بعث نائب البرلمان عن دائرة بنها كمال الدين حسين برسالة حادة إلى الرئيس أنور السادات يوم 5 فبراير 1977، قادت إلى معركة شغلت الرأى العام، وخضعت لتفسيرات سياسية، لأن صاحبها كان مع السادات من أبرز أعضاء مجلس قيادة ثورة 23 يوليو 1952، كما أنه شغل مواقع سياسية رفيعة مع جمال عبد الناصر حتى كان نائبه قبل السادات، واستقال يوم 4 مارس 1964 وابتعد عن العمل السياسى، حتى عاد إليه فى انتخابات مجلس الشعب عام 1976، ونجح باكتساح فى دائرة «بنها» بمحافظة القليوبية.
بدأ «حسين» رسالته بقوله: «السلام على من اتبع الهدى.. وبعد»، ثم قال فيها:
«4 فبراير يوم مشؤوم فى تاريخ مصر، وقراركم فى هذا التاريخ مستغلاً المادة «74» من الدستور الذى فصلته لمصلحة الفرد الحاكم قرار خاطئ وباطل دستوريا، أحملكم وزره كما حملت سابقك وزر القانون 119، الخطر الذى تنص عليه هذه المادة غير موجود الآن، وكان لقصر نظر حكومتك والسياسة الخرقاء التى درجت عليها حكومات سبقت السبب فى الذى حدث يومى 18 و19 يناير «مظاهرات الجوع»، وبدلاً من أن تعاقبوا حكومتكم على تقصيرها وتنتظر كلمة القضاء فى مدبرى الحوادث التخريبية، وهم جميعاً تحت أيديكم الآن عاقبتم الشعب ومجلس الشعب، فقراركم هذا ازدراء لعقلية المصريين وحريتهم وامتهان لمجلس الشعب وضرب لكل القيم الدستورية الحقة».
أضاف «حسين»: «أنت تعلم كراهيتى للشيوعية ووقوفى ضدها، ولكنك تعلم أيضا مدى حبى لمصر «أن تقنين الظلم أشد أنواع الظلم»، وأن هذا الذى يجرى تقنين غير شرعى للظلم والاستفتاء الذين تنصبون تمثيليته ستزوره حكومتكم المبجلة، ملعون من الله ومن الناس كل من يتحدى إرادة أمة أو يمتهن كرامة شعب، حسبنا الله ونعم الوكيل، وإنا لله وإن إليه راجعون».
تعلقت الرسالة بالاستفتاء حول «قانون حماية الأمن والمواطنين» الذى دعا إليه السادات وجاء كما يقول «غالى شكرى» فى كتابه «الثورة المضادة» عن الهيئة العامة لقصور الثقافة - القاهرة، صدى مباشراً لانتفاضة الجماهير العفوية فى 18 و19 يناير 1977، وكان الاستفتاء انقلاباً دستورياً من زاويتين: تكوين الأحزاب وإلغاء الحريات الأساسية للشعب المصرى، حيث اشترط موافقة عشرين نائبا على تكوين أى حزب جديد، ونصت المادة 6 منه على «الأشغال الشاقة المؤبدة لكل من دبر أو شارك فى تجمهر يؤدى إلى إثارة الجماهير بدعوتهم إلى تعطيل تنفيذ القوانين واللوائح، بهدف التأثير على ممارسة السلطات الدستورية لأعمالها، أو منع الهيئات الحكومية أو مؤسسات القطاع العام أو الخاص أو معاهد العلم من ممارسة عملها باستعمال القوة أو التهديد باستعمالها، وتطبق نفس العقوبة على مدبرى التجمهر، ولو لم يكونوا مشتركين فيه وعلى المحرضين والمشجعين، وقالت المادة 8: «يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة كل من دبر أو شارك فى تجمهر أو اعتصام من شأنه أن يعرض السلم العام للخطر».
أحال «السادات» رسالة «حسين» إلى مجلس الشعب للتصرف، وحسب «شكرى» فإن الصحف الرسمية نشرتها فى طبعاتها الأولى ثم عادت فحذفتها، وفى يوم 14 فبراير «مثل هذا اليوم» عام 1977 ناقش المجلس الرسالة فى غياب العضو، وتقدم 252 نائباً من الحزب الحاكم «حزب مصر العربى الاشتراكى» الوسط «برئاسة ممدوح سالم» بطلب لإسقاط العضوية عن النائب، وقرر المجلس بإجماع نواب الحزب الحاكم أيضا ومعارضة 18 نائبا من المستقلين واليساريين «نواب حزب التجمع» إسقاط عضويته.
كانت الحجة فى إسقاط عضوية «حسين» هى «أن البرقية تضمنت عبارات بها مساس بالمؤسسات الدستورية» وفقا لما يذكره ابنه «مصطفى» النائب عن دائرة بنها فى مجلس النواب عام 2016، مؤكداً لموقع «برلمانى» أنه رغم حصول والده على حكم قضائى بالعودة، فإنه لم ينفذ بعد أن قام السادات بتعديل قانون مجلس الشعب لينص على أن من غادر المجلس لا يعود إليه»، ويؤكد غالى شكرى أن فصل النائب من البرلمان لمجرد هجومه على الحكومة أو رئيس الجمهورية، لم تعرفه برلمانات مصر الملكية والناصرية باستثناء مرة واحدة حدثت فى عهد الملك فؤاد «سنة 1930» مع عباس محمود العقاد بتهمة «العيب فى الذات الملكية» حين صرخ فى مجلس الشيوخ: «إن أكبر رأس فى الدولة تتحطم إذا مست الدستور».