كشفت مصادر رفيعة المستوى، أن الحكومة ممثلة فى وزارة العدل أعدت مشروع قانون جديد بشأن تعديل قانون الإجراءات الجنائية فيما يتضمنه من استئناف الأحكام الصادرة فى الجنايات ليكون التقاضى على درجتين فى الجنايات بدلا من درجة واحدة بما يتوافق مع المادتين 96 و240 من الدستور.
وأشارت المصادر إلى أن القانون الجديد يستهدف تعديل المواد 366 و366 مكرر و367 من القانون رقم 150 لسنة 1950 بشأن الإجراءات الجنائية، التى تتحدث عن تشكل محاكم الجنايات وتحديد أدوار انعقادها والتى كانت تنص على أن يكون التقاضى فى قضايا الجنايات على درجة واحدة فقط.
وأضافت المصادر أن النصوص الحالية من قانون الإجراءات الجنائية تتعارض مع مواد الدستور، وتنص المادة (96) على أن "المتهم برئ حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية عادلة، تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه وينظم القانون استئناف الأحكام الصادرة فى الجنايات وتوفر الدولة الحماية للمجنى عليهم والشهود والمتهمين والمبلغين عند الاقتضاء، وفقاً للقانون" فيما تنص المادة (240) على أن "تكفل الدولة توفير الإمكانيات المادية والبشرية المتعلقة باستئناف الأحكام الصادرة فى الجنايات، وذلك خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور، وينظم القانون ذلك".
وأوضحت المصادر أن التعديلات الجديدة تتضمن تشكيل دائرة أول درجة من قضاة محكمة الاستئناف ودائرة تسمى بمحكمة جنايات، وأخرى أعلى منها درجة ثانية تسمى محكمة جنايات مستأنف كما هو الحال فى الجنح فهناك محكمة أول درجة تسمى محكمة الجنح وأخرى ثانى درجة تسمى محكمة الجنح المستأنفة، وذلك حتى يكون هناك مساواة بين المتهمين فى الجنح والجنايات.
وقال المستشار عبد الستار إمام رئيس محكمة جنايات القاهرة السابق ورئيس المجلس الاستشارى لأندية الأقاليم، إن الجنايات فى مصر تنظر على درجة واحدة ويكون أحكامها نهائية وتنفذ وطريق الطعن عليها يكون امام محكمة النقض التى تنظرها من الناحية الإجرائية دون التطرق إلى موضع الدعوى فإذا ما قبلت الطعن لوجود خطأ إجرائى يتم إعادتها إلى دائرة جنايات أخرى يكون قضاتها متساوين فى الدرجة الوظيفية لقضاة محكمة أول درجة، وبالتالى لا يتحقق ما نص عليه الدستور من أن يكون التقاضى على درجتين.
وأضاف "إمام" فى تصريحات خاصة للـ"انفراد"، أنه برغم من ذلك لكن هنا الآليات والوسائل التى تكفل الاستئناف على الجنايات لتحقيق مبدأ التقاضى على درجتين دون المساس بتشكيل محاكم الاستئناف الحالى وما يتمتع به أعضائها من خبرة وأقدمية فى سلم التدرج القضائى، وبما يراعى عدم الخروج على مفهوم الاستئناف كطريق عادى للطعن على الأحكام.
وقال "إمام"، اقترحت تشكيل محاكم جنايات أول درجة من ثلاثة مستشارين من محاكم الاستئناف (تسمى محكمة جنايات) على ألا تزيد درجة كلا منهم عن درجة نائب رئيس استئناف على أن تستأنف أحكامها أمام محكمة الجنايات العليا ثانى درجة تسمى بالجنايات الاستئنافية" وتشكل من ثلاثة مستشارين من محاكم الاستئناف على الا تقل درجة كلا منهم عن درجة رئيس بمحكمة الاستئناف وفى حالة إذا ما أصدرت حكم يمكن الطعن عليه أمام محكمة النقض التى ستنظر القضية من ناحية الموضوع، ويكون حكمها النهائى نافذ وبات وغير قابل للطعن، وبالتالى يكون التقاضى على درجتين مع تحقيق العدالة السريعة وليس المتسرعة.
وأوضح رئيس محكمة الجنايات السابق، أن النظام الجديد يلائم النظام القضائى فى مصر وتشكيل محاكم الاستناف بها إذ يتيح مبدأ التقاضى على درجتين كما يكفل نظر الجناية عند استئنافها من محكمة مشكلة من قضاة أكثر خبرة وأعلى درجة فى السلم القضائى.
كما اقترح "‘إمام" أن يكون هناك تعديل على قانون حالات وإجراءت الطعن بالنقض لأنه حينما يعرض حكم محكمة الجنايات العليا على محكمة النقض ستنظر فى موضوع الدعوى وتقضى فيه دون إعادته إلى محكمة أخرى وهو ما يسهل فكرة التقاضى.
من جانبه، قال المستشار محمد الشناوى نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا السابق، إن المقصود بنص المادة 240 من الدستور بشأن كفالة الدولة بتوفير الإمكانيات المادية والبشرية المتعلقة باستئناف الأحكام الصادرة فى الجنايات هو أنه بعد تعديل قانون الإجراءات الجنائية بحيث يكون التقاضى على درجتين فإن الدولة عليها توفير قاعات جديدة لهذة الدوائر التى سيتم إنشاؤها بالإضافة إلى زيادة عدد القضاة والمصروفات الخاصة بالمحاكم ومعامل الطب الشرعى والخبراء الذين يتم الاستعانة بهم فى القضايا.
وبيّن أن تعديل القانون بشان التقاضى على درجتين سيحقق العدالة الناجزة والمنصفة بضمان حق المتهم لأنه يتم توفير كافة الإمكانيات التى تساعد فى القضاء على تكدس القضايا وتأخر الفصل فيها.