العلم والقوة شريكان لا يفترقان، إن أراد أحد النهضة والتقدم، وهذا ما تعمل القوات المسلحة المصرية فى إطاره، على مستويات ومحاور عديدة ومتوازية، ما بين بناء الفرد المقاتل، وتنمية قدرات القوات المسلحة الفنية والبشرية واللوجستية، وفى الوقت ذاته العمل على صناعة نمط متطور وإيجابى من العمل وفق منظومة علمية، حتى فى القطاعات التى لا تتصل اتصالاً مباشرًا بالعمل العسكرى، ولكنها تمثّل داعمًا حقيقيًّا لاستكمال المنظومة ودعم نجاحات المؤسسة على المحاور المهنية والاجتماعية، وضمن اهتمامات القوات المسلحة المصرية والملفات التى تحتل موقعًا متقدما ضمن اهتماماتها، ملف الصحة والقطاع الطبى، الذى حققت فيه المستشفيات العسكرية نهضة واضحة لكل متابع أو مطلع أو مهتم أو متعامل معها، والتى اتسع دورها ليشمل خدمة المجتمع بشكل واسع، وليس فقط ضباط وأفراد القوات المسلحة، ومن النهضة الكبيرة التى حصّلتها المستشفيات إلى صناعة صرح علمى يكون بمثابة ماكينة إنتاج لعناصر طبية متخصصة ومؤهلة وفق أحدث الأساليب العلمية، وفى الوقت ذاته تتحلى بنفسية ومهارة وخبرات ومعارف الفرد المقاتل.
فى 18 أبريل 2013، صدر قرار من الفريق عبد الفتاح السيسى، وقت توليه وزارة الدفاع، بإنشاء صرح علمى طبى على أعلى مستوى، لقيادة قاطرة تطوير التعليم الطبى فى مصر، وفى 22 أكتوبر 2013 تم قبول أول دفعة بالكلية، وفى 22 فبراير 2014 افتُتحت كلية الطب للقوات المسلحة، واختير لها شعار "العلم والشرف والوطن".
وحرصت القيادة السياسية، ممثلة فى الرئيس عبد الفتاح السيسى، والقيادة العسكرية متمثلة فى الفريق أول صدقى صبحى، القائد العام للقوات المسلحة، وزير الدفاع والإنتاج الحربى، والفريق محمود حجازى، رئيس الأركان، على تقديم نموذج أكاديمى يخدم الصحة العامة للمجتمع، ويتحلى بالانضباط والالتزام والرقى.
معايير دقيقة لاختيار طلبة الكلية
تهدف كلية الطب بالقوات المسلحة لتخريج كوادر من الأطباء الماهرين المحترفين، يضطلعون بتقديم خدمات طبية متميزة، تمكنهم من المساهمة فى مجال البحث العلمى، والوصول إلى الريادة الطبية فى المنطقة، استنادًا على القدرات المتنامية والإمكانيات الطبية للقوات المسلحة، والانضباط العسكرى الذى يمثل السمة الرئيسية فى كل ما تنفذه من مهام، بحيث تكون الكلية مركزًا للدراسات والأبحاث الطبية والعلوم المساعدة، لخدمة كل المنشآت الطبية.
وفى هذا الإطار، أكد اللواء طبيب أيمن السيد شافعى، مدير كلية الطب للقوات المسلحة، أن ثمة معايير دقيقة لاختيار الطلبة، إذ يتم قبول الطلاب الحاصلين على الثانوية العامة (القسم العلمى)، أو ما يعادلها، بشرط الحصول على الدرجات المؤهلة للالتحاق بالكلية، واستيفاء كل شروط الالتحاق بالكليات العسكرية، واجتياز الاختبارات البدنية والنفسية المؤهلة، والتى استحدث فيها اللغة الإنجليزية ومهارات الحاسب الآلى، ويحصل الدارس على الرتبة العسكرية الموازية لخريجى الكلية الحربية من نفس سنة التقدم، إذ تشمل الكلية دراسة العلوم الطبية والعسكرية معًا.
أساتذة أكفاء لتخريج أطباء متميزين
وتحرص كلية الطب للقوات المسلحة على استقدام أفضل الأساتذة من جميع كليات الطب بالجامعات المصرية، بما يتماشى مع أهدافها المخططة، وبما يتناسب مع حرص الكلية على تخريج أطباء على أعلى المستويات العلمية والفنية، بما يخدم رسالة الكلية فى الارتقاء بالمنظومة الطبية والصحية فى مصر بشكل عام، وقد صُمِّمت المعامل بأحدث الطرق العالمية، ليكون التصميم نموذجًا لجميع الكلياتبمنطقة الشرق الأوسط، فضلاً عن تجهيزها بأحدث النظم التدريبية والعملية.
وأشار اللواء طبيب أيمن السيد شافعى، مدير الكلية، إلى أن الدراسة تتم بنظام التكامل العرضى، بدراسة المواد الطبية دراسة متصلة ببعضها، لإبراز علاقاتها واستغلالها لزيادة الوضوح والفهم، وتعد خطوة وسطى بين انفصال هذه المواد وإدماجها، فيكون الدارس ملمًّا بكل المواد، كما تعتمد الدراسة على الجانبين الطبى والعسكرى، لتنمية الجانب البدنى بجوار الجانب العلمى، وتوفير كل الأجهزة والوسائل المتطورة بالتنسيق مع الجهاز الرياضى العسكرى.
مدبر الكلية: عدد الطلاب لا يزيد على 100 فى المحاضرة.. و13 فى المعمل
وأوضح مدير كلية الطب للقوات المسلحة، أن عدد الطلاب فى المحاضرة الواحدة لا يزيدعلى 100 طالب، ما يتيح تفاعل الطلبة بشكل أفضل خلال المحاضرات والدروس العملية، ولا يزيد العدد فى المعامل على 13 طالبًا، كما يتم تطبيق نظام التعليم بحل المصاعب(PBL)كأحد الأساليب الحديثة فى التعليم، جنبًا إلى جنب مع الدروس العلمية، وتطبيق برنامج التعرض المبكر للمرضى بالمستشفيات بدءًا من العام الدراسى الثانى، وهو الأمر الذى يزيد من مهارات الطالب الإكلينيكية ويساعده على تفهم الدراسة الأكاديمية النظرية.
ويتم تدريب الطلاب على كيفية التعامل وكسب ثقة المريض، ووضع الطلاب فى مشكلات عملية خلال مدة الدراسة، للوصول إلى حلول منطقية كنوع من تدريب المهارات، لتكوين الشخصية التى تجمع بين الطبيب وضابط بالقوات المسلحة.
عضو هيئة تدريس: وقعنا بروتوكول تعاون مع جمعية الصليب الأحمر الدولى
وفى السياق ذاته، يقول الدكتور رامى، أحد أعضاء هيئة التدريس بالكلية، إن الكلية وقعت بروتوكول تعاون مع جمعية الصليب الأحمر الدولى، للتدريب على كيفية التعامل مع عدد كبير من الجثث فى أثناء الكوارث والأزمات والإسعافات الأولية فى الميدان، فى خطوة لإكساب طلبة الكلية مهارات التعامل الفعلى والواقعى مع مثل هذه الحالات.
وأشارت الدكتورة شيرين وجيه، عضو هيئة التدريس بالكلية، إلى طريقة التقييم المستمرة للعملية التعليمية، سواء على مستوى الطلاب أو أعضاء هيئة التدريس أو المناهج الدراسية، إذ تنفذ الكلية امتحانًا دوريًّا كل 10 أيام، وتحلل النتائج تحليلاً علميًّا، حتى تسهل معرفة درجة توصيل المعلومة ومدى استيعابها من جانب الطالب.
وأكد الأستاذ الدكتور وجيه موسى، عضو هيئة التدريس، أنه تُعاد كتابة المناهج الطبية بشكل جديد، حتى يمكن العمل على أرض الواقع ومواكبة التطور والتقدم الطبى العالمى، إضافة إلى اختيار أعضاء هيئة تدريس على درجة عالية ومتميزة من الكفاءة، وعمل ورشة عمل بالتعاون مع الصليب الأحمر الدولى، بعنوان "كيفية التعامل مع الجثث فى الكواراث والأزمات"، وهى الورشة التى لاقت استحسانًا من جانبى الطلاب وممثلى الصليبالأحمر، فضلا عن مشاركة الطلاب فى عديد من المؤتمرات الدولية، مشيرًا إلى أن الكلية تضع درجات للتطبيق العملى والتعامل مع المرضى، وأن الكيان العلمى والعملى بالكلية نموذج تربوى علمى أخلاقى.
عزة العدوى: النظام المتبع لدينا غير متوافر فى الكليات المناظرة الأخرى
وفى سياق متصل، قالت الدكتورة عزة العدوى، عضو هيئة التدريس بالكلية، إن النظام المتبع داخل الكلية نظام إيجابى غير متوافر فى الكليات المناظرة الأخرى، إذ يحرص المحاضرون على تطوير مناهجهم بشكل مستمر، لمواكبة أحدث الطرق العالمية فى تدريس العلوم الطبية، مؤكدة استمرارية التواصل من أجل التكامل بين أعضاء هيئة التدريس.
وأوضحت عزة العدوى، أنه تم توقيع بروتوكول تعاون بين كلية الطب وعدد من كليات الطب بالجامعات المصرية والعربيةوالبريطانية (جامعة ليدز البريطانية - جامعة بورسعيد - جامعة قناة السويس - جامعة الشارقة)، وشملت اتفاقيات توأمة لمنهج كلية الطب بالقوات المسلحة، وتخطيط ومراجعة المحاضرات والموضوعات، والتطوير المستمر للمنهج، واستخدام التعليم المعزز بالتكنولوجيا وأساليب التدريس الحديثة، ودعم الطلاب مع تطبيق طرق التقييم والمراجعة العكسية لهم، والابتكار والتكنولوجيا والتطوير المتبادلين، والمنح الدراسية وبرامج تبادل الزيارات للطلاب/ المدارس الصيفية (منها مجالات الطب الجوى - طب الأعماق - المهارات الجراحية الأساسية)، ودعم الكلية فى تطوير المنح الدراسية داخل مصر، والتعاون المتبادل وإجراء البحوث التطبيقية المتخصصة فى مجال خدمة المجتمع، وإعداد وتنفيذ المؤتمرات العلمية السنوية، وتنفيذ ندوات علمية فى التخصصات الطبية، وتنظيم المؤتمرات والندوات والدورات التدريبية وورش العمل المشتركة فى مجال التعليم الطبى والبحث العلمى.
مؤتمر سنوى بالتعاون مع الجامعات.. وفتح باب الدراسات العليا لطلاب الطب المدنيين
وأشار أعضاء هيئة التدريس، إلى أن الكلية تشارك فى مؤتمر علمى سنوى، يتم الإعداد له وتنفيذه بشكل سنوى، ويشهد دعوة طلاب كليات الطب بالجامعات المصرية المختلفة، إضافة إلى إعداد وتنفيذ ندوات علمية فى التخصصات الطبية وبرامج تدريبية وورش عمل، لصقل مهارات الطلاب والأطباء حديثى التخرج وطلاب الدراسات العليا، وإجراء البحوث التطبيقية المتخصصة فى مجال خدمة المجتمع، ومراجعة وتطوير طرق القياس والتقويم لطلاب مرحلة البكالوريوس وطلاب الدراسات العليا.
وتقوم كلية الطب بالقوات المسلحة، بوضع خطط الدراسات العليا، ويمكن للطلاب الخريجين استكمال دراستهم فى مرحلتى الماجستير والدكتوراة، فضلاً عن إمكانية تقديم الطلاب المدنيين الراغبين فى استكمال دراستهم فى الماجستير والدكتوراة بالكلية، عقب تصديق القيادة العامة على قبولهم للدراسة واستيفائهم الشروط اللازمة.
طلاب الكلية: نتعاون مع الجماعات الأخرى.. والإنسانية أهم ما يميز دراستنا
فى سياق متصل، قال ماجد رضا، طالب بالفرقة الرابعة بالكلية، إن موضوعات البحث العلمى داخل أروقة الكلية تتم بالتعاون مع طلبة من كليات الطب بالجامعات المصرية الأخرى، لتبادل المعرفة، ويحرص الطلاب على إعداد أبحاث دورية كجزء من الدراسة، مشيرًا إلى أن الكلية توفر للطلبة كل الاحتياجات للعملية التعليمية والتدريبية، وفقًا لأحدث الأساليب، وأنها تعد نموذجًا يجب أن يحتذى به فى كليات مصر، من حيث النظام والانضباط.
وأشار أحمد يحيى، أحد طلاب الكلية، إلى أن التكيف مع نظام الدراسة أمر طبيعي لكل إنسان، من حيث تقسيم الوقت وعمل برنامج يومى لترتيب المهام،وربط الدراسة بالعمل الفعلى، موضّحا أن أهم ما يميز الدراسة بكلية الطب بالقوات المسلحة هى المعلومة والإنسانية والعمل الجماعى.