لم يمر سوى يومين على إعلان خدمة الصحة العامة البريطانية عن تعرض 6 من مواقعها للقرصنة من قبل جماعة متشددة تابعة لتنظيم داعش، إلا وأدركت الحكومة البريطانية خطورة هذا التهديد، فما كان منها إلا أن تعلن عن برنامج جديد لتدريب آلاف الطلاب فى المرحلة الثانوية على الأمن الإلكترونى لتشكيل جيشا إلكترونيا يدافع عن البلاد بحلول عام 2021.
وبمجرد مرور أسبوع واحد على مؤتمر صحفى لمنظمة تكافح التشدد أعلنت فيه أن الأطفال هم الأكثر عرضة للتطرف بسبب آراء آبائهم، تقدمت وزارة التعليم بمقترح بتقديم دروس للتلاميذ الذين لم تتجاوز أعمارهم 4 سنوات لحمايتهم من التطرف وتعليمهم قبول الآخر واحترامه، وذلك فى إطار استراتيجية حكومية هدفها مواجهة التهديد الإرهابى.
تدريب طلاب الثانوية
وتقول صحيفة "الإندبندنت" إن الحكومة البريطانية تدرب آلاف المراهقين البريطانيين فى المدارس على الأمن الإلكترونى لتعزيز دفاع المملكة المتحدة أمام التهديدات الإلكترونية المتزايدة، مشيرة إلى أن البرنامج الجديد يهدف إلى تعليم الطلاب بعض المهارات، التى يحتاجونها للدفاع عن المؤسسات والشركات البريطانية فى الفضاء الإلكترونى.
وزادت الحاجة لتسليح الطلاب بهذه المهارات فى أعقاب التقارير، التى أفادت بأن روسيا تدخلت فى الانتخابات الأمريكية عبر قرصنة إميلات مسئولين فى الحزب الديمقراطى، فى الوقت الذى تستمر فيه الصين فى "الحرب الإلكترونية" والتجسس، وهو الأمر الذى أثار مخاوف حقيقية بشأن تهديدات القرصنة.
وأضافت "الإندبندنت" أن تنظيم داعش والجماعات الإرهابية أيضا نقلوا بعض معاركهم إلى هذا الفضاء، لاسيما بعدما "قرصنت" جماعة "الفلاقة" التونسية التابعة لتنظيم داعش عدد من مواقع الخدمة البريطانية الصحية ونشرت صورا للفظائع التى تحدث فى سوريا.
إصقال الطلاب بالمهاراتبـ20 مليون إسترلينى
وتهدف الحكومة البريطانية إلى تجنب أى نقص مستقبلى فى المهارات فى الوقت الذى تزيد فيه المخاوف حيال تأثير الضرر الذى يمكن أن يحدثه القراصنة أو الإرهابيون على اقتصاد الدول وبنيتها التحتية.
ويسعى الوزراء لتوفير 20 مليون جنيه إسترلينى لتقديم دورات إلى جانب المناهج التعليمية إلى المدرسين الذين يقدموها بدورهم إلى مجموعة مختارة من الطلاب.
منهج سيبراتى
وأوضحت "الإندبندنت" أن "المنهج السيبراتى" سيكون مزيج بين الدراسة النظرية فى الفصل وبين الدراسة فى الفضاء الإلكترونى حيث توجد التحديات الحقيقية لكسب الخبرات بشكل سليم.
ويستهدف المشروع الذى تقوده وزارة الثقافة والإعلام والرياضة الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و18 عاما، لتدريب وتجهيز 5700 طالب بشكل كامل بحلول عام 2021.
ويقول مات هانكوك، وزير الثقافة والرقمية: "هذا البرنامج التطلعى سيضمن منح الآلاف من العقول الصغيرة اللامعة الفرصة لتعلم مهارات حديثة فى مجال الأمن الإلكترونى، بالإضافة إلى دراستهم الثانوية".
وأضاف: "نحن عازمون على تجهيز بريطانيا للتحديات التى تواجهها الآن ومستقبلا، وهذه النوادى الإضافية للمنهج ستساعد على العثور على المواهب وإلهام الآخرين".
4 ساعات أسبوعيا
ومن المتوقع أن تكون الدورات الإضافية 4 ساعات فى الأسبوع، مع الحرص على المرونة فى مواعيد الامتحانات حتى لا تتعارض مع دراستهم الأساسية، على أن يبدأ الطلاب فى عمر الـ14 لمدة أربعة أعوام.
وأشارت الصحيفة إلى أن الطلاب بالفئة العمرية الأكبر من 14 عاما، يمكنهم أن ينضموا فى أى مرحلة بشرط أن تكون لديهم المعايير اللازمة للبرنامج، الذى أغلب الظن سيبدأ سبتمبر المقبل.
مركز قومى للأمن الإلكترونى
وأوضحت "الإندبندنت" أن الحكومة البريطانية أطلقت المركز القومى للأمن الإلكترونى العام الماضى بإجمالى استثمارات 1.9 مليار جنيه إسترلينى لمواجهة التهديدات.
مقترح وزارة التعليم
وفى سياق متصل، كشفت صحيفة "التليجراف" البريطانية أن وزارة التعليم قدمت مقترحا بتعليم التلاميذ الذين لم تتجاوز أعمارهم 4 أعوام دروس "مكافحة التطرف" وذلك لحمايتهم من الفيديوهات التى تظهر فيها عناصر تقطع رؤوس أشخاص آخرين، ومن الدعاية الإرهابية عبر الإنترنت، وذلك فى إطار برنامج "المنع" الذى وضعته الحكومة البريطانية لمواجهة الإرهاب.
وأوضحت التليجراف أن الحكومة البريطانية ترغب فى أن يشمل برنامجها تعرض الأطفال لدعاية التشدد، بعدما كشف مدرس أن تلميذة مسلمة عمرها 5 أعوام كانت تشاهد فيديوهات ذبح أجبرها والدها على مشاهدتها.
ويضم المقترح تقديم دروس جديدة للأطفال لتعليمهم كيفية الحفاظ على السلامة عبر الإنترنت وزيادة وعيهم أمام انتشار "نظريات المؤامرة"، برنامج "منع" هو استراتيجية حكومية لمواجهة الإرهاب ومنع الناس من أن يصبحوا إرهابيين أو أن يقدموا دعما له.
وقالت سارة خان، مؤسس مساعد لمنظمة "إلهم" لمكافحة التشدد فى مؤتمر صحفى الأسبوع الماضى أن هناك مخاوف حقيقة من أن يصبح الأطفال ضحايا للتشدد.
وأشارت إلى أن والد أحد التلاميذ البيض كان يشجع ابنه على مشاهدة فيديوهات عنيفة ضد المسلمين ويشجع على أعمال العنف ضدهم.
وقال المتحدث باسم وزارة التعليم إن هناك خطط لتغيير المناهج فى الوقت الذى يتم فيه تعزيز القطاع بموارد جديدة من شأنها دعم المدرسين ومنحهم الثقة التى يحتاجونها لتعليم التلاميذ بشأن المخاطر وترسيخ القيم البريطانية لديهم مثل الاحترام المتبادل والتسامح.