أفضل عروض السوق: احجز نسختك من خطبة الجمعة لمدة 5 سنوات وفاجئ خطيب مسجدك أنك تعرف أكثر منه أو اصعد على المنبر مكانه.
مجددا عاد وزير الأوقاف مختار جمعة لصورة ملف تجديد الخطاب الدينى، الذى فشل فى تقديم أى إسهام يليق بمؤسسته الدينية داخل دفاتره، بفكرة إبداعية جديدة قائمة على تغليف وتعبئة خطب الجمعة لمدة صلاحية 5 سنوات مع إمكانية توصيلها إلى المنابر مجانا.
يصدر لنا وزير الأوقاف فكرته العبثية الجديدة بعد فشل فكرته السابقة الخاصة بالخطبة الموحدة، خطبة الجمعة مكتوبة لمدة خمس سنوات بعضها يتحدث عن النظافة، بينما أروقة وزارة الأوقاف والهيئات التابعة لها فى المحافظات تعانى من التشوه، وأبعد ما تكون عن النظافة، وبعضها عن محاربة ومكافحة الفساد، بينما محاكم مصر وأروقة هيئات الأوقاف تمتلئ بعشرات القضايا عن الفساد الساكن فيها دون مقاومة من وزير الأوقاف نفسه، وكثير من تلك الخطب يتحدث عن الرحمة والتسامح، بينما وزير الأوقاف نفسه لا تأخذه رحمة ولا سماحة بصحفى أو كاتب خط سطورا ضده، وأغلب الأئمة التابعين لوزارته لا تتفوه ألسنتهم فوق المنابر إلا بغليظ القول والفتوى.
أى منطق يقول بأن وزيرا فشل فى تطبيق فكرة الخطبة الموحدة فى مساجد مصر، بل وفشل فى إقناع الأئمة التابعة له بفكرته، بل وتعرض لهجوم من اللجنة الدينية بمجلس النواب، ومن مشيخة الأزهر بسبب تلك الفكرة العبثية، التى تسهم فى تجميد الخطاب الدينى لا تجديده، يعود بذلك الوجه المكشوف ليعمم فكرته، التى فشلت فى 6 أشهر على خمس سنوات قادمة؟!
يحكى أن «جحا» قد صعد يومًا فوق المنبر كى يخطب فى الناس، فسألهم قائلًا: هل تعلمون ما أقول اليوم؟ قالوا: لا فرد عليهم: إذًا لا تستفيدون وأقم الصلاة، وفى خطبة الجمعة الثانية سأل رواد المسجد نفس السؤال: هل تعلمون ما أقول اليوم؟ قالوا: نعم، فرد قائلًا: طالما تعرفون إذًا لا تستفيدون وأقم الصلاة، وفى خطبة الجمعة الثالثة كرر نفس السؤال: هل تعلمون ما أقول اليوم؟، فانقسم أهل المسجد فيما بينهم، وقال النصف الأول: نعم نعلم، والنصف الثانى: والله لا نعلم ما سوف تقوله، فرد «جحا» قائلًا: خيرًا أيها الإخوة فليخبر من يعلم من لا يعلم، وأقم الصلاة.
يشبه أمر «جحا» كثيرًا أمر وزير الأوقاف، مختار جمعة، وقراره الأخير الخاص بوضع خطبة موحدة ومكتوبة لمدة خمس سنوات قادمة، القصة كلها متشابهة من لحظة ظهور مختار جمعة الأولى، كوزير للأوقاف، يحدثنا كثيرًا عن سيطرة السلفيين والإخوان على المساجد، ويشكو لنا أكثر من رواتب الدعاة، ويطرح خططًا أكثر وأكثر عن إعادة تأهيل الدعاة والأئمة، ويعلو بصوته وهو يتحدى الدعوة السلفية، وياسر برهامى، بأنهم لن يصعدوا للمنابر مرة أخرى، كل هذا والأيام تمارس هوايتها المعتادة فى الدوران دون أن يتحقق أمر واحد مما تحدث فيه الوزير، لا المساجد خرجت عن سيطرة السلفيين والمتطرفين، ولا الأئمة تم تأهيلهم، ولا شيوخ الدعوة السلفية امتنعوا عن الصعود إلى المنابر، ولا حتى ملف تجديد الخطاب الدينى المقترح منذ عامين وأكثر تم تشطيب أو تجديد غلافه.
ما زال مختار جمعة يعيش على ذكريات معارك الكلام وفتحة الصدر فى مواجهة الإخوان والسلفيين، وتلك مرحلة ولّت، كان لا بد أن يتبعها مراحل أخرى من وجود رؤية للوزارة ومشروع لتجديد الخطاب الدينى واستعادة السيطرة على المساجد، وتلك معارك تعلم أنت ويعلم وزير الأوقاف نفسه، أنه خسرها، كما لو كان نادى الزمالك وهو يخسر من الأهلى 6-1، والدليل أن مشايخ الدعوة السلفية ما زالوا يصعدون فوق المنابر، وفى كل يوم تنشر الصحف ومواقع التواصل الاجتماعى شكوى من مواطن عن خطيب متطرف يعتلى منبر مسجد شارعه يحرض ضد الأقباط والدولة، وفى كل قضية إرهاب تحقق بها النيابة لا تخلو أوراق التحقيق والتحريات من اعترافات ومعلومات خطيرة عن تحول مساجد الأوقاف إلى أوكار يتم تجنيد شباب مصر بداخلها مثلما كشفت خلية داعش الإرهابية الأخيرة فى الشرقية.
رغم كل ذلك يظن مختار جمعة فى نفسه أنه الوزير القوى، وتلك هى النكتة.. هل تريد أن تتعرف إلى باقى تفاصيلها؟!، استمر فى القراءة.
3 - بمفرده ودون أى دراسة جادة أو أى حوار مجتمعى، دون نقاش مع الأزهر أو استطلاع رأى لجنة الشؤون الدينية فى البرلمان، ودون أى حوار أو لقاء مع أئمة المساجد وخطبائها خرج علينا مختار جمعة بقرار الخطبة الموحدة والمكتوبة ثم أتبعه بقرار الخطبة المكتوبة لخمس سنوات، وأرفق قراره بسببين: الأول السيطرة على المساجد، والثانى تجديد الخطاب الدينى.
دعك من ديكتاتورية القرار، ودعك من تجاهل نقاشه مع الأئمة المنوط بهم تنفيذه، ودعك ثالثًا من الفكرة العقيمة وركز فى الهدفين اللذين قال وزير الأوقاف: إنه اتخذ قرار الخطبة المكتوبة لتحقيقهما.
الهدف الأول هو السيطرة على المساجد، هل تتخيل يا عزيزى أن وزير أوقاف مصر يريد أن يقنعنا أن خطبة الجمعة، التى لا تتجاوز مدتها ثلاثين دقيقة هى سبيله للسيطرة على المساجد، هل تتخيل أن وزير الأوقاف خجل أن يخبرك بأنه يريد السيطرة على المساجد 30 دقيقة بينما سيترك بقية الأسبوع للمتطرفين والإخوان يحكمون المسجد فيها؟
هل تتخيل أن الرجل الذى يحكم وزارة أوقاف مصر مقتنع بأن تحويل الأئمة والخطباء إلى طلاب فى الثانوية العامة يقرأون الإجابة النموذجية من ورقة هى سبيله لإحكام السيطرة على المساجد لا تأهيل هؤلاء الدعاء وتدريبهم وتنويرهم؟!
أما بالنسبة للهدف الثانى، مساهمة الخطبة المكتوبة فى تجديد الخطاب الدينى، فتلك ذروة النكتة، نكتة التجديد بالجمود، أن تتحدث عن التجديد بالنقل والحفظ لا الفهم والاجتهاد، وهذا هو ما فعله الأزهر الشريف، وتحديدًا هيئة كبار العلماء فى الأزهر الشريف، التى اعتبرت قرار الخطبة المكتوبة مهينًا لفكرة الدعوة وخطوة مضادة لفكرة الاجتهاد والتجديد، فماذا فعل وزير الأوقاف؟!
لم يتحمل وزير الأوقاف أن يخبره الأزهر بخطأ قراره، كما لم يتحمل أن يخبره أئمة وزارته بكارثية قراره على مفهوم الدين وعلى صورة الخطيب والداعية أمام الناس، ولم يتحمل سخرية الناس منه وهم يرون وزير أوقاف مصر يطالب خطباء المساجد بأن يحدثوا الناس عن النظافة بينما وزارته ومبانيها فى كل المحافظات عنوان للقبح.
هل يتراجع الوزير بعد كل هذه الانتقادات؟، هل يعود إلى طاولة الحوار مع شيوخ الأزهر وأئمة الأوقاف؟!. لا لم يفعل، لقد ذهب إلى أبعد منطقة بعيدة عن العقل والمنطق، وشن هو ورجاله من مديرى مديريات الأوقاف فى المحافظات هجومًا على الأزهر الشريف وصل إلى مرحلة اتهام الأزهر بأنه لا علاقة له بالدعوة، وبأنه أداة من أدوات الإخوان، بل وقرر أن يخرج علينا بالجزء الثانى من خطته وهو تأميم خطبة الجمعة لمدة 5 سنوات.
تخيل يا مؤمن الأزهر الشريف، الذى نحيطه بالرعاية فى السنوات الأخيرة حماية له من طعنات السلفيين والإخوان، يتلقى طعنة غادرة الآن من وزير الأوقاف مختار جمعة،هل رأيت من قبل تشويهًا للأزهر وقيمته أكثر مما فعله مختار جمعة، ورجال وزارته، الذى لم يخجل أحدهم وهو الشيخ حمادة المطعينى، مدير إدارة أوقاف السيدة زينب، الذى هدد الرافضين للخطبة المكتوبة من شيوخ الأزهر وأئمة الأوقاف قائلًا: من يرفض الالتزام بالخطبة المكتوبة سنعتبره من الإخوان، هكذا بمنتهى البساطة دون تحقيق أو تحريات أو نقاش، من يخالف وزير الأوقاف إخوان.
5 - وزير الأوقاف يشعل فتنة بين أكبر مؤسستين دينيتين فى مصر، وزير الأوقاف ارتكب أكبر جريمة إهانة فى شأن الأزهر الشريف، فكيف لمصر أن تعود مجددًا لاستخدام الأزهر كواحد من أسلحة قوتها الناعمة بينما وزير فى حكومة شريف إسماعيل يفعل ذلك بالأزهر، يجرده من تاريخه الدعوى والفقهى والدينى والفكرى.
مختار جمعة، الذى فشل فى إحكام سيطرته على وزارته، ولم ينجح فى إلزام الأئمة بالخطبة المكتوبة، ولم ينجح فى حماية الأوقاف من الفساد لدرجة دفعت الرئيس لتشكيل لجنة يرأسها المهندس إبراهيم محلب لحماية أملاك الأوقاف من الفساد، أقل بكثير من أن يجلس فوق كرسى وزارة أوقاف مصر، وبكل تأكيد هو أقل جدًا من أن يطمع فى كرسى مشيخة الأزهر، الذى يخطط له الآن، فإن كانت مشيخة الأزهر حلمه، فتحول هذا الحلم إلى واقع سيكون كابوسًا على مصر وأزهرها.