"لا تقبلوا أبدا هؤلاء الذين يشجعون على الإقصاء أو الكراهية أو الانغلاق على أنفسهم، وعندما توعدكم الجبهة الوطنية باستعادة النقاط الأمنية على الحدود، فهى تكذب"، بهذه الكلمات أشعل إيمانويل ماكرون، المرشح المستقل لانتخابات الرئاسة الفرنسية حماس جمهوره من سكان مدينة "ليل" الفرنسية والتى يغطى عليها اليسار ويميل سكانها لانتخاب مارين لوبان، مرشحة اليمين المتطرف للانتخابات وأتوا لمشاهدة المرشح المستقل وهو يدلى خطابه بأسلوبه "العاصف" فى إطار الحملة الانتخابية قبل انتخابات إبريل 2017.
وتقول صحيفة "الجارديان" البريطانية إن ماكرون، أصغر مرشحى الإنتخابات الرئاسية البالغ من العمر 39 عاما، لم يأبه بكونه فى عقر دار المؤيدين للوبان المتشككة فى فكرة أوروبا الموحدة، وأشاد بالاتحاد الأوروبى قائلا "أوروبا هى نحن! بروكسل هى نحن! نحن بحاجة إلى أوروبا!"، ليقف جمهوره ومعظمه من الشباب فى العشرينات من العمر رافعين أعلام الاتحاد الأوروبى وهاتفين باسمه.
وأضافت الصحيفة أن ماكرون أصبح ظاهرة فى حملة الانتخابات الفرنسية التى يصعب التنبؤ بها، ففى الشهور الأخيرة، صعد وزير الاقتصاد السابق بثبات فى استطلاعات الرأى، وبات قادرا على إحداث مفاجأة كبرى فى النتيجة النهائية، حتى أنه قد يتمكن من الوصول إلى الجولة النهائية عبر هزيمة أحد أبرز المنافسين على "الإليزيه" وهما فرانسوا فيون، مرشح اليمين المحافظ الإصلاحى المنادى بالسوق الحرة، ومارين لوبان، مرشحة اليمين المتطرف المناهضة للهجرة وللاتحاد الأوروبى.
وأوضحت "الجارديان" أن ماكرون اشترك فى السباق الرئاسى قبل شهرين ليكشف أوجه قصور الطبقة السياسية "الفارغة"، وخال كل الاتجاهات المتعارف عليها فى السياسة الفرنسية، فهو لا ينتمى إلى أى حزب سياسى، ولم يسبق له أن خاض أى نوع من الانتخابات، ويعرف نفسه بأنه "لا ينتمى إلى اليسار أو اليمين"، حتى أن الفرنسيين لم يكونوا يعرفوا من هم منذ عامين.
ولكن كل هذا تغير الآن، بحسب الجارديان، لاسيما مع تزايد أعداد المؤيدين له وارتفاع شعبيته وتقدمه فى استطلاعات الرأى التى تعكس أنه أصبح السياسى الفرنسى الأكثر شعبية الآن، فالـ"مبتدئ" السياسى الذى تعهد بإحداث ثورة فى طريقة حكم فرنسا، أستطاع أن يثير قلق كلا من المتنافسين الرئيسيين.
ورغم أنه لا يمكن التكهن بالنتيجة النهائية للسباق الرئاسى، إلا أن ماكرون يرغب فى أن يبدأ اتجاها حديثا فى السياسة الغربية، فهو يصور نفسه بأنه "تقدمى" ليبرالى يؤمن بأنه يمكن أن يحقق النجاح رغم الصعاب، فى المشهد السياسى الذى يتسم بالاستقطاب، وتزايد الدعم لأصحاب المواقف السياسية المتشددة من الجانبين.
واعتبرت الصحيفة أن حضور 4500 شخص لمشاهدة ماكرون فى ليل،- المدينة الاشتراكية تاريخيا - ترجم هذه الشعبية، لاسيما وإنهم كانوا من جميع الأعمار والفئات.
وأضافت "الجارديان" أن نهج ماكرون الاقتصادى ليبرالى وإصلاحى، لكنه يسارى من الناحية الاجتماعية، خاصة فيما يتعلق بحرية ممارسة الأديان، والمساواة والهجرة.
وتلقى حركة ماكرون الوليدة "أون مارش" أو "إلى الأمام" اهتماما كبيرا نظرا لشعور الفرنسيين بخيبة أمل تجاه الأحزاب الأخرى؛ فالاشتراكيون مبعثرون ومن المتوقع ألا يحققوا مكاسب بغض النظر عن مرشحهم، فى الوقت الذى لا تزال فيه حملة فرانسوا فيون، مرشح اليمين تكافح حتى تنطلق.