بعد هزيمتهم القاسية وغير المتوقعة فى انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016، عاد الديمقراطيون إلى محاولات توحيد صفوفهم مرة أخرى بانتخاب توماس بيريز، وزير العمل فى إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، ليكون رئيسا لحزبهم عقب تغلبه على منافسه النائب كيث إليسون، الذى كان يسعى لأن يكون أول مسلما يتولى رئاسة الحزب.
وتقول صحيفة واشنطن بوست إن بيريز انتخب بذلك كأول رئيس لاتينى للجنة الوطنية الديمقراطية "رئيسا للحزب" بعد تفوقه بفارق ضئيل عن أليسون فى نهاية معركة حامية حول مصير الحزب المحاصر فى عهد الرئيس ترامب.
وأنهى فوز بيريز أول سباق انتخابى على قيادة الحزب الديمقراطى منذ عام 1985، وهو السباق الذى امتد شهرا للسماح بمزيد من النقاش، وحدد القيادة الديمقراطية التى ستخوض انتخابات الولايات والمحليات، والتى يأمل الحزب أن يتجاوز فيها خسائر الأعوام الستة الماضية، وأيضا السباق الرئاسى لعام 2020 الذى يمكن أن يثير انقساما فى الحزب مجددا.
ورأت واشنطن بوست أن هزيمة إليسون كانت ضربة للجناح الليبرالى فى الحزب، والذى تم تجسيدها من قبل نشطاء وقادة العمال والمنظمين، والذين أيد كثير منهم ترشح السيناتور بيرنى ساندرز فى انتخابات الرئاسة العام الماضى، وجاء إلى أتلانتا للاحتفال بإليسون. وحذر كثير من هؤلاء أن الحزب، بانتخاب بيريز، ينفر المقاومة المتنامية التى تشكلت ضد ترامب.
وكان السباق ضيقا للغاية، حتى أنه تطلب جولة ثانية من الاقتراع، وفاز بيزي بـ 235 من إجمالى 435 صوت، مقابل 200 لإليسون. ومع وجود التوترات المصاحبة لإعلان النتيجة هتف تسعة من أنصار إليسون "الحزب للشعب، ليس للأموال الكثيرة" وخرجوا من الغرفة.
وقال بيريز عقب إعلانه فوزه "يوما ما، سندرس هذه الحقبة من التاريخ الأمريكى.. وسيسألوننا جميعا هذا السؤال: أين كنتم فى عام 2017 عندما كان لدينا أسوأ رئيس فى تاريخ الولايات المتحدة؟ فهل سنكون قادرين على أن نقول أن الحزب الديمقراطى قاد المقاومة وحرص على التأكد على أن يكون رئيسا لفترة واحدة".
وأعلن بيريز عن منح دورا رمزيا لمنافسه الخاسر كنائب رئيس الحزب، فيما قال نائب منيسوتا لأنصاره أن يظلوا مع الحزب ويتجنبوا تبادل الاتهامات.. وقال إليسون، ليس لدينا رفاهية الخروج من هذه الغرفة منقسمين.
وكانت هيلارى كلينتون، المرشحة الديمقراطية فى انتخابات الرئاسة العام الماضى، قد أعلنت فى تغريدة على موقع التواصل الاجتماعى تويتر دعمها لكلا من بيريز وإليسون كممثلين لحزب موحد. فيما هنأ الريس السابق باراك أوباما "صديقه بيريز" فى بيان وقال: "أعلم أن بيريز سيوحدنا تحت شعار الفرصة، ويضع أساس لجيل جديد من القيادة الديمقراطية لأمريكا الكبيرة والجريئة والشاملة والديناميكية التى نحبها كثيرا".
أما ساندرز، التى ساند إليسون، فقال فى بيان إنه من الضرورى أن يفهم توم أن نفس الأمور القديمة لن تنجح، وأننا يجب أن نفتح أبواب الحزب للطبقة العاملة والشباب بطريقة لم تحدق من قبل.
فيما علق الرئيس ترامب على انتخابات الحزب المعارض له وقال فى تغريدة لتهنئة بيريز، والاستخفاف به فى نفس الوقت: "لم أكن لأكون أكثر سعادة له أو للحزب الجمهورى!".
وكان بيريز البالغ من العمر 55 عاما قد عمل وزير للعمل فى عهد باراك أوباما منذ يوليو 2013، وحتى الشهر الماضى. وخلال عمله ساعد على الدفع بقواعد الوقت الإضافى لضمان أن يحصل العمال على أجر إضافى، ومد حماية الوقت الإضافى إلى العاملين فى الرعاية المنزلية، ومد أيضا فى الحد الأدنى للأجور.
وحصل بيريز على درجة جامعية فى القانون من جامعة هارفارد، وينحدر من أصول لاتينية، حيث كان أبويه مهاجرين من الدومنيكان. وتوفى والده عندما كان فى عمر الثانية عشر، واستطاع أن يتلحق بالجامعة من عمله على ظهر حافلة للقمامة.
وبدأ حياته العملية محاميا للحقوق المدنية بوزارة العدل، ثم مستشارا خاصا للسناتور تيد كينيدى، ثم نائبا لمساعد المدعى العام للحقوق المدنية. وقبل نهاية إدارة كلينتون، تولى رئاسة مكتب الحقوق المدنية فى وزارة الصحة والخدمات البشرية.