لماذا يتحمل المواطنون الإجراءات الاقتصادية الصعبة؟.. تنفيذ مشروعات الإسكان والطرق واستصلاح الأراضى يعزز ثقتهم فى الدولة.. وتدفعهم إلى الأمل فى مستقبل أفضل رغم ضعف الحكومة فى السيطرة على السوق

لا شك أن المصريين يثبتون يوما تلو الآخر أنهم يقهرون المستحيل ويواجهون الصعاب من أجل مصلحة بلدهم، ولعل أبرز ما يؤكد ذلك تحمل المواطنين لإجراءات الإصلاح الاقتصادى الصعبة.. ومن هنا نتساءل: لماذا يتحمل المواطن إجراءات الإصلاح الاقتصادى؟، وهل هناك ما يدعوهم لتحمل تلك الإجراءات؟ فى البداية يجب الإشارة إلى أن هناك غضبا من المواطنين ليس من إجراءات الإصلاح الاقتصادى التى تمثل السبيل الوحيد للعبور بالبلاد إلى بر الأمان بل من عدم سيطرة الحكومة على السوق خلال تطبيق إجراءات الإصلاح الاقتصادى، مما جعلهم فريسة للتجار معدومى الضمير، ولذا فإن الحكومة مطالبة بأن تكون أكثر سرعة فى تدارك أخطائها حتى لا توفر جوًا مناسبًا يسمح للجماعة الإرهابية التحريض ضدها وهدم جهود الإصلاح. لكن.. لماذا يتحمل غالبية المواطنين إجراءات الإصلاح الاقتصادى رغم صعوبتها؟، وفى محاولة للإجابة على هذا التساؤل نجد أن هناك مؤشرات ودلائل دفعتهم إلى تحمل إجراءات الإصلاح الاقتصادى الصعبة، تتمثل فى أن المواطنين أصبح لديهم أمل فى مستقبل أفضل، وأصبحوا يلمسون يومًا بعد الآخر تحسنًا فى الخدمات المقدمة لهم، رغم الدعاية السوداء للجماعة الإرهابية على مواقع التواصل الاجتماعى بأن النظام "خرّب البلاد"- على حد زعمهم. وفى ظل هذه الظروف التى وضعت الحكومة والمواطنين وجهًا لوجه، نجد أن المواطنين يدركون جيدًا أنه لا يمكن حل مشاكل استمرت عقود خلال عام أو اثنين، ويدركون أيضا أن النظام لم يتسلم البلاد وكأنها "باريس" وحولها إلى شىء آخر سيئ، كما تروج الجماعة الإرهابية على السوشيال ميديا، بل يدركون أن الأيام المقبلة ستكون أفضل لأنهم لمسوا عدة أمور إيجابية تتحقق على أرض الواقع. وهناك مؤشرات تقودنا إلى أسباب تحمل المواطنين للإجراءات الصعبة، وتتمثل فى أنهم يرون أن الدولة نجحت فى القضاء على قوائم انتظار علاج مرضى فيروس سى، وأنها عالجت ما يقرب من مليون مريض مصاب بالفيروس، وأن الدولة تبنى مئات الآلاف من وحدات الإسكان الاجتماعى خلال زمن قياسى وبمعدلات تنفيذ غير مسبوقة، كما بدأت فى تنفيذ مشروع العاصمة الإدارية الجديدة. كما يرى المواطنون أن الدولة تعمل على استصلاح 1.5 مليون فدان، وطرحت كراسات شروط لـ500 ألف فدان بنظام القرعة فى 4 مناطق حتى الآن، كما أنشأت 970 كيلومترا طرق حتى الآن، وأن نسبة تغطية القرى بخدمة الصرف الصحى زادت إلى الربع بعد أن كانت 12٪ فى 2013، حيث أصبحت 15.2٪ فى 2016، وهناك مساعٍ لأن تصل إلى 42% خلال عامين بتكلفة تصل إلى 160 مليار جنيه. ومن ضمن المؤشرات التى تكشف سبب تحمل المواطنين لإجراءات الإصلاح الاقتصادى الصعبة، أن الدولة حسنت خدمات الكهرباء والمياه، وتنفذ مشروعات عملاقة بمنطقة محور قناة السويس أبرزها حفر أنفاق تحت القناة لتنمية سيناء بالتزامن مع جهودها فى محاربة الإرهاب، كما تنفذ مشروعات كبيرة لتنمية المناطق الحدودية. وما يبعث الأمل لدى المواطنين فى الوصول إلى غد أفضل، هو إنشاء مجلس أعلى للاستثمار لجذب المزيد من الاستثمارات، فضلاً عن إعداد تشريعات جديدة لتهيئة مناخ الاستثمار فى مصر وجذب رؤوس الأموال الأجنبية، وتفعيل برنامج الحماية الاجتماعية، حيث تسعى وزارة التضامن لضم 1.7 مليون أسرة لبرنامج تكافل وكرامة. كل هذه المؤشرات جعلت المواطن يتحمل الإجراءات الاقتصادية الصعبة، ولم ينخدع بما يروج من شائعات هدامة على مواقع التواصل، لأنه يدرك جيدًا أن تلك الإنجازات تتحقق بمستوى تنفيذ غير مسبوق فى ظل ظروف صعبة تتمثل فى غياب الاستثمارات الأجنبية، وتراجع عائدات السياحة بشكل كبير، فضلاً قلة إيرادات الدولة بالموازنة.