عرض الصحفى البريطانى روبرت فيسك فى مقاله بصحيفة الإندبندنت لكتاب الصحفى المصرى الكندى محمد فهمى، "خلية الماريوت: رحلة ملحمية من سجن العقرب إلى الحرية"، الذى وثق فيه عامين قضاهما فى سجن طرة فى الكتاب، ووصفه فيسك بأنه سيكون مرجعا لكتب التاريخ فى المستقبل عن "صراع الجهاديين" فى الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن سر عدم انتشار "صراع الجهاديين" فى بريطانيا والولايات المتحدة يظل " لغزا".
وقال فيسك فى مقال له اليوم الأحد إن فهمى وجد نفسه محط إعجاب وثقة من السجناء الإسلاميين - بما أنه كان سجينا لدى نفس النظام - الذين صدموه بإيمانهم بأنهم أقوم من الآخرين. وكانوا يقولون لفهمى أشياء من قبيل "لقد أرسل صحفييكم إلى هنا لرؤية الحقيقة" و"لا بد من وجود سبب قادك الله من أجله إلى هنا".
أما فهمى "فيظل مقتنعا بأن التعذيب وسجون أنظمة الشرق الأوسط هى جامعات لجهادي المستقبل، كما يخاف على مستقبل مهنته"، على حد قول فيسك.
وكان عدد من السجناء يصدحون بدعمهم لقناة الجزيرة لأنها تذيع "موادً موالية للإخوان"، واكتشف فهمى فيما بعد أن بعضهم كانوا يصورون موادً لقناة الجزيرة مباشر، حسبما نقل فيسك عن كتاب فهمى.
وعن تغطية قناة الجزيرة لمصر أثناء تغيير السلطة عام 2013، نقل فهمى فى كتابه عن عادل إسكندر، وهو أستاذ كندى من أصل مصرى، قوله: "إن الجزيرة اختارت جانبا من الصراع وارتضت به... وعندما لم تعد المحطة قادرة على تقديم التغطية من الأرض، اعتمدت على لقطات وتقارير صادرة عن جماعات المعارضة الإسلامية وفصائل المليشيات المسلحة. إن هذه الطريقة أصبحت أسلوب عملها فى سوريا حيث المخاطر والتكاليف عالية للغاية، خاصة بالنسبة للصحفيين".
حكايات الترحيلات
وفى سيارات الترحيلات، حكى فهمى فى كتابه عن سعادة السجناء بقطع رأس صحفى فى سوريا، كما هلل سجناء فى إحدى السيارات لسماعهم فى الراديو خبر مقتل 3 رجال شرطة فى كمين، وراحوا يغنوا: "نلوح ببنادقنا وأحزمتنا الناسفة... سوف نقطع رأس الأفعى".
وسأل سجين مقيد فى نفس الأصفاد فى يدى فهمى، - عرفه الصحفى بأن اسمه عمار متخصص فى صنع المتفجرات: "لماذا لا تغنى يا أخى؟" وكان عمار قد عاد من سوريا ليرتكب أعمالا إجرامية ضد المواطنين المصريين، ورد عليه فهمى: "أنا أجاهد بقلمى".
وفى رحلة أخرى من رحلات سيارات الترحيلات، هلل السجناء لذبح داعش للصحفى الأمريكى جيمس فولى بعد سماع الخبر فى الراديو، كما هدد التنظيم بذبح الصحفى الأمريكى الأخر ستيفن سوتلوف، وهو صديق لفهمى. وقال السجين المقيد لأصفاد فهمى: "لابد أنه جاسوس، وإلا لم يضع أمريكى نفسه فى خطر كهذا؟"
وفى الكتاب، قال فهمى إن الصحفى قد يعرض حياته للخطر من أجل "الكشف عن المعاناة، ومحاولة إحداث فارق وإيقاف الجنون". وقال سجين آخر: "إنه أمريكى واحد، ماذا عن آلاف العراقيين الأبرياء الذين قتلتهم أمريكا؟".
الظواهرى يعظ محمد فهمى
وفى سجن العقرب، كان فهمى يسمع همهمات تلاوة القرآن، مما دفعه أحيانا لتلاوة آيات وصلوات تعلمها فى صغره، حيث وجد فهمى نفسه مع أشخاص مسؤولين فى نظام محمد مرسى من قبل، مثل عصاد الحداد، مساعد مرسى التنفيذى والذى قابل الرئيس الأمريكى باراك أوباما، وخالد القزاز، مستشار مرسى للشؤون الخارجية، بحسب مقال فيسك.
وقال أحد المساجين عبر ردهة السجن: "أنا الشيخ مرجان سالم الجوهرى... أنا سلفى جهادى وقاتلت إلى جانب الأخ الشيخ أسامة بن لادن ضد الشياطين السوفييت والأمريكيين فى أفغانستان. أنا تزوجت ثلاث مرات ولى أطفال عدة، ولا أسمح لأحد منهم بزيارتى ليتجنبوا الإهانة... إن كل هذه مسرحية، تمثيلية سياسية يقوم بها هؤلاء الخنازير... عليك بالقرآن".
وأوضح فيسك أن مرجان عضو بالجهاد الإسلامى فى فلسطين وله علاقات قوية بطالبان وحكم عليه بالإعدام مرتين فى عهد مبارك. وقال مرجان، والمعروف كذلك باسم عبد الحكيم حسان وأبو عمرو، فى أحد المقابلات التليفزيونية إنه يريد تدمير الأهرامات وأبو الهول.
وقال فهمى إن مرجان معروف بأنه "راديكالى غاضب وقاتل"، وأضاف فى كتابه: "يا له من مجنون! الآن أنا أعيش معه بل ويسدى لى النصائح".
كما تحدث فهمى مع محمد الظواهرى، أخو أيمن الظواهرى، والذى قال: "نحن لسنا قتلة متعطشين للدماء أو بلا رحمة... نحن فقط ندافع عن أنفسنا... نطالب بحقوقنا فى إرساء حكم مبنى على الشريعة الإسلامية".
وسأله فهمى إذا ما كانت صلاته فى سيناء أدت لسجنه، فقال له رجل آخر "ماذا عن سيناء؟ هؤلاء مقاتلون مقاومون شرعيون... فى أى جانب أنت؟"
وبالرغم من كل هذا، ومع اقتراب خروج فهمى من السجن، كان بالكاد يتحكم فى عواطفه لدى فكرة ترك زملاء السجن، على حد قول فيسك.
وقال فهمى: "فى خلال الستة أشهر الماضية، هؤلاء الرجال، بعضهم جهاديين يتمنون الموت والدمار للعالم من أجل أيدولوجية غير إنسانية، تقاسموا معى بكرم طعامهم وممتلكاتهم الضئيلة".