يشهد العالم متغيرات كثيرة على كافة الأصعدة، بتطور العلم والأسلحة والتكنولوجيا المستخدمة فيها، وبتقلب العلاقات السياسية والدبلوماسية بين الدول خاصة الكبرى منها، وتلك التى بحوزتها ترسانات نووية، كافية لإبادة البشرية، حال استخدامها فى حرب، وفى هذا الإطار صمم علماء ذرة، منذ أربعينيات القرن الماضى، ساعة رمزية، تشير إلى اقتراب العالم من "يوم القيامة"، وتم تحديد توقيتها منذ انشائها إلى 7 دقائق، قبل منتصف ليل ساعة الصفر، وتقل تلك المدة، مع زيادة المخاطر فى العالم، سواء على المستوى البيئى، أو مستوى التسلح، وتوتر العلاقات بين الدول.
وفى هذا الصدد، أعاد علماء نوويون ضبط ساعة "يوم القيامة" الرمزية إلى أقرب نقطة من ساعة الصفر منذ 64 عامًا، قائلين: "إن العالم أقرب إلى كارثة بسبب مخاطر مثل الأسلحة النووية وتغير المناخ وانتخاب دونالد ترامب، رئيسا للولايات المتحدة".
وينظر على نطاق واسع إلى الساعة التى صممتها نشرة علماء الذرة، ومقرها شيكاغو، ووضعتها على موقعها الإلكترونى - على أنها مؤشر لمدى هشاشة العالم فى مواجهة الكوارث.
وقُدمت عقارب الساعة، أمس الخميس، إلى دقيقتين و30 ثانية، من منتصف الليل، الذى يمثل ساعة الصفر، بعد أن كانت مضبوطة على ثلاث دقائق.
وقال لورانس كراوس، مدير النشرة خلال مؤتمر صحفى فى واشنطن، "ساعة يوم القيامة أقرب إلى منتصف الليل من أى وقت مضى فى حياة كل الحاضرين تقريبا فى هذه القاعة."
وكانت آخر مرة ضبطت فيها عقارب الساعة لتقترب بهذا القدر من منتصف الليل فى عام 1953، إيذانًا ببدء سباق التسلح النووى بين الولايات المتحدة، والاتحاد السوفيتى، وكانت إعادة الضبط أمس هى الأولى منذ 2015.
وقال كراوس، إن ترامب، والرئيس الروسى فلاديمير بوتين، يتحملان نصيبًا كبيرًا من اللوم فى هذا.
واستشهدت النشرة بعدم الاستقرار النووى وخاصة مع سعى الولايات المتحدة، وروسيا، لتحديث ترسانتيهما النوويتين وبقائهما على طرفى نقيض فى بلدان مزقتها الصراعات مثل سوريا وأوكرانيا.
ولمح ترامب، إلى أن كوريا الجنوبية، واليابان، قد تسعيان لامتلاك أسلحة نووية فى مواجهة كوريا الشمالية، التى أجرت تجارب نووية، كما أثار شكوكًا فى مستقبل الاتفاق النووى مع إيران.
وأضافت النشرة، فى بيان، أن دعم الصين، لباكستان، فى مجال الأسلحة النووية، إضافة إلى توسع ترسانتى الهند، وباكستان، النوويتين من العوامل المقلقة أيضًا.
فيما بدا وضع التغير المناخى أقل سوءًا "إلى حد ما"، وأشارت النشرة، إلى اتخاذ بعض الدول إجراءات لمكافحة التغير المناخى، لكنها قالت أن الإقبال على إحداث المزيد من الخفض فى انبعاثات ثانى أكسيد الكربون بدا أقل.
وساعة يوم القيامة، هى ساعة رمزية تم استحداثها عام 1947 من جانب مجلس إدارة مجلة العلوم الذرية، الصادرة عن جامعة شيكاغو الامريكية، وتنذر الساعة بقرب نهاية العالم بسبب السباق الذرى بين الدول النووية، حيث إن وصول مؤشر الساعة الى منتصف الليل يعنى قيام حرب نووية تندلع فى العالم، وتفنى كل الكائنات الحية على الأرض و تنهى البشرية.
وكان قد أسس إدارة هذه المطبوعة مجموعة من العلماء الذين ساهموا فى تطوير الأسلحة النووية فى الأربعينيات، فيما يضم مجلسها حاليًا علماء فى الذرة والفيزياء والبيئة من جميع أنحاء العالم، ويتخذ هؤلاء قرار ضبط الساعة وتقديمها أو تأخيرها بشكل جماعى، وبالتشاور مع 15 عالمًا من الحاصلين على جائزة نوبل.
ويهدف العلماء من وضع هذه الساعة إلى التذكير دائما بأن السباق النووى يقود العالم إلى نهايته، ويرمز وصول عقارب الساعة إلى منتصف الليل إلى نشوب حرب نووية تفنى فيها البشرية.
وتغير توقيت ساعة يوم "القيامة" حتى الآن 22 مرة منذ إنشائها، استجابة للمتغيرات الدولية، ومرت بالذروة فى فترة بدء الولايات المتحدة، والاتحاد السوفيتى، تجربة القنابل الهيدروجينية، لمدة 9 أشهر متواصلة، العام 1953، وحينها بلغ توقيت "يوم القيامة" أقل من دقيقتين قبل منتصف الليل.
وأوقفت عقارب هذه الساعة عند إنشائها، العام 1947، عند سبع دقائق قبل منتصف الليل، وبدأ تحريكها بمقدار دقيقتين بالعام 1953، فيما ضبطت بالعام 1991 على الدقيقة 17 قبل منتصف الليل، وتقدمت دقيقتين كاملتين بالعام 2015 بسبب مخاوف من التغيرات المناخية وازدياد الخطر النووى لينتقل عقربها من 5 إلى 3 دقائق قبل منتصف الليل، إلا أن العلماء فى هذه المرة الأخيرة فضلوا تقديم يوم القيامة 30 ثانية فقط، بدلًا من دقيقة كاملة.