تعتبر الكلية البحرية المصرية، أحد أعرق الكليات فى مصر، حيث أنشأت عام 1946، وتتميز بوضع خاص بين الكليات العسكرية، لتواصلها الدائم والمستمر مع نظيراتها على مستوى العالم، بل ويتم إيفاد طلاب بشكل سنوى إلى الكليات الأخرى بمختلف دول العالم، لصقل مهاراتهم، وزيادة حجم الاحتكاك بين القوات البحرية والبحريات العالمية.
"انفراد" كان له جولة استمرت على مدار يوم كامل، بين أروقة الكلية البحرية، وقفت فيها على حجم التطور والتقدم، وكيف يتم إعداد فرد مقاتل داخل المصنع الأول لرجال وقباطنة البحرية المصرية.
وكما أكد قيادات الكلية، فإنه يتم اختيار طالب الكلية البحرية، ضمن شروط القبول بالكليات العسكرية المتعارف عليها، وبعد فترة تقارب الـ45 يوما، داخل الكلية الحربية، يسافر الطالب إلى مقر الكلية البحرية بالإسكندرية.
عقب دخول الطلاب للكلية البحرية، يبدءون فى الحصول على تدريبات ثابتة للوصول إلى اللياقة البدنية الثابتة وكذلك تمارين الرماية، ويكون هناك طابور لياقة صباحى يوميا لمدة ساعتين، ويختلف كل يوم عن الآخر، منها أيام لقيادة الدراجات والسباحة والموانع وتقوية العضلات وتمارين الضاحية، بالإضافة إلى تمارين ضاحية مجمعة كل أسبوع، لاختبار قدرات الطلاب مجتمعين.
تعتبر دراسة الضابط البحرى، معظمها دراسة عملية، ولذلك تحرص القيادة العامة على تعليم الطلاب كافة الأسلحة الحديثة، ويسافر الطلاب فى أول سنة إلى كل الموانئ الداخلية من السلوم حتى آخر نقطة فى الجنوب، ويمر بالبحر الأحمر وحتى الغردقة وسفاجا وحلايب وأبو رماد وشرم وتسمى رحلة داخلية تستمر لمدة أسبوعين تقريبا.
وفى السنة الثانية يزور الطلاب موانئ البحر المتوسط، مثل إيطاليا وفرنسا واليونان وقبرص، ويدرس فى الكلية البحرية كل دول حوض البحر المتوسط، وذلك لمعرفة كافة التفاصيل والتقاليد البحرية المعمول بها بين الدول، كما أن هناك طلبة يدرسون فى الخارج مثل إنجلترا واليونان.
فى السنة الثالثة لطلاب الكلية البحرية، يقومون برحلة الجنوب، ويزور فيها باب المندب والسعودية والخليج العربى حتى الكويت، بالإضافة إلى ذلك فهناك مكتبة الكلية مرتبطة بالانترنت.
وفيما يخص المناهج التى يدرسها طلاب الكلية البحرية، فيتم تطويرها بشكل مستمر، وهى متطابقة مع المنظمة البحرية الدولية، حيث الكلية البحرية مصنفة عالميا، وهناك طلبة وافدين للكلية من معظم الدول العربية، ولمواكبة العصر تجرى الكلية منهج تعايش مع كليات أخرى، فى دول خارجية، للوقوف على طبيعة عمل مختلفة، وقياس مدى العمل به فى مصر، ويحضر طلاب الكلية البحرية تدريبات العملية المشتركة مع الدول الأخرى، ويسافر الطلاب إلى الكليات الخارجية للدراسة والعودة بعلم حديث، ينقلونه لزملائهم من طلبة الكلية البحرية.
من جهته يؤكد أحد أعضاء هيئة التدريس أنه نظراً للتطور التكنولوجى المستمر كان لزاماً مواكبة هذا التطور وتحديث المواد والبرامج التعليمية بصورة مستمرة لتخريج ضباط قادرين على التعامل مع الأجهزة والأسلحة الحديثة.
كما أشار إلى أن الدراسة بالكلية البحرية بها مواد خاصة بالعمل البحرى كمادة الملاحة ومواد أخرى علمية كالرياضيات والفيزياء وهى دراسات مساعدة للضابط البحرى فى عمله، كما تم الاستعانة بأساتذة جامعيين لتدريس تلك المواد العلمية.
وأضاف أن الطالب يتلقى فى الكلية منهجاً دراسياً عاماً يمكنه من العمل كضابط بحرى وأن إعداده يتم من الناحيتين العلمية والعملية أيضاً، بالإضافة إلى حصول الطالب على فرق فى الرماية والصاعقة تحسباً لوضعه فى ظروف برية وفرق غطس.
وأكد أن هيئة التدريس، تستوعب التكنولوجيا وتتابعها بشكل كامل، قائلا: "لابد من مواكبة التطور، مافيش كلام اسمه متستخدمش الفيس بوك ووسائل التواصل الاجتماعى لمعرفة كل ما هو جديد".
ويقول المقدم هناك مكتبة كبيرة بالكلية البحرية، وكل دفعة لها وقت للدخول على مدار اليوم، كما أن جميع طلبة الكلية البحرية، يبدءون فى العمل والتقارب مع زملائهم حتى يتحولون تدريجيا من مدنيين لعسكريين.
وعن أداء الطلاب، أكد أن الطالب المصرى مميز، ولديه ذكاء عملى، ومتى توفرت له الظروف فإنه يقدم أفضل مالديه، بالإضافة إلى أن الكلية البحرية تحرص على ايفاد طلاب على مدار العام لعدد من الدول، للوقوف على حجم التطور، والاحتكاك بالثقافات المختلفة ونقل ذلك إلى مصر.
وأوضح أن الطالب المميز يحصل على أنواط وسفر للخارج، باعتباره واجهة مشرفة لمصر، كما أنه يمثل نفسه قبل أن يمثل بلده، لذلك فهناك حرص كبير على اختيار أفضل العناصر.
ومن جانبه أكد مسئول التدريب بالكلية أن طالب البحرية يكون سنه ما بين 18 و21 سنة، وتلك مرحلة سنية دقيقة وحرجة وهو ما يوجب على المُعلم أن قريباً من الطالب وقادراً على استيعاب واحتواء تفكيره ويتبع معه أسلوب الثواب والعقاب حيث توجد لائحة انضباط وأى خطأ يوجد عليه عقاب يتدرج ما بين التوجيه والإنذار المنفرد والإنذار العلنى والمنع من الأجازات ونقص الدرجات، أما الثواب فهناك تمييز معنوى ومادى وامتداد للإجازة طبقاً للوائح وهناك شهادات تقدير وأنواط.
"طالب بحرى مقاتل عمر أحمد بالفرقة الرابعة بالكلية البحرية، قسم ملاحة يافندم".. بتلك الكلمات الثابتة بدأ معنا الطالب عمر حديثه ليخبرنا عن يوميات الطلاب داخل الكلية البحرية بالإسكندرية.
ويضيف عمر أنه تعلم الكثير داخل أروقة الكلية البحرية حيث تغيرت الكثير من صفاته وسماته الشخصية، فأصبح أكثر التزاماً، وقادر على تحمل المسئولية أكثر من أقرانه خارج الكلية، بالإضافة إلى أن حياته أصبحت أكثر تنظيماً.
وأشار إلى أن الكلية تقوم بين الحين والأخر بعقد ندوات دينية للتوعية وتصحيح المفاهيم الخاطئة التى يتعرض لها الطلاب، ويحاضر فيها أساتذة كبار من جامعة الأزهر، للرد على كافة استفسارات الطلاب.. بالإضافة إلى عقد ندوات للتوعية بمخاطر حروب الجيل الرابع، وأخطار وسائل التواصل الاجتماعى التى فى نظرى، هى أكثر ميادين الحروب انفتاحاً وأخطرها فى الوقت الحالى.
وأضاف عمر أنه أثناء الدراسة بإنجلترا كان الجميع هناك بالكلية البحرية الملكية يعلم ويحترم البحرية المصرية، فالكلية البحرية المصرية مصنفة عالميا، مشيراً إلى أنه يتمنى الالتحاق للعمل بالفرقاطة "فريم" "تحيا مصر" فور تخرجه من الكلية البحرية.
ومن جانبه قال عمرو هنداوى، طالب مقاتل بالسنة الدراسية الثانية بالكلية البحرية، أن أكثر شىء تعلمه وسعيد بتعلمه هو تعلم التقاليد العسكرية، فقد أصبحت أكثر التزاماً بالمواعيد، بالإضافة إلى التفانى والإخلاص فى العمل، والعمل والتدريب الجيد لأحقق دائماً نسبة نجاح الـ100%، فضلاً عن تعلم القيادة، فالآن أستطيع حل أى مشكلة أتعرض لها بالتحليل السليم لها، وطرح حلول وتوقع نتائجها، لاختيار أفضل الحلول وفقاً لأسلوب علمى وتحليل منهجى لها.
وأوضح عمرو أن حماية حدود مصر مسئولية كبيرة، وأنهم قادرون عليها بإذن الله، مشيراً إلى أن رجال الجيش لا يعرفون الخوف، فجميع الأخطار التى تواجه مصر تدربنا جيداً على مواجهتها، والتغلب عليها.