رغم كل ما يمكن تسجيله من ملاحظات ومؤاخذات، يظل معرض القاهرة الدولى للكتاب الفعالية الأهم والعرس الأبهى للثقافة المصرية، وسوق الطباعة والنشر، أو يُفترض هذا، ولكن قد تأتى الرياح أحيانًا بما لا تشتهى السفن، وما يخصم من فاعلية المعرض وطاقته الممكنة والوجبة فيما يتصل بالإضافة لقماشة الثقافة المصرية، وإحداث أثر تنموى حقيقى للعمل الثقافى، فى مستوياته الإبداعية والإنتاجية، وهذا ما يغيب عن المعرض الآن للأسف.
ربما يقبل النقاش إثبات الردود المتوقعة من القائمين على المعرض، أو من يوالونهم، بأن القائم والمتحقق على الأرض الآن يتشابه، أو ربما يتطابق، مع حالة المعرض فى كل دوراته السابقة، وبعيدًا عن حقيقة الأمر، وعن خطأ هذا التصور، إلا أنه لو صح يمثل كارثة لا تقل فداحة عن فكرة تقزيم معرض الكتاب، والتعامل معه من منظور كرنفالى، ووفق آليات محدودة، فلسفة وتخطيطا وتنفيذا، تقطع بأننا أمام هواة لا محترفين، وأن وراء الأكمة ما وراءها، بشأن فلسفة الإدارة الحالية للهيئة المصرية العامة للكتاب، وأفكار القائمين عليها، ومنطلقاتهم العملية فيما يخص التخطيط والتنفيذ والحركة على الأرض، وتوفير الدعم المعنوى واللوجستى للمعرض، الذى يقترب من يوبيله الذهبى، وبينما يتقدم على خط الزمن، لا يحقق تقدما موازيًا أو مساوقًا على خط الفاعلية والأثر والتراكم الحقيقى الحافز للثقافة المصرية، ولكن حتى لو أقررنا لهم بحجة أنهم لم ينحرفوا عن المعارض السابقة من سهير القلماوى حتى أحمد مجاهد، فهى كارثة كما أسلفت، إذ لا يمثل الجمود إلا دليل إدانة، ولا يؤكد شيئا إلا أننا أمام هواة عراة من الرؤية والفلسفة، ولا يقبضون على شىء إلا طاقة المحاكاة والتقليد وإعادة الإنتاج، فى وجهها السائل الأكثر سطحية وخفّة، ولكن حتى مع هذا الإقرار والقبول المبدئى، ليتهم فعلوا هذا نفسه، ولكن المقارنة العملية، حتى مع معارض أحمد مجاهد، بكل سوءاتها وفشلها ومجاملاتها والشبهات المحيطة بها، تضع إدارة الهيئة الحالية فى موقف حرج للغاية، ولا تبرير له.
عشوائية الإدارة وتغول المطابع.. وفضيحة "كتيب المعرض"
الجانب الأكثر بروزا، إذا شئنا تناول محنة معرض القاهرة الدولى للكتاب، التى تنسحب بالتبعية على الهيئة المصرية العامة للكتاب وإدارتها الحالية، وعلى رأسها المثقف الجاد والناقد الجيد والإنسان الجميل هيثم الحاج على، والذى لم تشفع له كل هذه الصفات الإيجابية التى يقر له بها كل من يعرفه، فى أن يضطلع بالمهمة أو يتكلف عناء ما تلقيه على كاهله من تبعات ومسؤوليات، كما يجب أن يكون الأمر، لن نستطيع تجاوز كورنيش النيل و"رملة بولاق" إلى أرض المعارض الدولية فى مدينة نصر، دون المرور على مطابع الهيئة، بداية المشكلة وسببها الأساسى فى وجهة نظرى.
تمتلك الهيئة العامة للكتاب مطابع ضخمة، يمكن أن تمثل قيمة مضافة كبيرة للثقافة المصرية أولا، وللهيئة نفسها ثانيا، ولكن يبدو أن الإدارة لا تستطيع السيطرة على حديقتها الخلفية الواسعة والغنية بالثروات والطاقات، ولا يرتبط الأمر بعدم قدرتها على توظيف المطابع فى إطار استثمارى يستفيد من كعكة النشر الكبيرة ومن الزخم الذى تشهده دور النشر والمكتبات خلال السنوات الأخيرة، ولكن الحد الأدنى من توظيف هذه الطاقة، فى إنجاز كتب الهيئة والعناوين المنشورة فى سلاسلها، بشكل جيد وكفء وسريع، أمر غير متحقق، والدليل أن الهيئة خلال السنوات الأخيرة لم تتمكن من إنجاز خططها للعناوين المقترح طرحها فى المعرض، وفى كل سنة يبدأ المعرض وينتهى وهناك 100 عنوان على الأقل يتأخر تنفيذها، ناهيك عن المشكلات التى تتصل بالعناوين المنفذة نفسها، وآخرها مشكلة كتاب الباحث والناقد مدحت صفوت "السلطة والمصلحة.. استراتيجيات التفكيك والخطابُ العربى"، والذى فوجئ صاحبه بعد 7 شهور من تسليم الغلاف النهائى والمعتمد من جانبه للمسؤول عن النشر، بطباعة الكتاب بغلاف غير مضبوط وبه مشكلات، ما تسبب فى مشكلة انتهت بوعود بمحاسبة المتسبب فى الأمر، وهى وعود طالما سمعها كتاب ومثقفون عانوا من تبعات التعامل مع الهيئة، وظلت المشكلات والتجاوزات على حالها، ولا حساب، ولا حياة لمن تنادى.
مشكلة مدحت صفوت تتكرر فى كتب عديدة، يفاجأ أصحابها بأمور عكس المتفق عليه، أو بمشكلات فى كتبهم، وتتجدد الوعود بالمحاسبة وإصلاح الخطأ، وكل هذا أصبح من قبيل العادى والمغتفر من جانب المثقفين والمتعاملين مع الهيئة، ولكن الغريب أن يطال هذا الارتجال والعشوائية مطبوعات الهيئة نفسها، التى تخصها بشكل مباشر، وتتعلق بأهم أنشطتها وفعالياتها، وتحمل أسماء مجلس إدارتها إلى جانب أسماء كبيرة فى الثقافة المصرية، ضمن هيكل اللجنة العليا لمعرض القاهرة الدولى للكتاب، وهى المشكلة التى حدثت هذا العام، وإن صحت وفق هذه التفاصيل فإنها تقترب من مستوى "الفضيحة"، فالهيئة طبعت عدّة آلاف من كتيب فعاليات المعرض، الذى يضم عشرات الفعاليات ومئات الأسماء، على ورق كوشيه فاخر، وبعدد صفحات يتجاوز المائتى صفحة، بتكلفة إجمالية تُعد بأرقام من ذات الأربعة أصفار، ورغم المتسع لمراجعة الأمور وضبطها، ورغم جيش العاملين الجرار فى إدارات التنفيذ والمتابعة والمراجعة والإدارة الفنية، فوجئ الجميع فى اليوم الأول لانطلاق المعرض، الجمعة الماضية، بكتيب برنامج المعرض وفعالياته يمتلئ بالمشكلات والأخطاء، ما اضطر إدارة الهيئة لاتخاذ قرار بسحبه، لينطلق المعرض دون دليل لأنشطته وفعالياته، ويسير الضيوف والصحفيون والرواد والمثقفون على هدى من الارتجال والعشوائية والعمل "بالبركة والحب" فى غياب المعلومة والمرشد والدليل، وإلى جانب ما سبّبه هذا الخطأ وتكلفة إصلاحه من غياب مطبوعة أساسية من المطبوعات التى لا يصح أن تغيب عن المعرض ورواده، فإن الأمر يحمل شبهة إهدار للمال العام، ووسط حالة السيولة وإدارة الأمور بالخواطر والترضيات و"فوّت لى لحد المعرض ما يعدّى وأوعدك هحاسب المسؤول"، لا نعرف من المسؤول، هل هو هيثم الحاج على، أم مجلس إدارة الهيئة كاملا، أم اللجنة العليا للمعرض، أم موظفو الإدارة الفنية، أم إدارة المطابع؟ المحصلة أننا أمام معرض ارتجالى مجهول الصفات والمعلومات والتفاصيل، أمام خطأ إدارى وفنى وتنفيذى بشع، أمام فضيحة لا يصح أن تقترن باسم الهيئة المصرية العامة للكتاب بتاريخها الواسع، والأهم والأكثر فداحة وإثارة للسؤال ووجوب للتوقف والحساب، أننا أمام شبهة إهدار للمال العام.
إعادة إنتاج الماضى.. واحتفاء هيئة الكتاب بـ"الشللية"
ضمن ملامح معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الأخيرة، التى انطلقت قبل أربعة أيام، يبرز ملمح يتصل بالهيراركى والتراتب وقائمة العاملين فى تنظيم المعرض، فى مستوى التخطيط أو مستوى التنفيذ، وبعيدًا عن افتراض الفصل بين واضعى الفلسفة والسياسات العامة للمعرض، وجنود الأرض ومنفذى هذه الخطط والبرامج، إلا أنه حتى وإن تغاضينا عن فكرة الفصل، لوجه الاستفادة من الكفاءات والطاقات المتاحة بأفضل الصور وأقصاها، لن نجد دليلا على تحقق هذا الافتراض حسن النية، فإدارة الهيئة الحالية تعيد الاعتبار بقوة لمنطق الدوائر الإنسانية القريبة والضيقة، ولفلسفة الموالاة والتشابكات الإنسانية الحاكمة للعمل العام، وإلى جانب الانتصار لهذه القيمة فى مطبخ المعرض، فإنها تعيد إنتاج الماضى، ذى الصيغة الشللية والولائية أيضًا، بقوة وسيطرة واكتساح، فى فاترينة العرض وعلى "سُفرة" المعرض ووليمته المعدّة للزوار والضيوف.
مشكلة الشللية وإعادة إنتاج السياقات الماضوية والعلاقات الشخصية فى الراهن، وفى المجال العام، ملمح بارز من ملامح الثقافة المصرية بشكل عام، ومن ملامح هيئة الكتاب ومعرض القاهرة الدولى للكتاب بشكل خاص، باعتباره نقطة اهتمامنا فى هذا الإطار، وشهدتها الدورة السابقة من المعرض، التى كانت الأولى للدكتور هيثم الحاج على فى إدارة هيئة الكتاب، والذى جاء منذ يومه الأول، حتى قبل توليه إدارة الهيئة، ومنذ كان نائبًا للدكتور أحمد مجاهد، حاملا معه قائمة من الأصدقاء، أبناء المحافظة نفسها، وزملاء العمل الأكاديمى والثقافى، كان فى طليعتهم الدكتور محمود الضبع، الذى كان يمارس ضغطًا وتسلّطًا على "هيثم" نفسه خلال الإعداد للمعرض الفائت، قبل أن يستريح رئيس الهيئة الحالى من معاناته بسبب هذه العلاقة، وتداخل الثقافى فى الشخصى، إلى جانب سبق "الضبع" فى السلك الأكاديمى والدرجة العلمية لـ"الحاج على"، وهو المعطى الذى جاء الأول حاملاً إيّاه معه، فخالف توقعات النائب الأول لرئيس الهيئة، ورئيسها لاحقًا، فى صديقه المقرب، الذى افترض فيه أن يكون ساعده الأيمن دون مناطحة أو منافسة، وظل التوتر وصراعات الأصدقاء الودود حاضرة حتى رحل "الضبع" بترقية غير مبررة، ليتولى مجلس إدارة دار الكتب والوثائق القومية، وضمن قائمة المحمولين مع هيثم الحاج على، جاء شريف الجيار الذى سرعان ما نشبت خلافات وتعارضات بينه وبين هيثم الحاج على وفريقه الأقرب، وترددت أسماء أخرى من الخلصاء المقربين، منهم شوكت المصرى وعادل سميح وغيرهما، ولم تخلُ قائمة مهندسى وطباخى معرض القاهرة الدولى للكتاب من باقة واسعة من هذه القائمة القريبة من قلب وعقل ومحل الميلاد فى بطاقة هيثم الحاج على.
التداخل السابق لم يتوقف على طاولة اللجنة العليا للمعرض، إذ انسحب إلى النشاط، فسيطر أصدقاء رئيس الهيئة على إعداد جانب كبير من البرنامج والفعاليات والمحاور والندوات والأمسيات الشعرية، وسيطر بعض الموظفين على جانب آخر من الفعاليات بالسيمترية والروتينية نفسيهما خلال الدورات السابقة، فسيطرت سهير المصادفة على محور الموائد المستديرة، وسيطر شعبان يوسف، الصديق المقرب من رئيس الهيئة السابق أحمد مجاهد، وصاحب فضيحة دعوة مغنى الراب وكاتب الخواطر "زاب ثروت" لفعاليات المعرض وندوات "المقهى الثقافى" خلال دورة العام الماضى، رغم طبيعة المقهى المعروف أنها للتجارب الجادة والمتحققين وأصحاب المشروعات الثقافية الفاعلة والمؤثرة، وهكذا يمكنك أن تمد الخط على استقامته، لم تخرج قائمة القائمين على المعرض، والمهيمنين على فضائه العام وفعالياته وأنشطته، عن دولاب الأسماء القديمة ومحتكرى المعرض ومن يتعاملون معه بمنطق الملكية الشخصية طوال السنوات الأخيرة، باستثناء تسرب اسم أو اسمين على استحياء، كإسناد محور ملتقى الشباب للروائية والناقدة هويدا صالح.
ماكينة إنتاج الماضى لم تتوقف على إسناد فعاليات المعرض للأسماء نفسها، بمنطق التركة المورّثة، أو الدكاكين الموقوفة على أصحابها، ولكنها انسحبت من الميسرين والمشرفين على النشاط، إلى الجمهور الأوّلى المباشر وشركاء صناعة الحدث، فبطبيعة الأمر إن استدعيت شعبان يوسف وسهير المصادفة وغيرهما، لأداء أدوارهم الروتينية المحفوظة والملطخة بالشخصنة واختلال المعايير وانحراف الموازين وآليات الفرز والتقييم، فإنهم لن يبتعدوا عن دولابهم القديم نفسه، ووفق هذا المنطلق لم يتمرد البطاركة والحكام بأمر الهوى على السيناريو المعهود، فاستحضروا قائمة الأسماء المقررة على المعرض فى العشرين سنة الأخيرة كما هى، لم يمسسها سوء، لهذا كان طبيعيا أن تكون الأمسية الشعرية الأولى لأحمد عبد المعطى حجازى ومحمد إبراهيم أبو سنة وطابور من الستينيين والسبعينيين، وأن يكون الشاب فى هذه القائمة قد تجاوز الخمسين، بينما على الجانب الآخر من المعرض، وفى مقهى شعبان يوسف، كان حسن طلب، السبعينى الذى تجاوز السبعين، يتحدث عن تجربته، فى أول أيام المعرض، لا انتقاد لدينا لاسم من هذه الأسماء، ولا إنكار لأهميتها وتأسيسيتها وما أنجزته طوال عقود، ولكن مأخذنا على ما يستحضره هذا الاستدعاء المكثف والمهيمن على متن الصورة ومركزها، لا مجرد حضور الآباء والمؤسسين والطليعيين وفق نسبة وتناسب جيلى أو إبداعى أو حتى عُمرى، من نزوع إلى الدولاب القديم، وإعادة إنتاج الماضى وفق طبيعة العلاقات والروابط الشخصية ودوائر الولاءات وقيم الأبوة.
معرض الكتاب.. قاطرة ضخمة وسائقون لا رؤية
إذا تجاوزنا مشكلات هيئة الكتاب الحالية والمتواصلة، والمتفاقمة على أصعدة عدّة، وحاولنا الخلوص إلى تعقيدات الراهن وسبل الخروج منها، فى إطار البحث عن رؤية استراتيجية لاستعادة معرض القاهرة الدولى للكتاب، الذى حوّله الهواة إلى احتفالية عائلية للأصدقاء والشلة والمتقاعدين، فالحقيقة أن البداية الطبيعية لا يمكن أن تنطلق إلا من تصور أوّلى بضرورة العمل وفق منهجية واضحة ومتماسكة، وضرورة إسناد الأمور لأهلها، والانتصار لمعايير الكفاءة والخيال وفلسفة العمل المتماسكة، وغيرها من الأمور البديهية التى ربما لا تتوفر فى التركيبة الحاكمة للهيئة الآن، وللمعرض بالتبعية، فى صورتها الكلية، وإن توفرت فى بعض الأفراد والأسماء بالطبع، ولكن إلى أن يقضى الله أمرا كان مفعولا، ونتخلص من إدارة الهواة ومنطق الاستدفاء بالأهل والأحبة والأصدقاء فى المهام العامة والأعمال الرسمية، فالحل أن يُعاد النظر فى استراتيجية المعرض وخططه وأبنيته وهياكله، وأن يعرف القائمون على المعرض أن الوظيفة الأولى لأى معرض كتاب فى العالم أنه سوق كتاب بالأساس، وأن مدى نجاحه فى مهامه وإصابته لحظّ من التوفيق، لا يرتبط بعدد الزوار ولا بعدد الشعراء ولا بحجم الفعاليات، يرتبط بحجم الأثر الذى يحدثه فى سوق النشر ومستوى تدفق الإصدارات والعناوين المختلفة من الناشرين للقراء، ومن الناشرين للناشرين والوكلاء، بمعنى أن يكون المعرض منصة للالتقاء والتفاعل والتبادل على كل المستويات، ويشهد نشاطا مباشرا فى تسويق الكتب للقراء العاديين، وتسويقها بين دور النشر فى الدول المختلفة، وللوكلاء ومنصات الترجمة، وبيع حقوق الكتب والإصدارات، ووفق هذا التصور يتعين على الهيئة القيام بدور كبير فى دعم هذه الغاية الاستراتيجية للمعرض، وألا يتوقف دورها على متعهد الحفلات، الذى يستأجر الأرض ثمّ يؤجرها، ثمّ يُحضر الفرقة والمطربين والراقصات، ومع انتهاء الليلة وأول خيط نور يلملم معداته وأنفاره ويرحل عن المنطقة، لا يعنيه من استفاد ولا من أضير، من استمتع ولا من امتعض، هذا بالضبط ما تفعله الهيئة الآن، منحازة إلى البروباجندا والشو والكرنفالية، وهذا بالضبط ما يتوجب عليها الإقلاع عنه والتوبة والندم على فعله.
ليس دليل إجادة ولا شهادة تميز للمعرض أن يكون كُتيّب نشاطه، الذى طُبع بأخطاء فادحة وصودر قبل وصوله للجمهور والصحفيين، متضمنا عشرات الفعاليات، يزيد حجمها الفعلى على مائتى فعالية تقريبا، هذا أحرى بمؤسسات أخرى، تتبع وزارة الثقافة أيضًا، أن تضطلع به وتنفذه، فى إطار أسبوع ثقافى، أو كرنفال فنى أدبى، أو أى مسمّى يحمل طابع الاحتفالية والشو والفعل الثقافى فى إطار تداولى مباشر، وليس عبر وساطة الكتب والعناوين المطبوعة، التى يُفترض أن تكون البطل فى أرض المعارض الدولية خلال الفترة من 26 يناير حتى 10 فبراير، ولكنها بسبب التخبط والعشوائية ومسلسل الأخطاء المتلاحقة والانتصار لقيم الشللية ودوائر الولاءات والعلاقات الشخصية، وإدمان ثقافة الاحتفال والشو والكرنفالية وسرقة العين بالمبهرج والانحراف عن الغايات الأساسية لقاء صناعة نجاح وهمى، غابت تماما عن فضاء الحدث، ووضعت معرض القاهرة الدولى للكتاب فى قبضة الهواة، وفى قلب دائرة من التآمر المهدد لبقائه وفاعليته، والذى لا يمكن غفرانه، حتى وإن كان تآمرا حسن النية أو عن نقص دراية وقلة خبرة، إلا أنه مسمار فى نعش الصرح الثقافى الأهم فى مصر، بدلا من الاستعداد العاقل والنزيه والجاد لاستقبال يوبيله بعد سنتين من الآن.