أنور الرفاعى يكتب: اقتراحات المسئولين لتطوير التعليم عنترية متلفزة دون جدوى..وننتظر مسلسل الامتحانات الساخر عند عرضه آخر العام.. المنظومة فاسدة لا تناسب مصر الحضارة.. والسيسي يسعى لإحداث ثورة تعليمية

سيبقى التعليم هو حجر الزاوية فى أى تقدم ننشده، وبدونه تصبح حركة المجتمع تسير نحو الخلف ،فنبقى نتغنى على ماض صنعه أجدادنا ،صرنا نقتات منه دون أن يكون لنا إسهاما فيه،وهو ما يعنى أن تزداد حركة التخلف فى الوقت الذى يسعى فيه الآخرون لركوب نفاثات التقدم، ونبقى نحن نعقد اجتماعات ونشكل لجانا وتنبثق منها لجان أخرى فرعية، ومحاضرات ودراسات وورش عمل ، ووزراء ورؤساء حكومات يدلون بتصريحات عنترية عن ضرورة تطوير التعليم لمواكبة العصر، ويذهب كل هذا أدراج الرياح دون مردود حقيقى وواقعى على العملية التعليمية وتطويرها، ولن ننسى عباراتهم المتلفزة الرنانة وهم يتحدثون عن التعليم باعتباره أمنا قوميا، دون أن يرقى ما يقولون إلى مستوى الأمن أو القومية. ويأتى الصيف فى كل عام لتنخر حرارة الجو فى عروقنا، ونحن نتابع المسلسل السنوى عن الامتحانات وتسريبها ،وتنتقل أخبار الامتحانات من اللجان الامتحانية إلى أقسام الشرطة ومنها إلى صفحات الحوادث بالصحف، والتصريحات المتضاربة من المسئولين عن العملية التعليمية ،والحديث عن إلغاء الامتحانات بسبب تسريبها ،الأمر الذى ينتج القضاء على فلسفة تكافؤ الفرص بعد أن يخرج المسئول وفى الأغلب يكون الوزير ويعقد مؤتمرا صحفيا يصفونه بالعالمية ، ويعلن فيه أن ما حدث من تسريب لا يؤثر على سير الامتحانات ومن ثم لا يستوجب إلغاءها ويعلن سيادة الوزير عن تشكيل لجان على أعلى مستوى تنبثق منها لجان، ويصبح الشىء الوحيد الحقيقى هو أننا ننتظر ذلك المسلسل الساخر عند عرضه فى نفس الموعد فى العام التالى. وحجر الزاوية فى التعليم هو رضاء المجتمع عنه ،ورغم ذلك إذا سألنا أى مواطن وأى طالب عن رضائه أو عدمه ،فإن الإجابة تكون محسومة بعدم الرضا عن المنظومة التعليمية برمتها، ويصفونها بالمنظومة الفاسدة التى لا تتناسب مع دولة بحجم مصر لها تاريخها العريق، وهى التى خرج منها الإشعاع الحضارى للدنيا كلها. ويأتى حديثنا عن التعليم وتطويره بعد توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي ببناء عدد كبير من المدارس تستوعب كل هذه الأعداد من التلاميذ والطلبة فى مراحل التعليم المختلفة ،وهو الذى عكف مع مستشاريه على إحداث ثورة تعليمية حقيقية تقضى على مثالب العملية التعليمية، وتقضى على سوآتها التى صارت متلازمة مع حياتنا، وهو المشروع الذى ننتظر تنفيذه خلال شهور ليقضى على أكذوبة الامتحانات باعتبارها منظومة التقييم الوحيدة لمهارات الطلاب، وهى المنظومة التى أصبحت فى ذمة التاريخ فى بلدان العالم المختلفة، واستحداث نظم جديدة تتواكب مع ثورة المعرفة والاتصالات التى حولت العالم إلى قرية صغيرة ،بديلا عن "جوال" الكتب والأدوات المدرسية التى يحملها كل طالب على ظهره فى طريقه للمدرسة ذهابا وإيابا،حتى إذا ما انتهى الطالب من دراسته الإلزامية تكون فقرات ظهره قد أوشكت على الثبات فى صورة الانحناء الدائمة ،فتصبح حياته انحنائية فى كل أموره وعلاقته بالمجتمع !!! ويصبح لزاما ضروريا ونحن نتحدث عن تطوير التعليم أن أذكر ما حدث فى قريتى "الكمايشة" التابعة لمركز تلا محافظة المنوفية،عندما كان التلاميذ فى قريتى يفضل آباؤهم ألا يذهبوا إلى المدرسة بعد المرحلة الابتدائية لظروف وأسباب تعود بالأساس إلى الظروف الاقتصادية آنذاك، وكان ذلك يؤدى إلى أن يكون عدد التلاميذ الذين يواصلون تعليمهم محدودا جدا بالمقارنة لعدد السكان فى قريتى، وظل الأمر كذلك حتى تم تعيين الأستاذ إبراهيم يونس حجازى مدرسا بالمدرسة الابتدائية الوحيدة بالقرية والكائنة فأحدث فى القرية التى كانت فقيرة تعليميا ثورة تعليمية من طراز مختلف ،وصار التنافس بين التلاميذ والآباء للاستمرار فى التعليم هو سيد الحالة الجديدة، ولأننى كنت واحدا من هؤلاء التلاميذ – فى ذلك الحين – والذين تتلمذوا على يديه ،فإننى أشهد الله أن الرجل كان منظومة تعليمية قيمية وأخلاقية ،فشهدت القرية نهضة مختلفة كانت من نتائجها عدد هائل من الأطباء والمهندسين ورجال القانون ورجال القوات المسلحة ..وغيرهم، من هؤلاء الذين تفخر بهم "الكمايشة" حتى اليوم،ولكن ظل لقب (الأستاذ )حكرا على إبراهيم يونس حجازى مهما اكتظت القرية بالكفاءات العلمية .. فلم ينس أبناء الـ35 دفعة الذين تتلمذوا على يديه كم كان الأستاذ يتجول فى شوارع القرية طوال اليوم لضبط من يلهو منهم، وكان يذهب لإقناع الآباء بتعليم بناتهم وكم فتح منزله الريفى المتواضع للدروس الخصوصية المجانية لكل صف فصارت الكمايشة بحسب المؤشرات الحكومية صاحبة أفضل معدلات التعليم فى الإقليم. . وظل الأستاذ يعطى حتى أصبح مديرا للمدرسة، وأصبح أحد تلامذته ناظرا لها هو الأستاذ كامل خلف الله، جيل يسلم جيلا، ولكن يبقى السر الأعظم فى تطوير المنظومة التعليمية هو الفاضل الكريم الأستاذ إبراهيم يونس، الذى مازلنا حتى اليوم نوليه وقارا هو حقه فينا ،وتقديرا لما زرعه فى عقولنا ،وأصبحت منظومته الفريدة مضرب الأمثال عن الحديث عن المنظومة التعليمية، ولو أن الدولة بحثت فى نظريته لوضع الخبراء أيديهم على أسرار استقامة وتطوير المنظومة التعليمية فى مصر قاطبة. إنه المدرس يا معالى الوزير لابد من الاهتمام به قبل تعيينه واختياره .. والاهتمام به بعد تعيينه مربيا لأولادنا فلو صادف فى كل إقليم وجود (إبراهيم يونس حجازى ) واحد لخلصنا من آفات التعليم الثلاثة. . التسرب من التعليم. . الدروس الخصوصية ..وتسريب الامتحانات .. شكرا للأستاذ وأتمنى من الوزير الاهتمام.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;