قالت صحيفة الفاينانشال تايمز إن البنوك العالمية التى أشرفت على بيع مصر لسندات بـ4 مليار دولار الأسبوع الماضى، منها شريحة ذات استحقاق من 30 عام، تؤكد أن المستثمرين مستعدون للرهان على تحسن الاقتصاد المصرى على مدار فترة طويلة قادمة، فى ظل إقبال المستثمرين على سندات الأسواق الناشئة، وهذا فى تقرير لها اليوم الخميس.
وقال راجيف شاه، من بنك "بى ان بى باريبا" الذى كان واحدا من البنوك التى ساعدت فى بيع سندات الديون: "إن المستثمرين تمتلك الأموال السائلة الضرورية للاستثمار. الأسعار مستقرة نسبيا على المدى القريب، ولكن إحراز هذا النوع من العائد كان جذابا جدا (للمستثمر). لقد رأيت بعض هذه الأشياء فى الأرجنتين كذلك. وفى مرحلة الـ30 عام من المنحنى، كان المستثمرون مستعدون للمراهنة على تحسن الائتمان فى مصر".
وأكد شاه أن بيع مصر للشريحة الثالثة من السندات بقيمة 1.25 مليار دولار وتاريخ استحقاق فى 2047، بالإضافة إلى سندات أخرى بتاريخ استحقاق من 5 و10 أعوام، يبرز استعداد المستثمرين على الرهان على مستقبل مصر على المدى الطويل. يذكر أن السندات المصرية بيعت على ثلاث شرائح بسعر فائدة 6.1% و7.5% و8.5%، وأن الأرجنتين سبق أن باعت سندات بعمر 30 عام بفائدة من 8% العام الماضى.
وتوقع شاه أن تسرع الحكومات فى الدول النامية من خطط بيع سندات الديون بالرغم من استقرار أسعار الفائدة، لأن المستثمرين الذين يمتلكون الأموال السائلة عاكفون على البحث عن السندات المتاحة فى الأسواق فى الفترة الحالية.
كما أكدت الصحيفة الاقتصادية أن وزير المالية عمرو الجارحى نجح فى التسويق لمصر على أنها بلد مستعد لتنفيذ إصلاحات اقتصادية أرجأتها طويلا، بدليل أن أكثر من 790 مشتر تقدموا لشراء السندات بنحو 13.5 مليار دولار، أى أكثر من 3 أضعاف القيمة المطلوبة.
وقال الوزير المصرى للصحيفة البريطانية إن البنوك "لم تر حملة ترويجية كان عليها هذا الإقبال فى السنوات الأخيرة"، إذ ذهب الجارحى لدبى ونيويورك ولوس أنجلوس وبوسطن ولندن للترويج للسندات.
وأضاف: "لا تنس أن مصر تخرج من فترة كان فيها الوضع المالى على الأرض صعب بشكل رهيب. أما الآن، فنرى مستوى قوى جدا من الاستقرار".
وسوف يتم خصخصة الشركات المملوكة للدولة، بحسب تصريحات الجارحى للصحيفة، بحيث ينخفض العجز البالغ 12% إلى 6% وينخفض الدين للناتج المحلى الإجمالى من 100% تقريبا إلى 75% فى عام 2020.
الأسواق الناشئة تجتذب المستثمرين فى ظل انخفاض أسعار الفائدة الأوروبية والأمريكية
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية سحق أسهم وعملات وسندات الأسواق الناشئة، مما أفسح الطريق "للانتهازية" من قبل المستثمرين، منوهة إلى أن الأسواق الناشئة طرحت ديونا من 27 مليار دولار فى الأسواق العالمية حتى الآن منذ بداية 2017، وهو الرقم الأقل بمليار واحد عن الرقم القياسى الذى تم تسجيله فى نفس الفترة قبل 3 سنوات فى 2014.
وفى الأسواق الناشئة عموما، فإن أرباح الدولار السريعة وارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية زادت من تكلفة الاقتراض، إلا أن البنوك تقول إن أسعار السندات التى تصدرها البلدان النامية تمكنت من العودة لمعدلاتها حتى الآن، بحسب الصحيفة.
وأوضحت الصحيفة إن عودة مصر لبيع السندات لأول مرة منذ 2015 توضح شهية المستثمرين نحو الأسواق الناشئة، إذ تطرح الأرجنتين وتركيا وهندراوس وكولومبيا المزيد من السندات فى العام الجارى، بينما من المنتظر استمرار المزيد من السندات من عدة دول من بينها الكويت والسعودية لاقتراض عشرات المليارات من الدولارات.
وتنوى مصر العودة لسوق السندات فى مطلع 2018، ربما بسندات باليورو، على حد قول الفاينانشال تايمز، بينما قال الجارحى يوم الأحد الماضى إن القاهرة تدرس إصدار سندات بالين اليابانى واليوان الصينى.
وقال إدجاردو ستيرنبرج، مدير محفظة فى شركة إدارة الاستثمار الأمريكية لوميس سايلز، إن تعافى الأسواق الناشئة يتمثل فى الدول التى تسعى نحو إصلاحات اقتصادية ومالية، بالإضافة إلى الدول المصدرة للنفط.
وأوضح ستينبرج للصحيفة: "أحد أسباب بيع ديون الأسواق الناشئة بشكل صعب جدا هو أن معظم تلك الدول كانت مثقلة بالديون بالعملة الصعبة، ولم يكن لديها الكثير من الاحتياطى، وكانت السندات قصيرة المدى. وتم تخفيف هذا الوضع، فليست كل الديون بالدولار، وليست كل الديون على المدى القصير، والاحتياطى الأجنبيى متواجد فى كل الأسواق الناشئة تقريبا".
وقال خبراء ائتمان فى "بانك أوف أميركا ميريل لينش": "نحن على الحياد بشأن الديون الخارجية للأسواق الناشئة. نحن نتوقع للمعدلات العالمية أن ترتفع هذا العالم وأن يزداد الشعور بعدم اليقين تحت إدارة ترامب."
وأوضح الخبراء أن التحليل الفنى يظل داعما للأسواق الناشئة، إذ تظل معدلات الفائدة الأمريكية والأوروبية فى أدنى مستوياتها التاريخية، مما يحث المستثمرين على البحث عن سندات طويلة الأمد للحصول على عائد أكبر.