أيد قسم التشريع بمجلس الدولة، ما انتهت إليه هيئة كبار علماء الأزهر، فيما يتعلق بتعديلات قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943، وانتهى القسم برئاسة المستشار أحمد أبو العزم، من مراجعة التعديل الذى أضاف بموجبه بابا تاسعا تحت عنوان "العقوبات"، وهى عقوبات تفرض على من يمتنع عن تسليم الورثة حقوقهم أو يخفى مستندات دالة على ذلك.
كان مشروع القانون عرض على قسم التشريع فى فبراير من العام الماضى، وراجعه القسم فى ضوء النصوص الدستورية والقانونية ذات الصلة، وتم إدخال بعض التعديلات اللفظية التى اقتضتها اعتبارات ضبط وحسن الصياغة، وارتأى القسم آنذاك أن المشروع فى صيغته الأولى يشوبه التعارض بين كل من حفظ النفس وحفظ المال، وهما من مقاصد الشريعة الإسلامية، وطلب أخذ رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى شأنه.
واقترحت هيئة كبار علماء الأزهر، بأن يتضمن المشروع نصاً يجيز الصلح فى جميع مراحل التقاضى حتى بعد صدور الحكم النهائى البات، أو أثناء تنفيذ العقوبة المقضى بها، وذلك حفاظاً على صلة الرحم، وأعيد القانون لقسم التشريع مرة أخرى.
وجاء نص المادة المعدلة بعد مراجعة مجلس الدولة لها - والتى حصل "انفراد" عليها- بإضافة باب تاسع بعنوان "العقوبات" فى قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943، يتضمن مادة جديدة رقمها 49 تنص على: "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنية، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من امتنع عمداً عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعى من الميراث".
و"يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، وبغرامة لا تقل عن عشرة ألاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنية، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من حجب سنداً يؤكد نصيباً للوارث، أو امتنع عن تسليم ذلك السند حال طلب من أي من الورثة الشرعيين".
وفى حالة العودة لأيا من الأفعال السابقة تكون عقوبة الحبس التى لا تقل مدته عن سنة، وللمجنى عليه أو وكيله الخاص ولورثته أو وكيلهم الخاص، إثبات الصلح مع المتهم أمام النيابة العامة والمحكمة بحسب الأحوال، وذلك فى الجنح المنصوص عليها فى هذه المادة، ويجوز للمتهم أو وكيله الخاص إثبات الصلح المشار إليه فى الفقرة السابقة، ويجوز الصلح فى أية حالة كانت عليها الدعوى، وبعد صدور الحكم.
ويترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية، ولو كانت مرفوعة بطريق الادعاء المباشر، وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة إذا وقع الصلح أثناء تنفيذها، ولا أثر للصلح على حقوق المضرور من الجريمة.
وأرسل قسم التشريع ملاحظاته إلى مجلس الوزراء، مشيراً إلى مقترح صادر من مجلس القضاء الأعلى بجعل العقوبة واحدة فى حالة الامتناع عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعى، أو فى حالة حجب مستند يؤكد نصيباً لأحد الورثة، أو الامتناع عن تسليم هذا المستند بحسبان أن المغايرة فى العقوبة لا محل له، بل إن جريمة حجب مستند أو الامتناع عن تسليمه أشد خطراً على الوارث من جريمة عدم تسليم حصة ميراث، ومن ثم قد يكون من الأوفق أن تكون العقوبة المقررة للجريمتين واحدة، وهى الحبس الذى لا تقل مدته عن ستة أشهر أو الغرامة.
وكان قسم التشريع بمجلس الدولة، سبق وأعلن انتهاؤه من مراجعة التعديلات، وأشار فى بيان صادر عنه أن القانون لم يكن يتضمن نصاً عقابياً يضبط مسألة عدم تسليم أعيان التركة لمستحقيها ذكوراً أو إناثا، كما خلا أى قانون آخر من ذلك التنظيم، وأنه لما كان لزاماً على المشرع التدخل لكبح جماح تلك الأفعال التى استفحلت فى مجتمعنا، مما يؤدى إلى ضياع الحقوق كالثابتة شرعاً، وإحداث خلل اجتماعى واقتصادى، وهى أفعال وإن وقعت على الذكور، إلا أن محلها فى الغالب الأعم النساء المستحقات لإرثهن، إذ يمتنع الذكور من الورثة عن تسليمهن حقهن الشرعى تمسكاً بتلك العادات البالية، الأمر الذى استلزم التدخل بنص عقابى لتجريم الامتناع العمدى عن تسليم محل الميراث أو حجب سندات استحقاق الميراث للوارث أياً كان نوعه، وأنه حفاظاً على صلة الرحم، فقد تضمن النص حكماً يُجيز التصالح فى أى حالة كانت عليها الدعوى.