فى خطوة وصفها البعض بالجيدة، فى إطار تحركات الرئيس الجزائرى عبدالعزيز بوتفليقة للإصلاح السياسى، قالت الرئاسة الجزائرية إن رئيس البلاد عبد العزيز بوتفليقة وقّع السبت، على المرسوم الرئاسى المتضمن استدعاء البرلمان للاجتماع بغرفتيه الأربعاء المقبل، لعرض مشروع القانون المتضمن تعديل الدستور.
وأعلن المجلس الدستورى فى بيان له أنه "بعد المداولة أصدر المجلس الدستورى، الخميس 28 يناير 2016، رأيه المعلل الذى صرح بموجبه أنه طبقا لأحكام الدستور لا سيما المادة 176 منه، بأن مشروع القانون المتضمن تعديل الدستور والذى أخطر بشأنه المجلس الدستورى للإدلاء برأيه المعلل لا يمس البتة المبادئ العامة التى تحكم المجتمع الجزائرى، وحقوق الإنسان والمواطن وحرياتهما، ولا يمس بأى كيفية التوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية.
وتنص المادة 176 من الدستور، أنه "إذا ارتأى المجلس الدستورى أن مشروع أى تعديل دستورى لا يمس البتة المبادئ العامة التى تحكم المجتمع الجزائرى، وحقوق الإنسان والمواطن وحرياتهما، ولا يمس بأى كيفية التوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية، وعلل رأيه، أمكن رئيس الجمهورية أن يصدر القانون الذى يتضمن التعديل الدستورى مباشرة دون أن يعرضه على الاستفتاء الشعبى، متى أحرز ثلاثة أرباع (4/3) أصوات أعضاء غرفتى البرلمان".
وأكد مدير مكتب الرئيس الجزائرى الذى يشغل أيضا منصب وزير الدولة خلال مؤتمر صحفى، أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة حل جهاز المخابرات وعوضه بثلاث مديريات عامة ملحقة برئاسة الجمهورية، وهى المديرية العامة للأمن الداخلى، والمديرية العامة للتوثيق والأمن الخارجى، والمديرية العامة للاستعلام التقنى.
وأضاف أنه تم تكليف اللواء عثمان طرطاق الذى عينه الرئيس بوتفليقة فى منصب وزير مستشار برئاسة الجمهورية، بالتنسيق بين أجهزة الأمن.
ورجح سياسيون جزائريون موافقة البرلمان على التعديلات الدستورية التى دعا الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للتصويت عليها، مؤكدين أن المشروع من الموتقع أن يحصل على موافقة ثلاثة أرباع أعضاء البرلمان ولاسيما فى ظل دعم جبهة التحرير الوطنى، التجمع الوطنى الديمقراطى للتعديلات الدستورية، إضافة للأحزاب التى تدعم السلطة ولها تمثيل داخل البرلمان الجزائرى.
ومن المتوقع أن ترفض أحزاب المعارضة الجزائرية التعديلات الدستورية التى طالب الرئيس بوتفليقة بتصويت البرلمان عليها، بالرغم من إيجابية التعديلات والتى تأتى فى إطار خطوات الإصلاح السياسى بالبلاد.
وكانت الرئاسة الجزائرية قد أعلنت مطلع العام الجارى عن وثيقة مشروع التعديل الدستورى، والتى شملت 73 مادة من بين 182 تعتبر أساس الدستور الحالى، إلى جانب 37 مادة جديدة.
كما أعلنت الرئاسة منتصف يناير الجارى عن إحالة المشروع إلى المجلس الدستورى، لإصدار رأيه بشأن إمكانية عرضه على البرلمان للتصديق عليه.
ومن أبرز التعديلات التى جاءت بها الوثيقة "ترسيم (الأمازيغية) كلغة ثانية فى البلاد إلى جانب العربية، وترشح رئيس الجمهورية لولايتين رئاسيتين فقط لمدة 5 أعوام، بعد أن كانت مفتوحة، وتأسيس هيئة مستقلة لمراقبة العملية الانتخابية".
ونصت التعديلات على أن رئيس الجمهورية يعين رئيس الوزراء بعد استشارة الأغلبية البرلمانية، بعد أن كان يعينه دون الرجوع إليها، كما جاء فيه لأول مرة حق البرلمان فى مناقشة الاتفاقيات الدولية قبل المصادقة عليها من قبل الرئيس، وتخصيص جلسة شهرية بالبرلمان لمناقشة جدول أعمال تقترحه كتل المعارضة.
وفى جانب الحريات، تم وضع مواد تجرم المعاملات اللا إنسانية ضد المواطن، وحرية التظاهر السلمى ومنع سجن الصحفيين بسبب كتاباتهم.
وتقول أحزاب المعارضة الجزائرية بشأن التعديلات إنها "جعلت من رئيس الجمهورية ملكاً يمسك بكافة السلطات بيده، دون أن يكون مسئولاً أمام البرلمان حول نتائج سياساته".
وقال أحمد أويحى، مدير ديوان الرئاسة، والأمين العام لحزب التجمع الوطنى الديمقراطى الخميس الماضى، فى كلمة أمام كوادر حزبه، إن "تعديل الدستور، مشروع توافقى، والذى تم تنظيم استشارات مع الجميع بشأنه، ومن يرفضه جهات كانت سترفض حتى كتابة المشروع بنفسها، لأنها تشكك أصلًا فى شرعية رئيس الجمهورية".
وأجرى الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة منذ وصوله الحكم عام 1999 تعديلين دستوريين الأول عام 2001، قام بموجبه بجعل الأمازيغية لغة وطنية غير رسمية، وعام 2008، قام بتعديل مادة دستورية أصبح بموجبها الترشح لرئاسة الجمهورية مفتوحًا، بعد أن كان محددًا فى ولايتين فقط (5 سنوات لكل منهما)، وهو ما سمح له بالترشح لولاية ثالثة ورابعة.