اجتمعت الدول الإفريقية والتجمعات الاقتصادية الإقليمية بالاتحاد الإفريقى، التى حضرت قمة فاليتا المعنية بالهجرة فى شهر نوفمبر 2015، فى الغردقة - مصر فى 10-11 يناير الجارى للمناقشة والتحضير لاجتماع كبار المسئولين حول مجريات تنفيذ خطة عمل فاليتا المشتركة، المقرر عقده فى مالطا خلال شهر فبراير المقبل.
واكد السفير هشام بدر مساعد وزير الخارجية للشئون متعددة الأطراف والأمن الدولى أن مصر استضافت الاجتماع بوصفها الرئيس الحالى لمبادرة الاتحاد الإفريقى والقرن الإفريقى حول مسارات الهجرة، وذلك بالتنسيق مع الأمانة العامة للمبادرة (مفوضية الاتحاد الإفريقى، ومنظمة الهجرة الدولية، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)، وذلك فى ضوء القرارات المعنية بتعزيز جهود التآزر بين مختلف العمليات المتعلقة بالهجرة وتشمل مبادرة الاتحاد الإفريقى والقرن الإفريقى حول مسارات الهجرة، وعملية الخرطوم، وعملية الرباط.
ووفقا لمساعد وزير الخارجية فقد أعرب المشاركون عن بالغ تقديرهم لما بذلته مصر من جهود لاستضافة المؤتمر، وما أظهرته من حسن الاستقبال وكرم الضيافة، معربين عن تقديرهم لمفوضية الاتحاد الإفريقى وأمانة المبادرة لتقديمهما ملخص بالاستنتاجات والتوصيات التالية.
وأكد السفير بدر أن الاجتماع خرج بمجموعة من التوصيات هى أن تحديد معظم المشروعات لا يأخذ احتياجات الدول الأعضاء فى الاعتبار، أو لا يشركها فى العملية، داعين لان تكون المشروعات مستدامة، وأن يكون للحكومات دور رئيسى فى التقرير بشأنها، وفى الإسراع فى وتيرتها، وإدارتها، وتنفيذها.
وشدد المشاركون على مراعاة المبادرات القارية الأخرى ودعمها؛ مثل حرية حركة الأشخاص والبرنامج المشترك لهجرة العمالة، مشيرة إلى أن قضية الهجرة الشرعية وتيسير إجراءات استخراج التأشيرات بحاجة أن يوليها الطرف الاوروبى اهتمامه العاجل، كى يصبح الحصول عليها أكثر يسرا وأسرع وميسور التكلفة للجميع، داعين الدول الإفريقية لممارسة الضغط للانضمام إلى عضوية مجلس الصندوق الاستئمانى لحالات الطوارئ، ولتزويد الدول الأعضاء بالأموال بصورة مباشرة، على النحو المتفق عليه، حيث إنها فى وضع أفضل يؤهلها لإدارة هذه المخصصات، بما يعمل على تنفيذ أولوياتها الوطنية، مشددين على أهمية أن تركز الجهود الإفريقية على التصدى للأسباب الجذرية.
ودعا المشاركون للاستفسار من الاتحاد الأوروبى إذا ما قد تم التواصل بشأن خطة الاستثمار الخارجية التى اقترحها الاتحاد للتصدى لتحديات الهجرة، بالتشاور مع البلدان الإفريقية، مؤكدين على أهمية التوفيق بين جميع السياسات ذات الصلة والخاصة بالاتحاد الإفريقى (سياسات الهجرة لعام 2006.)
واوضح المشاركون أن ما أعربت عنه الدول الإفريقية قد يشكل "موقفا إفريقيا موحدا"، ويجب أن تسهم وجهات النظر المطروحة فى المناقشات فى بروكسل، وأن تُطرَح فى اجتماع كبار المسئولين الذى سينعقد فى مالطا، فى 8 و9 فبراير المقبل
وحول نتائج الاجتماع ومجريات تنفيذ خطة عمل فاليتا وصندوق ائتمان الاتحاد الأوروبى، أكد المشاركون انه بعد مرور عام على انعقاد قمة فاليتا فى نوفمبر 2015، بات تنفيذ خطة عمل فاليتا والانتفاع من مزايا صندوق ائتمان الاتحاد الأوروبى محبطا ويواجه العديد من التحديات. يفتقر تنفيذ خطة عمل فاليتا مبدئى الإنصاف والنسبية فى الاهتمام بالفصول المختلفة، وكذا النوافذ المختلفة تحت صندوق ائتمان الاتحاد الإفريقى.
وأوضح المشاركون انه عقب إبداء إفريقيا اعتراضها على سياسة "المزيد مقابل المزيد"، أصبح يُنظر إليها الآن على أنها شكل من أشكال "العهود الدولية الخاصة" التى تركز فى المقام الأول على العودة غير الطوعية، وذلك على نقيض ما جاء فى نص وروح إعلان فاليتا والموقف الإفريقى فى هذا الصدد.
من دواعى القلق أيضا أن المشروطية لا تزال سارية بغض النظر عن موقف إفريقيا منها أثناء مفاوضات فاليتا.
وأشار المشاركون عن توجه أوروبى مقلق يسعى إلى إعادة المهاجرين، وخاصةً بما ينال من الهجرة والتنمية فقد شرعت العديد من الدول الأوروبية فى تنفيذ سياسة الإعادة، فى حين اتخذت دول أخرى تدابير أمنية وعسكرية لوقاية نفسها من تدفقات الهجرة المحتملة إلى الداخل، إضافة لتعطل استفادة نافذة شمال إفريقيا، وكانت الأموال المخصصة لها محدودة للغاية. والأمر نفسه يشغل دول غرب وشرق إفريقيا.
وأكد المشاركون أن الدول الإفريقية لا يتم الرجوع لها واستشارتها فى المحتوى النهائى للمشروعات المقدمة لها وشكلها، وهذا ما يتحدى مبدأ الملكية الوطنية وضرورة توضيح أولويات الدول المستفيدة واحتياجاتها، مشيرين لوجود توافق كبير حول وجود حاجة ملحة لمعالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر بفعالية، حيث أن هذا النهج هو الأكثر استدامة فى هذا الصدد، داعين لعدم وضع معالجة الأسباب الجذرية، بما فى ذلك النزاعات المسلحة والعوامل الاجتماعية والاقتصادية، على قائمة الأولويات إلى الشعور بالقلق.
وكشف المشاركون عن فجوة كبيرة بين خطة عمل فاليتا وعمليات صندوق ائتمان الاتحاد الأوروبى بحيث تفتقر الأطراف الخارجية غير الإفريقية التى تتولى التنفيذ إلى فهم الوضع الراهن على أرض الواقع، بما فى ذلك القضايا المحيطة بإمكانية الدخول بسبب الوضع الأمنى وتُستنفد موارد ضخمة فى عمليات التقييم، وذلك فى ضوء الاستعانة بوكالات أوروبية وخبراء أوربيين فى عمليات التقييم والتنفيذ، ما يؤدى إلى إعادة أموال الصندوق إلى أوروبا.
وكشف المشاركون عن وجود حالة من القلق حيال القيود المتزايدة المفروضة على حرية الحركة وقدرة الأشخاص على التنقل، بما فى ذلك لم شمل الأسر وطالبى اللجوء القادمين من إفريقيا، وسبل الوصول إلى إجراءات اللجوء، مشيرين للالتزامات الواردة فى إعلان نيويورك من أجل اللاجئين والمهاجرين، موضحين أن العمليات الإقليمية التى تم تقديمها فى هذا الاجتماع يمكن أن تكون منبرا للمشاورات والحوار فى تطوير الاتفاق العالمى من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والقانونية، والاتفاق العالمى بشأن تقاسم المسؤولية عن اللاجئين، اللذين من المقرر اعتمادهما فى عام 2018.
وبحسب مساعد وزير الخارجية، أكد المشاركون أن مجريات تنفيذ خطة عمل فاليتا تشهد ركودًا فى الوقت الراهن. وتعكس إدارة الخطة، فى معظم الأحيان، الاحتياجات والاهتمامات الأوروبية بدلًا من نظيراتها الإفريقية، داعين لوضع التغيرات الجديدة الهامة فى الاعتبار، بما فى ذلك خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى (البريكست)، والانتخابات الأمريكية، والأمين العام الجديد للأمم المتحدة، بالإضافة إلى التطورات السياسية التى تشهدها أوروبا – وتتمثل فى التحول نحو اليمين المتطرف، مؤكدين أن نتائج الانتخابات المقبلة فى عدد من الدول الأوروبية ستؤثر على موقف الاتحاد الأوروبى من الهجرة، داعين لدراسة مدى تأثير ذلك كله على موقف إفريقيا فى المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي.
وأكد المشاركون أن الاتحاد الأوروبى لم يبد الحرص الكافى على التعاون مع إفريقيا فى معالجة القضايا المتعلقة بالهجرة فى سياق التنمية، بل اتجه إلى الاستجابة لحالات الطوارئ، مؤكدة رغبتها فى مشاركة الاتحاد الأوروبى فى معالجة الأسباب الجذرية فى مقابل النهج غير الفعال وغير المستدام المتمثل فى التركيز على تدابير قصيرة الأجل، بما فى ذلك العودة.
وأكد السفير هشام بدر أن المشاركون أكدوا الحاجة إلى اتباع نهج متوازن فى تنفيذ خطة عمل فاليتا لضمان تحقيق تقدم متواز على مستوى الركائز الخمسة المختلفة، على أن يسترشد بحوار سليم، وشفاف، وشامل، ومتكرر.
وأكدوا أن المعايير(الصياغات الأوروبية ) تتعارض فى بعض الأحيان مع اللوائح والإجراءات الوطنية للدول الإفريقية، داعين لاشراك وزارات الخارجية والوزارات التنفيذية المعنية فى التفاوض على المشروعات، قبل التقرير بشأنها، وكذا التفاوض على أهمية دور الحكومات فى تطبيق المشروعات.
وأكد المشاركون أن التبادل الحالى للمعلومات أحادى الجانب، بما يحقق الصالح لأوروبا. فى حين أن الدول الأعضاء الإفريقية هى الأخرى فى حاجة إلى المعلومات، خاصةً فيما يتعلق بشبكات الجريمة المنظمة العابرة للحدود، داعين لإيجاد ديناميكيات للمشاورات، وتعزيز تبادل وجهات النظر، وتبادل المعلومات فيما بين البلدان الإفريقية.
واكد المشاركون أن البيروقراطية المعقدة تعيق تنفيذ ركائز خطة العمل والمشروعات ذات الصلة، مشيرين لضعف مستوى الحماية الممنوحة للمهاجرين الأفارقة فى أوروبا، بما يتعارض مع الأحكام الواردة فى الصكوك الدولية القائمة، داعين لتقديم ما يحفز على العودة الطوعية، وتوفير حزم مساعدات مستدامة للعائدين وكذا للمجتمعات المحلية المحيطة بهم، أن يعتمد تحديد جنسيات العائدين على وثائق الهوية الوطنية فقط، وعبر السلطات الوطنية المعنية، عدم قبول المواطنين من بلد ثالث على أنهم عائدين.