"عرضنا صفقة الأسلحة الأمريكية على الخمينى ووافق، وقال: خذوا منهم ما يكفى للحرب"،بتلك الكلمات روى الرئيس الإيرانى الأسبق الراحل أكبر هاشمى رفسنجانى ورئيس تشخيص مصلحة النظام، إدارته لأشهر صفقة بين الولايات المتحدة وإيران، أو ما عرفت بـ"إيران جيت أو فضيحة إيران كونترا"، لأن الرئيس الأمريكى رونالد ريجان استخدم أموال الصفقة وأرباحها فى تمويل سرى لحركة معارضة الثورة المعروفة بـ"الكونترا" التى كانت تحارب للإطاحة بالحكومة اليسارية وحزب "ساندينيستا" الذى كان يحكم نيكاراجوا.
ويحكى التاريخ أن صفقة كبرى تمت بعد الثورة الإسلامية، زودت فيها إدارة الرئيس الأمريكى ريجان خلال فترة ولايته الثانية إيران بالأسلحة، رغم قرار حظر بيع السلاح إلى طهران وفقا لعقوبات الأمم المتحدة، وتصنيف الإدارة الأمريكية لها "عدوة لأمريكا" و"راعية للإرهاب" ووصف الخمينى لها بـ "الشيطان الأكبر"، لكن الصفقة أثبتت أن السياسة فوق المبادئ.
وقبيل وفاته فتح رفسنجانى صندوقه الأسود فى مقابلة مع صحيفة شرق الإصلاحية، وتحدث عن الدور الذى لعبه لإتمام الصفقة، وكيف استضافت طهران وفود أمريكية بشكل سرى فى العام 1985م، حيث باعت الولايات المتحدة أسلحة أمريكية لطهران مقابل إطلاق سراح رهائن أمريكيين فى لبنان قيل أنهم كانوا محتجزين لدى حزب الله.
وكشف الرئيس الإيرانى الأسبق الذى وافته المنية مساء الأحد 8 يناير عن عمر يناهز 83، أن قيمة الأسلحة الأمريكية المرتفعة التى قامت طهران بشرائها عام 1985م كانت إحدى الأسباب التى كشفت أمر الصفقة السرية بين طهران والولايات المتحدة الأمريكية.
أمريكا عرضت على تاجر أسلحة إيرانى عقد الصفقة
وكشف رفسنجانى أن بلاده إبان الحرب الإيرانية العراقية كانت تشترى أسلحة أمريكية عبر وسطاء دون علم واشنطن، وقال الرئيس الإيرانى الأسبق الذى كان مسئول الحرب العراقية الإيرانية آنذاك، فى مقابلة لصحيفة شرق الإيرانية العام الماضى، "الولايات المتحدة الأمريكية عندما علمت أن تاجر أسلحة إيرانى يدعى "قربانى فر" يعيش فى أمريكا كان يبيع الأسلحة التى نحتاجها بأسعار مضاعفة فى سوق السلاح السوداء، عرضت علينا عبر هذا التاجر عقد صفقة بيع أسلحة لطهران مقابل إطلاق سراح رهائن أمريكيين فى لبنان".
وأوضح رفسنجانى أنه عرض الصفقة على الخمينى مؤسس الجمهورية الإسلامية وقائد الثورة آنذاك، وقبلها قال: "خذوا منهم ما يكفى للحرب".
وحول تسليم الصفقة روى رفسنجانى، أن "وفدا برئاسة روبرت مكفارلين، مستشار الأمن القومى للرئيس الأمريكى رونالد ريجان، سافر إلى طهران بجوازات سفر إيرانية، بحاوية مملوءة بالأسلحة التى طلبناها، لكن قادة طهران لم يكن لديهم علم بسفر وفد دبلوماسى رفيع، واعتقدوا أنه وفدا تجاريا سيأتى بلادهم، وقال "تفاجئنا بسفر مكفارلين".
وكشف رفسنجانى قبل وفاته أن الخمينى انزعج من الوفد وقال: "أمر الخمينى ألا نستضيفهم فى أماكن دبلوماسية وألا يلتقى بهم رؤساء فى طهران وأن يتم إنزالهم فى فندق"، وظل الوفد 3 أيام فى الفندق لإجراء مفاوضات مع "وردى نجاد" من استخبارات الحرس الثورى وأحد أفراد البرلمان، وكانت هناك مشكلات فى المفاوضات ولم تكن سهلة لكنهم رحلوا بعد 3 أيام، بحسب روايته.
طهران استبدلت الأسلحة "الإسرائيلية" بأمريكية
وقال رفسنجانى، إن روحانى مستشاره فى ذلك الوقت ذهب ليرى الأسلحة التى أحضرها الوفد الأمريكى، وعلم أن بها أسلحة "إسرائيلية" وقال تحفظنا عليها فى المطار وجاءت طائرة وحملتها وتم استبدلها.
الخمينى أمر بإعلان الصفقة على الشعب الإيرانى بعد أن كشفتها مجلة لبنانية
وقال رفسنجانى، إنه فى تلك الأثناء، شعرنا أن التاجر الإيرانى يبيع لنا الأسلحة الأمريكية بسعر باهظ، ولم نعط له باقى أموال الأسلحة، فشكى التاجر لآية الله منتظرى، ولم يكن منتظرى على علم بالصفقة، وهنا علمت مجلة الشراع اللبنانية بالخبر من منزل منتظرى وكشف أمر الصفقة وحدث ضجة كبيرة حولها، وقال رفسنجانى "أمرنى الخمينى بأن أروى ما حدث إلى الشعب الإيرانى".
ومن بين الأسلحة التى زودت بها الولايات المتحدة طهران، وحوالى 3 آلاف صاروخ من طراز "تاو" TOW، مضاد للدروع، وصواريخ هوك أرض جو مضادة للطائراتHAWK، قطع غيار طائرات "فانتوم" مضاد للدروع، كما كشف رفسنجانى أن طهران ساعدت حزب الله على العثور على الأمريكيين المحتجزين فى لبنان وفقا للصفقة السرية.