أصبحت مصر بحكم الحرب التاريخية المقدسة التى تخوضها فى مكافحة الإرهاب بالوكالة عن العالم، مرجعا مهما لكل أجهزة الاستخبارات والمعلومات والجيوش وأجهزة الأمن فى العالم حول كيفية مواجهة عدو لا ترى وجهه، ولكن تفاجئك طلقات الشر التى تنطلق من كل أدوات القتل التى يحملها، وجاءت مصداقية مصر فى هذا الصدد بعد سقوط الآلاف من الأرواح الطاهرة من شباب مصر،عبر مرحلتين مرت بهما فى هذه المواجهة عندما كانت الموجة الأولى منبثقة من الجماعات والتيارات المتشددة من الجماعات الإسلامية وأعلنتها حربا إرهابية على مصر،ليس بقصد الدعوة الإسلامية ولكنها كانت انعكاسا وصدى صوت لجماعة الإخوان الإرهابية التى ظلت تسعى لحكم مصر منذ تأسيسها.
ثم تأتى الموجة الثانية من الإرهاب التى بدأت منذ استنهاض الشعب المصرى لهمته وقوته فى 30 يونيو 2013 ،ورموا بالإخوان بعيدا عن أرض الوطن الطاهرة لتبدأ بعدها تلك الموجة الثانية للإرهاب التى مازلنا نخوض غمارها ونقدم التضحيات من أجل وطن خال من التعصب والغلو والتطرف.
ما تواجهه مصر والعالم العربى والإسلامى لا يمكن وصفه إلا بأنه أحد فصول ما قبل الحضارة الإنسانية، عصر الانحطاط فى الفكر والمعرفة والسلوك، عصر تدمير آفاق المستقبل المشرق، عصر التخلف والتبعية وغياب الاحتكام للبصر والبصيرة، عصر لى ذراع الحقيقة، وطغيان السادية المتطرفة، والتفاخر بسفك دماء الأبرياء وقتل الإنسان لأخيه الإنسان، بمفاهيم وشعارات شيطانية، تتناقض مع أبسط قواعد الإسلام،بعد أن فتحت بعض الدول أراضيها لتكون منصات لإطلاق الإرهاب على مصر.
بعض الحركات الإسلامية المتطرفة، تفهم الدين بغير أهدافه الحقيقية، وتعتبر نفسها مرجعية ووكيل الله على الأرض، تكفر من تشاء، وتمنح الجنة لمن تشاء بغير حساب، متجاهلة أئمة المسلمين المتنورين ..هذه الحركات التكفيرية تناقض حركة المجتمع من المسلمين والأقباط ومن الشباب والشيوخ والنساء والأحزاب والقوى السياسية والمؤسسات الاجتماعية والتربوية، ومكوِنات المجتمع المدنى فى تحديد عدو الشعب الوطنى والطبقى ، فالمتتبع لكل البرامج السياسية للقوى الوطنية، ومكونات المجتمع المدنى، وبعض هذه القوى والمفكرين الإسلاميين، ترى أن الفقر والمرض والجهل والفساد والبطالة وتفشى المخدرات.. تشكل معارك حقيقية للشعوب العربية للخروج من أزماتها المستعصية كافة،ولكن هذه التنظيمات والحركات الآثمة وعلى رأسها الإخوان لاتريد غير العودة إلى ما قبل الحضارة حتى لو قتلوا الشعب المصرى كله ،وبقوا هم فيه يحكمون أرضا بلا شعب.
وفى إطار الموجة الأولى للإرهاب على مصر تبرز حركة "الإخوان" المتطرفة باعتبارها أهم مصادر هذا الإرهاب ،وهنا ندلل على ذلك بالدراسة التى كان قد كتبها فى عام 1981 المهندس محمد عبد السلام فرج بعنوان "الجهاد الفريضة الغائبة" وهو الذى أُعدم فى قضية اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات،وأهم ما لفت انتباهى بشكل خطير هى دعوته ورؤيته فى أن "قتال العدو القريب أولى من قتال العدو البعيد"، حيث يقصد بالعدو القريب الأنظمة العربية التى لا تطبق الشريعة الإسلامية فى الحكم والسلطة، ويعتبرها دولا كافرة لا بد من محاربتها أولا، وأن هؤلاء الحكام تربوا على موائد الاستعمار، ولا يحملون من الإسلام إلا الأسماء ولهذا وجب محاربتهم، وأن العدو البعيد هى إسرائيل التى تحتل الأراضى المقدسة، والولايات المتحدة الأمريكية، ويحاول فى دراسته أن يؤكد أن دماء المسلمين ستنزف حتى وإن تحقق النصر على إسرائيل والولايات المتحدة والغرب الاستعمارى، ويتساءل هل هذا النصر وإن تحقق هل سيكون لصالح الدولة الإسلامية؟.
وفى رأيه أننا لو انتصرنا على الاحتلال الإسرائيلى فإنه سيكون لصالح الحكم الكافر، وهذا يعنى تثبيت أركان هذه الدولة الخارجة عن شرع الله، كما أنه يؤكد فى أن أساس وجود الاستعمار فى بلاد الإسلام هم هؤلاء الحكام، فالبدء بالقضاء على إسرائيل والاستعمار هو عمل غير مجد وغير مفيد، وما هو إلا مضيعة للوقت.. لقد اعتمد محمد عبد السلام فرج على مجموعة من فتاوى ابن تيمية التى تطفح بسفك الدماء والقتل تحت حجج الكفر وعدم تطبيق الشريعة الإسلامية ،على الرغم من أن أغلبية قوانين ودساتير مصر والدول العربية، تعتبر أن الشريعة الإسلامية هى مصدر التشريع، ويكفينا ماقاله الفيلسوف ابن رشد ردا على هذا الهراء والعفن "إن أخطر عدو على الإسلام، جاهل يكفر الناس".
وظلت مصر تكافح بأبنائها من رجال الشرطة والجيش والشعب هذا الغول الإرهابى ،فأوصدت كل منافذ حركته وأصابته بالشلل حتى تغيرت فلسفة الإرهاب من القضاء على العدو القريب، إلى توجيه سهام إرهابهم إلى العدو البعيد ،فهربوا من مصر إلى باكستان وأفغانستان ومنهم أيمن الظواهرى الذى قاد تنظيم القاعدة الإرهابى مع أسامة بن لادن ،وأصبحت مصر بعيدة عن سهامهم ،لأنها عصية عليهم وعلى أفكارهم المسمومة ،وإرهابهم الشيطانى.. وظلت هذه التنظيمات الإرهابية فى مواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية حتى كانت أحداث 11 سبتمبر عام 2001،التى هزت العالم وجعلته يتنبه إلى خطر الإرهاب الذى واجهته مصر بمفردها ،وهى التى حذرت العالم من مغبة استفحال أمر الإرهاب وساعتها لن تبقى دولة واحدة فى العالم بعيدة عن شروره..فأعلنت أمريكا ومعها بقية دول العالم الحرب عليه بعد أن امتد إلى كل البقاع فى الأرض.
وبعد أن تمكنت مصر من التخلص من إرهاب الإخوان الذى يمثل المنبع لكل صور وتنظيمات التطرف فى العالم ،حتى بدأت موجة جديدة من موجات الإرهاب على مصر سواء من الإخوان الإرهابيين أو غيرهم من التنظيمات التى تدعمهم مثل داعش..فهم جميعا شركاء فى القتل والشر والدونية، من داعش والنصرة والسلفية الجهادية والعديد من المتأسلمين والمتطرفين الإسلاميين بزعامة التنظيم الإخوانى الدولى وتبنيها نهج العنف والسيف والحرق وقطع الرأس والقتل وتفجيرات الأماكن العامة والشعبية، وتدمير الحضارة العربية والإسلامية فى كل من سوريا والعراق ومصر وليبيا وتونس... إلخ، بهدف زعزعة الاستقرار والأمن للشعوب العربية، وملاحقتها فى تفجيراتها الدموية، كالجيش والشرطة ورجال القضاء.. خدمة لمفاهيمهم الظلامية التى تخدم فى نهايتها العدو البعيد الذى يتحدثون عنه وهو الولايات المتحدة الأمريكية والغرب الاستعمارى وإسرائيل.. ولتأكيد عفن أرائهم ،وسوداوية شرهم ،احتمى الإخوان الخونة بأمريكا من غضبة الشعب المصرى عليهم،وحاولو استعدائها وغيرها على الشعب كله.
وحمل الشعب المصرى وشرطته وجيشه على عاتقهم قضية الخلاص من الإرهاب مهما كان شكله أو لونه طالما يهدد استقرار هذا الوطن ،ومنذ نحو 4 سنوات ومصر كلها فى رباط لمواجهة المؤامرات والخونة والمتطرفين ،حتى حققنا ما جعل الإرهاب يدرك أنه لابد وأن يبحث لنفسه عن وسيلة للهرب من جحيم المواجهة،مع شرطة مصرية وطنية خالصة ،وجيش تسكن مصر تحت جلد جنوده،وشعب يضع جيشه وشرطته فى قلبه،أصروا وعقدوها نية خالصة على دحر الإرهاب للأبد.