أكَّد المهندس طارق النبراوى، نقيب المهندسين، أن المناطق العشوائية فى مصر نشأت نتيجة لسوء التخطيط العمرانى، منذ أكثر من 40 عاما، والذى كان ينقصه وجود تخطيط جيد للاستفادة من المناطق الصحراوية الموجودة فى عموم الجمهورية، ونقل الكثافات السكانية بشكل مخطط وجيد لها، وتوقف الفكر عند التوسع حول نفس المدن القائمة وحل المشاكل داخلها، بجانب إنفاق أموال طائلة لتعديل المرافق لتتواكب مع الأوضاع الموجودة، لافتا إلى أن ذلك كله أدى إلى الأزمة الحالية، من نمو للعشوائيات واستهلاك للأراضى الزراعية.
وأضاف النبراوى، فى حواره لـ"انفراد"، أنه مع التوسع فى اتجاه الشرق لمدينة نصر، لتخفيف الضغط على محافظة القاهرة، "استسهلت" الإدارات المتعاقبة الأمر حتى أصبحت مدينة نصر الآن من أكبر المدن التى بها شبهة عشوائية، وأصبح لا يوجد مدن جديدة يتم بنائها، إلا بعض المدن الصناعية والتى نتيجة لعدم استكمال مرافقها الأساسية أصبحت غير جاذبة لانتقال المواطنين لها، مما أدى إلى تحول أطراف القاهرة والإسكندرية والمنصورة وطنطا إلى مناطق عشوائية، وأصبحت أسعار تلك المناطق رغم عشوائيتها ليست رخيصة نتيجة هذا الأمر.
وتابع نقيب المهندسين: "وسنظل نكرر نفس الأخطاء، فمثلا القاهرة طبقا للإحصائيات فإنها أثناء النهار يتعد عدد الموجودين بها 23 مليون مواطن، مما يعنى أن 25% من سكان مصر يقيمون بها، وهى إحصائية لا توجد فى أى دولة فى العالم كله، فنيودلهى ليس بها ربع عدد سكان الهند، وبكين لا تضم ربع سكان الصين، لذا لابد أن تفكر الدولة فى إعداد مدن جديدة جاهزة لنقل الناس إليها، على نهج التخطيط لتحويل مدينتى العلميين والسادات إلى مدن مليونية، هو توجه إيجابى لكنه ليس كافى، لابد من توجيه الاستثمارات لتوسيع المدن لاستيعاب معدل الزيادة السكانية الكبير، والتى يتم توفير الخدمات والمرافق كاملة من زراعة وصناعة وأماكن للتنزه والنوادى، لجذب المواطنين لها، ودون ذلك فهو "ترقيع" للمشكلة.
وأشار إلى أن محافظة القاهرة، حاليا أصبحت لا يناسبها المترو أو شق الطرق الجديدة، مضيفا: "سوء التخطيط ينعكس أيضا على الطرق، فطريق السويس تم توسعته مرتين فى غضون 3 سنوات، ولازال مغلق حتى الآن، وطريق اسكندرية الصحراوى خلال عامين سنجده مزدحم بشكل كبير جدا، وأفكار مدن 6 أكتوبر والشروق والقاهرة الجديدة تحولت من وسائل تخفيف الضغط من على القاهرة، إلى أحد أسباب الضغط عليها".
من ناحية أخرى، أكد أنه بعد منح النقابة الضبطية القضائية منذ عام، وجدت النقابة خلال تلك الفترة مخالفات فى كل المحافظات، أبرزها التزوير فى شهادات الإشراف، والإشراف على المبان من قبل حاصلين على شهادات وهمية، بالتواطؤ بين المالك والوحدة المحلية، مشيرا إلى أن النقابة اتخذت قرار بإحالة المخالفات الكبيرة للنيابة العامة، ولن تكون مسئولية النقابة، موضحا أن الضبطية القضائية فى الفترة الماضية اقتصرت على التيقن من التراخيص الصادرة للمنشآت الجديدة وأنها مستوفاة للشروط القانونية، وفى القترة المقبلة ستكون للتأكد من بناء المنشآت بطريقة هندسية مضبوطة، وفى حال وجود خلل سيتم اتخاذ اللازم حيال ذلك.
ولفت إلى أن النقابة بدأت فى إصدار شهادات للإشراف جديدة، غير قابلة للتزوير نهائيا، حيث تم التعاقد مع شركة لتوريد الأوراق اللازمة، والطباعة ستكون عليها، قائلا: "لن تكون هناك شهادة مزورة على الإطلاق، وتلك الشهادات ستقضى على أن يتم إنشاء أى منشأ دون وجود إشراف هندسى عليه"، موضحا أن انتشار صور لعمارات ومنشآت مائلة وغير سليمة هندسيا جاء نتيجة لعدم متابعة الإدارات المحلية لعمليات البناء، وعدم وجود إشراف هندسى على التنفيذ، بالإضافة إلى أن هناك جزء كبير من الإنشاءات التى تتم تكون دون ترخيص.
وأوضح أن النقابة ستتصدى لتلك الظاهرة، وذلك من خلال بروتوكول تم عقده مع وزارة الإسكان، ويتم تنفيذه من قلب النقابة وجهاز التفتيش، على 3 مراحل، الأولى أن كل مبنى يكون له ملف خاص به، والثانية التأكد من وجود مهندس للإشراف بشكل حقيقى على المنشأة، والأخيرة خاصة بالخامات واستخدامها، ومراجعة اللوحات فى المواقع، مؤكدا أنه بتطبيق تلك الخطوات لن يكون هناك منشأ يتم بناءه بطريقه غير آمنة أو بها أخطاء هندسية.
وحول أسباب توافق لجنة الإسكان بمجلس النواب، مع نقابة المهندسين، حول تعديلات قانون البناء الموحد رقم 119 لعام 2008، لسحب التراخيص من الوحدات المحلية، قال نقيب المهندسين:"لدينا مشكلة كبيرة فى المحليات وإصدارها للتراخيص، حيث أنها تفتقد وجود مهندسين مؤهلين بدرجة كبيرة، بجانب أن المحليات مرتباتها محدودة للغاية، وبالتالى أدائهم يشوبه نوع من الإحساس بعدم الحصول على حقهم، هناك وحدات محلية خالية من المهندسين من الأساس، وتعتمد على مدير مكتب حاصل على مؤهل متوسط أو مؤهل حصل عليه بالخبرة".
وقال: "إننا نريد أن نسير مثل العالم كله، فلا يوجد إدارة محلية تتولى منح التراخيص، فقط المكاتب الاستشارية المتخصصة، كل حسب المنشأ الذى سيحصل على الرخصة، ويتابع إجراءاته ويكون مسئول عنه أمام الدولة والنقابة"، مشيرا إلى أن جلسات لجنة الإسكان تسير بشكل جيد، وتشارك النقابة بها ممثلة فى المهندس محمد النمر وكيل النقابة، ومن المنتظر صدور تعديلات قانون البناء قريبا، والذى سيوفر على المحليات وقت كبير يمكن أن تستغله فى أمور أخرى، والمكتب الاستشارى مكتب مسئول وله سمعة وأعمال متعددة ومر باختبارات محددة فى النقابة، وبالتالى المكتب الذى سيخل بالتزاماته سيتم اتخاذ إجراءات ضده، وأى خطأ سيحاسب ويتم وقف أعماله، بجانب إجراء تقييمات دورية له، وسنصل إلى صياغة ترضى الجميع وتحقق نقلة هندسية للبلد".
وأوضح أن النقابة فى إطار مشاركتها بتعديلات قانون البناء، فإنه جار حاليا من خلال لجنة برئاسة الدكتور أبو زيد راجح رئيس المركز القومى لبحوث الإسكان السابق، إجراء تعديلات على كود أخلاقيات المهنة، والذى صدر منذ سنوات من مركز بحوث البناء، لإضافة عقوبات للمخطئين أو من لم يلتزم به، وبمجرد انتهاء تقريرها سيتم مراجعته وتطبيقه بالإضافة التى تمت به.
فى سياق آخر، شدد نقيب المهندسين، على رفض النقابة للمركز الاستشارية بالجامعات بشكلها الحالى، بعدما تسبب أحدها فى سقوط كوبرى سوهاج بعد إسناد عملية الإنشاء له، لافتا إلى أن النقابة أجرت حوار مع مسئولين بالجامعات عن تلك المراكز، ومن المنتظر أن قرار فى الفترة القريبة المقبلة لكيفية اعتماد تلك الوحدات الاستشارية، وتحديد شخصية استشارية مسئولة عن كل وحدة خاصة بالجامعات، والموافقة على القيام بمشروعات تكون مرتبطة بوجود هذا الشخص، لتفادى تكرار أى حوادث.
وفيما يتعلق بالكليات والمعاهد الهندسية، قال: "النقابة لديها وجهة نظر ثابتة فى مستوى تعليم المهندس، وخلافنا مع وزارة التعليم العالى نتيجة لأنها ترى أن القانون يمنع النقابة من التدخل فى إجراء اختبار أو ما شابه، لكننا نؤكد أن هذا الأمر لابد منه، حيث لا يوجد أى مكان أخر يقيس مستوى خريجى الكليات والمعاهد، ونحن لا نريد الإعلان عن أن مؤسسة تعليمية أفضل من الأخرى، لكن مخرجات التعليم بها مشكلة، وبالتالى نحن كنقابة لا يمكن أن نظل صامتين، والاختبار مجانى ومحلى وسيتم وضعه وينفذ من قبل أساتذة مصريين على أعلى مستوى".
واستطرد:"القرار فى صالح مصر والمهندسين القدامى والجدد، فالجدد يواجهون اتهامات من الخارج، ومن الشركات الضخمة فى مصر بضعف المستوى، وهى اتهامات خطيرة، لابد من وجود جهة ترد على تلك الاتهامات بأنها باطلة، وستكون نقابة المهندسين هى تلك الجهة بعد إجراء ذلك الاختبار، ونذكر الوزارة أنها لجأت للنقابة لحل مشكلة عدم تسجيل المهندسين المصريين فى السعودية والكويت والتى بدأت ومازالت مستمرة ومن المتوقع أن تصل إلى درجة خطيرة، والقانون يعطينا هذا الحق، طبقا للمادة 2 من القانون رقم 66 لسنة 74، والتى نصت على أنه من هدف إنشاء النقابة الارتقاء بالمستوى العلمى والمهنى للمهندسين والمحافظة على كرامة المهنة ووضع وتطبيق الأسس الكفيلة بتنظيم ممارسة المهنة وأداء أعضاء النقابة لواجباتهم فى خدمة البلد ومراقبة تنفيذها، بخلاف وجود تعديلات على القانون مقدمة لمجلس النواب، وتم عرضها على المجلس الرئاسى للتعليم ووافق عليها، وهى أن يكون هناك اختبار فى كل المهن من النقابات قبل التسجيل بها".
وأضاف: "النقابة مسئولة عن المستوى العلمى للمهندسين، وتصورنا فى التحقق من هذا المستوى هو أن يتم إجراء هذا الاختبار، إما من لديه رغبة فى تحريك قضية لشعوره بالقلق من إجراء اختبار فهى قضية خاصة به، وليس بجميع المهندسين، ومن لن يتخط الامتحان على المعهد أو الكلية المعنيين بالخريج مراجعة نظام التعليم به، وتصويب إجراءاتهم التعليمية، وهذا الاختبار لن يكون قطع رقبة، وسيتم تكراره شهريا، ومن لم يجتاز الاختبار يمكنه دخول غيره"، لافتا إلى أن كافة الكليات والمعاهد حاليا معتمده لدى النقابة.
وأشار إلى أن أحد مطالب النقابة هو وقف إصدار تراخيص جديدة للمعاهد الخاصة، والحد من أعداد القبول بالكليات والمعاهد الهندسية، مؤكدا أن إيجاد بدائل لاستيعاب أعداد خريجى الثانوية العامة أمر لا يخص نقابة المهندسين، وأنها فقط معنية بأن يكون مستوى الطالب يسمح له بدراسة الهندسة، وإتاحة مستوى جيد من الدراسة بالجامعة، وتوفير هيئة تدريس متوافقة مع المتطلبات، ومعامل وورش تسمح بتدريب جيد، لافتا إلى أن النقابة تسعى لتطبيق الاختبار بدءا من العام المقبل.
واتهم نقيب المهندسين الحكومة، بالتراخى حيال تطبيق الكادر الخاص بالمهندسين، مؤكدا أن النقابة مستمرة فى التواصل مع اللجنة التى تم تشكيلها بقرار من رئيس الوزراء، وتركز على زيادة بدل التفرغ، مشيرا إلى أن النقابة حركت دعوى بالقضاء الإدارى لإلزام الحكومة بتعديل بدل التفرغ ليكون وفقا لأول مربوط بالمرتب.