بعد اعلان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفاع معدل التضخم السنوي في مدن مصر إلى 24.3% في ديسمبر من 19.4% في نوفمبر الماضى، توقعت مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" البريطانية لللأبحاث والدراسات الاقتصادية، استمرار ارتفاع التضخم فى مصر خلال الشهور المقبلة، نتيجة تعويم العملة وخفض الدعم، مرجحة أن يضطر البنك المركزى إلى رفع أسعار الفائدة بمعدل 1.5% خلال النصف الأول من 2017، فى محاولة لتخفيف الضغوط التضخمية.
وفى مذكرة بحثية قالت "كابيتال إيكونوميكس"، إن هبوط الجنيه بنسبة 50% أمام الدولار وخفض الدعم مرة أخرى، دفعت التضخم فى مصر إلى ثانى أعلى مستوى له فى ربع قرن، وتحديدا منذ العام 1992، بعد منتصف 2008.
وأضافت المؤسسة، أن التضخم يعزى بشكل كبير إلى ضعف العملة المحلية بعد التعويم، مما أدى إلى ارتفاع قيمة الواردات فسارعت الشركات بتمرير تلك الضربة إلى المستهلكين لكن هناك سياسات أخرى- بخلاف التعويم- ساهمت فى زيادة ضغوط الأسعار، من بينها إعلان الحكومة عن رفع بعض الأسعار فى إطار جهودها لخفض الإنفاق على الدعم، بالإضافة إلى زيادة أسعار الوقود بنسبة 50% تقريبا، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة مؤخرا، وزيادة الرسوم الجمركية على مجموعة من السلع الرفاهية فى ديسمبر، وفقا للمؤسسة.
وتأتى هذه السياسات فى إطار خطة الإصلاح الاقتصادى التى تتبناها الحكومة وضمن بنود الاتفاق مع صندوق النقد الدولى للموافقة على قرض بقيمة 12 مليار دولار لمدة 3 سنوات.
وقالت "كابيتال إيكونوميكس"، إنها تتوقع زيادة أكبر فى معدلات التضخم خلال الشهور المقبلة ورغم قرار البنك المركز رفع أسعار الفائدة بنسبة 300 نقطة أساس (3%) دفعة واحدة عقب قرار التعويم فى محاول لمواجهة الضغوط التضخمية، رجحت المؤسسة أن صناع السياسات سيتفاجئون من سرعة وتيرة نمو التضخم.
وترى أن البنك المركزى قاوم تشديد السياسات أكثر من ذلك، لكنه من المرجح سيتراجع فى وقت قريب، متوقعة زيادة أسعار الفائدة بنسبة 1.5% خلال النصف الأول من العام الجارى، ليصل سعر الإيداع لليلة واحدة 16.25%.
وأبقى البنك المركزى فى اجتماع لجنة السياسات النقدية ديسمبر الماضى على أسعار الفائدة عند معدلاتها الحالية، ويبلغ العائد على الإيداع والإقراض لليلة واحدة 14.75% و15.75% على التوالى، و15.75% للعملية الرئيسية للبنك المركزى وسعر الائتمان والخصم عند 15.25%.
وثمة مخاوف من زيادة أسعار الفائدة عن معدلاتها الحالية، نظرا لخطورة ذلك على فرص الائتمان أمام القطاع الخاص، الذى يعانى بالفعل من ارتفاع تكلفة الاقتراض فضلا عن مزاحمة الحكومة فى استغلال سيولة الجهاز المصرفى، علاوة على ارتفاع تكلفة استيراد المواد الخام بعد التعويم.
ورغم ذلك، يرى محللون أنه ربما يكون لدى "المركزى" مبررات ودافع لزيادة أسعار الفائدة، وفى مقدمتها محاربة التضخم والدولرة - اكتناز الدولار- وأيضا التوقعات برفع الفائدة الأمريكية عدة مرات خلال 2017، لكن قد يتمهل خوفا من زيادة فاتورة خدمة الدين الحكومى فى ظل محاولات إصلاحية جادة، لخفض عجز الموازنة.