كانت العائلة قد هربت إلى الحديقة الخلفية على وقع إطلاق الرصاص، ثم سمعت المسلحين يدخلون إلى المنزل، قال الأب "كل شيء انتهى، دخلوا المنزل". بعدها بقليل أردى الأب قتيلاً، وبدأت رحلة بتول مع الأسر والتى استمرت ثلاث سنوات.
ولم تكن بتول وحدها التى عانت هذه الشهور الطويلة، ففى هذا الشهر أفرج عن 53 امرأة وطفلا اختطفهم، فى أغسطس 2013، مسلحون ينتمون إلى 14 فصيلاً أبرزهم جبهة "النصرة" وتنظيم "داعش" (المحظور فى روسيا) والحزب التركستانى الإيجور والجيش الحر، من قرى أوبين وأنباتة وتلا وبيت الشكوحى وبلوطة وأسترية وأبو مكى والحمبوشية وبارودة وبرمسة واليادودة البلاطة والخراطة وكروم عرامو زالكنفة والخربة ووطى عرامو والقليعة وخربة الباز، حسب ما نشرته شبكة" سبوتنيك"
بتول التى نجت من الأسر بعد أن تجاوزت السبعة عشر عاماً لم تكن وحدها، 53 امرأة وطفلا، كل منهم يحمل حكايات عن الأسر وعن المسلحين وعن الحياة التى تغيرت، وعن "منزلنا الذى تحول من بيت يمتلئ بالدفء والحنان إلى مركز للقتل والتعذيب"، كما تقول بتول التى أسرت وهى طفلة وتحررت وهى شابة، 53 امرأة وطفلا ليسوا مجرد رقم فى خبر أنهم اختطفوا وخبر آخر أنهم تحرروا وبينهما سلسلة أخبار عن مساعى الإفراج عنهم، ولكنهم 53 حكاية تستحق أن تُروى، بتول البالغة من العمر17عاما والتى تحررت هذا الشهر مع 53 امرأة وطفلة وطفلا، بدت ضعيفة شاحبة بلباسها الأسود حزنا على والدها الذى قتل أمام أعينها، عندما هاجم المسلحون قريتها البارودة.
بصوتها الذى كان خافتا جدا وبالكاد مسموعا ربما نتيجة الخوف والرعب الذى زرعه المسلحون داخلها، روت بتول تفاصيل الساعات الأولى لهجوم المسلحين على قريتها، حيث قالت "كان عمرى حينها 14 سنة، كنا صائمين استيقظنا لتناول وجبة السحور، عند ذلك سمعنا إطلاق نار كثيف اعتقدنا أن هناك اشتباكات بين الجيش والمسلحين، وبعد ذلك اقترب صوت إطلاق النار، أتى إلينا جنود سوريون وسألهم أبى ماذا يحصل فقالوا له هناك أربعة مسلحين تسللوا إلى القرية ونحاول قتلهم، وقالوا لأبى لا تفتحوا لأحد".
وأضافت بتول "عندما ازداد صوت إطلاق النار هربنا من المنزل إلى الحديقة الخلفية وسمعناهم يدخلون منزلنا، عندئذ قال أبى، كل شيء انتهى، دخلوا المنزل"، كانت أشكالهم مخيفة ومرعبة، وكانوا يصرخون الله أكبر، تتابع بتول "دخلوا إلى الحديقة وأطلقوا النار على أبى واردوه قتيلا، لم نستطع الدفاع عنه، وقفنا جامدين، أمى صرخت بهم، ما ذنبا لماذا تقتلونا، بناتى أطفال، كانوا سيقتلون أمى، إلا أننا اجتمعنا عليها، قال أحدهم بسخرية لا تقتلها فهى لاحول لها ولا قوة، وأدخلونا إلى منزلنا بالقوة وبدأوا بجلب جميع نساء وأطفال القرية إلى منزلنا، جلبوا الشيخ بدر غزال وهو امام القرية، امى قالت لى انه الشيخ بدر، ملامحه كانت مختلفة عما كنت اعرفه عليه نتيجة الضرب المبرح الذى تعرض له من قبل المسلحين الذين ادخلوه إلى غرفة نومى وقاموا بتعذيبه انا استطعت ان استرق النظر من باب الغرفة حيث قاموا بنزع عمامته والدعس عليها ومن ثم قاموا بنتف لحيته وهم يكيلون عليه المسبات والشتائم الطائفية، هو لم يتكلم ابدا".
"لم استطع الوقوف مطولا، صرت انا الغريبة فى منزلى وهم اصحاب الدار، لم اعد استطيع التجول فى بيتي". تتابع بتول قولها "احضروا رجلا عمره 85 عاما هو من القرية قال لهم عندما رأى النسوة والاطفال مجتمعين، ما ذنب هؤلاء، عند ذلك اطلقوا النار بكثافة عليه حتى تدفق الدم من كافة انحاء جسده وسقط امامنا، ولم نجرؤ على التكلم او الصراخ كى لا يقتلونا، فهم قتلوا امرأة لأنها صرخت بوجههم متسائلة عن سبب قتل ابنها، اطلقوا النار عليها امامنا، سقطت امام اعيننا".
وقالت بحرقة "تحول منزلنا فى لحظات إلى مقر للمسلحين، احد المسلحين قال لى ألا تعرفيننى، أنا كنت عسكرى فى الجيش وأعلم أنكم كنتم تطعمون الجيش، وبعد ذلك أتى مسلح آخر وقال لنا نحن من جماعة أسامة بن لادن".
وعن سنوات خطفها التى دامت 3 سنوات ونصف قالت بتول التى كانت طفلة فى تلك الفترة "أخذونا بعد ذلك نحن وجميع الموجودين فى المنزل ونقلونا إلى دورين ومرج خوخة وسلمى، ومن ثم إلى الغسانية، كانوا ينقلوننا كل ما تقدم الجيش، أخذونا إلى معبر باب الهوى استرقت النظر واستطعت ان اقرأ لافتات الطرق" ،وأضافت "الحرص علينا كان من الجيش الحر إلا أنه يأخذ تعليماته من جبهة النصرة"، وتستذكر بتول أيام الخطف فتقول "كنا فى الأسر أنا وأمى وأختيى الصغيرتين اللتين تبلغان 11 و8 سنوات، جمعونا فى منزل واحد لا نرى الشمس، كنت احلم برؤية الشمس لمدة خمس دقائق.
"عانينا من الخوف، كنت اذا سمعت احد المسلحين يدخل اخاف كثيرا، اشكالهم مخيفة لا يمكن نسيانها انا لم اتعرض للضرب، امى ضربوها هى وبقية النساء من اجل الحصول على الذهب والمال"، وأضافت "نقلونى إلى المشفى بسبب سوء التغذية ونقلوا لى 4 اكياس دم، عانينا من الجوع والقهر والذل"، بعد تحريرها نقلت بتول إلى المشفى واقامت فيها لعدة ايام كونها كانت تعانى من فقر حاد للدم بسبب سوء التغذية وبعد خروجها من المشفى زارت منزلها فى القرية الذى قالت انه تحول إلى مقر للمسلحين ومركز للتعذيب جدرانه مليئة بالكلمات الطائفية.
تعانى بتول حاليا من خوف شديد وتقول "أنا الآن أخاف أن أخرج وحدى، خالى يرافقنى أينما أذهب، زرعوا فينا الرعب.. هددونا بأنهم سيعاودون اختطافنا فى حال تحدثنا عن فترة أسرنا، فى الأيام الأولى من تحريرنا كنت أقول أغلقوا النوافذ والستائر خوفا من أن يأتوا إلينا"، حال بتول ينسحب على 106 امرأة وطفلاً وطفلة اختطفهم المسلحون من قرى ريف اللاذقية ليحتجزوهم فى مكان واحد لمدة ثلاث سنوات ونصف.
لحظات الخوف بدت لدى فاطمة معروف سويد كالتى عاشتها بتول، فتقول "كان لدى 3 أولاد وبنت واحدة عمرها 18 سنة قتلها المسلحون عندما هجموا على قريتنا، حصل إطلاق نار كثيف كنا نائمين وقتها، خرجنا من منزلنا خائفين وهربنا إلى الجبل واختبأنا فيه، زوجى عسكرى كان فى عمله، وابنى الكبير على كان فى المدينة وقت الهجوم".
وأضافت "هربت أنا وابنى حيدر الذى كان وقتها عمره 12 عاما وزين 4 أعوام إلى جبل الحمبوشية، كان المسلحون يحاصرون جميع القرى المحيطة واختبأنا بالجبل حتى حلول الليل كنا حوالى 30 امرأة وطفلا، بعد ذلك هربنا بالليل إلى قرية البارودة واختبأنا بالجبل وبعد ساعات اكتشفوا مكاننا ونادوا علينا كى نستسلم لهم، قتلوا حينها ختام شحادة ابنة أخ زوجى كما أصيبت ياسمين شحادة وشقيقتها لوتس".
تركوا القتيلة ختام بالأرض وأخذونا نحن والجريحتان، نقلونا إلى قرية دورين بقينا فيها أربعة أيام. كنا خائفين جدا ومرتعدين"، واضافت "المسلحون كانوا من جنسيات مختلفة ليبيين وتونسيين وشيشان وأفغان إضافة إلى مسلحين سوريين من القرى المجاورة لنا من دورين وسلمى وغيرها، كانوا جيران لنا وكنا نعيش معا وكان بيننا زيارات".
رأس فاطمة كانت مطلوبا لدى الجماعات المسلحة كون زوجها يقاتل ضمن صفوف الجيش السورى الأمر الذى زاد فى مأساتها واجبرها على التخفى باسم اخر لكن سرعان ما اكتشف المسلحون هويتها وعند ذلك قالت فاطمة "كنت أنا مطلوبة بالاسم لأننى زوجة ناظم شحادة الذى يخدم بالجيش السورى وكانوا يصفونه بـ "الشبيح"، قمت بتغيير اسمى واسم أولادى خوفا من أن يكتشفونا.
فى البداية احتجزنا مسلحون من جبهة النصرة بعد ذلك سلمونا إلى مسلحى الجيش الحر الذين كانوا من دورين واكتشفوا هويتنا عند ذلك بدؤوا بجلدى بالكرباج على ظهرى، وربطونى وهددونى بالقتل والذبح وحكموا عليى بعد ذلك بالجلد كل أربع ساعات ،كنا فى هذه الأثناء بقرية مرج خوخة وبقينا فيها حوالى شهرين.
وأضافت "بعد عيد الأضحى بأسبوع اخرجونا إلى خارج السجن الذى هو عبارة عن منزل مغلق النوافذ ولا تدخله الشمس، خرجنا للتنفس بعد كل هذه المدة من الحبس وأتت عند ذلك سيارات مليئة بالمسلحين الأجانب وأغلبهم من الشيشان، بدؤوا بالنظر إلينا لانتقاء فتيات جميلات من بيننا لهم، إلا أن المسلحين المسؤولين عنا لم يرضوا بذلك وقاموا بتهريبنا إلى مدينة سلمى بريف اللاذقية، واحتجزونا هناك".
وأضافت "عذبونا كثيرا، كانوا يضربوننا من أجل الذهب والنقود التى لا نملك منها شيئا، جلدونا أكثر من مرة من أجل المال والذهب وأنا لم أكن أملك إلا خاتم زواجى وأعطيتهم إياه"، وتحدثت فاطمة عن أيام الأسر قائلة. بقينا 3سنوات ونصف، كنا أسرى مع بعض من 9 قرى، جمعونا فى منزل واحد، كانوا يهددوننا بأنهم سيأخذون أطفالنا منا، ابنى حتى الآن يعانى من الخوف الشديد.
وقالت". فى البداية عانينا من الجوع قضينا 3 أيام فى دورين لم يطعمونا سوى الخبز اليابس والمعفن، كان أطفالنا يجوعون ولا نعرف كيف سنطعمهم، وبعد ذلك نقلونا إلى مرج خوخة ومن ثم إلى سلمى وقضينا فيها 8 اشهر تحسن الوضع قليلا، كانوا يجلبون لنا المعكرونة والرز والبطاطا والخبز المكتوب عليه دولة قطر، والزيت وحليب الاطفال كان معنا 35 طفلا وطفلة بينهم رضع، فى سلمى كنا نطبخ، وضعونا فى منزل فيه غرفتين وحمام ومطبخ، كنا نتنقل داخل المنزل بحرية إلا أن الباب كان مقفل علينا ليل نهار ولا نرى الشمس لأن النوافذ اغلقوها بالحجارة".
وأضافت "عندما جاءتهم معلومات عن صفقة تبادل لأربعين مخطوفا منا بمعتقلين لهم فى السجون السورية قاموا بنقلنا إلى مدجنة فى كنسبا بريف اللاذقية كى يخفوا أماكن تواجدنا، كى لا يعترف الأربعين شخصا من الخارجين على مكاننا، بقينا بالمدجنة عشرة أيام ومن ثم اعادونا إلى نفس المنزل فى سلمى، بقينا هناك حتى هجم الجيش على دورين وتمركز فيها عند ذلك نقلونا من سلمى إلى مدجنة كنسبا وبقينا فيها عدة اشهر، عانينا ايضا من البرد الشديد ولم نكن نستطع الاستحمام ايضا، انتشرت بيننا الأمراض، كانوا ينقلون من يمرض منا إلى مشافيهم إلا انهم كانوا فقط يداوونا بالحبوب المسكنة، اكثر الأمراض كانت معوية وجلدية".
"بعد تقدم الجيش باتجاه كنسبا تقول فاطمة "قاموا بتهريبنا إلى مدجنة فى بلدة حمبوشية بداما، وتقول فاطمة" عانينا فيها كثيرا من البرد وانعدام الأكسجين والشمس وقلة النظافة، بقينا فيها شهرين وبعد تقدم الجيش نقلونا إلى بلدة الغسانية بريف ادلب فى فبراير العام الماضى ووضعونا داخل كنيسة الغسانية وبقينا فيها لمدة عام كامل حيث خرجنا منها فى فبراير ايضا".
وأضافت "بالفترة الأخيرة كانت معاملتهم جيدة معنا، سمحوا لنا بالاتصال بأهالينا"، بعد ستة اشهر من خطفنا سمحوا لى بالاتصال مع اهلى الذين كانوا يعتقدون اننى ميتة، اتصلت مع اختى لمدة دقيقة واحدة فقط كان ممنوع أن نتجاوزها"، فى تلك اللحظة توقفت فاطمة عن الكلام لتتحدث بعد لحظات والدموع فى عيونها قائلة "لن انسى صرخة اختى سراء طيلة حياتى عندما قلت لها مرحبا يا اختى أنا اختك فاطمة"، وقالت فاطمة "حتى اللحظة لا اصدق اننى رجعت، لم استطيع التعرف على ابنى على عندما رجعت".
البسمة تعود إلى وجه فاطمة قليلا اثناء حديثها عن صناعتها للعلم السورى مع رفيقاتها فى الأسر خفية عن المسلحين حيث قالت"، خلال الأسر نسجت أنا ورفيقاتى العلم السورى بنجمتيه الخضراوتين، كنا نعيد تدوير الألبسة التى كانوا يزودوننا بها واستطعنا نسج العلم السورى من خيوط الصوف، استخدمنا الأسلاك الشائكة وصنعنا منها صنارات لنسج العلم، كنا نخبئه، عملنا اساور وأحزمة من العلم السوري".
فى صفقة التبادل الأولى التى حصلت عام 2014 خرجت دولت وحيد فضة البالغة من العمر 58 عاما من قرية بارودة حيث روت لمراسل سبوتنيك تفاصيل الهجوم على قريتها لتقول "الساعة الرابعة فجر الرابع من اغسطس 2013 استيقظت من اجل السحور لأننا كنا فى شهر رمضان وذهبت لإيقاظ زوجى فرايت عددا من الأشخاص اعتقدت انهم مزارعين ذاهبين إلى أراضيهم، بعد ذلك سمعت اطلاق نار واصوات تصرخ "قتلوا ابو عادل".. وعندها نظرت من النافذة فرايت امام منزلنا مشهدا مرعبا عشرات المسلحين ينتشرون فى الشارع، منزلنا فيه 9 نوافذ، بدأ المسلحون بإطلاق النار على النوافذ، ابنتى كانت نائمة على السرير قمت بسحبها واختبأنا بين الكوريدور والمنتفعات عند ذلك اخذ زوجى بندقيته واطلق النار على المسلحين وقتل منهم اثنين إلا أنهم قتلوه"
وأضافت". بعد ذلك هجموا على المنزل ونحن جالسين بالأرض، اعتقدت انهم سيقتلوننا عندئذ قلت لهم اقتلوا ابنتى أولا واقتلونى لأطمئن عليها أنها ماتت ولن تتعرض للأذى والتعذيب، إلا انهم لم يقتلونا، وضع احد المسلحين البندقية على رقبتى وبدأ يهددنى بالقتل أن لم اعطيه ما معى من مصاغ ونقود، قلت له ماذا تريدون منا ماذا فعلنا لكم اجابنا انكم تقفون مع النظام وهذا جزاؤكم".
وقالت دولت "بعد ذلك جلبوا عددا من أهالى القرية إلى منزلنا، عمى عمره 85 سنة أوقفوه امامنا وقام 4 مسلحين بإطلاق النار عليه، وأضافت "أنا خرجت فى صفقة التبادل الأولى فى السابع من مايو 2014 بصفقة التبادل مع مسلحى حمص القديمة، وبقيت ابنتى معهم، قلت لهم افرجوا عن ابنتى وابقونى انا ولكن لم يرضوا،
هم تعمدوا اخراج كبار السن والمرضى خلال الصفقة الأولى التى خرج فيها 40 شخصا ليرتاحوا من علاجنا"، دولت تركت وراءها ابنتها روان درويش البالغة من العمر 23 عاما، والتى قالت "كنت فى العشرين من عمرى عندما هاجم المسلحون قريتنا، اخذوا جدى وقتلوه امام عينى واحضروا نساء واطفالا من القرية إلى منزلنا بمن فيهم نساء وأطفال اصيبوا بشظايا قنابل اطلقها المسلحون عليهم".
"رغم كل شيء كنا صامدين". تقول روان بابتسامة عريضة "نسجت العلم السورى هناك، وخبأته فى صدرى.، هم اكتشفوا اننا صنعنا العلم السورى، سمعنى احد المسلحين الذين يحرسوننا اقول اننى أريد خيوطا خضراء لأحيك النجمتين، قال لى انت تنسجين العلم السورى، لكننى أنكرت".
روان علمت الأطفال القران خلال الأسر بأمر من سجانيها الذين وصفوها بالمثقفة حيث قالت ساخرة "مجرد انهم عرفوا اننى حائزة على شهادة البكالوريا وصفونى بالمثقفة، البكالوريا بالنسبة لهم ثقافة، اما بالنسبة لنا فان الجامعة والدراسات العليا هى الثقافة، هم جهلة، عينونى مدرسة على المخطوفين لكى اعلمهم القرآن الكريم والدين، اعطونا كتبا لتعليم الصلاة، كنت حاول دائما ان املأ وقت الاطفال".
وأضافت روان "فى الفترة الأخيرة أحضروا لنا امرأة قالت لنا أن اسمها اسماء من ادلب لتعليمنا الشريعة.. كانت تدرسنا كتبا عن عقيدة الطفل المسلم التى تتمثل بنبذ الأديان الأخرى وتبث الروح الطائفية، هذه دروس أطفالهم".
أغلب النساء".. كانوا يجلدون امرأة تدعى وصال ناصر عمرها 43 عاما كل يوم بدون أى سبب، ولينا قادرو كانت تتعرض للجلد بشكل دورى بسبب أخيها الدكتور سهيل قادرو بحجة علاقاته مع الدولة، فى احدى المرات قاموا بجلدها ورش عليها المياه وتركها فى البرد لساعات"، روان أشارت إلى أن عدد الأطفال المخطوفين كان 35 طفلا من عمر 15 سنة ومادون و20 إمراة من عمر العشرين ومافوق، مضيفة
كنا نخاف على الشباب كنا نكذب باعمارهم، خاصة حيدر شحادة، كانوا يهددونه بالذبح منذ البداية"، المسلحون سمحوا لأسراهم بالتواصل مع اهاليهم فقط ليثبتوا انهم احياء وبالتالى يستطيعون عقد صفقات عليهم تمكنهم من استبدالهم بمسلحين تابعين لهم مسجونين لدى الدولة السورية.
وقالت روان "اتصلنا مع أهالينا لإثبات وجودنا، وكانوا يصوروا لنا مشاهد فيديو نهاجم فيها الرئيس الاسد ونطالبه بالسعى لإطلاق سراحنا وتحميله مسؤولية وجودنا فى الأسر، أول مرة قاموا بتصويرنا كان مراسل قناة الجزيرة موجودا وهو من قام بتلقيننا ما سنقوله".
روان تحدثت عن تفاصيل الصفقة التى انتهت بتحريرهم من الأسر "فى اخر مرة جاء إلينا أشخاص من منظمة قالت انها تعنى بشؤون الإنسان ووعدونا بالخروج بعد شهر وقالوا لنا انهم يتفاوضون مع الجيش لإطلاق سراحنا هم صدقوا معنا لأن مدير المنظمة المدعو أبو محمد كانت زوجته وأخته وعدد من أقاربه مسجونين عند الدولة".
وأضافت" نشبت خلافات بين المسلحين وهذه المنظمة كون المسلحين كانوا يريدون اخراج عدد من المسلحين المسجونين لدى الدولة، كانوا يطالبون باطلاق سراح 2000 سجينا بينهم 70 سجين من سجن حلب المركزى مقابل اطلاق سراحنا، وبعد ذلك كذبوا وقالوا لنا نحن نريد نساء واطفال مقابلنا، وقال لهم ابو محمد يمكن أن نخرج المسلحين المطلوبين لكم مقابل جثث الطيارين الروس".
واضافت "بعد فترة شهر ونصف قالوا لنا أن عشرين شخصا منا سيطلق سراحهم إلا أن هذه الصفقة فشلت، مدير المنظمة هاجم الكنيسة التى كنا فيها بالغسانية لإخراجنا رغما عن قائد المجموعة واسمه سعيد".
وأضافت "بعد ذلك حاولوا تغيير مكاننا وأخذونا فى للبداية إلى جسر الشغور ووضعونا لساعات داخل قبو لإحدى المدارس ومن ثم نقلونا إلى باب الهوى أنا رأيت لافتة مكتوب عليها مشفى باب الهوى وبقينا فيها حوالى 24 ساعة على اساس أن التسليم سيتم يوم الاثنين، خرجنا بقدرة الهية.
تمت مبادلتنا ب 54 شخصا بينهم زوجة وأخت وأقارب أبو محمد، رأيناهم فى قلعة المضيق، نحن لم نكن نحزن عندما تفشل صفقات اخراجنا مقابل مسلحين مسجونين لدى الدولة تقول روان، لأنهم اذا خرجوا سيلتحقون بالمسلحين وسيقتلون اخواتنا وآباءنا".
تفاصيل كثيرة ذكرتها المحررة المسنة أم شادى البالغة من العمر 75 عاما بصوتها المرتجف حيث قالت كنا 106 مخطوفا، توفى 3 معنا هم حماتى وإمراة اخرى تدعى ام فيصل والثالثة أم مصطفى،،
اخذوا منى أم إبراهيم هى وابنها وبناتها، ابنتها كانت مصابة تركوها معنا بالأسر واخذوا منى وابنتيها وولديها اخذوهم بحجة التبادل، لكنهم غدروا بهم، قتلوها ببستان، لا نعرف شيء عن ابنتيها، ابنها جعفر واحمد قالا لنا بعد أن اعادوهما إلى الاسر ان المسلحين انزلوا والدتهما من السيارة وقتلوها ورموا جثتها فى البستان بينما اخذوا اختيهما معهم".
وأضافت "قائد المجموعة كان اسمه أكرم الشماط الملقب بابى كامل من مدينة سلمى كان سائق حافلة نقل ركاب، فترته كانت أصعب فترة، كان يجلدنا بشكل دائم من اجل الحصول على الذهب والنقود ونحن لا نملك شيئا، فى احدى الليالى أخرجونا للعراء وكان الطقس بارد جدا ورشونا بالمياه وابقونا بالخارج"..
ابنة اخيها حسناء عيسى من قرية الحمبوشية روت بدورها معاناتها وولديها على بركات درويش 12 سنة وكريم بركات درويش ست سنوات وبنتها عمرها 10 سنوات، حيث قالت ابنتى كان عمرها 6 سنوات عندما هاجموا القرية رأت والدها مقتولا وبدأت بالصراخ، على كان يخاف كثيرا عمره كان 8 سنوات.
وأضافت "عندما هاجموا منزلنا أطلقوا النار علينا اصيب على واختى حاولت اسعافهما، اخذت اولادى لإسعافهم ورأيت حينها زوجى مقتولا على الدرج. لم استطيع الصراخ خشية أن يكتشفوا أمرنا، إلا انهم اكتشفونا وقاموا بوضع البنادق على رقابنا أنا وأولادى وقاموا بسوقنا إلى أحد منازل القرية، قتلوا كل أقاربى، قتلوا عمى وأولاده جميعا لم يبق لدى أقارب ولا أهل، كانوا بدورين سيقطعون اذنا ابنتى من أجل قرط الذهب الذى كانت تضعه بأذينها".
وأضافت "فى مرج خوخة استلمنا الجيش الحر وبدأوا بالسؤال عن أم على زوجة ناظم شحادة وكانوا يهددون زوجها بانهم سيقتلونها هى وأبنها، رفضنا اعطاءهم اى معلومات عنها. ولكن اكتشفونا بالنهاية وقاموا بجلدنا".
على وكريم كانا خائفين اثناء اللقاء ورفضا الحديث فى البداية وعندما تحدثا كانا بالكاد يستطيعان الكلام، سنوات الأسر ارخت بظلالها الثقيلة على الطفلين اللذين بديا بحالة نفسية سيئة وغير سوية.
لم تختلف تفاصيل الهجوم عند إيلين شكوحى البالغة من العمر 28 سنة عن ما ذكرته رفيقاتها فى الأسر حيث قالت "زوجى قتل لحظة الهجوم على القرية فى الرابع من اغسطس عام 2013 كانت ليلة القدر فى 27 رمضان وكنا صائمين، استيقظت الساعة 4 صباحا لتحضير السحور سمعت صوت اطلاق نار كثيف وخرجت من غرفة النوم لأجد أولاد عمى جميعهم عندى فى المنزل استغربت المشهد قالوا لى أن عمى قتل حيث اطلق المسلحون النار عليه فى ساحة القرية".
وأضافت "بناتى كن نائمين اعمارهن سنتين ونصف و3 سنوات ونصف ايقظتهن واختبأنا فى الصالون بعد ذلك، نزلنا على درج خشبى واختبأنا بالإسطبل وبقينا هناك حوالى الساعة والنصف، استولى خلالها المسلحون على كامل القرية، فتحوا الاسطبل وهجموا علينا واخرجوا ابنتى وابنة عمى اللتين انكرتا وجود احد داخل الاسطبل وعندئذ رموا قنبلة علينا داخل الإسطبل وأصبت بشظايا فى ظهرى ورأسى، اخذونا إلى منزل خالتى ام ربيع الذى يقع عند ساقية النهر وجمعوا كل نساء القرية فيه على الطريق شاهدنا جثث أقربائنا".
وأضافت"، بعد ذلك نقلونا إلى بلدة دورين وبقينا 3 أيام وفى اليوم الرابع نقلونا ليلا إلى مرج خوخة، كانوا يتحدثون بالفصحى، عندما كنا فى دورين جاء احد المسلحين عراقى الجنسية قال انه ينتمى إلى داعش وسال عنى لم يجبه احد، وبعد ذلك انا اجبته فقال لى والدك بالقصر الرئاسى نحن نريده، قلت له ابى توفى، قال لى لا لم يمت، بعد 15 يوم قالوا لنا سنصور لكم مشاهد لعرضكم على التلفاز من منكم يريد ان يظهر قلت له انا أصور، بعد التصوير قالوا لى مكافأة لك على التصوير سنسمح لك بالاتصال الهاتفى، واتصلت باهلى وبعد ذلك نقلونا إلى سلمى".
بعد تحريرهم مباشرة خضع المحررون لفحص طبى اثبت معاناة الجميع من نقص حاد للدم وسوء التغذية وأمراض نفسية تصل عند بعضهم إلى الرهاب من كل ما يحيط بهم، مع تحرير المخطوفين ال 54 طويت صفحة لطالما ارهقت كاهل الحكومة السورية التى كانت تؤنب طيلة سنوات الأسر الثلاث بتقصيرها فى إثارة ملف المخطوفين كونهم ينتمون إلى طائفة معينة بحجة عدم اثارة النعرات الطائفية.