"مش هسمحلك تخلينى استنى فى مكان علشان فلوس.. خد فلوسك وخلينى امشى.. ملكش حق تقعدنى على مزاجك.. أنا مش من هنا ولازم امشى علشان اتأخرت".. هذه كانت آخر كلمات نطقها "محمود بيومى" ضحية "مشاريب" كافيه النزهة.
بعد انتهاء الشوط الثانى من مباراة مصر والكاميرون فى نهائى كأس الأمم الأفريقية أمس الأول الأحد، تجرد عامل داخل كافيه بمنطقة النزهة فى مصر الجديدة من الإنسانية، ليقضى على حياة شاب بعد انتهاء المباراة، والسبب تضامن مع مدير يستغل نفوذه، وكأنه مدير أمن، ليأمر العامل بالتعامل مع الزبون بعد رفضه الانتظار.
وكشف "كريم سمير البرنس" صديق المجنى عليه لـ"انفراد" اللحظات الأخيرة فى حياة محمود بيومى قائلا: "إنه فى بدأت الواقعة بعد أن طلب مدير كافيه بمنطقة النزهة بغلق أبوابه لجمع حساب المشاريب "المنى تشارج" من الزبائن خوفا من خروج أحدهم دون دفع المبلغ المطلوب، ولا يعلم من منهم لن يستطيع الانتظار لأنه من محافظة أخرى، ويريد أن يذهب، طلب المجنى عليه "محمود بيومى" من إدارة الكافيه بالسماح له بالانطلاق والذهاب خارج المحل ودفع المبلغ المطلوب منه ليتحرك، إلا أن المدير طلب منه الجلوس قائلا له: "اتفضل اقعد يابيه.. مش هتتحرك غير لما يجى الدور عليك هتمشى"، إلا أن الشاب رفض هذه المعاملة، وشعر وكأنه مجبرا على الجلوس، فأخرج نقوده وتركها أمامه واصطحب خطيبته التى كانت ترافقه ليخرج من المكان، إلا أن مدير المحل رفض أسلوب الشاب، ودفعه ودفع خطيبته للجلوس مره أخرى، ولكن الشاب رفض هذه المعاملة، وحدثت مشادة بينهما، ليخرج فى الوقت ذاته المدافع عن المدير، وهو عامل شعر بأنه سيكون بطلا فى وجه مديره حين يخرج "مطواة" صغيرة الحجم من جيبه، ليقتل بها الشاب ويفر هاربا خارج المحل.
ونفى صديق الضحية تصريحات محامى صاحب الكافيه بأن الجريمة وقعت خارج الكافيه، مشيرا إلى أن العاملين بالمكان أجبروا "محمود" على النزول من سلم جانبى حتى لا يشاهده أصدقاؤه، واعتدوا عليه بالضرب بالأحزمة "وماشة الشيشة" حتى وصل إلى خارج المكان، وسقط غارقا فى دمائه نتيجة طعنه فى بطنه ورقبته.
وأضاف أن محمود كان سيتزوج فى الصيف المقبل بعد خطوبة استمرت سنوات، وأنه كان زميله بالجامعة البريطانية، ووالده طبيب فى جامعة المنصورة، وكان محمود محبوبا من أصدقائه الذين أصيبوا بانهيار فى الجنازة، مشيرا إلى أن خطيبته لم تتقبل الصدمة، وتعيش أسوأ لحظات حياتها بعد مشاهدتها الجريمة بعينها.
وطالب "كريم" بغلق الكافيهات موجها الشكر للنائب "كريم سالم" عضو مجلس النواب على استجابته بغلق الكافيه، مشيرا إلى أنه لن يترك حق صديقه محمود بيومى.
وأشار محمود حسن مجدى، أحد الزبائن المتواجدين بالكافيه، إلى أنه بعد سقوط الضحية، سادت حالة من الرعب داخل المكان، والصياح ارتفع بين المتواجدين، وفر العشرات منهم بعد مشاهدتهم الدماء بأعينهم، ولم يدفع أحدا منهم الحساب، ولم تفكر الإدارة فى جمع الحساب بعد الحادث.
وقال عامل آخر بالكافيه: "اتصل أحد المتواجدين بالمكان بالإسعاف لإنقاذ الموقف، ولكن وصلت الإسعاف إلى مكان الكافيه بعد مده لا تقل عن 23 دقيقة، بسبب حالة الازدحام التى شهدتها الشوارع بسبب مباراة مصر والكاميرون فى نهائى أمم أفريقيا، وانتقالها به إلى مستشفى بمصر الجديدة، فوصل الشاب جثة هامدة.
وفى الوقت ذاته، أبلغت المستشفى قسم شرطة مصر الجديدة بالحادث، وسرعان ما انطلق رجال المباحث إلى محيط المكان لمحاولة ضبط الجناة، إلا أن رجال المباحث رصدوا هروب الجانى، وقدم لهم صاحب الكافيه بياناته الشخصية وصورة بطاقته لمساعدتهم فى الوصول إليه.
ومن جانبه، قال عدد من أصحاب المحلات المجاورة للكافيه، إن هذه ليست المشاجرة الأولى بالمكان، حيث شهد المكان نشوب العديد من المشادات بين العاملين والزبائن، وذلك بسبب العاملين بالكافيه، لأنهم كانوا سببا أساسيا فى حدوث هذه المشادات، وأن الأجهزة الأمنية بالقاهرة، ألقت القبض على المتهم الرئيسى فى الواقعة.
وكان اللواء خالد عبدالعال، مدير أمن القاهرة، تلقى إخطارًا من المقدم سمير مجدى، رئيس مباحث قسم شرطة مصر الجديدة، يفيد بنشوب مشاجرة ووجود متوفٍ بإحدى الكافيهات الشهيرة بدائرة القسم، وعلى الفور انتقلت الأجهزة الأمنية إلى مكان الحادث، وعثرت على جثة محمود بيومى فى منتصف العقد الثالث من العمر، وبها أثر لطعنتين من سلاح أبيض، وآثار اعتداء بأنحاء متفرقة بالجسد، وتم نقل جثته لأحد المستشفيات.
وبعد مواجهة عمرو مصطفى المتهم بقتل الشاب محمود بيومى، قال إنه طعن المجنى عليه بـ"فتاحة" خلال مشاجرة نشبت بين المجنى عليه ومديره، مضيفا: "قتلته علشان مديرى ومكنتش أقصد"، فأمرت نيابة مصر الجديدة بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيقات.
وصرحت النيابة، برئاسة المستشار أحمد يوسف، وبإشراف المستشار إبراهيم صالح المحامى العام الأول لنيابات شرق القاهرة الكلية، بدفن جثة المجنى عليه وتسليمها لذويه.
وأكد والد الضحية، أنه أثناء جلوس نجله المتوفى على أحد المقاهى بشارع النزهة، حدثت مشادة كلامية بينه وبين مدير المقهى، بسبب خلاف بينهما حول قيمة المشروبات، قام على إثرها "عمرو.م.ح" عامل بالمقهى، بالتعدى عليه بالضرب بآلة حادة نتج عنها إصابته المنوه عنها، والتى أودت بحياته ولاذ بالفرار.
وشيع الآلاف من أبناء محافظة الدقهلية بمقابر العيسوى بمدينة المنصورة، جثمان ضحية "كافيه مصر الجديدة" محمود محمد بيومى، نجل الدكتور محمد بيومى شهاب الدين، أستاذ الباطنة والقلب، ونجل شقيق الدكتور أحمد بيومى شهاب الدين، أستاذ المسالك البولية ورئيس جامعة المنصورة الأسبق، حيث تم تشييع الجثمان بمقابر الأسرة، كما أعلنت أسرته عن قبول العزاء غدًا الأربعاء بدار المناسبات بجامع النصر.