" يصعب رصد تاريخ حياة أحمد عصمت السادات و وقائع الاستغلال المتعددة التى قام بها طوال عمره بها فى كتاب واحد .. فهذه الحياة الحافلة و هذه الوقائع المتشعبة التى لم تترك مجالاً من مجالات العمل المشروع , و غير المشروع الا و كان له و أولاده دور فيها " .
هذه الكلمات ذكرها الكاتب الراحل عبد الله إمام فى كتابه " قضية عصمت السادات " و الذى إستعرض خلاله بدقة فساد عصمت السادات و أبنائه , والثراء الفاحش الذى حققوه مستغلين قرابتهم بالرئيس الراحل محمد أنور السادات .
المضطلع على تاريخ عائلة السادات بالتأكيد يعلم قضية عصمت السادات والد النائب محمد أنور السادات ,. ففى عام 1983 صادرت محكمة القيم - و التى تم إلغائها فيما بعد – ما يزيد على 124 مليون جنيه من عصمت و أبنائه مقسمة بين أموال و عقارات و شركات و مشغولات ذهبية , و ذلك بعد ان وصفتهم المحكمة " بالفئة الطفيلية و الثعالب الضالة " التى تمارس الارهاب و تفرض الاتاوات بهدف جنى المال الحرام .
محاكمة تاريخية برئاسة المستشار أحمد رفعت خفاخى حيث وضعت عصمت السادات و أبناءه تحت مقصلة القانون و محاسبة المجتمع ، فقد تناول المستشار خفاجى كل الاسباب و التدعيات و الحقائق حول فساد عائلة عصمت السادات ، و ذلك فى حيثيات حكم الادانة الذى سيعرضه " انفراد " تفصيلاً على مدار حلقات من كتاب " قضية عصمت السادات " ، و نبدأها اليوم ..
النص الكامل لحيثيات حكم الادانة
باسم الشعب ... محكة القيم ... حكم ..
بالجلسة المنعقدة علناً بمقر دا القضاء العالى بمدينة القاهرة .. فى يوم السبت 29 من ربيع الاخر 1403 , الموافق 12 فبراير سنة 1983 .
المؤلفة برئاسة السيد المستشار الدكتور / أحمد رفعت خفاجى نائب رئيس محكمة النقض , و عضوية السادة المستشارين : فهيم عبد الحليم الرفاعى رئيس محكمة الاستئناف بمحكمة استئناف قنا , و محمد موسى دياب : المستشار بمحكمة استئناف القاهرة .
و السخصيات العامة السادة : جوزيف تادريس يوسف رئيس محكمة استئناف الاسكندرية سابقاً , و المهندس صلاح الدين محمد فهمى : وكيل أول وزارة الاسكان , و أمين السر السيد ؟ عبد العزيز عمر : وكيل القسم الجنائى بمحكمة النقض .
أصدرت الحكم الآتى : فى الدعوى المقيدة بجهاز المدعى العام الاشتراكى برقم 32 لسنة 1982 و بجدول المحكمة برقم 54 سنة 12 ق حراسات المرفوعة من السيد المدعى الاشتراكى ضد :
1 – أحمد عصمت السادات
2- السادات أحمد عصمت محمد السادات و شهرته جلال أحمد عصمت محمد السادات و يتخذ اسماً اخر الساداتى أحمد عصمت محمد الساداتى .
3- طلعت أحمد عصمت السادات .
4- محمد أنور عصمت السادات محمد السادات .
5- نادية أحمد عصمت محمد السادات .
أحال المدعى الاشتراكى المدعى عليهمم بلجنة القيم لانهم حتى 20 / 10 / 1982 بدائرة محافظات القاهرة و الاسكندرية و الجيزة و الغربية و المنوفية و الفيوم و السويس بجمهورية مصر العربية .
أتوا أفعالاً من شأنها الاضرار بالمصالح الاقتصادية للمجتمع و افساد الحياة السياسية فى البلاد , كما تضخمت أموالهم و أسرهم بسبب إستغلال النفوذ إعتماداً على صلة القرابة التى تربطهم بالسيد رئيس الجمهورية الراحل الرحوم محمد أنور السادات , و إستخدام الغش و التواطؤ فى تنفيذ عقود التوريدات مع الحكومة و الهيئات العامة ,و الإتجار فى السوق السوداء , و التلاعب بقوت الشعب و الاستيلاء بغير حق على الاموال العامة و الخاصة المملوكة للدولة و الاشخاص الإعتبارية على النحو التالى : ( ذكرت المحكمة 24 ادعاء موجه الى عصمت و أولاده ) ثم لخصت الوقائع عن يقين المحكمة فقالت بالنص :
فدان و نصف فدان (أ)
من حيث واقعات الدعوى – حسبما استقرت فى يقين المحكمة من مطالعة أوراقها و التحقيقات التى تمت فيها و ما دار بشأنها بجلسات المرافعة – تخل فى ان المدعى عليه الاول أحمد عصمت السادات بعد أن حصل على شهادة اتمام الدراسة الابتدائية عمل فى الاربعينات كاتباً متطوعاً بسلاح الحدود ثم نقل بعد ذلك الى فصيلة الدراجات البخارية بالطريق الصحراوية , و كان مرتبه الشهرى وقتئذ لا يتجاوز خمسة جنيهات , و كانت ممتلكات عائلته كلها فداناً و نصف فدان بزمام ناحية ميت أبو الكرم محافظة المنوفية , و لضيق ذات اليد و لضآلة مرتبه ترك عمله فى غضون 1945 ليعمل سائق لاحدى سيارات نقل المازوت ثم لاحدى سيارات الاتوبيس .
و فى أوائل الخمسينات أصبح المدعى عليه الاول سائق السيارة و الحاصل على شهادة الابتدائية وكيلاً لجريدة الجمهورية بمحافظة الغربية دون ما سند من خبرة يؤهل لشغل تلك الوظيفة , نقل بعدها الى المؤسسة المصرية العامة للنقل البرى حيث عين فى وظيفة مدير فرع السويس التابع لشركة النيل العامة لاتوبيس شرق الدلتا , و كان ذلك فى الفترة من 21/3/1963 حتى 7/2/ 1966 بمرتب شهرى قدره ثمانون جنيها , ثم أقف عن عمله لاتهامه مع آخرين بإختلاس مبلغ كبير يربو على 100 ألف جنيه من المؤسسة التى تعمل بها موضوع الجناية رقم 3998 لسنة 1966 السويس .
رأس مال حرام
خلال الستينيات انساق فى تيار الجريمة التى تهدف الى العدوان على المال , فأصدر عديداً من الشيكات بدون رصيد حرر عنها محاضر الجنح , بغية الكسب الحرام و اقتناص الفوائد المادية من أوفر سبيل , ثم صدرت ضده أحكام كثيرة قضت بحبسه لاتهامه فى هذه القضايا , و سولت له نفسه المريضة اصطناع مخالصة مزورة تفيد سداد قيمة الشيك موضوع الجنحة الاخيرة رقم 4023 لسنة 1962 مصر الجديدة فوجهت اليه النيابة العامة تهمة التزوير فى محرر عرفى و قد استظاع بهذا المال الحرام الذى جمعه من القيام ببعض الاعمال التجارية و انشاء عدد من الورش و الجراجات .
مصر ضيعة ورثوها عن آبائهم
و فى السبعينيات انتهز مع ابنائه المدعى عليهم الاربعة الآخرين – و هم السادات محمد عصمت محمد السادات و شهرته جلال و يتخذ اسما اخر " الساداتى أحمد عصمت محمد الساداتى " و طلعت أحمد عصمت محمد السادات و محمد انور احمد عصمت السادات و نادية أحمد عصمت محمد السادات – رغم صغر أعمارهم و عدم خبرتهم – انتهزوا جميعاً صلة القربى التى تربطهم برئيس الجمهورية السابق فأخذوا يعيثون فى الارض فساداً دون وازع من الضمير و دون رقيب أو حسيب , فاقتحموا عدداً كبيراً من القطاعات مخالفين اللوائح و النظم الادارية متجرين بالنفوذ لدى بعض كبار المسئولين مستغلين فيهم انحرافهم أو ضعفهم و تهالكهم على مناصبهم , عارضين خدماتهم على اصحاب البيوت الصناعية و التجارية فى الخارج البلاد استعمالاً لنفوذهم بصفة كبيرهم و هو المدعى عليه الاول الشقيق الاصغر لرئيس الجمهورية السابق و أولاده باقى المدعى عليهم لتمثيل مصالحهم و لو كانت غير مشروعة و تقديم تسهيلات لهم عند تعاملهم فى مصر على حساب المصلحة العامة ولو كان فى ذلك اضرار بالمال العام و بقوت الشعب و بسمعة مصر فى الخارج , هادفين من ذلك الاثراء غير المشروع و تكوين ثروات طفيلية , زاعمين ان احد لن يستطيع أن يمسهم لالتصاقهم الشديد برئيس الدولة السابق و الصلة التى تربطهم به , واهمين ان مصر ضيعة تركها لهم اباؤهم و هم لها وارثون .
عصابة المافيا (1)
فانقلبوا كالثعالب الضالة يتصيدون ضحاياهم و يمتصون دماءهم و يخربون اقتصاد مصر و يلتهمون من خيراته و يفسدون الحياة السياسية فى البلاد , لا هم لهم الا السطو و النهب و جمع المال و الاستيلاء على الغنائم , مسلحين بالجشع و الانانية و حب الذات , متخذين الحيلة و النصب و الوساطة و الرشوة و فرض الاتاوات و الارهاب و التهديد ركاباً الى اثمهم و عدوانهم بغرض الكسب السريع , دون الاكتراث بأحكام القانون و دون النظر الى انهم بذلك يخرجون على مبادئ القيم و يخالفون ابسط قواعد الاخلاق , و ذلك انهم نفوس لهثت الثراء فداست بأقدامها كل القيم الانسانية و الانسان ايضاً , مما يصدق عليهم و بحق أنهم عصابة المافيا التى ظهرت فى مصر و نشرت فسادها فى ارجاء البلاد , و فى الوقت الذى يعيش فيه افراد الشعب تحت وطأة الحاجة ظلت هذه الفئة الطفيلية تسرح و تمرح دون رادع الى ان استطاعت بوسائلها الخبيثة تكوين ثروات طائلة بالملايين من الجنيهات بالنسبة لكل واحد منهم و كل ذك بعد أن انقضوا على كل ما هو محرم فارتكبوا من الافعال الضارة بالمجتمع ما لا عين رأت و لا أذن سمعت , و لا خطر على قلب بشر , اذ تخشبت قلوبهم ,و تكلست ضمائرهم , و لم يرحموا مصر و هى تشكو و تئن من اقتصاد مرهق يعيش اغلب الناس فيه تحت خط الفقر , معتقدين أنهم بمنأى عن مخالب القانون و أنيابه , و أنهم أسياد مصر و فوق المحاسبة و متناسين أن الله يمهل و لا يهمل و ان يوم الحساب آت لا ريب فيه , فسطوة القانون قائمة على الطهارة و نظافة اليد و سلامة المسلك نافذة للضرب على رأس كل منحرف و مستغل للقضاء على كل معتد أثيم .