لا شيء فى مسار الشاب المصرى عبدالله الحماحمى كان يوحى بأنه سيقدم على ما فعله الجمعة عندما هاجم جنودا فرنسيين أمام متحف اللوفر وهو يحمل ساطورين ويصيح "الله أكبر" قبل أن تطلق عليه النار.
الحماحمى هو من عائلة مصرية ميسورة كان يعمل مديرا فى شركة فى الإمارات العربية المتحدة، وكان كل شيء يبشر بأن مستقبله المهنى واعد فى هذه الدولة الخليجية الغنية.
فى السادس والعشرين من يناير الماضى وصل إلى فرنسا بعد أن حصل على تأشيرة دخول من دبي. وقبيل الساعة التاسعة صباحا بتوقيت جرينتش الجمعة انقض أمام مدخل متحف اللوفر على عسكريين فرنسيين وهو يحمل سكينا بطول 40 سنتم فى كل يد ويصيح "الله أكبر".
وتمكن من إصابة أحد الجنود بجرح طفيف فى رأسه قبل أن يدفعه الثانى ويطلق عليه ويصيبه بجروح خطيرة.
إلا أن رضا الحماحمى والد الشاب عبدالله واللواء السابق فى الشرطة المصرية رفض هذه الرواية الفرنسية للأحداث وقال لوكالة فرانس برس إنه يستبعد أن يقوم ابنه وطوله 165 سنتمترا بمهاجمة أربعة عسكريين مسلحين، ويؤكد أن لا علاقة لابنه بالتطرف .
وأوضح أن ابنه يعمل مسؤولا تجاريا فى مؤسسة فى إمارة الشارقة وكان فى "رحلة عمل" إلى باريس، وأراد زيارة متحف اللوفر قبل إنهاء رحلته.
وتوجد زوجته الحامل بابنه الثانى حاليا فى المملكة العربية السعودية.
ولم يكن الوالد قادرا على تفسير التغريدات الموقعة باسم أبنه التى أرسلت قبل الاعتداء وتضمنت شعارات متطرفة. وجاء فى أحداها "اللهم أن لنا أخوة فى سوريا وكل بقع الأرض" مضيفا "لا تفاوض لا مساومة لا مداهنة ثبات لا تراجع حرب لا هوادة فيها".
كما كتب تغريدة آخرى تضمنت آية قرآنية تعد المقاتلين فى سبيل الله بالجنة. وفى تغريدة ثالثة كتب "لماذا يخافون من قيام دولة الإسلام؟ لان دولة الإسلام تدافع عن مواردها وأرضها وعرض المسلمين".
شخص مختلف
وقال صديق للحماحمى يعرفه منذ نحو عشر سنوات تعليقا على تغريداته، "يبدو وكأنه شخص آخر وكأن حسابه تعرض للقرصنة".
يتحدر الحماحمى من مدينة المنصورة فى دلتا النيل وشب فى كنف عائلة ميسورة معتدلة فى تدينها، حسب أبيه.
ويعمل أحد أخوة عبدالله شرطيا، فى حين درس هو الحقوق فى جامعة المنصورة التى تخرج منها عام 2010 قبل ان يتوجه للعمل فى الإمارات.
بعد موجة الربيع العربى عام 2011 تبين من خلال تغريدات الحماحمى إنه كان يتعاطف مع الإسلاميين فى الدول العربية.
ولم يعرف بعد تاريخ وصوله إلى دولة الإمارات إلا أن الأكيد أنه أقترع فى القنصلية المصرية فى دبى خلال انتخابات العام 2012 التى أوصلت الرئيس الأسبق محمد مرسى إلى السلطة.
ويظهر الشاب عبدالله فى الصور المنشورة له على مواقع التواصل الاجتماعى وهو مبتسم حليق الذقن قصير الشعر بلباس رياضى يعمل أمام كومبيوتر. أما الصور القديمة التى تعود الى 2009 و2010 فى بيته العائلى فيظهر بربطة عنق ونظارات رقيقة ونظرة هادئة.
ويتبين من خلال تغريداته إنه دعم مرسى بعد انتخابه وشارك عام 2014 فى دبى فى محاضرة لداعية هندى يدعى زاكر نايك. إلا أن تعليقاته يومها لم تكن متشددة وحازمة مثل تلك التى أطلقها قبل ساعات من هجومه أمام اللوفر.
ويبدو أنه أعد بعناية رحلته إلى باريس فقدم طلب التأشيرة منذ أكتوبر الماضى وحصل عليها فى نوفمبر لمدة شهر ابتداء من العشرين من يناير 2017.
فى السادس والعشرين من يناير وصل إلى باريس وأقام فى شقة بلغ إيجارها 1700 يورو فى الأسبوع على مقربة من جادة الشانزلزيه الشهيرة. وبعد يومين أشترى ساطورين ودفع ثمنهما نقدا.
وقال للمحققين إنه لم يكن يريد مهاجمة العسكريين بل أراد إتلاف بعض مقتنيات متحف اللوفر.