أكدت مؤسسة "موديز" للتصنيف الائتمانى أن الدعم المالى الذى تعهدت به كلا من السعودية والصين لمصر مؤخرا، له مردود إيجابى على التصنيف الائتمانى لمصر، لأنه عزز ميزان مدفوعات البلاد الذى تعرض للضغط فى الآونة الأخيرة بسبب تزايد عجز الميزان التجارى، وضعف قطاع السياحة وانخفاض تدفقات الودائع والمنح من الخليج.
وذكرت المؤسسة فى تقرير لها بالإنجليزية، وحصل "انفراد" على نسخة منه، أن السعودية وافقت على إقراض مصر 20 مليار دولار لتمويل شراء منتجات بترولية خلال الخمس سنوات المقبلة.
وأضافت "موديز" أن هذا التمويل كان الأحدث من سلسلة من التعهدات المالية من السعودية والصين وبنوك التنمية متعددة الأطراف منذ ديسمبر 2015، بهدف دعم احتياطيات مصر من النقد الأجنبى.
واضطرت الحكومة للتوسع فى الاقتراض الخارجى بسبب تراجع احتياطى النقد الأجنبى إلى 16.4 مليار دولار نهاية ديسمبر مقابل 36 مليار دولار قبل ثورة يناير، نتيجة توقف المنح الخليجية خلال العام المالى الحالى.
وقالت "موديز" إنه بالرغم من الضغوط المالية المتزايدة التى تواجهها دول الخليج من جراء طول مدة تراجع أسعار النفط، لا تزال المملكة ملتزمة بدعم مصر، كما أفسحت الالتزامات من الصين وبنوك التنمية متعددة الأطراف المجال لمزيد من الدعم.
وأضافت أن التمويل من الجهات المانحة التقليدية مثل بنوك التنمية متعددة الأطراف يساعد على تحسين الشفافية فيما يتعلق بشروط التمويل.
وحصلت مصر فى ديسمبر الماضى على موافقة البنكين الدولى والتنمية الأفريقى على تمويل بقيمة 1.5 مليار دولار، يمثل الدفعة الأولى من قرضين بإجمالى 4.5 على مدار 3 سنوات لدعم الموازنة، بواقع 3 مليارات دولار من الأول و1.5 مليار دولار من الأخير.
وتراجعت تمويلات المنح بعدما قدمت دول الخليج 16.6 مليار دولار فى صورة قروض ومنح ومساعدات بترولية خلال العام المالى 2013/2014، تدفقات ودائع إضافية واستثمارات أجنبية مباشرة فى العام المالى الحالى.
الدعم يأتى فى وقت حاسم
وقالت "موديز" إن الدعم المالى خلال عام 2016 ياتى فى وقت حاسم تمر به مصر، حيث تواجه ضغوطا كبيرة على ميزان مدفوعاتها.
وأشارت المؤسسة إلى ارتفاع عجز الميزان التجارى فى مصر إلى 39 مليار دولار فى العام المالى 2014/2015، مقابل 34.1 مليار دولار فى العام المالى السابق.
وعلاوة على ما سبق، أثر ضعف حركة التجارة العالمية سلبا على عائدات قناة السويس التى لم تتغير تقريبا خلال العام المالى 2014/2015، كما تراجعت بأكثر من 7% فى الربع الأول من العام المالى الحالى مقارنة بالعام السابق عليه.
وأضافت أن تعافى قطاع السياحى تلقى ضربة قاسية من جراء إسقاط الطائرة الروسية فى نوفمبر الماضى والتى أسفرت عن تراجع السياح الوافدين بنسبة 37.8% فى هذا الشهر مقارنة الشهر المناظر من عام 2014.
وأكدت "موديز" أن الآثار السلبية لهذه الضغوط على ميزان المدفوعات المصرى انعكست على الاحتياطى من النقدى الأجنبى والذى تراجع إلى مستوى إلى 16.4 مليار دولار نهاية فى الفترة من سبتمبر إلى ديسمبر الماضى، متراجعا بنسبة 4 مليارات دولار عن ذروته فى أبريل الماضى.
ولفتت إلى أنه نتيجة لهذه المستويات المنخفضة من الاحتياطى، وضغوط تخفيض الجنيه المصرى، نفذت السلطات عدة إجراءات لتشديد الرقابة على الواردات ورؤوس الأموال، والتى أثرت بشكل سلبى على النشاط الاقتصادى على حد قول "موديز".
تخفيف ضوابط رأس المال أمر حتمى لتحقيق النمو المستهدف
ونتيجة التعهد بتمويلات خارجية خلال 2016، دفع البنك المركزى إلى تخفيف القيود على رأس المال، ليعلن فى 26 يناير الماضى عن رفع الحد الأقصى للإيداعات الدولارية لدى البنوك إلى 250 ألف دولار مقابل 50 ألف دولار.
وأكدت "موديز" أن تخفيف ضوابط رأس المال أمر حتمى لدعم أهداف مصر من تحقيق نمو اقتصادى بمعدل 5% خلال العام المالى الحالى.
ونوه التقرير إلى أن تحول الدعم المالى الخارجى إلى القروض والالتزامات الاستثمارية من مصادر شبه سيادية، مقابل المنح الحكومية، يؤدى إلى زيادة التزامات السداد فى المستقبل، لكن المخاطر التى ينطوى عليها ذلك يحجمها إلى حد كبير انخفاض مستوى الديون الخارجية لمصر (15.4% فقط من إجمالى الناتج المحلى بنهاية العام المالى 2014/2015 فى 30 يونيو الماضى)، كما يشكل الدين الحكومى الخارجى 8.5 من الناتج المحلى فى نفس الفترة.