رفض عدد من علماء مصر فى الخارج ما أعلنته وزارة الزراعة ممثلة فى مركز البحوث الزراعية بشأن تقييم تجربة زراعة القمح مرتين فى العام، بأنها مضيعة للوقت، وإهدار للمال العام، وشو إعلامى، مؤكدين أن تقييم الأبحاث العلمية لا يتم بهذا الشكل، وأنه لابد من تشكيل لجان علمية "مؤيدة ومعارضة" من وزارتى الرى والزراعة والبيئة والإقتصاد والإجتماع وأساتذة كليات الزراعة والمياه للحكم عليها.
كما أكدوا أن مثل هذه التقارير غير المبنية على أساس تضر البحث العلمى فى مصر وتشوه صورته أمام العالم وتؤدى الى عدم الثقة فى الأبحاث المصرية أمام العالم كله.
الدكتور هانى سويلم أستاذ التنمية المستدامة وإدارة الموارد المائية بجامعة آخن الألمانية، طالب بتشكيل فريق عمل من الباحثين لتقييم تجربة زراعة القمح بالتبريد "مرتين فى العام" من المؤيدين والمعارضين والاستعانة بالفلاحين من ذوى الخبرة و يقوم هذا الفريق بدراسة التجربة من جميع الجوانب الإقتصادية والبيئية و الإجتماعية على المدى البعيد أى عدة مواسم و إصدار تقرير موحد يسرد مميزات و عيوب التجربة و أهم التوصيات بصرف النظر عن اسم الوزارة.
وأضاف سويلم فى تصريحات خاصة لـ "انفراد" أن هذا الموضوع "زراعة القمح مرتين"حيوى للغاية وليست من المصلحة العامة أن يقوم البعض فقط بالنقد الهدام دون المشاركة الفعلية الإيجابية التعاون بين الباحثين من تخصصات مختلفة (الرى والزراعة والبيئة والاقتصاد والاجتماع) قائلاً :" ليست اختراع".
وأشار سويلم إلى أنه لا يوجد بحث علمى اليوم أحادى التخصص فعلى الزملاء من الباحثين التعاون على أرض الواقع و الكف عن التشويه ونشر الإحباط حتى نحصل على نتائج مضمونة و متفق عليها من جميع التخصصات توفر على الدولة المليارات.
وأكد سويلم أن إعلان وزارة الرى عن نجاح تجربة زراعة القمح مرتين فى العام، والتى قام بها المركز القومى لبحوث المياه هو بمثابة تأكيد لنجاح التجربة و الاعتراض ليس له محل من الإعراب إلا إذا كان معتمداً على بحث علمى و له نتائج موثقة مؤكداً "لا أحد يستطيع الحكم على أى تجربة وأنا أيضا لا استطيع الحكم على التجربة ولا أستطيع أن أؤكد أو أنفى مدى نجاحها".
ولفت سويلم أن الفريق البحثى الذى قام بالتجربة هو الوحيد القادر على الحكم على مدى نجاحها أو فشلها لذلك موضوع أخلاقيات البحث العلمى من أخطر ما يمكن لأنه يحتم على الباحث أن يعلن حقيقة النتائج حتى إذا كانت مخيبة للأمال ويحتم أيضا على الباحثين الذين لهم رأى مخالف أن ينشروا الأبحاث المضادة ويكون النقاش العلمى على صفحات المجلات العلمية الدولية فى شكل أبحاث منشورة و ليست "خناقة" على صفحات الجرائد .
من جانبه قال الدكتور علاء الصادق أستاذ تخطيط وإدارة الموارد المائية أن التجربة تحتاج إلى تقييم ومتابعة، قبل الحكم على نجاحها أو فشلها فى مصر، والبحث عن الإجراءات اللازمة لتطوير البحوث العلمية المتعلقة بزراعة القمح، أو البحث عن آليات جديدة لتوفير استهلاك مياه الرى، من خلال استنباط سلالات أكثر تحملاً لارتفاع درجات الحرارة وأقل استهلاكا للمياه، وتحملاً لارتفاع ملوحة التربة والتغيرات المناخية.
وطالب الصادق فى تصريحات خاصة لـ "انفراد" بتشكيل لجنة مشتركة من خبراء ومتخصصين وزارتى الرى والزراعة وأساتذة كليات الزراعة والمياه فى الجامعات المصرية لتقييم التجربة الرائدة التى قامت بها وزارة الرى للعمل على تحسين الإنتاجية وتحقيق أقصى استفادة منها قبل الحكم عليها، وأن يكون التقييم على أساس علمى لترجمة نتائج الأبحاث العلمية التى قامت بها هذه الجهات فى مجال تطوير وتحسين إنتاجية هذا المحصول الإستراتيجي وتحقيق الاكتفاء الذاتى منه فى مصر والذي أصبح ضرورة ملحة، بصرف النظر عن من قام بهذا التطوير سواء من وزارة الرى أو وزارة الزراعة.
وأشار الصادق الى أنه يجب أن تعمل اللجنة على دراسة جدوى هذه الزراعة من معاملات التبريد على حبوب جافة ومدى فاعليتها وتكلفتها الاقتصادية من ثلاجات ضخمة ومولدات كهرباء وطريقتها ووقتها من بعد الحصاد وزمن معاملة التبريد وهل سيكون الفلاح المصري البسيط الذى ستنقل له التجربة قادر على تكلفة توفير الثلاجات للأرض وهل سيحتاج تدريب للتعامل معها؟.
وطالب الصادق لجنة الخبراء بالإجابة عن العديد من الأسئلة المطروحة هل يمكن عملياً أن يكتمل نمو سنابل القمح وتصل للون الذهبى فى طور الحصاد وتمام الجفاف قبل منتصف يناير؟ وهل سيؤثر ذلك على دورة حياة نبات القمح؟ وماذا عن شكل نبات القمح المزروع من حبوب مبردة وصور مراحل نموه التدريجية خلال الثلاثة شهور من وقت زراعة وإنبات الحبوب وحتى الحصاد للحبوب تامة النضج والجفاف لمتابعة نجاح مراحل الانبات والنمو العمرى للنبات والمنحنى الطبيعى لمراحل الانبات والتفريع والاستطالة والتزهير والامتلاء والنضج التام والفترة التى استغرقتها كل مرحلة من مراحل النمو تحديدا من زراعة حبة جافة مبردة الى حبة جافة تحصد وتصلح للتخزين والطحن وما هو معامل المحصول الجديد لكل مرحلة، وما هى القياسات التى يجب تسجيل بيانتها وهل كل الحبوب المعاملة بالتبريد نجحت بنسبة 100% أم أن هناك حبوب لم تستجيب للتبريد، وباقى القياسات الضرورية الأخرى لأى دراسة علمية حقيقية على نبات القمح، و هل الحبوب الجديدة الناتجة من القمح المبرد ممتلئة ومكتملة النمو الجنيني وتصلح للزراعة، وهل الاقماح المنتجة تامة الجفاف وتتحمل التخزين فى الصوامع.
وأضاف الصادق، كلها أسئلة علمية يجب الإجابة عليها من قبل لجنة الخبراء حتي نخرج للعالم بتجربة رائدة يمكن تطبيقها لتحقيق الأمن الغذائي من هذا المحصول الإستراتيجى من وجهة نظر بحثية علمية بنظرة علمية محايدة للأمر، لافتاً الى أنه يجب أن نسأل هل قام فريق البحث بنشر نتائج أبحاثه بأى دورية دولية علمية متخصصة فى هذا المجال، حيث أنه يعتبر سبق علمى تطبيقى فى زراعة محصول إستراتيجى مثل القمح الذى يعتبر غذاء البشرية الأساسى، و مصر أكبر مستورد له فى العالم وهذه التجربة تقدم للعالم كيفية طريقة زراعة القمح بالتبريد فى ثلاثة أشهر.
وأكد الصادق أن زراعة القمح مرتين فى العام في مصر يجب أن تقارن مع زراعة القمح الربيعى تبعًا للنظام البيئي المصري الحالي الذي يتناسب مع أصناف القمح المصرية ويحقق إنتاجية 18 إردبا للفدان ويمكن أن يصل إلى 25 إردبا للفدان.
ورصدت انفراد تجربة قام بها المعهد الوطنى للبحث الزراعى فى المغرب فى عام 2008 لزراعة القمح مرتين فى السنة، حيث قام بتطوير تجارب على زراعة القمح عن طريق استخدام فسيلة للقمح مستوردة من كندا يمكن أن تستخدم فى زراعة القمح مرتين فى السنة، وذلك لمضاعفة إنتاج المغرب من القمح و تحقيق الأمن الغذائى من هذا المحصول الإستراتيجى.
وفى ذلك الوقت شكلت جمعية أرباب المطاحن فى المغرب لجنة مشتركة مع وزارة الفلاحة لتقييم التجربة والتى خلصت إلى أن زراعة القمح مرتين سوف تؤدى إلى تطبيق نظام بيئى مخالف للنظام البيئى لزراعة القمح فى المغرب، ولن تحقق سوى ما يتراوح ما بين 13 – 14 إردبا للفدان، وهذا لن يغطى تكاليف الإنتاج ويمكن أن يؤدي لإجهاد وتدهور التربة نتيجة لزراعة محصولين فى نفس الأرض، و أن التجارب لم تحقق سوى متوسط عام للإنتاجية خلال موسمى الزراعة يصل إلى 14 إردبا للفدان، ولا يتناسب مع طموح الحكومة المغربية فى زيادة إنتاجية القمح.
من جانبه قال النائب السيد حسن وكيل لجنة الزارعة بمجلس النواب، أنه لا يمكن اصدار حكم نهائى حول التجربة قبل الاطلاع على تقارير تقييمها، مشيراً الى أن لجنة الزراعة ستناقش الأمر ويتم اعلان ما تم التوصل اليه.
وحاولت انفراد التواصل مع الدكتور محمد عبد العاطى وزير الموارد المائية والرى، للتعليق على التقارير الصادرة عن مركز البحوث بشأن تقييمهم للتجربة، الا أنه رفض الرد على هاتفه.
فى السياق ذاته أكد الدكتور محمد عبد المطلب رئيس المركز القومى للبحوث المائية، أنه لن يتم التعليق على الأمر الا عندما يصله تقرير رسمى من وزارة الزراعة بشأن تقييم التجربة.
وكان الدكتور محمد عبد المطلب رئيس المركز القومى لبحوث المياه، قد أعلن أنه لأول مرة فى تاريخ مصر الزراعى يتم حصاد القمح فى شهر يناير بدلاً من الموعد التقليدى للحصاد فى مايو وذلك فى إطار تطبيق التقنية البحثية الجديدة للمركز القومى لبحوث المياه التابع لوزارة الرى حيث تسمح بزراعة محصول القمح الاستراتيجي مرتين فى العام الواحد لتصنف كأول دولة في العالم تنجح في ذلك بما يعد خطوة جادة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح بالإضافة إلي توفر ٤٥ ٪ من استهلاك زراعة القمح من مياه الرى.
وانتقدت وزارة الزراعة، أمس فى تقرير رسمى لمركز البحوث الزراعية تجربة وزارة الرى لزراعة القمح مرتين، مشيرة إلى أن هذه التجربة مضيعة للوقت، وإهدار للمال العام، وشو إعلامى، مؤكدين أن زراعة القمح بتلك التقنية التى أعلنتها وزارة الرى فى مصر مخالف تماماً للنظام البيئى لزراعة القمح فى مصر ومضيعة للوقت والمال وإرباك للمزارعين مرة اخرى بزراعة القمح فى سبتمبر بعد اقتناعهم بالعزوف عن الزراعة فى تلك المواعيد لما حققته من خسائر فادحة.