نشرت وكالة بلومبيرج الأمريكية، اليوم الاثنين، تقريراً عن النفع الذى يمكن أن يؤتى من حقول الغاز المكتشفة فى منطقة البحر المتوسط على دول أوروبا التى تعانى من نقصان فى الوقود، مشيرا إلى أنه لابد أن يكون هناك اتفاقا سياسيا بين دول منطقة الحقول المكتشفة ووضع خلافات التاريخية جانبا من أجل جلب هذا النفع.
وقالت الوكالة فى تقريرها لمراسلها ديفيد واينر: إن إنشاء مئات الأميال من خطوط أنابيب الغاز تحت المتوسط يكلف مبالغ باهظة الثمن، كما يضع تحديات أمام مصممى خطوط الأنابيب فضلا عن ضرورة وضع ممرات طاقة أمانة خلال هذه المنطقة التى تشهد نزاعات.
وتابع التقرير أن منطقة اكتشافات الغاز فى البحر المتوسط بدءا من قبرص ولبنان ومصر تحتوى على كمية كبيرة جدا قدرت بأكثر من 340 ترليون قدم مكعب وهى كمية تتخطى الاحتياطات الأمريكية، وفقا لهيئة المسح الجيولوجى الأمريكى.
وقالت الوكالة: إن هذه الاكتشافات تعد سوقا مثاليا للجارة الأوروبية الغنية التى تشعر بالإحباط من عدم الاستغناء عن الغاز الروسى، وهذا ما يتطلب أن يكون هناك تعاون بين دول تعانى نزاعا تاريخيا على مدى التاريخ.
ومن جانبه، قال أموس هيتشستين مبعوث وزير الخارجية الأمريكى السابق جون كيرى: إن هناك تعقيدات ولكن يمكن التغلب عليها ولاسيما لأن هناك بعض الأشخاص، فى بعض الدول مثل مصر، يرون النتائج المثمرة التى قد تجنى من وجود تعاون. وتابعت أن فى مصر اكتشفت شركة اينى حقل ظهر وهو الأكبر حتى الآن فى المنطقة جعلها أن تمثل نقطة تحول لإقناع الأغلبية بضرورة أخذ الأمر بعين الجدية.
وقالت الوكالة إن شركة بى بى البريطانية وما لها من تاريخ عمل فى مصر بلغ نحو 50 عاما قد اشترت 10% من حصة اينى الايطالية فى نوفمبر الماضى، مشيرة إلى أن الاكتشاف يعتبر منقذا للاقتصاد المصرى الذى يعانى من نقص فى العملة الأجنبية.
محادثات عبر "واتس أب"
وتحت عنوان فرعى "سياسة واتس أب"، قال التقرير إن كل من إسرائيل وتركيا قد بدأتا فى تحسين العلاقات بموجب مصالحة توصلوا إليها فى 2016 بعد نزاع طويل استمر سنوات، أدى إلى وجود تعاون محتمل فى مجال الطاقة.
فأشارت الوكالة إلى أن بيرات البيرق وزير الطاقة التركى وصهره الرئيس التركى رجب طيب أردوغان يتناقش يوميا مع مسئول إسرائيلى عبر تطبيق الواتس أب فى هذا المجال.. ويقول ماثيو بريزا، دبلوماسى أمريكى ومدير شركة تركاس بيترول التركية التى تتفاوض مع اسرائيل على شراء الغاز الاسرائيلى، أن اكتشافات البحر المتوسط قد تساعد فى وضع نهاية لنزاع طويل الأمد فى جمهورية قبرص المنقسمة.
واستطرد التقرير أن شركات اينى وايكسون موبل وتوتال من بين الشركات التى تسعى للحصول على امتيازات التنقيب عن الغاز فى المياة القبرصية، العمل الذى قد يكون سهلا إذا تم إزالة العقوبات السياسية بين قبرص وتركيا؛ فإن الحكومة التركية لا تزال ترى أن حكومة قبرص اليونانية ليس لديها الحق فى استغلال موارد الطاقة.
وتابع بريزا "إذا كان هناك اتفاق يلوح فى الأفق، أعتقد أن فكرة إمكانية للحصول على منافع الطاقة سيضع الجانبين على خط النهاية".
ويرى المحللون أن إنشاء خط غاز بين إسرائيل وتركيا عبر قبرص يعد أفضل طريقة لتصدير الغاز للدول الأوروبية، بالإضافة فإنه يمكن أن يتم ضخ الغاز لمحطات الغاز الطبيعى المسال فى مصر ثم يتم شحنها إلى الدول الأوروبية، وفقا للوكالة التى أشارت إلى أن مسئولى كل من إسرائيل والإتحاد الأوروبى قد عقدوا جلسات حول طريق خط الأنابيب المحتمل لليونان.
وفى لبنان، وفقا للتقرير، أبدت إينى الإيطالية واكسون وغيرهما من الشركات اهتمامها فى استكشافات الغاز فى المياه الإقليمية اللبنانية، ولكن تم تأجيل إعلان طرح المناقصة اللبنانية منذ عام 2013 نتيجة الجمود والخلافات السياسية التى شهدتها الدولة مع إسرائيل.
وفى مصر، ظلت محطة تسييل الغاز التابعة لشركة رويال داتش شل لا تعمل بشكل فعال لأن الصادرات كان يتم توجهها لتلبية الطلب المحلى. ولكن شركة نوبل للطاقة الشركة الأجنبية الوحيدة التى تحاول أن يكون لها يد فى السوق الإسرائيلية استطاعت أن تجنى أربحا من المبيعات المحلية.
ومن جهته، قال سايمون هندرسون مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة فى معهد واشنطن إن الطبيعة الجيولوجية للمنطقة، وخاصة فى خندق ضخم على طول قاع البحر من إسرائيل إلى تركيا، سيجعل بناء خط الأنابيب صعبا.
ومن جانبه، قال الرئيس التنفيذى لشركة إينى كلويدو ديسكالزى إن مصر باعتبارها مركزا استراتيجيا لمنطقة الاكتشافات بما فيها اسرائيل وقبرص وليبيا يمكن أن يساهم فى وجود حل لأمن الطاقة للأوروبين. ولوضع الشركات والحكومات الإقليمية على هذا المسار قد يحتاج إلى دفعة من القوى الكبرى مثل الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة.
وتقول بريندا شافيز زميلة فى مركز الطاقة العالمة التابع لمعهد أبحاث المجلس الأطلنطى والذى يتخذ من واشنطن مقر له إنه "بالتأكيد، فإن الإرادة السياسية والتجارية تحتاج إلى الالتئام". وقالت إن الاتحاد الأوروبى يرى بالفعل غاز اكتشافات البحر المتوسط بأنه "مشروع ذات الأولوية القصوى،" على الرغم من أنها تفتقر إلى الأدوات المالية لدفعها إلى الأمام.
ويرى بريزا أنه من الممكن إنشاء نظام خط أنابيب الغاز فى منطقة البحر المتوسط على غرار مشروع فى أذربيجان وهو خط أنابيب النفط باكو-جيهان الذى يربط العاصمة باكو بالساحل التركى المطل على المتوسط مرور بجورجيا.
وتسعى الولايات المتحدة لإعادة توحيد قبرص والمصالحة بين إسرائيل وتركيا، الأمر الذى يتوسط فيه هوتشتين؛ ولكن لا يزال هناك ترقب حيال هذا الدعم الذى يهدف إلى "تهميش روسيا فى المنطقة" تحت حكم الرئيس الأمريكى الحالى دونالد ترامب.