ضربة موفقة فى العمق الأفريقى، استطاعت مصر تحقيقها من خلال تواجد الرئيس عبد الفتاح السيسى القوى على رأس الوفد المشارك فى قمة الاتحاد الأفريقى الـ26 بإثيوبيا، وأقرت القمة الإفريقية مبادرتى مصر الخاصتين بالتوسع فى استخدام الطاقة المتجددة فى البلدان الإفريقية وتمويل جهود الدول الإفريقية للتأقلم مع التغيرات المناخية والحد من ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، بالإضافة إلى إقرار عضوية مصر فى مجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد الإفريقى.
وأجرى الرئيس السيسى مباحثات مكثفة مع عدد من القادة المشاركين فى القمة الأفريقية، من بينهم رؤساء نيجيريا والسودان وجنوب إفريقيا وكينيا ونائب رئيس بوروندى ورئيس وزراء إثيوبيا، وسكرتير عام الأمم المتحدة ورئيس البنك الأفريقى للتنمية، وفى ختام الزيارة كان للخبراء المصريون والأفارقة تقييمهم.
السفير أحمد حجاج: مصر لا تستغل قوتها الناعمة
فى البداية، أكد السفير أحمد حجاج، أمين عام مساعد منظمة الوحدة الأفريقية سابقا، أن لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسى مع الرئيس السودانى عمر البشير ورئيس الوزراء الإثيوبى " هيلى ماريام ديسالين"، على هامش قمة الاتحاد الأفريقى المنعقدة فى أديس أبابا، يهدف إلى النقاش حول قضية مياة دول حوض النيل، وسد النهضة، وأن "السيسي" أمامه فرصة تاريخية لتوطيد العلاقات المصرية الأفريقية مجدداً، وعودتها إلى سابق عهدها على المستويين الدبلوماسى والاقتصادى.
وقال السفير "حجاج" فى تصريحات خاصة لـ "انفراد"، إن مصر لم تستغل حتى الآن قوتها الناعمة فى التأثير دبلوماسياً على العلاقات مع أفريقيا بوجه عام وإثيوبيا بوجه خاص، حيث يوجد 15 ألف طالب أفريقى يدرسون بالقاهرة، و 800 خبير مصرى يعملون بكافة الدول الأفريقية، بالإضافة إلى الشركات والمصانع المصرية، التى تشغل أكثر من 15 ألف عامل فى إثيوبيا فقط، مؤكداً أن مصر عليها استغلال ذلك فى تدعيم موقفها الأفريقى التفاوضى.
وذكر السفير "حجاج":" لا أعلم لماذا لا تستغل وزارة الاستثمار هذه المعلومات فى دعم مصر أفريقيا، كما أننى طالبت الأسر المصرية من قبل باستضافة ولو طالب واحد فقط من الطلبة الأفريقيين فى منازلهم، فى المواسم والأعياد، لأن ذلك سيكون له بالغ الأثر على الدبلوماسية الشعبية وبأقل مجهود".
وأشار الأمين العام المساعد لمنظمة الوحدة الأفريقية سابقا، إلى أهمية مؤتمر الكوميسا الذى يعقد يوم 20 و21 فبراير فى شرم الشيخ، ويشارك فيه 26 ممثلا من دول شرق وشمال إفريقيا، حيث يصب المؤتمر على مناقشة افتتاح منطقة حرة أفريقية معفاة من الضرائب لتنشيط الاقتصاد المصرى والأفريقى على حد سواء.
سيد فليفل: السيسى يجسد دور جمال عبد الناصر
أما الدكتور سيد فليفل عضو مجلس النواب، العميد الأسبق لمعهد الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة وخبير الشئون الأفريقية، فأوضح أن مشاركة مصر فى قمة الاتحاد الأفريقى بهذه القوة، يفتح الباب أمام المشاركة بشكل منتظم ودورى فى الأحداث الأفريقية الكبرى وعودة العلاقات إلى متانتها.
وأضاف "فليفل" فى تصريح خاص لـ "انفراد"، أن "السيسي" جسد دور الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر ومنهجه فى تغلغل مصر فى العمق الأفريقى، حيث إن الاثنين حملا نفس الاحترام والحب للقارة السمراء، وعملا على تحقيق المصالح المصرية الاستراتيجية فيها.
وقال العميد الأسبق لمعهد الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة": إن "القارة الأفريقية تحتاج منا الآن إلى العمل المشترك، وتحقيق التكامل بين الدول، كما أنه يفتح فرصة ثانية للحوار مع المسئولين فى أثيوبيا فى قضية سد النهضة".
وعن تقييمه لأعمال قمة الاتحاد الأفريقى بوجه عام، قال "فليفل": "أعجبتنى كلمة الرئيس الزيمبابوى روبرت موجابى، حيث كانت شاملة، وأظهر فيها حبه وتقديره لتعاون مصر فى حل مشاكل القارة الأفريقية، بالإضافة إلى فتحه ملف الإرهاب فى القارة السمراء والجماعات المسلحة، التى تعتبر أكبر خطر قومى على المنطقة فى هذه المرحلة".
خبير إثيوبى: مصر تعود بكامل قوتها للقرن الأفريقى
ومن الجانب الأفريقى، أكد الكاتب الصحفى الإثيوبى أنور إبراهيم، خبير الشئون الأفريقية، إن الرئيس عبد الفتاح السيسى فتح مع رئيس وزراء إثيوبيا "هيلى ماريام ديسالين" قضية مياه النيل، وذلك خلال لقائه به مساء أمس السبت، على هامش أعمال قمة الاتحاد الأفريقى، حيث كان ملف مياه النيل حاضراً وبقوة فى المناقشات، واتفق الطرفان على أن يكون النيل مسار للتعاون بين البلدين وتقوية العلاقات، خلال المرحلة المقبلة من أجل مصلحة البلدين، حتى يخرجا بهذا الملف إلى بر الأمان.
وقال "إبراهيم"، فى تصريحات خاصة لـ"انفراد"، إن ممثلو الدول الأفريقية أشادوا بدور مصر البارز فى قمة الاتحاد الأفريقى، وتعاونها فى سبيل تحقيق أمن وسلامة القارة السمراء، لافتًا إلى أن لقاءً آخر تم بين الرئيس السودانى عمر البشير ورئيس الوزراء الإثيوبى، حيث اهتم كلاهما بمناقشة ملف قضايا الإرهاب والجماعات المسلحة.
وأضاف خبير الشئون الأفريقية، أنه بوجه عام يمكن تأكيد نجاح هذه القمة فى مناقشة ملفات عديدة حيوية فى المنطقة الأفريقية، مشيرًا إلى أن وزير الخارجية الإثيوبى "تواضروس أدهانوم"، وعددًا من وزراء الخارجية الأفارقة، أكدوا سعادتهم بعضوية مصر فى مجلس السلم والأمن الأفريقى بعد 10 سنوات غيابًا، حيث أكدوا أن دخول مصر يشكل فرقاً فى دورها بمحاربة الإرهاب ودعم الدول الأفريقية الأخرى فى مشاكلها.
واختتم "إبراهيم"، قائلاً: "فيما يبدو أن مصر تعود بقوة الآن على الاتحاد الأفريقى، بعد انقطاع دام لأكثر من 30 عامًا، بالإضافة إلى الدور المؤثر الذى تقوم به الحكومة المصرية، فمصر تعود بكامل قوتها للقرن الأفريقى".