- النواب يشيدون بقرار "السيسى" برفض اعتماد الموازنة
أ- سامة هيكل: الرئيس بيراجع كل قراراته حتى لا يضع نفسه فى حرج أمام شعبه
- مصطفى بكرى: أتوقع إصدارها قبل انعقاد المجلس التشريعى
المفاجأة التى فجرها مسئول حكومى لـ"انفراد" بشأن رفض الرئيس عبد الفتاح السيسى، اعتماد الحساب الختامى لموازنة العام الماضى 2014/2015 وإعادتها لوزارة المالية لتعديلها قبل أيام قليلة من انعقاد البرلمان، فتحت باب التساؤلات حول مصير الحساب الختامى ودور مجلس النواب المقبل فى ضوء المادة (125) من الدستور، لاسيما أن الحساب الختامى للموازنة سيصدر بقانون.
وجاءت تفسيرات القانونيين للنص الدستورى الخاص باعتماد الحساب الختامى مختلفة، حيث انقسمت الآراء ما بين أن الرئيس عبد الفتاح السيسى هو من سيصدر الحساب الختامى لموازنة العام الماضى، حتى إذا انعقد مجلس النواب، وأن البرلمان المقبل غير معنى إطلاقاً بمناقشتها أو إقرارها أو إصدارها، فيما ذهب الفريق الآخر للتأكيد على أن إقرار الحساب الختامى للموازنة من حق البرلمان بمجرد انعقاده.
الفريق الأول، يمثله المستشار نور الدين على، الخبير القانونى، الذى قال: "إن الموازنة العامة للدولة والحساب الختامى أحد أدوات البرلمان الرقابية على الحكومة والأصل إنها أعمال سياسية برلمانية، إلا إن البرلمان فى هذا الوضع لن يناقش أو يقر الحساب الختامى وستكون سلطة للرئيس فقط".
وأضاف على لـ"انفراد"، أنه من غير المنطقى أن يناقش أو يقر البرلمان حساب ختامى لموازنة لم تعرض عليه بالأساس فالرقابة فى تلك الحاله منتفيه، لافتاً إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسى يمكن له أن يصدر قرار بقانون بالحساب الختامى لموازنة العام المالى 2014/2015 حتى فى حال انعقاد البرلمان، ولا غضاضة فى ذلك أو مخالفة دستورية.
فى المقابل، لفت إلى أن البرلمان من حقه مناقشة الحساب الختامى للعام المالى 2015/2016، وذلك تطبيقا للمادة الدستورية 125 التى تفيد بـوجوب عرض الحساب الختامى للموازنة العامة للدولة على مجلس النواب، خلال مدة لا تزيد على ستة أشهر من تاريخ انتهاء السنة المالية، ويعرض معه التقرير السنوى للجهاز المركزى للمحاسبات وملاحظاته على الحساب الختامى، وكذلك من شأنه مناقشة الموازنة العامة للدولة.
وهو أيضاً ما أكد عليه الفقيه الدستورى عصام الإسلامبولى، مشيراً إلى انه لا يحق للبرلمان مراجعة الحساب الختامى للسنوات الماضية خاصة أنها انتهت فى غيابه، لافتاً إلى أن حق البرلمان يتمثل فى مناقشة الموازنة الجديدة للدولة 2016/2017 وحسابها الختامى.
وأوضح الإسلامبولى، لـ"انفراد "أن الرئيس عبد الفتاح السيسى يحق له فى وجود البرلمان التصديق على الحساب الختامى للموازنة 2014-2015 خاصة أن الموازنة الخاصة بها اعتمدت فى غياب البرلمان، مشيراً إلى أنه لا حق للمجلس فى الاعتراض عليها إلا فى حالة واحدة فقط، وهى إذا تم الكشف عن أى واقعه فساد تتعلق بها.
أما الرأى الثانى، كان للدكتور صلاح فوزى، رئيس قسم القانون الدستورى بجامعة المنصورة وعضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعى، حيث يرى أن مناقشة واعتماد الحساب الختامى للموازنة اختصاص أصيل لمجلس النواب، وعدم اعتمادها قبل انعقاده يستوجب عرضها عليه.
وأشار فوزى إلى أن المجلس فى هذا الحالة عليه أن يناقش الحساب الختامى فى ضوء ملاحظات الجهاز المركزى لمحاسبات قبل اعتماده لها، ويجب مراعاتها.
وهو ما أيده النائب علاء عبد المنعم، عضو مجلس النواب عن ائتلاف دعم مصر، حيث قال إنه فى حال عدم إصدار الرئيس عبد الفتاح السيسى قرار بقانون بشأن الحساب الختامى للموازنة، فلا يحق له إصدارها بعد انعقاد المجلس، حيث يؤول الاختصاص فى هذا الأمر إلى المجلس التشريعى وفقا للنص الدستورى.
وأضاف عبد المنعم، أنه وفقا للدستور يجب عرض كافة القرارات بقوانين الصادرة فى غيبة البرلمان مما يعنى ان كافات الموازنات والحسابات الختامية ستعرض على البرلمان فور انعقاده، لافتاً إلى أنه فور ورود مشروع الحساب الختامى للبرلمان من شأنه أن يحال إلى لجنة الخطة والموازنة لإعداد تقرير تفصيلى حولها ثم يعرض على المجلس لمناقشته واخذ الرأى عليه.
وأشاد مصطفى بكرى، عضو مجلس النواب عن ائتلاف دعم مصر، بقرار الرئيس بإعادة الحساب الختامى للموازنة لوزارة المالية لتعديلها لوجود ملاحظات للجهاز المركزى للمحاسبات عليها، طالما كان لديه ملاحظات عليها ويرى إنها بحاجة للإصلاح، لافتاً إلى أنه يتوقع أن يصدر الرئيس قرار بقانون باعتماد الحساب الختامى خلال الأيام القليلة القادمة بعد معالجة أوجه القصور.
وقال بكرى لـ"انفراد": "فى اعتقادى أن الرئيس أمهل وزارة المالية مدة محددة للانتهاء من تعديل الحساب الختامى فى ضوء ملاحظات الجهاز المركزى، على أن يصدرها قبل انعقاد البرلمان، مضيفاً: "لا أعتقد أنه سيتم تأجيلها للعرض على البرلمان خاصة إن الموازنة الخاصة بها أقرت فى غيبة المجلس وأن البرلمان ربما ينعقد فى النصف الأول من شهر يناير".
من جانبه، يرى أسامة هيكل، عضو مجلس النواب عن ائتلاف دعم مصر، أن قرار الرئيس عبد الفتاح السيسى برفض التصديق على الحساب الختامى للموازنة العامة، يشير إلى مدى حرص الرئيس على التصدى لأى أخطاء قد تحدث داخل الدولة، قائلاً: "الرئيس بيراجع كل قراراته حتى لا يضع نفسه فى حرج أمام شعبه".
وأوضح هيكل، أن مجلس النواب من شأنه مناقشة الموازنة الجديدة فور ورودها للمجلس والمتوقع أن تكون فى شهر مارس، وذلك بعد إتمام جميع المهام المكلف بها مع أول انعقاد له.
وأعرب النائب شريف فخرى، عضو مجلس النواب عن قائمة فى حب مصر، عن سعادته برفض الرئيس للحساب الختامى للموازنة العامة المقدم إليه وإعادة إرسالها للمالية لتعديلها فى ضوء ملاحظات الجهاز المركزى للمحاسبات.
وطالب فخرى، رئيس الوزراء ووزير المالية باعتماد أسلوب جديد عند إعداد الموازنة الجديدة لتواكب خطط التنمية فى مصر وطموحات الرئيس بما يكفل تطوير الأداء الحكومى ووقف الهدر فى المصروفات بسبب الأسلوب الحالى لربط الموازنة، وأن يتوقف أعضاء البرلمان أمام الموازنة ليقرروا بشكل أساسى هل ستحقق تلك الموازنة بهذا الشكل خطة التنمية وتحافظ على المال العام وتشجع على المساءلة قبل أن يقوموا باستعراض الأرقام والنسب وطرحها للنقاش العام.
وأشار فخرى إلى أن البناء الأساسى للموازنة المصرية "معيب" ولم يحقق أهداف التنمية ولا طموحات الرئيس ولا التصنيف الدولى لمصر بناء على المؤشرات والمعايير الدولية وعلى رأسها معيار التنافسية العالمية، لافتاً إلى أن منشور الموازنة المصرية الصادر عن وزارة المالية مبنى على تقدير اعتمادات مالية لبنود و أبواب المصروفات دون ربطها بالمبادرات والبرامج والمشاريع الوطنية ومستوى إنجازها ومدى تحقيقها لأهدافها، وهو ما يؤدى لاستعجال صرف تلك الاعتمادات بأى شكل قبل نهاية السنة المالية بما يمثل هدرا للموارد الوطنية لعدم ربطها بأية نتائج.
وأوضح فخرى، أن الاتجاهات الحديثة لإعداد الموازنات تقضى بوجود "أجندة وطنية" تتضمن أهداف استراتيجية محددة لا تزيد عن خمسة أهداف تسعى الدولة لتحقيقها من خلال عدد من المبادرات التى يتم ترجمتها إلى مشاريع تعمل من خلال برامج وأنشطة محددة لتحقيق الأهداف الوطنية والاستراتيجية للدولة، ويتم قياس نتائج الأداء للوزارات والوحدات الإدارية دوريا من خلال مؤشرات الأداء التى تستند لنتائج فعلية عن تنفيذ المشاريع المدرجة بالموازنة، ومؤشرات الأداء هذه هى معايير تقييم الوزراء والمسئولين.
وأشار فخرى، إلى أن المدهش فى الأمر أن موازنات البرامج والأداء التى تتبعها الدول المتقدمة حاليا قد صدر قرار بتطبيقها فى مصر منذ عام 1964 أى قبل حوالى خمسين عاما، وذلك فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة آنذاك، الذى أصدر قراره بتطبيقها إلا أنها وللأسف ما زالت لم تطبق بالشكل الصحيح حتى الآن.