ارتفعت نسبة الإصابة بمرض السكر فى مصر بمعدلات كبيرة جدا، وهو ما أدى لانتشار الأمراض الأخرى، التى تعتبر من مضاعفاته مثل أمراض القلب وغيرها.
انفراد أجرت هذا الحوار مع الدكتور أسامة حمدى، المدير الطبى لبرامج السمنة والسكر بمركز جوزلن للسكر فى جامعة هارفرد، الذى تناول أسباب تفشى السمنة والسكر فى البيوت المصرية وغيرها.
وإلى نص الحوار:
تحتل المرأة المصرية المركز الأول فى الإصابة بالسمنة عالميا، ما الأسباب التى أدت إلى ذلك والمشاكل الصحية، التى ترتبت عليها؟
- الأسباب وراء احتلال المرأة المصرية المركز الأول فى الإصابة بالسمنة متعددة وأهمها:
- تغيير النمط الغذائى فى الخمسين سنة الماضية فى اتجاهين داخل المنزل وخارجه
- انعدام الوعى الغذائى والزيادة فى استهلاك النشويات والسكريات
- قلة الحركة وانعدام ممارسة الرياضة للتغيير المجتمعى والنظرة السلبية للمرأة التى تُمارس الرياضة.
- زيادة الضغط النفسى الذى يؤدى إلى زيادة إفراز هرمونات التوتر التى تزيد من مشكلة السمنة.
- تقلص الوقت المتبقى للحركة وتحوله إلى مشاهدة التليفزيون وتصفح الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى والاتصالات التليفونية
كيف يتم التغلب على الارتفاع المستمر لنسبة الإصابة بمرض السكر بين الأطفال والكبار فى مصر؟
- وصلت الإصابة بمرض السكر فى مصر لمعدلات غير مسبوقة، حيث أصبحت الآن فى قائمة العشر دول الأكثر إصابة بمرض السكر، وللأسف كثير من الحالات لم يتم تشخيصها حتى الآن، لانعدام برامج الكشف الدورى مع ارتفاع معدل الإصابة فى صغار السن وارتفاع معدلات السمنة، كما لا يذهبون إلى الطبيب لإجراء الفحص، كما أن الصرف على علاج مرض السكر فى مصر من أقل المعدلات العالمية وأدناها فى الشرق الأوسط.
كما تحتل مصر الترتيب الخامس عشر فى الصرف على مرض السكر فى الشرق الأوسط بمتوسط 116 دولارا للمريض فى السنة، حسب تقرير المنظمة الدولية للسكر.. وللتغلب على هذا الارتفاع فى معدلات الإصابة بمرض السكر يجب تطبيق نظام شامل للوقاية والفحص المبكر، والبداية بالتأكيد تكمن فى إصلاح النظام الغذائى والتوعية الغذائية، لخفض معدلات السمنة مع الاهتمام بزيادة النشاط الحركى والرياضة.
فى الوقت الحالى اختلفت العادات الغذائية ونمط الحياة بشكل كبير عن الأوقات السابقة، ما المشاكل الصحية التى نتجت عنها؟
- أثبت العلم أن كل ما كان يأكله أجدادنا من أفضل أنواع الغذاء الصحى والمضاد للبدانة ومرض السكر، موضحا أن المعدة هى بيت الداء، والعلم الحديث أثبت أن جميع الأمراض العصرية وخاصة السمنة والسكر وأمراض القلب، التى تتسبب فى معظم الوفيات فى مصر والعالم ناتجة عن العادات الغذائية الخاطئة، وبالنسبة لمشكلة السكر والسمنة وأمراض القلب فى مصر تعود بأكملها إلى العادات الغذائية السيئة والمستحدثة مع انعدام الوعى والثقافة الغذائية، التى يسيطر عليها الخزعبلات من مدعى المعرفة، وهو ما أدى إلى ما نحن عليه والوقاية والعلاج من السمنة والسكر تبدأ وتنتهى بالتغذية الصحيحة، وهذا ما تم توضيحه من خلال العديد من الأبحاث، أنه يمكن الشفاء التام من مرض السكر من النوع الثانى عند البالغين وبدون أدوية باتباع نظام غذائى منظم ومحكم، كما تمكنا من إثبات إمكانية خفض الوزن وثباته لمدة تزيد على الخمس سنوات مع تحسن كبير فى معدلات السكر وضغط الدم والكوليسترول والوقاية من أمراض القلب وخفض كميات الأدوية بنسبة 50 إلى 60% وخفض تكلفة علاج السكر بنسبة 40% وخفض التكلفة الصحية الكلية بنسبة 27% ونسعى حاليا لتعميم هذا النظام ليستفيد منه الجميع حول العالم.
قديما عكست السينما المصرية صورة للمرأة والرجل وكانت أجسامهم رشيقة ويتمتعون بصحة أفضل عن الوقت الحالى ولا يوجد مشاكل صحية كالمتواجدة فى الوقت الحالى، فهل ذلك انعكاس للنمط الغذائى الصحى؟
- هناك فارق شاسع بين متوسط وزن المرأة والرجل من خمسين سنة والوقت الحالى، وهذا ما وثقته السينما المصرية فى الأفلام القديمة، وهذا دليل أن السنوات الماضية لم يتم تناول الطعام بنفس النهم فى الوقت الحالى، كما أن عدم وفرة الغذاء ونوعياته المختلفة، التى نراها الآن كانت أحد الأسباب المهمة لرشاقة الأجيال السابقة والاعتماد على السيارة فى التحرك لم يكن مثل ما نحن عليه الآن، لذا فإن هذه العوامل والتغيير الكبير فى النمط الغذائى والتحول إلى تناول الوجبات السريعة والمطاعم واتباع الأسلوب الغربى فى نوعية الطعام وحتى فى مواعيد تناوله، فتمت الإصابة بالأمراض التى تصيبهم، حيث يعانى حوالى 70% من الشعب الأمريكى من زيادة الوزن وحوالى 35% من الرجال و 40% من النساء مصابون بالسمنة، وهو ما يكلف النظام الصحى نحو 147 مليار دولار سنويًا، كما أن ثلث الشعب الأمريكى إما مصابا بالسكر أو على استعداد للإصابة بالسكر، وهو ما يكلف النظام الصحى بأمريكا حوالى 245 مليار دولار سنويا.
ماالعادات الغذائية المصرية القديمة التى تنصح بها لتجنب الإصابة بالسمنة والسكر؟
- أثبت العلم الحديث أن ما كان يأكله أجدادنا فى مصر هو أصح طعام يمكن أن يتناوله الإنسان، لذا فإنه ليس من المستغرب أنهم تمتعوا بصحة أفضل بكثير من صحتنا ولم يعرفوا طريق الطبيب، كما عرفنا ولم يعانوا من البدانة والسكر وأمراض القلب كما نعانى الآن فى الوقت الحالى.. فأجدادنا كانوا يفطرون على الفول بالزيت والليمون والجبن القريش والمش والخيار والطماطم والجرجير والزيتون، ويأكلون الخبز الأسمر أو الخبز المصنع من مخلوط الذرة والقمح الغذاء، كانوا يأكلون قليلا من اللحوم الحمراء وفقط فى الأيام، التى يسمح فيها بالذبح وكانت ثلاثة أيام فى الأسبوع ويأكلون بدلا منها الطيور والأسماك والبيض المسلوق والعدس، ولم يعرفوا اللانشون والببرونى والسلامى وأنواع السجق المختلفة ولم يأكلوا البيتزا والشيبسى وأصابع الشيكولاتة.. كانوا يأكلون يوميا فى بيوتهم ولم يعرفوا الوجبات السريعة.
وما هو النظام الغذائى الصحى الذى كان يتناوله أجدادنا؟
- أجدادنا كانوا يفطرون يوميا على طبق الفول الذى كان يباع فى كل أركان مصر وكانوا إما يشترونه من بائع الفول الجوال أو يدمسونه فى منازلهم على الفوّالة، كما أن الفول يعد مصدرا رائعا للبروتين النباتى الذى يحتاجه الجسم بكثرة، كما أنه مصدر للألياف المتوافرة فى قشره والنشويات التى لا تؤثر على مستوى السكر فى الدم، ومن المعروف أن البروتين يزيد من إفراز هرمونات الشبع PYY وGLP-1 لذا فإن الفول يعطيك شعورا بالامتلاء لفترة طويلة، ومن أفضل الإضافات، التى كانت توضع على الفول زيت الزيتون والليمون والطماطم والبقدونس فجميعها مفيدة للصحة.
كانوا يتناولون الجبن القريش ويشربون اللبن كامل الدسم والقشدة وأثبتت الأبحاث فى السنوات الخمس الماضية أن منتجات الألبان خاصة كاملة الدسم تقلل من فرصة الإصابة بمرض السكر ومن نسبة الإصابة بانسداد شرايين الدماغ، لأن الجبن القريش لا يحتوى على الملح، الذى يرفع ضغط الدم.
يأكلون المش ويصنعون الزبادى فى منازلهم وأثبتت الأبحاث أن الجبن المخمر(الزبادى) يحتوى على البكتيريا الحميدة لاكتوبسيلاس lactobacillus التى تفيد المعدة والأمعاء وتقلل فرصة الإصابة بمرض السكر لعملها كالبريبيوتك prebiotic مما يقلل من البدانة ويحسن مستوى السكر فى الدم.
ما معدلات السمنة فى الوقت الحالى وهل ستقل مع السنوات المقبلة أو فى ازدياد مستمر وتأثيرها على الأطفال؟
أكثر من 50% من نساء مصر مصابن بالسمنة وحوالى 35% من الرجال مصابون بالسمنة، ولا أعتقد انخفاض هذا المعدل إلا إذا حدث تغيير جذرى فى نظام حياتنا ونظام تغذيتنا فى السنوات القادمة.. وأنا أحذر بأن هذين المرضين السكر والسمنة ومضاعفتهما سيفلسان ميزانية الصحة فى مصر فى السنوات العشرين القادمة إذا لم نفق لخطورة ما نحن فيه.
7.ما رأيك فى نمط الحياة الغذائية للمصريين كالقلى والمسبكات والدهون؟
القلى واستخدام السمن النباتى من الزيوت المهدرجة من أسوأ العادات الصحية فإن جراما واحدا يوميا من هذه النوعية من الدهون والمسماة trans fat يزيد من معدل الإصابة بجلطات القلب بنسبة 93% كما أوضحت دراسات كلية الصحة العامة بجامعة هارفارد.
ويكفى المعرفة أن مصر وباكستان من أعلى دول العالم فى استهلاك هذا النوع من السمن، فكثير من المدن الأمريكية كنيويورك وبوسطن أصدرت قرارات بمنع تداول هذا النوع من الدهون تمامًا وتسحب الرخصة ويغلق أى مطعم يخالف ذلك، ونحن فى مصر نشاهد إعلانات هذا السمن القاتل كل يوم.