يتزايد احتدام سباق الانتخابات الرئاسية الفرنسية، يوما تلو الآخر، المقرر إجراؤها مايو المقبل، حتى قبل أن تحسم التيارات السياسية المختلفة أسماء مرشحيها الرسميين لآخر مراحل الانتخابات.
وشهدت الـ24 ساعة الماضية حروباً كلامية بين رموز المعسكر اليسارى ـ الاشتراكى، ومعسكر اليمين المتطرف، بدأت بتصريحات لزعيمة اليمين، ومرشحة حزب "الجبهة الوطنية"، دعت خلالها إلى تغيير "هوية فرنسا"، والخروج العاجل من عضوية الاتحاد الأوروبى، الأمر الذى رد عليه المرشح اليسارى المحتمل، رئيس الوزراء السابق مانويل فالس بالتأكيد على أن القضاء على مارى لوبان وحزبها "حماية للمجتمع".
وفى حوار مع صحيفة "20 مينت" اليوم الأربعاء، تعهد فالس بإنقاذ فرنسا مما أسماه بـ"خطر اليمين المتطرف"، مؤكدا أن بلاده على مشارف العديد من المخاطر تتعلق بتغيير هويتها.
وقال فالس، مرشح الحزب الاشتراكى: "أنا الوحيد القادر على محاربة اليمين والحد من أخطاره من خلال برنامج صادق وهادف، ومشروع يجعل فرنسا جمهورية قوية ومثالية".
وردا على سؤال حول اضطهاده لحزب الجبهة الوطنية اليمينى، الذى تقوده منافسته مارى لوبان، قال فالس صراحة: "أنا أشن حربا على اليمين المتطرف الذى يريد طمس فرنسا وانسحاب البلاد من الاتحاد الأوروبى، ومنطقة اليورو، وهو ما سوف يشعل الغضب بين العمال وأصحاب المعاشات لما سوف يترتب على تلك القرارات من سلبيات". وأضاف: "حزب لوبان سيخرج فرنسا من التاريخ، ويتسبب لنا فى الانتكاس.. التخلص منه ودحره فى صالح مجتمعنا".
وعن قانون العمل الفرنسى الذى يثير الجدل، قال: "أنا لم أخفِ مسئوليتى عن المشاركة فى تطبيق هذا القانون، لأنه كان فى مصلحة البلاد، ولكن الآن الوضع مختلف تماما، فقانون العمل يؤدى إلى عدم تمكين البرلمانيين من وظيفتهم، ومن ناحية أخرى يتضمن مشروعى خطوات من شأنها الحد من الوثائق المتعلقة بالميزانية والضمان الاجتماعى".
وحول موقفه من الحجاب، قال فالس: "هناك العديد من التشريعات والقوانين الواضحة والصريحة التى تعبر عن فرنسا وهويتها.. ليس من المسموح لأى من كان أن يحاول اختراق تلك القوانين أو الإخلال بها. هناك تدابير ثقافية ودينية من أجل التوعية بحق الاعتقاد ولكن كل بشكل خاص، وأن من يظهر شعرها أو جسدها ليست من المتبرجات كما يقول البعض، كما أنه سيتم التنسيق مع الجمعيات العلمانية والنسائية فى كل الأحياء والمناطق وشن حملات التوعية". وأضاف: "هناك معركة قاسية سوف نواجهها فى مكافحة الإسلام الراديكالى، والعمل على محاولة إدماجه مع العلمانية".
وفى استمرار للجدل الذى تثيره مارى لوبان، قالت المرشحة اليمينية المتطرفة، زعيمة حزب "الجبهة الوطنية"، فى حوار مع إذاعة "آر تى إل" الفرنسية، مساء أمس إنها ستغير "هوية فرنسا" حال فوزها فى الانتخابات الرئاسية، مشيرة إلى أنها ستجرى تعديلات على علاقات باريس العسكرية والاقتصادية مع الدول الأوروبية، كما أن "غير الفرنسيين" المقيمين على التراب الفرنسى سيكونون محل تعديلات تشريعية فيما يتعلق بإجراءات الإقامة واللجوء، على حد قولها.
وتعهدت لوبان بسن مشروع قانون يلزم الأجانب المقيمين فى فرنسا بدفع نفقات رعايته الصحية لأول عامين من إقامته، فى حال فوزها بالانتخابات الرئاسية، مشددة فى الوقت نفسه على استمرار إعفاء المواطنين الفرنسيين من نفقات الخدمات الصحية.
وأضافت لوبان: "على الأجنبى الوافد إلى فرنسا بشكل قانونى أن ينتظر فترة محددة، من أجل الاستفادة من الرعاية الصحية المجانية"، وتابعت: "فى حال دفع الأجانب الرسوم الاجتماعية والضرائب لمدة عامين، فيمكنهم آنذاك التمتع بذات الحقوق الاجتماعية للمواطن الفرنسى".
وبررت لوبان اقتراحها قائلة: "المواطنون الفرنسيون الذين يذهبون إلى دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وأستراليا، يتكفلون بنفقاتهم الصحية بأنفسهم، إذ إن تلك الدول لا تكفل لهم ذلك".
كذلك تعهدت "لوبان" بإلغاء اتفاقية "شنجن"، ووصفتها بـ"الاتفاقية الكارثية"، حيث قالت: "إن إلغاءها من أولوياتها حال فوزها فى الانتخابات الرئاسية.. تلك الاتفاقية تسمح بتجول الإرهابيين فى أراضينا، وفرنسا يجب أن تشهد قبضة حديدية وسيطرة أمنية كاملة على البلاد بداية من الحدود وحتى الشوارع الصغيرة".
وأضافت لوبان: "لا بد أن تدفن تلك الاتفاقية، التى تتيح التحرك الكامل بين الدول الأوروبى.. كيف تكون هناك دولة بدون حدود، وكيف يكون هناك حدود بدون السيطرة عليها؟".
وقالت مارين لوبان التى تصفها وسائل إعلام بأنها "نظيرة الرئيس الأمريكى المنتخب ترامب الفرنسية"، إنها ترى ضرورة تصفية صندوق النقد الدولى، وقالت إنها ستنظم استفتاءً حول خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبى خلال نصف عام من بدء ولايتها، حال فوزها بالانتخابات الرئاسية لفرنسا عام 2017.
وفى ديسمبر الماضى دعت زعيمة الجبهة الوطنية الفرنسية اليمينية المتطرفة إلى وضع حد لشمول الأطفال الأجانب بحق التعليم المجانى.
وأوضحت مرشحة الجبهة الوطنية فى الانتخابات الرئاسية، المزمع إجراؤها المقبل 2017 فى خطاب ألقته فى باريس، أنها ليست معادية للأجانب، وأوضحت: "أنا لست ضد الأجانب، ولكن أقول لهم إذا جئتم إلى بلدنا لا تتوقعوا أن نعتنى بكم وأن يحصل أطفالكم على التعليم مجانا"، وأضافت "انتهى وقت اللعب".