غرام الأفاعى صفحات من التاريخ السرى بين الإخوان وإيران. خامنئى نصح الجماعة بتطبيق نظام ولاية الفقيه فى حكم مصر طهران رصدت 10مليارات دولار للجماعة للانضمام لـ"تحالف الحضارة الإسلامية" وضرب الخليج

نقلا عن العدد اليومى - خامنئى دعم ثورة 25 يناير.. وهاجم مبارك لصالح الجماعة - بنود التحالف تضمنت تكوين مليشيات إخوانية لاستساخ الحرس الثورى الإيرانى - التعاون الجماعة وإيران المعلن تجلى فى أحضان مرسى ونجاد لم تكن كلمات المستشار عزت خميس، رئيس لجنة حصر وإدارة أموال جماعة الإخوان الإرهابية، فى المؤتمر الصحفى الذى عقده يوم الأحد الماضى، 24 يناير الجارى، تحت عنوان «مؤامرة جماعة الإخوان»، والذى تم خلاله عرض بعض الوثائق والأوراق، التى عثر عليها فى مقرات الجماعة، والتى كشفت إحداها علاقة الإخوان بالنظام الحاكم فى إيران، سوى قليل من كثير، وربما تكون الإشارة الأبرز فى هذا المؤتمر هو تلقى الجماعة 10 مليارات دولار من طهران، لتكوين جهاز أمنى إخوانى، بديلا عن الجيش والشرطة، واستنساخ نموذج الحرس الثورى الإيرانى، وعلى الرغم من أن العام الذى قضته جماعة الإخوان فى السلطة شهد العديد من الزيارات المعلنة لمرسى إلى طهران، وأحمد نجاد إلى القاهرة، بعد انقطاع دام 34 عاما، بل وصول أفواج سياحية من إيران إلى الأقصر وأسوان، إلا أن البعض تناسى ذلك كله، واعتبروا أن الربط بين الإخوان وإيران فيه ظلم للجماعة، على اعتبار أن الإخوان «سنة» والنظام الإيرانى «شيعة»، وربما لا يعرف هؤلاء وغيرهم أن الأمر الخفى والخطير فى علاقة طهران بالجماعة، أنه تجاوز منذ زمن بعيد منطق اختلاف المذهب السنى والشيعى، تحت مبرر الغاية تبرر الوسيلة، فالغاية لدى طهران إعلان الإمبراطورية الفارسية، وابتلاع دول الخليج العربى، والسيطرة على البحر الأحمر. أما الوسيلة فهى جماعة الإخوان، التى لا يمثل لها الوطن أى شىء أو قيمة.

فى أكثر من مناسبة ذكر الرئيس عبدالفتاح السيسى، أن ثورة 30 يونيو لم تنقذ مصر فقط، وإنما أنقذت المنطقة بأكملها، وكم مرة أكد الرئيس، أن أمن مصر من أمن الخليج، فى حقيقة الأمر أن الكلمات السابقة لا تندرج تحت بند عبارات دبلوماسية على سبيل المجاملة، وإنما كانت انعكاسا لتقديرات وتقارير رصدت بدقة مصير ومستقبل مصر، والمنطقة العربية بأكملها، لو لم تقم ثورة 30 يونيو، واستمر انحراف مسار ثورة 25 يناير، وظلت جماعة الإخوان تقود البلاد، وطبق قيادات التنظيم الكتالوج الإيرانى فى الحكم، على أقل تقدير كان ينتظرنا النموذج العراقى أو السورى أو اللبنانى، أو اليمنى، وهى الدول التى تديرها طهران بالريموت كنترول.

المتابع لتاريخ جماعة الإخوان، والنظام الحاكم فى إيران، يستطيع أن يكتشف بسهولة وجه الشبه بين الجماعة والدولة، وكيف يستغل النظامان الدين ستارا لتنفيذ أجندة سياسية، واللافت هنا أن هذه الأجندة تعتمد على المدى الزمنى الطويل، فالعبرة لدى تنظيمات الإسلام السياسى، مرتبطة بالنتائج وليس الوقت، واللافت أيضا أن النظام الهيكلى بين النظام الإيرانى والنظام الإخوانى متطابق إلى حد كبير على سبيل المثال لا الحصر: «إيران»- المرشد- الرئيس- مجلس تشخيص مصلحة النظام- تصدير الثورة.

«الإخوان» المرشد- الرئيس- مكتب الإرشاد- التنظيم الدولى.

والسؤال الذى يطرح نفسه هل جاء ذلك التطابق صدفة؟ الإجابة على هذا التساؤل وغيره تضمنها كتابان، الأول بعنوان «سر المعبد» للقيادى الإخوانى المنشق ثروت الخرباوى، والذى قال فيه: إن هذا الأمر بدأ فى عام 1938، وعلى الرغم من الاختلافات المذهبية بين الطرفين، فإنهم تغاضوا عن ذلك، من أجل مصالح كل منهما، فسعى الإخوان إلى دعم خارجى، بينما سعت إيران لإيجاد موضع قدم لها فى مصر، ويضيف الخرباوى قائلا: العلاقة بين الجماعة وإيران، تعود جذورها إلى بدايات تأسيس التنظيم، من خلال الدور الذى لعبه حسن البنا، مؤسس الجماعة، فيما سمى بالمذهب التقريبى بين السنة والشيعة، وكان يجرى الترويج له تحت شعار الوحدة الإسلامية، ومحاربة الطغيان، والاستبداد، ونصرة القضية الفلسطينية، وطرد المستعمر، مشيرا إلى أن هناك وثيقة تاريخية تكشف هذه العلاقة، إذ قام روح الله مصطفى الموسوى الخمينى فى عام 1938، بزيارة المقر العام لجماعة الإخوان، فى مصر واستقبله خلال هذه الزيارة حسن البنا، بينما يرى بعض المؤرخين، أن العلاقات بين الإخوان وإيران بدأت من خلال محمد تقى قمى، وحسن البنا، وهو ما أسفر عنه إنشاء «دار التقريب بين المذاهب الإسلامية»، وهو المشروع الذى يوصف بأنه المظلة التى وفرت غطاء شرعيا للتنسيق بين الإخوان وإيران، ومع انتباه الأنظمة العربية والدولية للمقصد الحقيقى من وراء هذا المشروع، تم استبداله بمشروع آخر بزعامة الداعية الإخوانى يوسف القرضاوى، أطلق عليه «الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين»، والمثير فى الأمر هو اختيار الإيرانى محمد على تسخيرى نائبا ليوسف القرضاوى فى رئاسة الاتحاد. وبشىء أكثر تفصيلا عن علاقة الإخوان وإيران، رصد الباحث السورى محمد سيد رصاص، فى كتابه الذى حمل عنوان «الإخوان وإيران.. الخمينى- خامنئى»، الصادر منذ سنوات قليلة، جذور العلاقة التاريخية بين جماعة الإخوان، والجمهورية الإيرانية، قبل الثورة الإسلامية، وبعدها، علما بأن مؤلف الكتاب نفسه وصف فى مقدمته أن هذا التقارب، يتناقض مع المسار الطبيعى بين السُنة والشيعة، فى العديد من الأصعدة والمجالات حتى فى الطقوس والشعائر.

لم يختلف «رصاص»، فى أسباب التقارب المعلنة بين الإخوان وإيران، عن التى قدمها الخرباوى فى «سر المعبد»، ولكنه زاد قائلا: إنها بدأت بعد تأسيس الإخوان بعشر سنوات، وفى فترة الخمسينيات، شهدت تمدد جسور التبادل الفكرى، وفى عام 1966 ترجم على خامنئى كتاب سيد قطب «المستقبل لهذا الدين» إلى اللغة الفارسية، وكتب مقدمة للترجمة يصف فيها سيد قطب بـ«المفكر المجاهد». ويضيف رصاص: لا يمكن عزل اتجاه «ولاية الفقيه»، و«الحكومة الإسلامية»، عند الخمينى، فى الستينيات، عن فكرة «الحاكمية» عند المودودى وسيد قطب، منظرى الإخوان.

قدم محمد رصاص، مجموعة من المحطات المهمة، فى علاقة الإخوان، بإيران، وخاصة بعد نجاح ثورة الخمينى فى عام 1979، قائلا: أول طائرة هبطت مطار طهران، كانت تقل وفدا من جماعة الإخوان، وضم هذا الوفد أعضاء من مصر والأردن وسوريا، وعرض هذا الوفد الإخوانى، على الخمينى، فكرة مبايعته «خليفة للمسلمين»، إلا أنه طلب مهلة للتفكير، ورفض الأمر فيما بعد. واصل «رصاص»، رحلة رصده لتاريخ الجماعة والنظام الإيرانى، قائلا: على الرغم من رفض الخمينى فكرة بيعة الخلافة، فإن جماعة الإخوان استمرت فى تأييد الحكم الإيرانى، وقدم رصاص دليلا على حديثه، مشيرا إلى المظاهرات التى نظمتها جماعة الإخوان، ضد الرئيس السادات، بسبب استضافة شاه إيران فى مصر، وانتقل الباحث السورى، إلى محطة تأييد الإخوان لإيران فى حربها ضد العراق، وعند وفاة الخمينى فى 4 يونيو 1989 أصدر المرشد العام لجماعة الإخوان، حامد أبوالنصر، فى ذلك الوقت، بيان نعى للخمينى نصه: «الإخوان المسلمون يحتسبون عند الله فقيد الإسلام الإمام الخمينى، القائد الذى فجر الثورة الإسلامية ضد الطغاة». وعلى الرغم من غوص الباحث السورى محمد رصاص، فى العديد من التفاصيل، فإنه طوال الوقت كان مشغولا بالسؤال: ما سر صمود العلاقة بين «دولة» و«تنظيم»؟ هل هو تداخل الأسس الفكرى فقط، أم أن هناك أهدافا سياسية أقوى وأبعد مما نعتقد؟! إجابة السؤال السابق جاءت فى صورة حوار مطول امتد على مدار 4 حلقات، فى أغسطس عام 2002، عندما استضاف المذيع بقناة الجزيرة، أحمد منصور، فى سلسلة حلقات برنامج «شاهد على العصر»، الملياردير يوسف ندا، القيادى بالتنظيم الدولى لجماعة الإخوان، والذى كان يشغل وقتها منصب رئيس مجلس إدارة بنك التقوى. وفى حين أن هذا الحوار تضمن العديد من نقاط الخلافات بين النظام المصرى والإيرانى، إلا أن النقطة المفصلية فيه كانت سر استمرار العلاقة بين إيران والإخوان، على الرغم من الاختلافات المذهبية، وكانت إجابة «ندا» أن هناك مبدأ عاما فى التعاون بين الإسلاميين، وهى مقولة لـ«حسن البنا» مضمونها «نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه»، عند هذه النقطة انتهت كلمات ندا، بوصفه شاهدا على العصر، وإنما هناك العديد من الروايات، عن كونه من كبار مديرى الأموال الإيرانية فى أوروبا.

صعود آخر فى منحنى العلاقة بين الإخوان والنظام الحاكم فى إيران، رصده محمد رصاص، قائلا: فى عهد على خامنئى، الذى تولى منصب «المرشد» بعد وفاة الخمينى، أصبحت نظريات سيد قطب، تدرس فى مدارس الإعداد العقائدى للحرس الثورى الإيرانى، وبرز نفوذ معظم المرجعيات الدينية الإيرانية، المتوافقة مع أفكار سيد قطب، ومنهم على سبيل المثال آية الله مصباح يزدى، وهو الأستاذ الروحى لأحمدى نجاد، الذى لا يخفى إعجابه بسيد قطب وتأثره به، وبالمناسبة مرسى، وخيرت الشاطر، ومحمود عزت يشار إليهم فى جماعة الإخوان بالقطبيين، وكذلك معظم قيادات تنظيم الإخوان، الذين كانوا من أول مؤيدى برنامج طهران النووى، وشهد عام 2008 تصريحا مهما لمهدى عاكف، مرشد جماعة الإخوان السابق، عن تأييده للتقارب مع إيران، قائلا: لدينا 56 دولة فى منظمة المؤتمر الإسلامى سنية، فلماذا التخوف من إيران وهى الدولة الوحيدة فى العالم الشيعية.

مع وصول الإخوان إلى الحكم فى مصر، شهدت العلاقات سلسلة من التطورات المهمة، كان فى مقدمتها الخطاب الذى بعث به المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية على خامنئى، إلى مرشد الإخوان وإلى محمد مرسى، وطالب فيه خامنئى الجماعة بتطبيق نظام «ولاية الفقيه»، ودعا فيه قيادات الإخوان إلى الانضمام إلى طهران فى بناء ما سماه «الحضارة الإسلامية الجديدة» ووعد المرشد الإيرانى، الإخوان، بأن المفكرين الإسلاميين الإيرانيين على استعداد لتقديم قدراتهم العلمية المتاحة للحكومة المصرية النبيلة. واللافت هنا أن خطاب خامنئى، جاء بعدما قطعت العلاقات المعلنة شوطا كبيرا، إذ جاء هذا الخطاب بعد أيام من استقبال الإخوان، للرئيس الإيرانى السابق أحمدى نجاد، بعد انقطاع دام 34 عاما، وسبق زيارة نجاد للقاهرة، زيارة مرسى إلى طهران، للمشاركة فى قمة عدم «الانحياز» التى عقدت فى شهر أغسطس 2012، كأول رئيس مصرى يزور إيران منذ عام 1979.

وفى خضم ثورة 25 يناير، وقبل أسبوع واحد من تنحى مبارك، ألقى «خامنئى» خطابا فى الرابع من فبراير عام 2011، قال فيه «إن ما يجرى فى مصر من ثورة ضد مبارك، يشبه تماما الثورة الإيرانية ضد شاه إيران، وعقب فوز مرسى فى الانتخابات الرئاسية كانت طهران من أول من قدم التهنئة، وربما ما احتوت عليه أوراق التحقيق فى قضية اقتحام السجون، ومشاركة عناصر من الحرس الثورى الإيرانى، وعناصر من حزب الله اللبنانى الموالى لإيران، إلى جانب عناصر من حركة حماس الموالية لإيران أيضا توضح أن مصر لم تكن بعيدة عن المطامع الإيرانية، فى ظل رغبة طهران المحمومة فى السيطرة على البحر الأحمر، وفرض قبضتها على مضيق باب المندب، والذى يمكن من خلاله التحكم والسيطرة على حركة الملاحة الدولية ونقل البترول، فضلا عن أن سيطرتها على البحر الأحمر تضمن لها حصار السعودية، من 3 جهات شرقا وجنوبا وغربا، وكذلك مناوشة مصر فى منطقة جنوب البحر الأحمر.

والسؤال هل كانت إيران ستعانى من إحباط تنفيذ هذه المخططات، لو ظلت جماعة الإخوان فى الحكم، ولم تقم ثورة 30 يونيو، من المؤكد أن الإجابة لا، وإلا ما كانت سمحت السلطات الإيرانية فى شهر مايو 2014، لأعضاء الإخوان بالتجمع فى ميدان «أزادى»، للتظاهر ضد عزل مرسى حاملين شعارات «رابعة»، فى حين أنه فى ذلك الوقت كان المصريون يقفون فى طوابير انتخابات الرئاسة التى ترشح فيها حمدين صباحى، والسيسى.






الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;