نشرت صحيفة الجارديان تقريرا اليوم الأحد يرصد تحركات الرئيس الروسى "فلاديمير بوتين" فى الساحة الدولية خلال الأعوام الماضية لإعادة فرض نفوذ موسكو ومجابهتها القوى الدولية التقليدية متمثلة فى الولايات المتحدة ودول الغرب الأوروبى.
تصريحاتميت رومنى ضد روسيا
تطرق التقرير فى بدايته إلى تصريحات المرشح الجمهورى السابق فى انتخابات الولايات المتحدة الأمريكية عام 2012 "ميت رومنى"، ففى إحدى المؤتمرات الصحفية قال "رومنى" أن روسيا هى العدو الأول للولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذى استدعى سخرية خصمه آنذاك الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته "باراك أوباما"، بقوله أن "رومنى" لا يزال يعيش بعقلية حقبة الحرب الباردة، مؤكدا أن روسيا ليست العدو الأول للولايات المتحدة، فالعدو هو تنظيم أصولى مثل تنظيم القاعدة.
ويرى التقرير أن الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته قد يكون متبنى لرأى أخر الآن، فبعد تأكيدات أجهزة الاستخبارات الأمريكية على تورط روسيا فى القرصنة على مؤسسات أمريكية للتأثير على نتائج العملية الانتخابية، طفت مؤخرا مزاعم أخرى بامتلاك الرئيس الروسى "فلاديمير بوتين" لمقطع فيديو فاضح للرئيس المنتخب "دونالد ترامب" أثناء اصطحابه لعاهرات بإحدى الفنادق الضخمة، ودعاوى أخرى بتنسيق الأخير حملته الانتخابية مع الكرملين رغم نفى كلا الجانبين ووصفهم تلك المزاعم بالمزيفة.
تاريخ بوتين يؤكد تورطه فى القرصنة الالكترونية على الولايات المتحدة
ويقول التقرير أنه على الرغم من نفى روسيا تورطها فى عمليات القرصنة أو امتلاكها لمقطع فيديو فاضح للرئيس الأمريكى المنتخب قد يجعله عرضة لعمليات ابتزاز فى المستقبل، إلا أن مسيرة الرئيس الروسى ترجح فرضية تنفيذ نظامه العمليات المذكورة بالأعلى، فأول ظهور لـ"بوتين" فى دوائر الحكم الروسية أثناء ترأسه لجهاز الاستخبارات الروسى، حيث شارك فى تسريب فيديو فاضح لمدعى قانونى كان منكبا على تحقيق حول فساد مجموعة من النافذين، أنهى مسيرة المدعى وأوقف التحقيق الجارى.
وتوغل التقرير فى مسيرة الرئيس الروسى الحالى الذى ولد ونشأ فى وقت كانت فيه روسيا قوى كبرى تتحكم فى مساحة تمتد من أفغانستان حتى المحيط القطبى، ومن ضفاف نهر الإلب حتى نظيرتها فى بحر اليابان، وقد بدأ مسيرته المهنية داخل أروقة المؤسسة العسكرية الروسية، وعين ضابط استخبارى فى ألمانيا الشرقية فى ثمانينيات القرن الماضى، ليشهد انهيار امبراطورية ما كان يسمى بالاتحاد السوفيتى، واحتفال الألمان بسقوط جدار برلين، الأمر الذى شكل إهانة للشاب "بوتين" آنذاك.
صعود بوتين
وكانت البداية الحقيقية لصعود "بوتين" وفقا لتقرير الجارديان عند انتقاله إلى موسكو فى تسعينيات القرن الماضى ليرأس جهاز الاستخبارات، ويلفت نظر وإعجاب الرئيس الروسى آنذاك "بوريس يلتسين" بسبب اجتهاده، وقد حرص الأخير على تعيين "بوتين" رئيسا للوزراء فى عام 1999، مفسحا له المجال ليشغل منصب الرئيس بعد عام واحد فقط.
وقد دأب "بوتين" منذ إمساكه بالمؤسسات التنفيذية على دحر الأحزاب المعارضة، وسحق المتمردين فى الشيشان، ومحاولة استعادة نفوذ روسيا فى محيط ما كان يعرف بدول الاتحاد السوفيتى.
وقد تصادم مبكرا مع قوى الغرب مظهرا عدم تقبله للانتقادات الموجهة لنظامه بانتهاك حقوق الإنسان ووأد الديمقراطية الوليدة فى روسيا.
متاعب الاقتصاد الروسى
ويرى التقرير أنه على الرغم من المتاعب التى يشكو منها الاقتصاد الروسى الذى يعتمد فقط على تصدير الطاقة، فى ظل انكماش البنية التحتية للتصنيع فى روسيا، وتعرض روسيا لعقوبات جراء مغامرتها العسكرية فى أوكرانيا، إلا أن الرئيس الروسى يبدو حريصا على تخصيص 4% من الناتج القومى لميزانية وزارة الدفاع، متخطيا بهذا الرقم ما تخصصه بريطانيا لمؤسساتها العسكرية، والولايات المتحدة أيضا.
ويقول التقرير أن أسهم الرئيس الروسى فى تصاعد مستمر منذ نجاح مناوراته العسكرية فى كل من أوكرانيا وسوريا، مستغلا تردد قوى الغرب فى استخدام قوتها العسكرية تحسبا للانتخابات المحلية وأمور أخرى.
وانتهى التقرير باقتباس مقولة لـ"بوتين" من ضمن خطاب ألقاه فى البرلمان الروسى عام 1999، حيث قال:" روسيا ظلت قوة كبرى لقرون، يجب أن لا نهمل ذلك، وأن لا نتقبل تجاهل رأينا فى الساحة الدولية"، مشيرا إلى أن الرئيس الروسى ناجح حتى الآن فى عملية إعادة النفوذ الروسى، بشكل يصعب على الغرب تجاهل روسيا كقوة كبرى.