تواجه تركيا موجة من العنف والإرهاب الوحشى الذى يفتك يوما تلو آخر بعشرات القتلى ما بين أتراك وأجانب، مدنيين وعسكريين، ورغم أن تلك الهجمات الدموية مستمرة منذ أكثر من عام ونصف، إلا أن السلطات التركية لم تستطع حتى الآن، برغم قوة مؤسساتها ردعها أو الحد منها. وهذا ما جعل بعض المحللين إلى البحث عن أسباب تلك الأزمة وسبل حلها.
ويرى البعض أن أردوغان السبب فى المأزق التركى الراهن، وأن حالة الانقسام التى أثارها فى بلاده ألهتها عن الاتحاد فى مواجهة الإرهاب. فتقول شبكة "سى إن إن" الإخبارية الأمريكية إن تركيا فى حالة استقطاب شديد حول الشخصية القوية لرئيسها رجب طيب أردوغان، حتى أنه بدلا من أن تسأل لماذا تحدث الهجمات الإرهابية وكيف يمكن وقفها، دخلت الكتل المؤيدة لأردوغان والمعارضة فى معركة تبادل اللوم بينهما.
وفى تقرير كتبه الباحث المتخصص فى الشأن التركى بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، سونر كاباتاجى، قال إن هذا الأمر يثير قلقه بشأن تركيا وقدرتها على مواجهة أى هجمات إرهابية أخرى من خلال قوة مؤسساتها ووحدة مواطنيها. فقد عانت تركيا من حوالى 33 حادثا كبيرا منذ صيف 2015 من بينها حادث الملهى الليلى الأخير الذى أودى بحياة 39 شخصا على الأقل، وكل هذه الحوادث مرتبطة بجماعتين، داعش، وحزب العمال الكردستانى.
ورأى الكاتب أن إعلان داعش مسئوليته عن الهجوم الأخير فى اسطنبول لم يكن مفاجئا، مشيرا إلى أن الإسلاميين فى تركيا تجادلوا فى الأسابيع الأخيرة حول أن الاحتفالات بالعام الجديد غير إسلامية.
وتتابع الشبكة قائلة إنه لو كان مرتكبو الهجمات الإرهابية فى تركيا واضحين للغاية، فلما تبدو تركيا غير قادرة على منع مد الإرهاب الذى تواجهه.. وترى أن الأجابة تكمن فى أن تركيا منشغلة للغاية بمحاربة بعضها البعض بدلا من التركيز على محاربة الإرهاب معا.
وتقول "سى إن إن" إن أردوغان منذ توليه السلطة قام بشيطنة واستهداف الناخبين الذين لم يصوتوا له وشن ضدهم حملة قمع وحشية، ومن بين هؤلاء اليساريين والليبراليين والديمقراطيين الاجتماعين والمسلمين الليبراليين والعلمانيين والأكراد الذين يمثلون نصف سكان البلاد. وقد أدت استراتيجية أردوغان إلى حالة استقطاب فى تركيا.
فى المقابل، وفى ظل النمو الاقتصادى خلال العقد الماضى، استطاع أردوغان أن يؤسس مجموعة من الموالين اليمنيين له بينهم القوميين الأتراك والمحافظين والإسلاميين، ويمثلون النصف الآخر من السكان. ودخل الطرفان فى معركة لإطلاق اللوم على بعضهما البعض فى مشكلات البلاد.
وبإعلان داعش مسئوليته عن الهجوم، فمن المتوقع أن يهاجم أعداء أردوغان الأخير لعدم قدرته على حماية البلاد.
وخلصت "سى إن إن" فى النهاية إلى القول بأن تركيا لديها مؤسسات أمن قومى قومية ساعدت على ردع موجات إرهابية سابقة منها تمرد الأكراد فى التسعينيات. ونفس هذه المؤسسات ساعدت البلاد على تجاوز أزمات سابقة مثل الحرب الأهلية وحرب الشوارع فى السبعينيات بين اليمين واليسار. لكن لو لم ينخرط الأتراك فى نقاش صادق حول كيفية وقف العنف الذى يواجه بلادهم فى هذا الوقت، فإن تلك المؤسسات القوية ربما لن تكون كافية لوقف موجة الإرهاب الحالية وإنقاذ البلاد من الدمار.