تأخر البرلمان فى إصدار قانون العدالة الانتقالية، دفع البعض دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، للمطالبة بإلزام مجلس النواب بتقديم قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية طبقًا للدستور، واختصمت الدعوى 31851 لسنة 71 قضائية، كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء بصفتيهما.
وذكرت الدعوى، أن نص المادة 241 من الدستور تلزم مجلس النواب فى أول دور انعقاد له بإصدار قانون للعدالة الانتقالية يكفل كشف الحقيقة والمحاسبة، واقتراح أطر المصالحة الوطنية وتعويض الضحايا، وذلك وفقا للمعايير الدولية.
وأشارت الدعوى، إلى أن عدم إصدار القانون، حتى الآن نتج عنه ارتباك بين المجتمع، مما أثر على وحدة المجتمع وتماسكه، فضلاً عن حالة الاستقطاب الحاد التى عاقت نقدم البلاد، وهو ما دفع عدد من أعضاء اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب للتأكيد على أن القضاء غير مختص بإلزام البرلمان بإصدار تشريع معين، مؤكدين على أن ذلك تحقيقا لمبدأ الفصل بين السلطات.
وأوضح أعضاء مجلس النواب، أن الإلزام الدستورى بإصدار قانون العدالة الانتقالية خلال دور الانعقاد الأول، هو التزام أدبى لا يصاحبه أى جزاءات حال عدم تنفيذه.
بهاء أبو شقة: الشكاوى المرسلة لـ"البرلمان الدولى" تضمنت تأخر إصدار "العدالة الانتقالية"
ومن جانبه أكد المستشار بهاء أبو شقة، رئيس لجنة الشئون الدستورية و التشريعية بمجلس النواب، على أن ما إدراج فى الدستور بشأن إصدار البرلمان لقانون العدالة الانتقالية فى دور الانعقاد التشريعى الأول، كانت مواعيد تنظيمية و ليست إلزامية ولا يترتب عليها جزاءات حال عدم إقراره فى توقيت معين.
وأشار رئيس اللجنة التشريعية، فى تصريحات لـ"انفراد"، إلى أن هناك قاعدة تؤكد بأنه طالما لم ينص الدستور على جزاء أو أثر حال عدم مناقشة قانون فلتلك المواعيد تعد تنظيمية من الأساس، لافتًا إلى أن ما أرسل لاتحاد البرلمان الدولى كان من ضمنه شكوى بتأخر البرلمان فى مناقشة قانون العدالة الانتقالية وقانون الكنائس وهذا الأمر غير مقبول و يعد نوع من أنواع التشكيك فى برلمان يمثل مؤسسة رئيسية من مؤسسات الدولة.
وأضاف أبو شقة، أن اللجنة عقدت أكثر من جلسة لمناقشة مشروع قانون العدالة الانتقالية، خاطب الحكومة والجهات المعنية لاستطلاع رأيهم فيما يخص المشروعات المقدمة من النواب، لافتًا إلى أنه فور وصول رد الحكومة ستعقد اللجنة جلسات للحوار المجتمعى، قائلا: "إحنا مش هنبيع ميه فى حارة السقايين.. واطمئن الجميع أن المجلس يعمل على إصدار تشريعات جادة لصالح الشارع وفن التشريع له ضوابط تحكمه ليس مجرد أن نكون أمام مشروع اللجنة تحضر وتوافق عليه فلابد من عمل اللجنة على مدى موائمة العقوبة بشكل متوازن مع العمل الإجرامى".
وشدد رئيس اللجنة التشريعية بمجلس النواب، على أنه لا مجال لمحاولة النيل من المجلس بدعاوى قضائية غير مقبولة، فأعضاء اللجنة التشريعية لا يراعوا إلا مصلحة الوطن والمواطن ولا يسيطر عليهم إلا الصالح العام.
وكيل "تشريعية البرلمان": ننتظر رد وزارة العدل لاستكمال مناقشته
فيما قال النائب نبيل الجمل، وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، إن اللجنة تنتظر إرسال وزارة العدل ردها بشأن مشروع قانون العدالة الانتقالية، موضحا أن اللجنة عقدت أكثر من جلسة لمناقشة المشروعات المقدمة من النواب فى هذا الشأن.
وأضاف وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، أن اللجنة حريصة على مناقشة مشروع القانون بدقة ودراسة شاملة واستطلاع رأى كافة الجهات المعنية فيه.
إيهاب الطماوى: عدم إصدار "العدالة الانتقالية" لن يتسبب فى أى جزاءات للبرلمان
وبدوره قال النائب إيهاب الطماوى، عضو اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، إنه لا يوجد أى إشكالية قانونية تتعلق بعدم إصدار قانون العدالة الانتقالية خلال دور الانعقاد الأول، قائلا:" هناك فارق واضح بين المواعيد التى وردت بالمادة 156 والتى تنص على: إذا حدث فى غير دور انعقاد مجلس النواب ما يوجب الإسراع فى اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، يدعو رئيس الجمهورية المجلس لانعقاد طارئ لعرض الأمر عليه، وإذا كان مجلس النواب غير قائم، يجوز لرئيس الجمهورية إصدار قرارات بقوانين، على أن يتم عرضها ومناقشتها والموافقة عليها خلال 15 يومًا من انعقاد المجلس الجديد، فإذا لم تعرض وتناقش، أو إذا عرضت ولم يقرها المجلس، زال بأثر رجعى ما كان لها من قوة القانون، دون حاجة إلى إصدار قرار بذلك، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها فى الفترة السابقة، أو تسوية ما ترتب عليها من آثار"، والتى تضمنت جزاء حال عدم اقرار القرارات بقوانين أو رفضها بإلغائها جميعا، وبين المادة 241 من الدستور التى تلزم مجلس النواب بإصدار القانون ولم تتضمن توقيع أى جزاءات حال عدم تنفيذه.
وأضاف "الطماوى" لـ "انفراد"، أعلى الرغم من ذلك فقد بدأ البرلمان بالفعل دون انتظار مشروع قانون الحكومة فى مناقشة عدد من مشروعات القوانين التى قدمت من أكثر من عشر الأعضاء بشأن إصدار قانون العدالة الانتقالية، منذ دور الانعقاد الأول.
وأشار عضو اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، إلى أن عدد من النواب طالبوا بمهلة للبحث والدراسة، حيث أن هذا القانون يرتبط بالعديد من الأمور، التى تتعلق بالواقع المصرى خاصة أن البعض تعمد اختزال القانون بأنه يتعلق بالمصالحات مع قوى وتنظيمات تستهدف مصر والمصريين كما تستهدف مؤسسات الدولة الدستورية، وبالتالى فإن البدء فى مناقشة مشروعات القوانين المقدمة من النواب، وإن كان قد بدأ التزاما للنص الدستورى، إلا أنه قد يستغرق بعض الوقت لحين الانتهاء من تلك البحوث والدراسات والمناقشات.
واستطرد الطماوى: "البرلمان كان أمام العديد من الالتزامات الدستورية خلال دور الانعقاد الأول منها إقرار 342 قرار بقانون، واللائحة الداخلية بمجلس النواب، وقانون بناء الكنائس، ومناقشة برنامج الحكومة، والموازنة العامة للدولة وغيرها من القوانين مثل الخدمة المدنية".
صلاح فوزى: لا توجد آلية قضائية تجبر البرلمان على إصدار "العدالة الانتقالية"
ومن جانبه أكد الدكتور صلاح فوزى، الفقيه الدستورى وعضو لجنة الإصلاح التشريعى، على أن الدعوى المرفوعة أمام القضاء الإدارى بمجلس الدولة، لإلزام مجلس النواب بإصدار قانون العدالة الانتقالية سيتم الحكم فيها بعدم الاختصاص، مشيرًا إلى أن القضاء الإدارى لا يختص إلا بالرقابة على مشروعية القرارات الإدارية حال الامتناع عن تنفيذها.
وقال "فوزى" لـ"انفراد"، إنه حتى لو أوجب الدستور بإصدار قانون العدالة الانتقالية خلال الانعقاد الأول، فأنه لا توجد آلية قضائية تجبر البرلمان على إصداره، مشيرًا إلى الملائمات المقررة للبرلمانات وقت إصدار التشريع سلطة تقديرية للبرلمان، والنظام المصرى لا يعرف الرقابة على دستورية الامتناع التشريعى فلا توجد وسيلة قضائية لإكراه البرلمان على إصدار القانون، والدستورى لا يصاحبه جزاءات، وإصداره وفقا لما تيسر للبرلمان، ولا يوجد للقضاء الإدارى أو العادى أو الدستورى حق مساءلة البرلمان حول التأخر ترسيخا لمبدأ الفصل بين السلطات.