هى مصنع للأفكار المبدعة، ومنبع للصناعات المتطورة، ومكان لتأمين المستقبل، فمنتجات طلابها لايفيدهم فقط، ولكن يؤمنهم أيضا ويؤمن وطنهم، فهم قادرون على تطوير الأسلحة والمعدات الثقيلة، قبل أن يكون لهم باع طويل فى خدمة كل الجوانب الأخرى فى أركان الدولة، فداخل ذلك الصرح بطولات وإنجازات، ربما مسموح بالنشر فى بعضها وحفظ الأسرار فى البعض الآخر، فهنا كما تعودنا داخل وحدات القوات المسلحة، الجميع يرفع "نصنع ونبتكر ونطور" كل ذلك فى بند سرى للغاية.
وفى إطار السلسلة المتواصلة لـ"انفراد" من الزيارات للكليات والمعاهد العسكرية ومراكز التدريب، كان لها جولة داخل الكلية الفنية العسكرية، التقت خلالها بمدير الكلية والطلبة، ورصدت كثيرا من مناحى العمل الجبار والمتواصل.
من جهته يقول الدكتور مصطفى عبد الوهاب، مدير الكلية، أن "الفنية العسكرية" أنشأت فى السابع والعشرين من أكتوبر 1957، حيث صدر الأمر العسكرى الخصوصى رقم 344، والذى نص على: "بناء على توجيهات القيادة المصرية والدراسات التى قامت بها أجهزة القوات المسلحة بإنشاء كلية عسكرية للعلوم تقوم بتخريج ما يحتاجه الجيش من الضباط المتخصصين، وبذلك يستغنى الجيش عن الخبرة الأجنبية ويستقل بأبحاثه ودراساته وأعماله الفنية ويتحقق الهدف الذى يرمى إليه من إيجاد الجيل المرغوب فيه ".
ويضيف "عبد الوهاب"، أن العمل الفعلى بدأ بعد صدور أمر عسكرى خصوصى بتاريخ 17 نوفمبر 1958 بشأن مراحل الدراسة بالكلية وشروط الالتحاق، وفى نفس العام تم إنشاء الكلية العسكرية للعلوم فى قصر عبد الرحيم صبرى فى منطقة الدقى، وتم تغيير اسمها ليكون الكلية الفنية العسكرية طبقا للأمر العسكرى الصادر فى 7 سبتمبر 1959.
وأكد مدير الكلية أن الكلية تضم 7 شعب علمية وهى"شعبة الهندسة الكهربية، شعبة الهندسة الميكانيكية، شعبة الهندسة الكيميائية، شعبة الهندسة البحرية، شعبة هندسة علوم الطيران والفضاء، شعبة الهندسة الإنشائية والمعمارية، شعبة العلوم الأساسية، شعبة العلوم العسكرية"، والشعب تحتوى على 38 قسما، حيث يتم تطوير بعض الأقسام بصورة دورية وخاصة شعبة هندسة علوم الطيران والفضاء وخاصة قسم الفضاء الجديد الذى تم استحداثه مؤخرا كى تتماشى مع السياسة العامة للدولة والمشروعات المرتقب إنشاؤها فى هذا المجال.
وقال اللواء مصطفى عبدالوهاب، إن الكلية مسئولة عن إخراج مهندس منضبط بالعمل والعمل والإيمان وقادر على تحمل المسئوليات وتنفيذ المهام المكلف بها، كما أن القيادة العامة للقوات المسلحة أعطت تعليمات واضحة بأن يتم الاهتمام بطلبة الكلية اهتماما شديدا، خاصة النابغين منهم، لكى يصبحوا علماء فى المستقبل يفيدوا مصر والقوات المسلحة.
وشدد مدير الكلية الفنية العسكرية، على أن هناك أكثر من معيار لاختيار طلبة الكلية الفنية العسكرية، حيث تتنوع الاختبارات ما بين طبى وبدنى وثقافى، ويتم اختيار الطلبة وفق معايير وأسس واضحة وضعتها القيادة العامة للقوات المسلحة.
وأوضح أن المميزات التى يحصل عليها طالب الفنية العسكرية، هى درجة بكالوريوس فى الهندسة، كما يتم تقديم كل أوجه الدعم المعنوى والدراسى والأكاديمى، بالإضافة إلى تقديم دراسة ومناهج علمية حديثة للطالب أثناء فترة الدراسة، كما أن هيئة التدريس الموجودة فى الكلية وتدرس للطلبة، على أعلى مستوى تعليمى وأكاديمى فى العالم، كما يتم إرسال المتفوقين من الطلبة لبعثات خارجية، موضحا أن طالب الكلية يمارس يوميا العمل المهارى باستمرار بمعاونة زملائه وأعضاء هيئة التدريس، كما أن الكلية طورت من موقعها الإلكترونى من أجل التواصل مع العالم، إلى جانب وجود مجلة علمية يكتب فيها كبار علماء العالم.
وأوضح مدير الفنية العسكرية، أن الكلية زارها الشهر الماضى وفد من كبار علماء العالم من دول مختلفة وتفقدوا الأقسام والتقوا بالطلاب وأعضاء هيئة التدريس وتنبؤ بمستقبل باهر للكلية، موضحا أن الكلية بها مشروعات بحيثة يشترك فيها الطالب مع المجند خريج الهندسة إلى جانب عضو هيئة التدريس.
وفيما يتعلق بالتواصل مع الجامعات الدولية والإقليمية قال مدير الكلية، إن هناك مشروعات مشتركة مع عدد 3 جامعات الألمانية إلى جانب برتوكولات التعاون مع جامعات القاهرة وعين شمس وحلوان والزقازيق والمنصورة إلى جانب التعاون مع أكاديمية البحث العلمى، مشيرا إلى أن هناك سعى للحصول على براءات اختراع للمشروعات التى تخرج من تنفيذ وابتكارات الطلاب.
وأعلن مدير الكلية أنه سيتم إضافة اختبار جديد لاختيار الطلاب الملحقين بالكلية وهو اختبار تحديد مستوى الذكاء للطالب، وأن يكون قادرا على العمل غير النمطى، مؤكدا أن الكلية تدعم طالب الهندسة المتفوق سواء كان طالب بها أو بكليات هندسية أخرى وتقدم له كل الدعم، مؤكدا أن أكثر من نصف الدفعة الجديدة حاصلين على 98% فى الثانوية.
وأكد اللواء دكتور مصطفى عبد الوهاب مدير الكلية، أن دور الكلية لا يتوقف عند تخريج الطلاب فقط، ولكنها أيضا تولى اهتماما كبيرا لتأهيل كل المهندسين للحصول على الدرجات الدراسية الماجيستير والدكتوراه، مشيرا إلى أنه يتم أيضا تأهيل أعضاء هيئة التدريس، حيث يتم إلحاقهم للحصول على درجة الدكتوراه فى جامعات دولية فى الولايات المتحدة الأمريكية والصين وكندا.
وأضاف أنه يتم متابعة تطوير نظم التعليم داخل الكلية من خلال 3 مجالس تعليمية، حيث يوجد بالكلية لجنة علمية للتعليم وهى المسئولة عن تطوير التعليم، ولجنة الدراسات العليا، موضحاً أن مجلس تعليم الكلية مهمته مراجعة كل مواد الكلية، مشيرا إلى أن القيادة العامة للقوات المسلحة تقدم كل الدعم للكلية فى سبيل تطويرها فى جميع النواحى العلمية والبحثية.
وتحرص الكلية الفنية العسكرية على تحقيق التكامل مع كبرى الجامعات والمراكز العلمية والبحثية فى مصر والدول الشقيقة والصديقة من خلال المشاركة والتنظيم للعديد من الملتقيات والمؤتمرات العلمية والمعارض التى تضم أحدث التطبيقات فى المجالات البحثية المختلفة، إضافة إلى تبنى مبادرة اكتشاف ورعاية العباقرة والمتفوقين فى الرياضيات من طلبة المدارس الثانوية بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى، وتنظيم المسابقات العلمية من بينها المسابقة الدولية الأولى للابتكار فى مجال المركبات الأرضية غير المأهولة والتى حملت اسم الفريق إبراهيم سليم مؤسس الكلية والتى تقدم لها 26 فريق من الجامعات المصرية والأجنبية، والمؤتمر الدولى الأول لبحوث وابتكارات الطلبة فى مرحلة البكالوريوس بمشاركة 135 طالبا يمثلون أكثر من 22 جامعة ومركز بحثى من مصر والدول الشقيقة والصديقة، وقدم خلالها أكثر من 58 ورقة بحثية تم تنظيمها فى 16 جلسة علمية شملت مختلف التخصصات، كما حققت فرق مشتركة من طلبة الكلية وكليات الهندسة بالجامعات المصرية نتائج متقدمة فى العديد من المسابقات الدولية التى شاركت بها، وحصل فريق الفراعنة المصرى على المركز الرابع فى المسابقة الدولية للجامعات بعنوان (مستكشف صحراء المريخ 2016)، والتى تنعقد سنوياً بالولايات المتحدة الأمريكية، وشارك الفريق ضمن (63) جامعة تضم العديد من الجامعات المصنفة عالمياً، وتمثل (12) دولة .
وحصل الفريق المصرى من طلبة الكلية الفنية العسكرية على المركز السادس فى المسابقة الدولية للجامعات (التحدى – الطائرات الموجهة بدون طيار 2016 2016 UAS Challenge) والتى تنعقد سنوياً بالمملكة المتحدة، حيث شارك الفريق المصرى فى فعاليات المسابقة ضمن17 جامعة من الجامعات المتميزة فى مجال الطائرات الموجهة بدون طيار بالمملكة المتحدة.
وعن تشجيع الكلية للكوادر العلمية والبحثية قال الطالب مقاتل على رضا إنه شارك فى مسابقة طائرة بدون طيار من ضمن فريق مكون من 15 طالبا منهم 11 من الكلية الفنية العسكرية و2 من الكلية الجوية و2 من معهد هندسة الطيران بإمبابة، والتى أطلق عليها اسم "سكاى سندر" وقمنا خلال الفترة الدراسية بالعديد من الخطوات والتى تابعنا فيها عدد من المشرفين وأعضاء هيئة التدريس، خاصة وأن تصنيع طائرة بدون طيار وبها العديد من التكنيكات المختلفة، مما تتطلب معها العديد من التخصصات المختلفة ما بين الاتصال والتوجية، واستطعنا الانضمام والمشاركة وحصلنا خلالها على المركز السادس من بين 17فريقا خاض التصفية .
كما أضاف الطالب مقاتل محمد أحمد أنه تعلم الكثير داخل الكلية، وخاصة الالتزام، والعمل ضمن فريق، مشيرا إلى أنه يوجد فى الكلية مكتبة كبيرة يتم الذهاب إليها للحصول على المعلومات، التى نحتاجها فى الأبحاث، والمشاريع التى نقوم بتنفيذها.
وأَضاف أن العلاقة مع أعضاء هيئة التدريس قائمة على التعاون، ونقل الخبرات إلى الطلاب، موضحا أن هناك اهتماما كبيرا بالجانب العملى داخل الكلية، وفى ذات الوقت يتم تنمية المواهب الموجودة فى المعاهد المصرية بحيث يتم الاستفادة منها واختيار العناصر المتميزة والتعاون معهم بحيث يكون تفاعل بين الكلية الفنية وطلبة الجامعات المدنية.
وخلال جولة "انفراد"، داخل الكلية تفقدنا عدد من المراكز البحثية المهمة والتى يأتى فى مقدمتها مركز التكنولوجيا والابتكار للأنظمة المتكاملة غير المأهولة والذى تم انشائه بتوجيه من الرئيس عبد الفتاح السيسى فى 2014، ويركز المركز على البحوث الأساسية والتطبيقية وأيضا الأنشطة الإنتاجية فى مجال الأنظمة غير المأهولة بريا وبحريا وجويا أو كما تعرف بالمركبات ذاتية التوجيه، وخاصة أنظمة الطائرات الموجهة بدون طيار والتى من المتوقع أن تكون السلاح الرئيسى عالميا فى المستقبل القريب كما يهدف المركز إلى تطوير الأداء البحثى لبناء الجيل القادم من أنظمة الطائرات الموجهه بدون طيار، والتى ستستخدم فى مجالات عسكرية عديدة وبعض المجالات العامة.
كما يتم داخل المركز تحفيز النشاط البحثى للطلبة وعلماء ومهندسى الكلية الفنية العسكرية فى مجال الأنظمة غير المأهولة مثل الطائرات الموجهة بدون طيار والعربات ذاتية التوجيه وحتى اللانشات والغواصات البحرية المتوقع لهم لعب دور كبير فى المعركة الحديثة ومن خلال هذا المركز يشارك الطلاب فى العديد من المسابقات العلمية الكبرى.
وخلال جولتنا تفقدنا النفق الهوائى داخل قسم ميكانيكا الطائرات بشعبة علوم الطيران والفضاء، ويعتر هذا النفق أساسى ورئيسى فى عملية إنشاء الطائرات وهو عبارة عن أنبوب ضخم وهو الوحيد من نوعه فى الشرق الأوسط وتم إنشاءه عام 1968 وتم استيراده من ألمانيا وتجميعه على مدار عامين على يد كبار الأساتذة بالكلية وأجريت له عملية تطوير 3 مرات.