جميع الأحكام التى أقرها الفقهاء قابلة لإعادة النظر وفق مقتضيات العصر، هذا ما أكده الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف والأمين العام لهيئة كبار العلماء، حيث كشف عن موضوع فقهى جديد قد يحد كثيرًا من حالات الطلاق التى زادت مؤخرًا، وقد يكون الوصول إلى رأى يتوافق مع مقتضيات العصر بشأن هذا الأمر يخفض من نسب ارتفاع الطلاق فى مجتمعنا المصرى، وهو عدم وقوع الطلاق فى الحيض عكس ما يُفتى به الآن.
والمنصوص عليه حسب دار الأفتاء المصرية، أن الطلاق الصريح تطلق به الزوجة بمجرَّد إيقاعه؛ سواء أكان وقوعه فى حالة الطُّهر أو فى حالة الحيض؛ لأن وقوعه إزالةٌ للعصمة وإسقاطٌ للحقِّ فلا يتقيد بوقت معين، وقد وردت آيات الطلاق مُطلقة غير مقيدةٍ، ولا يوجد من النصوص ما يقيدها فوجب القول بوقوعه.
وأما ما ورد من النهى عن الطلاق فى وقت الحيض، فقد كان لأمرٍ خارجٍ عن حقيقته؛ وهو الإضرار بالزوجة بتطويل العدة عليها غير أن الزوج يكون عاصيًا؛ لأن النبى صلى الله عليه وآله وسلم لما أنكر على ابن عمر الطلاقَ فى زمن الحيض قال ابنُ عمر: أرأيتَ يا رسول الله لو طلقتُها ثلاثًا؟ قال : «عَصَيْتَ رَبَّكَ وَفَارَقْتَ امْرَأَتَكَ» رواه الدار قطنى.
وعلى ذلك : فإن طلاق الزوجة من زوجها بقوله لها : "أنت طالق" فى زمن الحيض يقع به الطلاق ويكون مع الطلقتين السابقتين مكملًا للثلاث، وبه تَبيِنُ منه زوجته بينونة كبرى، متى كانت الزوجة مدخولًا بها، فلا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره نكاحًا صحيحًا، ويدخل بها دخولًا حقيقيًّا ثم يطلقها أو يموت عنها وتنقضى عِدَّتها منه، ثم يتزوجها الأول بعقدٍ ومهرٍ جديدين بإذنها ورضاها.
وعلى عكس ذلك، يقول الدكتور عباس شومان ،وكيل الأزهر والأمين العام لهيئة كبار العلماء، إن الطلاق الشرعى مشروع لكنه مكروه لا ينبغى اللجوء إليه إلا عند تعذر استمرار الحياة الزوجية، وبعد استيفاء وسائل حل الخلافات بين الزوجين من الوعظ والهجر فى الفراش والضرب الرمزى غير المؤلم وتحكيم بعض أهل الزوجين.
وأضاف فى تصريحات لـ"انفراد"، أن الطلاق ينبغى أن يكون طلقة واحدة فى حال طهر الزوجة الذى لم يقع فيه معاشرة، وهذا يعنى أن الطلاق الشرعى لا يكون أثناء الحيض ولا فى الطهر الذى حدث فيه جماع، ولا يكون أكثر من تطليقة فى المرة الواحدة، ولا يكون فى حال الغضب الشديد المؤثر على سلامة التفكير واتخاذ القرار.
وتابع : أن الطلاق البدعى هو الطلاق الذى يقع فى الحيض أو فى الطهر الذى لم يسلم من المعاشرة، ما لم تكن الزوجة حاملًا، أو الذى يجمع فيه المطلق أكثر من تطليقة.
ويرى شومان أن الطلاق البدعى لايقع بشكل عام، لكن هناك فرق بين نوعين من الطلاق البدعى، طلاق يمكن تصحيحه بإسقاط ما فيه من بدعة ورده إلى المشروع، وهو التطليق أكثر من تطليقة فى المرة الواحدة، حيث يرى كما هو مفتى به الآن وكما هو منصوص عليه فى قانون الأحوال الشخصية أنه يقع طلقة واحدة رجعية ويسقط ما زاد عليها لأنه بدعة والبدعة ترد، والنوع الثانى من الطلاق البدعى هو الطلاق الذى يكون فى الحيض أو الطهر الذى حدث فيه جماع والزوجة ليست حاملًا، قائلًا " فأرى أن هذا الطلاق لا يعتد به، وهو ما يعد مخالفًا لأكثر الفقهاء الذين قالوا بوقوعه، والفرق بين هذا النوع من الطلاق وبين التطليق ثلاثًا بأن هذا النوع من الطلاق لا يمكن رده إلى طلاق مشروع، لأنه وقع على امرأة فى حالة لا تصلح للتطليق، وهى حالة الحيض ومثلها النفاس أو فى الطهر غير الخالص من المعاشرة فيجب إسقاطه كله، كما أفاد أمر عبد الله بن عمر -رضى الله عنهما- برد زوجته التى طلقها وهى حائض، حيث أرى أن هذا الأمر إلغاء للطلاق الذى ظنه عبد الله وهو ليس كذلك".
واستطرد وكيل الأزهر فى شرح وجهة نظره التى خالف فيها أكثر الفقهاء، قائلًا: "وهذا الرأى فى حال الأخذ به يحد كثيرًا من حالات الطلاق، لأن كثيرًا منها يقع إما فى حال الحيض وإما فى طهر وقع فيه جماع فلا يعتد به وكأنه لم يكن".
وأخيرًا أكد الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف أن العمل فى الطلاق البدعى يبقى على حاله وهو الاعتداد به، ما لم تصدر هيئة كبار العلماء رأيًا آخر.