لا يخفى على أحد من المتابعين أن هناك صداما قويا بين الرئيس المنتخب دونالد ترامب والإعلام الأمريكى، فالعلاقة بينهما متوترة للغاية منذ الحملة الانتخابية. الإعلام من جانبه وقف ضد ترامب بقوة وأعلن تأييده صراحة لمنافسته هيلارى كلينتون وشن حملات عديدة ضده بنشر تقارير عديدة عن فضائحه الجنسية وتلاعبه بالضرائب. أما ترامب، إمبراطور العقارات ونجم تلفزيون الواقع السابق، فلم يحاول بدوره مداهنة أساطير الإعلام أو يخفف التوتر بل هاجم بقوة.
وبدا هذا واضحا للغاية فى المؤتمر الصحفى الأول لترامب منذ فوزه، والذى عقد يوم الأربعاء الماضى، فكان مشهد رفض ترامب الاستماع لسؤال مراسل شبكة "سى إن إن" تجسيدا لهذه الحقيقة، ووصف الشبكة الأمريكية الأكبر بأنها تنشر أخبارا كاذبة، فى إشارة إلى ما يتعلق بملف روسيا الذى يتضمن معلومات خاصة عن ترامب قيل إن من جمعها عملاء روس من أجل ابتزازه، ووصف موقع بازفيد الإخبارى بأنه "كومة من القمامة".
صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تحدثت فى تقرير لها اليوم، الجمعة، عن حاجة الإعلام لاستراتيجية جديدة للتعامل مع ترامب، وقالت إن هناك درسين مستفادين مما حدث يوم الأربعاء، الأول أن ترامب يظل متفوقا فى مناورة الإعلام، واستغل أول مؤتمر صحفى له منذ يوليو الماضى لنزع الشرعية بخبرة عن الإعلام وجعله هو القصة الأساسية، وليس دوامة الأسئلة الأخلاقية التى تبتلع مرحلة انتقال السلطة له.
والأمر الثانى أن وسائل الإعلام لا تزال شريكا دون قصد فى التقليل من شأنها مع فشلها فى التعامل مع الكيفية التى ستغطى بها هذا الرئيس الجديد وغير المسبوق على الإطلاق.
وترى الصحيفة أن من الأفضل استكشاف الأمر سريعا لأن الإعلام وجد نفسه على حافة الهاوية، والديمقراطية الأمريكية التى لا تزال قائمة تحتاج لأن تظل على الجانب الصحيح.
وتقول نيويورك تايمز إن على الصحفيين أن يعرفوا أن ترامب سيلعب بالورقة الرابحة، وأن الوقت قد حان لأن يقبلوا بالأمور التى لن يستطيعوا تغييرها، وأن يجدوا الجرأة لتغيير ما يمكنهم بالشكل الصحيح وليس الخاطئ.
وتابعت:" نظرا لسلوك ترامب فى الماضى، لم يكن هناك شك تقريبا بأنه سيواصل نهجه فى المؤتمر الذى عقد يوم الأربعاء، فالأمر تعلق بالعاطفة إن لم يكن بالضرورة الاستراتجية. لكن موقع بازفيد سلمه قضبانا حديديا قبل ساعات من المؤتمر بنشره الملف الملىء بالتقارير التى لا أساس لها من الصحة عن ترامب والتى قيل إن من جمعها عملاء روس من أجل ابتزاز الرئيس المنتخب".
و"قال بازفيد إنه ينشر الملف كامل حتى يستطيع الأمريكيون أن يحكموا على المزاعم التى تم تداولها عن الرئيس المنتخب على أعلى المستويات داخل الحكومة. وكان نهج بازفيد تحت قادة رئيس تحريره بين سميث هو النشر أولا ثم البحث عن إجابات فيما بعد".
وتشير نيويورك تايمز إلى أن انقسام "سى إن إن" وبازفيد، واختلافهما حول نشر التقرير من عدمه، موضحة أن "سى إن إن" فضلت عدم النشر، مما كان له أثر فى تعزيز موقف الصحفيين بشكل أقوى.
واختتمت الصحيفة قائلة:" أما عن الصحفيين الذين حصلوا على وعود بإجابة ترامب على أسئلتهم، فربما يحين دورهم المرة القادمة، وسيتعين عليهم أن يقرروا مدى رغبتهم فى الالتزام بقرار ترامب باستبعاد زملائهم الذين لا يرضى عن تغطيتهم".