مع بداية العام الدراسى الحالى، أصدر الدكتور الهلالى الشربينى، وزير التربية والتعليم السابق، عددًا من القرارات الوزارية، شمل بعضها منع بيع الكتاب المدرسى للجمهور من خلال مخازن الوزارة، ونصت القرارات على أن يُمنع تداول الكتب خارج مخازن ومدارس الوزارة، كما لا يجوز بيعها بأى منفذ حكومى أو خاص، إلا فى الحالات الطارئة التى يفقد فيها التلميذ الكتاب لظروف قهرية، مثل حريق المنزل، على أن يكون البيع من خلال مخزن المديرية والإدارة، وذلك للقضاء على أزمة نقص الكتاب المدرسى وعدم وصوله لطلاب المدارس المختلفة.
ورغم التعليمات الوزارية السابقة، ومعاناة الطلاب من تأخر استلام كتب الفصل الدراسى الثانى، الذى لم يمض عليه سوى أيام، إلا أن "انفراد" تمكن من الحصول على كتب المقررات الدراسية لمختلف المراحل، بدءًا من الابتدائية حتى الثانوية العامة، عبر شرائها من مخازن وزارة التربية والتعليم فى مناطق حلوان، والطالبية والعباسية، وذلك بالمخالفة للتعليمات المذكورة سلفًا، وهو المشهد الذى تكرر مع بداية الفصل الدراسى الأول، إذ تم إلقاء القبض على أكثر من أمين مخزن خلال الفترة السابقة، خلال بيع الكتب من مخازن الوزارة فى المحافظات المختلفة، ويفرض المشهد الصادم تحديا كبيرا أمام الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم الجديد، الذى تولى منصبه قبل 5 أيام تقريبا.
عامل مخزن الطالبية يعرض خدماته.. ويؤكد: لو عاوز كتب تعالى ومش هتأخر عنك
كانت البداية مع مخزن وزارة التربية والتعليم، فى منطقة الطالبية التابعة لحى فيصل، الذى وضع القائمون عليه لافتة كبيرة تعلو بوابته الحديدية، تشير إلى منع بيع الكتب للجمهور بناء على القرارات الوزارية الأخيرة.
ويقول أحد عمال الوردية الثانية بالمخزن: "قبل شهور قليلة، كان يُسمح لنا ببيع الكتب المدرسى للجمهور، بسبب رفض عدد من المدارس تسليم المقررات الدراسية إلا بعد دفع كامل المصروفات، ولكن بعد ظهور أزمة نقص الكتب، قررت الوزارة منع بيعها للجمهور، بس لو عاوز كتب تعالالى وأنا مش هتأخر عنك".
حارس السيارات فى مخزن حلوان يوفر الكتب بـ75 جنيها فى 5 دقائق
فى الجولة الثانية قصدنا مخزن الوزارة فى منطقة حلوان، قبل بدء الفصل الدراسى الثانى بأيام قليلة، وبالتبعية قبل وصول الكتب الدراسية للمدارس، وحصلنا على المقررات الكاملة بدءا من الصف الأول الإعدادى وحتى المرحلة الثانوية، بعد دفع 75 جنيهًا فقط لحارس السيارات المتواجد أمام المخزن، الذى يعمل كحلقة وصل بين المشترى وعمال المخزن بالداخل.
"شوف اللى أنت عايزه وأنا أجيبهولك، كله موجود، حتى المقررات اللى ناقصة من المدارس"، هكذا بدأ الرجل خمسينى العمر حديثه، طالبًا تدوين أسماء الكتب، والصف الدراسى الخاص بها، ليحضرها لنا فى 5 دقائق فقط، وبسؤاله عن المناهج الدراسية لمدارس اللغات، قال: "اللغات مش بتيجى لنا هنا، بس أجيبهم لك من حبايبنا فى المخازن التانية".
أهالى حلوان يتجمعون أمام المدارس.. ومخزن العباسية يبيع مجموعة الكتب بـ80 جنيها
جاءت محاولات الشراء السابقة، فى الوقت الذى تجمع فيه عشرات الأهالى أمام بعض المدارس فى منطقة حلوان، اعتراضًا على تأخر استلام كتب الفصل الدراسى الثانى، نتيجة عدم وصول الكتب لمخازنها، أو اشتراطها تسديد المصروفات الدراسية أولًا.
وعلى هذا الصعيد، قال أحد المعلمين فى إحدى المدارس الإعدادية: "التأكد من دفع الطالب للمصروفات شرط لاستلام الكتب الدراسية، وبإبلاغه أن ذلك مخالف لتعليمات الوزارة، التى شددت على تسليم كل الكتب الدراسية للطلاب دون ارتباط الأمر بتسديد المصروفات، قال روحوا الوزارة، خليها تسلمكم الكتب".
لم يختلف الأمر كثيرًا فى مخزن الوزارة الثالث، الذى يقع على بعد عدة أمتار من فرع "عمر أفندى" فى منطقة العباسية، إذ سمح لنا أحد العاملين فى المخزن بالدخول والتجول والانتقاء من الكتب حسب رغبتنا، مقابل 80 جنيهًا فقط، قائلا: "أى كتاب انتوا عايزينه هتلاقوه، غير المدارس اللى مش عارفة تسلم الكتب للتلاميذ".
رئيس قطاع الكتب: تجارة المقررات جريمة.. والتقاعس عن جرد المخازن سبب التلاعب
أما على صعيدالوزارة وموقفها الرسمى، يقولعبده عبد الشافى، نائب رئيس قطاع الكتب بوزارة التربية والتعليم، إن بيع المخازن للكتب جريمة يُعاقب عليها من خلال الإحالة للإدارة القانونية بالوزارة،وقد يصل الأمر إلى النقل أو العزل من الوظيفة.
وبشأن طباعة الكتب بكميات زائدة حتى لا يتم التلاعب وبيع بعضها، قال "عبد الشافى" فى تصريح لـ"انفراد"، إن تسليم الكتب للإدارات التعليمية يتم عبر تقديم طلب للوزارة بأصناف الكتب التى تحتاجها وعددها، ويصدر بها شيك من الوزارة، لتتسلمها من المطابع التى يتم التعاقد معها فى مدينة السادس من أكتوبر، ووضعها فى المخازن التابعة لها، وتوزيعها على المدارس وفق احتياجاتها، متابعًا: "لا يمكن الحديث عن طبع كميات إضافية فى ظل العجز الذى تعاني منه بعض المدارس فى كميات الكتب المستلمة".
وأضاف رئيس قطاع الكتب فى تصريحه: "يمكن فى بعض الأحيان أن تطلب إدارة تعليمية كميات زائدة على حاجتها الفعلية، وفى هذه الحالة قد يتعرض المسؤول لخطر تحمل قيمتها من أمواله الخاصة"، كاشفًا عن أن السبب الحقيقى الذى يسمح بوجود تلاعب،يرجع إلى عدم قيام بعض الإدارات التعليمية بتنفيذ توصية وزارة التربية والتعليم بجرد المخازن، لحصر محتوياتها بصفة دورية.