق الإدارى للعديد من "صالات الجيم" فى القاهرة والجيزة وهو ما تم التراجع عنه بعد ذلك بسبب ما تفرضه نقابة التى تطالب العديد منها بمبالغ مالية الرياضيه تصل إلى 50 ألف جنيه، فى بعض الحالات كمصروفات لمنح الترخيص على الرغم من عدم النص على ذلك فى القانون مما يتسبب فى انتشار العديد من الصالات المخالف.
مؤكدا على ضرورة تطبيق قرارات وزارة الصحة والخاصة بوجود طبيب بشرى قائلا: "لا يمكن التغاضى عن هذه الضوابط تحت مسمى الاستعانة بأخصائى علاج طبيعى"، و هو ما وصفه بـ"التحايل على القانون".
ومن جانبه قال الدكتور أشرف صبحى، مساعد وزير الشباب والرياضة، إنه طبقا للبروتوكول الذى تم توقيعه بين وزارة الصحة والشباب والرياضة فإن مسئولية المراقبة على عمل صالات الجيم موزعة بين الوزارتين من خلال متابعة وزارة الرياضة لصالات الجيم، والتأكد من عدم وجود أى مخالفات بالمشاركة، مع وزارة الصحة، التى تستطيع إصدار قرارات الغلق الإدارى فى حالة وجود مخالفات بموجب الضبطية القضائية الممنوحة لها للقيام بذلك العمل.
وبسؤاله عن وجود إحصائية لدى الوزارة بعدد الصالات "الجيمات"، قال صبحى إنه لا يمكنه الإجابة على ذلك السؤال فى الوقت الحالى قبل الرجوع إلى أرشيف الوزارة، للتأكد من عدد الصالات التى تم حصرها وذلك قبل أن يرفض الرد على تليفونه مجددا.
دورات غير قانونية
نقطة أخرى كشف عنها فتحى ندا نقيب المهن الرياضية، وهى عدم قانونية الدورات التى يحصل عليها المشرفون على الصالات، موضحا أن قانون رقم 63 لسنة 2010، نظم الضوابط التى يجب توافرها فى صالات الألعاب الرياضية للحصول على ترخيص من نقابة المهن الرياضية، ومنها أن القائمين على التدريب فى هذه الصالات يجب أن يكونوا من خريجى كلية التربية الرياضية أو من الحاصلين على دورة تدريبية من نقابة المهن الرياضية بعدد ساعات معينة على سبيل الحصر وهى 186 ساعة، مشددا على أن أى دورة يتم الحصول عليها من أماكن أخرى لا يتم الاعتراف بها، كاشفا أن عدد الصالات المرخصة والمطابقة للمواصفات لا تتعدى 10%.