أحلام عشرات من الشباب فى الالتحاق بالوظائف الحكومية، جعلتهم فريسة سهلة المنال في يد النصابين، فما أن أعلن شخص قدرته على إيجاد فرص عمل فى القطاع الحكومي للشباب، حتى تبار عليه العشرات من القاهرة والمحافظات، أملاً في الحصول على وظيفة تدر عليهم دخلاً ثابتاً شهرياً.
غير أن أحلام الشباب فى الانضمام إلى الجهاز الإداري للدولة سرعان ما تحولت لسراب، عندما اكتشفوا أنهم وقعوا فريسة لـ"نصاب"، استولى على "تحويشة العمر"، وباع لهم الوهم، من خلال عقود وهمية سلمها لهم، وأقنعهم أنها أوراق أولية لتعيينهم فى الوزارات والهيئات الحكومية.
433 قصة حزينة سجلتها محاضر مباحث الأموال العامة، من شباب سلم عقله لــ"نصاب" أملاً فى مستقبل أفضل، حيث قرر بعضهم الاقتراض من أجل جمع الآلاف لتقديمها للمتهم كدفعة أولى قبل التعيين المزعوم في الحكومة، ومنهم من باع "ذهب" زوجته، فيما لم يجد آخرون سوى الأراضى الزراعية فى الأقاليم لبيعها للحصول على ثمنها وتقديمه "عربون" لـ"النصاب" لإدراج أسمائهم فى الوظائف الحكومية.
الضحايا قالوا فى المحاضر إن المتهم لم يكتف بجمع المال منهم لتعيينهم فى المؤسسات الحكومية، وإنما حصل من بعضهم على جنيهات ذهبية، وايصالات أمانة على بياض، ليكتشف 433 شابا أنهم وقعوا فريسة لنصاب استولى على 2.5 مليون جنيه وهرب بها من مقر مكتبه الوهمي بالقاهرة.
الضحايا أكدوا أمام مباحث الأموال العامة أنهم اقترضوا الأموال من أجل الوظيفة، فمنهم من حرر إيصالات أمانة على بياض على نفسه، ومنهم من لجأ للبنوك للاقتراض، فضلاً عن لجوء البعض لبيع الأجهزة الكهربائية بشقته للحصول على ثمنها وسدادها للمتهم كدفعة أولى من المقدم فى سبيل الحصول على الوظيفة التى وعدهم بها، كما باع معظمهم مجوهرات زوجاتهم، حتى يحصلوا على ثمنها ويقدموه للمتهم، الذي أسرف في وعوده بسرعة ضمهم للوظائف الحكومية.
الضحايا أوضحوا كذلك أن المحررات التى كان المتهم يعطيها لهم والعقود المزيلة بـ"ختم شعار الجمهورية" كل ذلك كان يطفي صبغة الجدية لدى النصاب، لكنهم سرعان ما اكتشفوا أن كل ذلك مزور ومزيف، من أجل الحصول على مزيد من المال.
هروب المتهم، أصاب الضحايا بالصدمة، لتكون الشرطة هى الملاذ الأخير لهم للحصول على حقوقهم المالية التى استحوذ عليها المتهم الهارب، حيث حرروا عدة محاضر بالادارة العامة للأموال العامة ضده.
بدأت الأجهزة الأمنية تحركات سريعة لملاحقة المتهم، حيث توصلت معلوماتها الأولية إلى أن المتهم " أ . م "مقيم بالقـاهرة وسبق اتهامه فى قضيتى " نصـب " ، وهارب من 11 قضية " تبـديد – نصب " بلغت مدتها 15 عـاما، وأن العقود والأوراق التى سلمها للضحايا تبين أنها مزورة.
وحصرت الأجهزة الأمنية الأماكن التى يتردد عليها المتهم، ونجحت فى ضبطه بإحداها، ولم يجد المتهم سبيلاً سوى الاعتراف تفصيلياً بجرائمه، مؤكداً أنه استغل سذاجة البسطاء.
وأكد المتهم، أنه استأجر مكتبا وهميا فى القاهرة لمقابلة ضحاياه فيه، واستطاع خلال وقت زمني قصير جمع ملايين الجنيهات من الضحايا الذين تباروا عليه من الصعيد والدلتا، ثم لاذ بالهرب حتى تم القبض عليه.
وبتفتيش جهاز المحمول الخاص بالمتهم، عثر بداخله على العديد من الرسائل النصية بينه وضحاياه ومطالبتهم لهم بمبالغ مالية نظير تعيينهم، وتم ضبط كمية من القصـاصـات الورقية مثبت بها بيانـات 433 مـواطن والمبـالغ الـمالية التى تمـكن من الاستيلاء عليها، فتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة ، والعرض على النيابة التى باشرت التحقيق وقررت حبسه 4 أيام على ذمة التحقيقات .